نسائم الإيمان ومع محمد بن أبى بكر الصديق
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
هو محمد بن أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم القرشي، وأمه أسماء بنت عميس وكانت زوجة جعفر بن أبى طالب الطيار قبل أن تتزوج من أبيه ، وقد ولد في كنف ابيه عام حجة الوداع وقت الإحرام سنة عشره هجريا حتى توفي أبو بكر الصديق بعد زمن ليس بكثير من ولادته فتزوج علي بن أبي طالب أسماء بنت عميس.
فمحمد بن أبكر الصديق من صغار الصحابة إذ ولدته أمه أسماء بنت عميس في طريقها من المدينة إلى مكة في حجة الوداع، وقد تربى في حجر علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لأنه كان تزوج أمه ، وتربى محمد في بيت علي وأصبح ولد من أولاده، ولذا لقب بربيب علي.
وقد شكلت حياة محمد بن أبى بكر الصديق ،على قصرها حالة فريدة في المجتمع الإسلامي قل حدوثها، فهو ابن أبى بكر الصديق وابن الصحابية أسماء بنت عميس رضى الله عنها، وهى من السابقات إلى الإسلام .
وقال ابن عبد البر: وقيل إن محمدا شارك في دم عثمان، وقد نفى جماعة من أهل العلم والخير أنه شارك في دمه، وأنه لما قال عثمان، : لو رآك أبوك لم يرض هذا المقام منك ، فخرج عنه وتركه، ثم دخل عليه من قتله .
وكان محمد بن أبي بكر أخذ على عثمان وخرج عليه، والصحيح انه لم يقتله ولم يشترك في قتله، بل إنه لما دخل على عثمان في الدار ذكره بمكانته من أبيه، فخرج عنه نادما على فعله ، وأن هناك الكثير من الروايات التي تؤكد براءته من ذلك، ومنها ما ورد عن كنانة مولى صفية بنـت حيي بن أخطب رضي االله عنها .
قال: شهدت مقتل عثمان ، فأخرج من الدار أمامى أربعه من شبان قريش ملطخين بالدم محمولين، كانوا يدرءون عن عثمان رضي الله عنه ، وهم الحسن بـن علـي، وعبد االله بن الزبير، ومحمد بن حاطب، ومروان بن الحكم”
وقال محمد بن طلحه : فقلت له هـل ندى محمد بن أبي بكر بشيء من دمه؟ قال : معاذ االله دخل عليه، فقال له عثمان: يا بن أخي، لست بصاحبي ، وكلمه بكلام، فخرج ولم يند بشئ من دمه ، قال : قلت لكنانه : من قتله ؟ قـال: قتله رجل من أهل مصر، يقال له جبلة بن الأيهم ، ثم طاف بالمدينة ثلاثا يقول : أنا قاتل نعثل “.
فعن كنانة مولى صفية بنت حيي، وكان ممن شهد يوم الدار ، أنه لم ينل محمد بن أبي بكر من دم عثمان بشيء ، ثم ذهب مع عليا إلى العراق، وكان على الرجالة في معركة الجمل، وشهد معه صفين ، وتولى مصرا لعلي ولم يكن كفأ لعمرو بن العاص فغلبه أهل مصر على أمره وانفض عسكره من حوله.
وقد سكن محمد بن أبى بكر الصديق مصر وكان من الثائرين علي أفعال الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكان ممن حاصروه، وممن دخلوا عليه يوم قـُتل، وأخذ بلحيته ثم ندم عليها في لحظتها بعد أن قال له الخليفة عثمان “يابن أخي لاتأخذ بلحية كان أبوك يكرمها” وحاول أن يدافع عن الخليفة عثمان لكنهم دفعوه بعيدا وقتلوا الخليفة وكانت بداية أكبر فتنة في تاريخ الإسلام.
فقد تاب محمد بن أبي بكر ولم يصب من دماء عثمان بن عفان بشيء وهو صحابي رغم أن عمره كان بالأشهر عندما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف وهو بن أبي بكر الصديق والرسول صل الله عليه وسلم قد باركه ودعا له بالخير والصلاح.
وقد أرسله الإمام علي بن أبي طالب أثناء خلافته إلى مصر ليأخذها ولكنه لم يكن كفأ لعمرو بن العاص الذي أوعز إليه معاوية بن أبي سفيان منافس علي بن أبي طالب على الخلافة لتولي مصر فثار أهل مصر على محمد بن أبى بكر وانفضت قواته من حوله وتركوه حتى قتله معاوية بن خديج بأمر من معاوية بن أبي سفيان.
إلا أن الواضح من سير الأحداث أن محمد بن أبي بكر لم تكن لديه القدرة التي تعينه على مواجهة مثيري الفتن ، وهنا قرر الإمام علي بن ابي طالب أن يرسل الأشتر النخعي إلي مصر لحسم الصراع الدائر هناك وتسلم زمام القيادة بعد مقتل محمد بن أبي بكر.
وقد وقف محمد بن أبى بكر مع الإمام علي بن أبي طالب في موقعة الجمل ضد اخته عائشة بنت ابي بكر وهو من ارجعها إلى بيتها ، ويقال أنه كان قد ولاه عثمان إمرة مصر كما هو مبين في سيرة عثمان ، ثم سار لحصار عثمان ، وفعل أمرا كبيرا ، فكان أحد من توثب على عثمان حتى قتل ، ثم انضم إلى علي فكان من أمرائه .
فسيره على إمرة مصر سنة سبع وثلاثين في رمضانها ، فالتقى هو وعسكر معاوية ، فانهزم جمع محمد ، واختفى هو في بيت مصرية ، فدلت عليه ، فقال : احفظوني في أبي بكر ؛ فقال معاوية بن حديج : قتلت ثمانين من قومي في دم الشهيد عثمان ، وأتركك ، وأنت صاحبه فقتله ، ودسه في بطن حمار ميت وأحرقه .
وقيل أنه كان علي بن أبى طالب يثني عليه ويفضله، وكانت له عبادة واجتهاد، ولما بلغ أخته السيده عائشة بنت أبى بكر ، زوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، جزعت عليه جزعا شديدا وضمت عياله إليها، وكان فيهم ابنه القاسم، وجعلت تدعو على معاوية وعمرو بن العاص دبر الصلوات ،وتولت تربية ولده القاسم ، فنشأ في حجرها فكان من أفضل أهل زمانه .