نبي الله موسى ( عليه السلام )
أرسل الله الأنبياء لهداية البشر وتعديل سلوكهم الفكري فمنهم من نعرفه ومن لانعرفه كما أخبرنا القرآن ومنهم بالطبع أولو العزم من الرسل وحديثي هنا عن واحد منهم وهو نبي الله موسى بن عمران عليه السلام.
يقول ربنا في كتابه الكريم : ” قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى وقالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس فى نفسه خيفة موسى قلنا لاتخف إنك أنت الأعلى وألق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولايفلح الساحر حيث أتى”
سورة طه من 63_69
الحية..
إن من اجمل اللمحات فى الدقة البلاغية القرآنية التي أعجزت العالم في اللغة العربية ..أن هناك فرق بين لفظ الحية والثعبان فعادة ما يطلق لفظ الحية على الصغير منها، أما لفظ الثعبان فيطلق على الكبير المخيف، فعندما كان موسى عليه السلام سائرا بأهله ليلا فأبصر نارا ليستأنس بها فناداه الله أن يلقي عصاه” قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هى حية تسعى “وهو مناسب لموسى عليه السلام في هذا الموقف لأن المطلوب أن يرى موسى المعجزة وليس المطلوب أن يخاف ويرتعب لذلك تحولت العصا إلى حية صغيرة.
الثعبان المبين:
الموقف الثانى عندما ذهب موسى عليه السلام إلى فرعون فطلب منه فرعون الدليل على صدق رسالته من الله عز وجل ،فألقى موسى عصاه فإذا هى ثعبان مبين والمطلوب هنا هو إخافة فرعون وحاشيته لعله يؤمن ويتأكد من صدق موسى فتحولت العصا إلى ثعبان.
اجتماع السحرة..
الموقف الثالث عندما اجتمع السحرة وألقوا حبالهم وعصيهم وسحروا أعين الناس فألقى موسى عصاه ” و أوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هى تلقف ما يأفكون ” “الأعراف ١١٧ “
ولا نجد هنا أي حديث عن ثعبان أو حية .. فالمتأمل للآيات بدقة يجد أن السحرة أوهموا الناس بأن الحبال والعصي تتحرك وأنها ثعابين كما قال تعالى “فاذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ” طه ٦٦ ..و هنا فى هذا الموقف ليس المطلوب أن يخاف الناس من الثعبان ولا أن تتحول إلى حية بل المطلوب أن تتحرك وتلتهم جميع الحبال والعصي التي تمثل الباطل، وإن عصا موسى عليه السلام تمثل الحق والصدق ولذلك يقول تعالى: “فوقع الحق وبطل ماكانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين و ألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون”.
المعجزة الحقيقة:
المعجزة الحقيقية أن السحرة رأوا عصا موسى وقد تحولت إلى ثعبان حقيقي يلتهم العصي والحبال فسجدوا وآمنوا،ومن الدروس والعبر من سجود سحرة فرعون لموسى وإيمانهم أن للحق نور يقذف في قلب صاحبه فيجعله يتحول من أسفل سافلين إلى أعلى عليين وهذا مايظهر فى سحرة فرعون حين سطع الإيمان فى قلوبهم ،وأن المناظرة التاريخية بين الحق والباطل لهذا ذكرها الله بالتفصيل وكررها لأن بها نصر وعزة حتى تطمئن قلوب المؤمنين وأن القرآن يبين لنا ما يفعله الإيمان في شخصية الإنسان وأحداث هذا التحول العجيب فى لحظات حيث أنهم أتوا من كل مكان لاهم لهم إلا المال والقرب من فرعون مما يزيدهم وجاهة وكبرياء حتى حدث هذا التحول الهائل وهو تشريف وتعظيم لموسى وهارون عليهما السلام وكما قال ابن عباس: أن سحرة فرعون أول النهار كانوا سحرة وآخر النهار شهداء أبرار وهذه آية واضحة لحسن الخاتمة.
اترك تعليقاً