نسائم الإيمان ومع عبد الرحمن بن عوف

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة

وأمه هى الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وهى صحابية من الصحابيات اللواتي هاجرن إلى المدينة .

وقد ولد عبد الرحمن بن عوف بعد عام الفيل بعشر سنين فهو أصغر من النبي بعشر سنين ، وكان عبد الرحمن من السابقين الأولين إلى الإسلام، إذ أسلم قبل دخول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان اسمه عبد عمرو وقيل عبد الحارث وقيل أيضا عبد الكعبة، فغيره النبي محمد إلى عبد الرحمن .

وقد أسلم عبد الرحمن ومعه أخوه الأسود بن عوف وهاجر الهجرتين وشهد بدرا وسائر المشاهد، وآخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، بينه وبين سعد بن الربيع الخزرجي ، وقد بعثه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، إلى دومة الجندل، ففتح الله عليه، وأذن له النبي صلى الله عليه وسلم، أن ينكح ابنة ملكهم، وهي تماضر بنت الأصبغ الكلبي.

وكان يقول ان عوف عن نفسه: لقد رأيتني لو رفعت حجرا لوجدت تحته فضة وذهبا ، مخبرا بذلك عن فضل الله تعالى عليه، وكان ابن عوف من أكثر الصحابة الكرام ثراء وبذلا واجتهادا، وعاش مناصرا للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، والإسلام، ولم تمنعه أمواله الكثيرة من أن يكون واحدا من العشرة الذين بشّرهم رسول الله بأنهم من أهل الجنة.

وقد هاجر عبد الرحمن بن عوف الهجرتين فهاجر بداية إلى الحبشة، ثم رجع وهاجر إلى المدينة المنورة أيضا، وعندما وصل إلى المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ابن عوف وسعد بن الربيع رضي الله عنهما، وخرج بعد ذلك إلى السوق، فاشترى، وباع، وربح، حتى صار من أكثر المسلمين مالا.

وكان عبد الرحمن من الصحابة الذين شهدوا غزوة بدر وأحد والخندق ودومة الجندل وكل المعارك التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد ثبت مع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يوم أحد، حتى أصيب بإصابات بالغة تركت عرجا دائما في إحدى ساقيه وسقطت بعض أسنانه، فتركت خللا واضحا في نطقه وحديثه.

ولقد عاش فترة خلافة أبي بكر وعمر وكان من الستة الذين اختارهم عمر ليحدد الناس الخليفة منهم، وقد كان ابن عوف تاجرا من تجار المسلمين الأثرياء، وكان كريما يده ممدودة للخير، حتى قيل إنه تصدق بنصف ماله وساهم كثيرا في تجهيز الجيوش الإسلامية للغزوات، وورَّث لأبنائه مالا كثيرا.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني عن معمر عن الزهري، أنه تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة .

وكان عبد الرحمن بن عوف كغيره من الصحابة السابقين الأولين الذين لم يدهشهم الغنى ذا منزلة عظيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل أنه قال عبد الرحمن بن عوف: قطع لي رسول الله أرضا بالشام يُقال لها السليل، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكتب لي بها كتابا، وإنما قال: إذا فتح الله علينا بالشام فهي لك.

وعن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد: أتستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها ، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : ” دعوا لي أصحابي ” وقيل قال: “مهلا يا خالد، دع عنك أصحابي فوالله لو كان لك أحد ذهبا، ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحة”. رواه احمد

وقول رسول الله لخالد بن الوليد: “دع عنك أصحابي” وهو يعني هذه الطبقة ذات القدر الخاص المتميز في المجتمع المسلم في المدينة ، ولكن الحديث بهذا المتن مردود ، والأثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما ملك مد أحدهم ولا نصيفه ” رواه مسلم .

فالنبى الكريم صلى الله عليه وسلم ، لم يخرج خالدا من دائرة الصحبة ، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يرجع إليه في أمور كثيرة، ومما روي منها دخول البلد التي نزل بها الطاعون، وأخذ الجزية من المجوس، وكان عمر يقول: عبد الرحمن سيد من سادات المسلمين .

وقيل أنه كان عمر بن الخطاب يفكر بالذهاب إلى الشام، وعندما جاءت الأخبار أن الطاعون انتشر في الشام، فأشار ابن عوف على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، ألَّا يدخل الشام تنفيذا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي قال فيه: ” إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ،وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ”

فاستجاب عمر بن الخطاب رضى الله عنه لرأي بان عوف وعاد إلى المدينة، وقد استخلف عمر بن الخطاب عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما على الحج سنة ثلاثه وعشرين للهجرة، فحج ابن عوف في تلك السنة وحج مع عمر بن الخطاب سنة ثلاث وعشرين .

وكان عبد الرحمن بن عوف أحد الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب لخلافته، وأرتضاه الصحابة جميعا حكما بينهم لاختيار خليفة لعمر بن الخطاب ، وقد روى ابن سعد ، عن المسور بن مخرمة وهو صحابي وابن أخت عبد الرحمن بن عوف ، قال : بينما أنا أسير في ركب بين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف .

وكان عبد الرحمن بن عوف قدامي عليه خميصة سوداء، فقال عثمان بن عفان : من صاحب الخميصة السوداء؟ قالوا: عبد الرحمن بن عوف، فناداني عثمان يا مسور، قلت : لبيك أمير المؤمنين، فقال: من زعم أنه خير من خالك في الهجرة الأولى وفي الهجرة الثانية الآخرة فقد كذب .

ومضت الحياة بعبدالرحمن بن عوف بعد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ،مشاركا في أحداث المسلمين الكبرى، كما كان في حياة الرسول، وظل حريصا على أن يكون بعيدا عن التكالب على الدنيا، وأنه يبذلها ولا يطلبها طمعا فيما عند الله .

ورغم أن قيادة الأمه الاسلاميه مهمه جليله خاصة أن من تولاها في صدر الإسلام كانوا أكابر الصحابة، الذين سطّروا أروع سطور التاريخ الإسلامي وكتبوا أنصع صفحاته، لكن ابن عوف آثر أن يكون ضمن المعاونين للخلفاء وليس هو واحدا منهم .

وتوفي عبد الرحمن بن عوف سنة ثلاث وثلاثين للهجرة في بلاد الشام، وصلى عليه أمير المؤمنين الخليفة عثمان بن عفان، وأرادت أم المؤمنين عائشة أن تخصه بشرف لم تخص به سواه، فعرضت عليه قبل وفاته أن يُدفن في حجرتها إلى جوار الرسول وأبي بكر وعمر، لكنه استحى أن يرفع نفسه إلى هذا الجوار .

وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن إلى جوار صاحبه ، وقيل أن ابن عوف قد كتب في وصيته أربعمئة دينار لكل صحابي من الصحابة الذين شهدوا غزوة بدر، كما أوصى أن يُؤخذ من ماله ألف فرس في سبيل الله سبحانه وتعالى .

وقيل إن لابن عوف مقام أو تذكار في الأردن وهو ليس قبره الحقيقي لأن ابن عوف دفن في المدينة في مقبرة البقيع، ولكن ضريحه في الأردن في منطقة اسمها الجبيهة شمال عمان ، وهو تذكار يشير إلى إقامته في هذه المنطقة أثناء ارتحاله من المدينة إلى الشام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *