لا تلتفتى للخلف بقلم :سارة السعدني

لا تلتفتى للخلف بقلم :سارة السعدني

كنت طفلة فى السادسة من عمرها بالصف الاول الابتدائى بضفائرى السوداء التى كانت تصفها امى بالقطيفة فهى سوداء وناعمة ومنبسطة كالقطيفة .
واقفة ارتدى الزى المدرسى واحمل حقيبتى و أمارس عمل التدريبات الرياضية فى طابور المدرسة صفا انتباه صوت كالرعد يأتى من الطابور يزلزل كل كيان الاطفال انه الطبلة تضرب فتشعر بقوة زحف الجيوش فى المعركة وتردد التلاميذ الصيحة الله اكبر وكأننا سنعبر عبر التاريخ فى حرب الحياة اليومية
وفى وسط كل هذا ينادينى احدا من خلفى لا لا لن ارد ويردد سارة
لا لا ارد يا بنتى لا لا لن التفت للخلف
فأبى قال لى وشدد على لا تلتفتى للخلف ولا تنظرى للوراء أثناء السير فى الطريق
ولا التفت لاى احد ينادى على
ويعلو ويعلو النداء ويصل لحد الصراخ
وانا اخذت قرارى الا التفت واذا بزملائى
يشدوننى انظرى انظرى هناك
هناك احدا يناديكى
لا لا لن انظر ابى قال لى لا تنظرى لاحدا يناديكى واذا باصحابى يكادو يحملوننى لأرى من ينادى ويصرخ ويتعذب من النداء وخطفت نظرة هناك
فلمحت عيناى ياه انه ابى يقف خلف السور نعم انه ابى ويد ابى التى يمدها ابى من خلال السور الحديدى نعم أعرفها انها تلك اليد التى كانت تلاعبنى برسم اشكال على الحائط لتضحكنى واحيانا باوضاع تخيفنى فأرتمى فى حضنه وانام تلك اليد تحمل بعض من السميط وحلوى الشيكولاتة
ماذا ماذا أبى ماذا حدث لماذا رجعت بعد ان وصلتنى ولماذا اشتريت لى هذا فانا معى طعاما اعطته لى امى
فضحك وقال تعبتينى وانا انادى
انها تعليماتك ابى ألست من قلت هذا
قال نعم وربط على كتفى من خلال السور وقال لى شاطرة
ولم تخترق يد ابى سور المدرسة فقط فقدت اخترقت جسدى ووصلت لقلبى
ووقفت صامتة ارتعد أرتعد من كل الموقف ووقعه على لم اكن قادرة على الحركة وبدا لى والدى يشاور لى بيده خلاص امشى روحى روحى الطابور
وانا احدق به وأسال نفسى كيف لى كيف اطيح بتعليمات والدى من اجل والدى ولماذا هو فعل هذا لقد جاء ابى
بالحاجات الحلوة التى طالما حذرنى ان اسمع كلام الناس بسببها وارجع اسأل نفسى هل جاء ليختبرنى تسمرت قدماى ونبض قلبى بقوة ودار عقلى لأستوعب الموقف وما حدث
انه ابى كيان ابى وقلب ابى وحنان أبى
لقد جاء ابى ليذيقنى حبا وحنانا ويجعلنى ازداد عشقا له ويزيدنى ثقة فى نفسى سقانى ابى اياها كم اشتاق لك يا ابى واشتاق لقلبك ويدك وحنانك كم احتاجك وانا فى الستين من عمرى
رحمك الله يا ابى رحمة واسعة وسقاك من نهر الكوثر انت وامى والمؤمنين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *