من قلب لبنان أستاذ داود عصمت يكتب .. الوضع لا يحتمل .. الوضع ينذر بالخطر …
بقلم الكاتب الكبير / داود عصمت
رئيس مجلس أدارة جريدة الحدث الوطنى
عندما يصل الأمر إلى درجة متقدمة من التعقيدات الأيديولوجية… يصاحبها حالة من الحنق السياسي نتيجة العقد النفسية القديمه . والتي يغلفها غطاء مركب من ( كوكتيل ) التعريفات السياسبة اللاتينية مثل البرجوازية السياسية . والحكومة التكنوقراطية . والوزارة التكنو سياسية .. ويكون ذلك شأن بلد هو في الأصل لا تزيد مساحته عن عشرة ألاف كيلو متر مربع .. وتعداد سكانه خمسة ملايين نسمه .. كلهم من الفاهمين . والعارفين . والعاقيلن . النابغين .. العالمين ببواطن الأمور .. المتطلعين لمستقبل أكثر استقرارا في كافة الأصعدة السياسية. والاقتصادية . والاجتماعية. في الوقت الذي يزداد الوضع توترا في جميع الأنحاء من حوله .. وهو الشعب المدرك لنتائج وتوابع التصعيد غير المبرر في جره وجر الدولة إلى نهايات قد تكون اقل ما توصف بها تلك النهايات بأنها نهايات مؤسفة .. من خلال أصحاب فكر . أو أصحاب أجندات. أو أصحاب مصالح . وكلهم سواء أمام التاريخ في جزئية عدم إدراكهم لكون مصلحة الوطن هي الأهم . وهي العليا..
وأنا هنا لا أقصد فصيل بعينه أو طائفة بشخصها . أو مذهب بذاته .. وإنما أقصد شعب كامل .. شعب اجتمع في بادئ الأمر تحت لواء الدوله . وحضرة العلم . متناسيا مرارة السنين من حروب طائفية ومذهبية . وعرقية والتي تجرعها كؤسا فاقت في سطوتها كؤس السكارى. منذ سبعينيات القرن الماضي .
اعود فأقول . عندما يصل الأمر إلى هذا الحد .. فلابد أن ينتهي الأمر بمحاكمة ذاتية لكل مسؤلي الدولة . واؤكد على وجوب المحاكمة الذاتية .. قبل محاكمة أولئك المطلوبين للمحاكمة أمام الهيئات القضائية … لأن الأمر سيختلف كثيرا عندما يضع كل منهم ذاته أمام ضميره في محاكمة ذاتية .. كم سرقت في صفقات الغاز والبترول .. كم سرقت من حصة الضرائب المحصلة على كثير من السلع لم تكن تستحق في الأساس فرض ضرائب عليها .. كم نهبت من قوت الشعب .. كم قصرت في حقوق الشعب .. كم تبلغ نسبتك في انهيار الوضع الإقتصادي .
كم .. وكم …. وكم ..
وهنا سنجد ان المحاكمات امام الذات والضمير أصعب كثيرا من المحاكمات اما الهيئات القضائية …
الأمر جد خطير .
عندما يصل بنا الحال لأن يكون هناك شعب في وطنه مجرد دمى لا قيمة فعلية له . سوى منح أصواته لمن لا يستحقها .. ليس من الضروري وجوده . لأنه لم . ولن يعول عليه في أي أمر من الأمور . ولن يتأثر وطنه بوجوه من عدمه . عندما يخرج علينا رئيس دوله مخاطبا شعبه . بقوله ( واللي مش عجبه يهاجر ) …
ربما يكون الأمر بالطبع مفهوم أبعاده لشخص مثلي وأنا اتفهمه تماما ..
لأن هذه العبارة عندما تخرج من فم رئيس دوله سبق له أن ترك وطنه وغادر بلاده عام ١٩٩٠ إلى فرنسا . لا يرى في عباراته أمرا معيبا لشعبه ..
ولا من المعيب أن يخرج شعب بأكمله من الوطن ( لو مش عاجبه يهاجر ) من منطلق انه يستطيع الاستعانة بشعب بديل وليكن من الصين ( مثلا )
الأمر أصبح صعبا للغاية . وخطيرا للحد الذي ينذر معه بالخطر . حتى اللحظات التي اكتب فيها مقالي هذا ..
لكنه سيصبح أكثر صعوبة . وأكثر خطورة . وربما أكثر تعقيدا . اعتبارا من اليوم . بعد البيانات المتلاحقة والمتسارعة لعدة جهات مختلفة تخرج عن إطار روح الإلتفاف حول الوطن والعلم .. منها البيان الذي يدعو اليوم إلى ( جر المتظاهرين ) من الساحات .. وهذا يعني وجوب الاحتكاك المباشر …
ان خروج الشعب اللبناني في مظاهرات دخلت امس في شهرها الثاني على التوالي هو حق أصيل ومشروع لشعب لبنان . وكذلك الأمر للشعب العراقي
ولكن السؤال ..
هل ستتغلب مصلحة الوطن . على مصلحة الحزب أو المذهب أو الطائفة ..
هل سيتناسى الجميع المصالح الخاصة وببحث فقط عن مصلحة الوطن العليا
هذا ما ستجيب عليه الساعات القادمة