نسائم الإيمان ومع نبى الله موسى ( الجزء الثالث )

إعداد وتقديم / محمـــــد الدكــــرورى

وقيل أنه في طريق عودة موسى عليه السلام من مدين لمصر رأى نارا فذهب ليعرف مصدرها، فلما وصل سمع صوت الله الخالق يقول أنا الله رب العالمين، وأمره أن يُلقي عصاه فرآها تهتز كالجان فهرب موسى عليه السلام خوفا، فأمره الله بالعودة، فأيده الله بالمعجزات وأرسله إلى فرعون الذي قابله بالاستهزاء والتكذيب والانتقاص من سيدنا موسى

واتهموه بالسحر واستكبروا في اتباع رسالة النبي الكريم وزادوا في كفرهم وعنادهم بعد أن رأوا من الأدلة والمعجزات ما يُحير العقول، فاشتد غضب الله عز وجل، فأمر موسى ومن معه بالخروج فلحقهم فرعون وجنوده، فدخلوا البحر يتبعونهم، فضرب موسى بعصاه البحر فانفلق البحر بإذن الله وفُتحت الطريق حتى وصلوا إلى اليابسة عاد البحر كما كان فارتطم بفرعون وجنوده ولم يُبقي الله منهم أحدا.

وقد قيل أنه خطب موسى عليه السلام في بني إسرائيل فسأله أحدهم عن أعلم الناس ، فظن موسى عليه السلام، لكونه رسولَ رب العالمين، أنه أعلم أهل الأرض ، فأجاب ذلك السائل بقوله : أنا، وقد كان الأَولى به عليه السلام أن يقول : ” الله أعلم ” ، لأن مبلغ علم الرسل والأنبياء لا يبلغ أن يحيط بكل شيء ، فالإحاطة بالعلم كله من صفات الله عز وجل وحده لا شريك له ، فأراد الله عز وجل، أن يبين لنبيه موسى عليه السلام أن هناك مِن العباد من هو أعلم منه.

وقد أوحى الله لموسى أن هناك عبداً أعلم منه يجده في مجمع البحرين، وقد أخبره الله عز وجل، بوجود من هو أعلم منه في مجمع البحرين، فسأل موسى ربه كيف يمكن الوصول إليه، فأمره الله سبحانه وتعالى، بالخروج وأن يأخذ معه حوتا، وفي المكان الذي يُفقد فيه الحوت يكون الرجل الصالح، فانطلق موسى عليه السلام، ومعه فتاه يوشع والحوت، فلما بلغا الصخرة غلبهما النعاس فناما.

فخرج الحوت من مكانه وهرب إلى البحر، ثم استيقظ موسى عليه السلام، وتابع مسيره في البحر دون أن يتفقد الحوت، وبعدما نال التعب والجوع منهما قال لفتاه بأنه يريد أن يأكل، فتذكر الفتى أمر الحوت وقال له بأنه نسي الحوت عند الصخرة وأن ذلك من الشيطان، فعاد موسى عليه السلام، إلى المكان الذي فقد فيه الحوت فوجد العبد الصالح، الذي أعطاه الله علما ورحمة.

فسلم عليه نبى الله موسى عليه السلام، وعرّف عن نفسه، فعرفه الخضر وقال له بأنه موسى بني إسرائيل، وأن الله سبحانه وتعالى، وآتاه علما لا ينبغي تعليمه وهو التوراة، وأن الله آتى الخضر علما لا ينبغي لموسى أن يعلمه، ثم نظر إلى البحر وإذ بطائر أخذ القليل من الماء بمنقاره، فقال الخضر: وما علمي ولا علمك بالنسبة لعلم الله إلا كما أخذ هذا الطائر من البحر

فبادره موسى عليه السلام، بطلب العلم عنده، فقال له الخضر بإنه لن يستطيع أن يصبر، وقال ذلك لأنه يعلم أن موسى عليه السلام، لا يسكت عن الإنكار على مخالفة الشرع لأنه معصوم، ولكن موسى تعهد له بألا يعصي له أمرا، وألا يسأله عن شيء يفعله حتى يُفسره له، فوافق الخضر على ذلك، وبدأت الرحلة.

وعندما أرادوا أن يعبروا البحر ركبوا في السفينة، فجعل الخضر فيها ثقبا ووضع فيه وتدا، فغضب موسى وقال للخضر بأنه سيكون أول الهالكين لأنه أراد هلاك الناس في السفينة، فذكره فتاه يوشع بالعهد الذي قطعه فتذكّر ثم قال له الخضر ألم أقل لك إنك لن تصبر على رفقتي، فاعتذر منه وقال لا تلمني بما قلت، وما أن وصلوا إلى الساحل حتى وجدوا مجموعة من الفتيان يلعبون فأخذ الخضر أحدهم فقتله، فغضب موسى عليه السلام.

وقال له أقتلت نفس بريئة من دون ذنب، إن هذا لأمر فظيع، فذكره الخضر بالعهد وقال له ألم أقل لك أنّك لن تصبر على ما أفعل، فاعتذر منه موسى عليه السلام، وطلب منه فرصة أخيرة وقال له إن سألتك عن شيء بعدها فلا ترافقني، ثم تابعوا رحلتهم حتى دخلوا على قرية مس أهلها الجوع والتعب فطلبوا من أهلها بعض الطعام فلم يطعموهم شيئا، ثم وجدوا جدارا لأحد البيوت قارب على الانهيار، فأقامه الخضر فتعجب موسى عليه السلام، من ذلك

وقال له لو أنّك أخذت منهم أجر عملك لكان خيرا لك، فقال له الخضر سنفترق وسأخبرك بتفسير الأعمال التي لم تصبر عليها، حيث إن السفينة كانت لأناس مساكين يعملون في البحر وكان هناك مَلك ظالم يأخذ أفضل السفن ويترك السفن التي فيها عيب أو نقص فلما رأى الثقب الذي صنعته تركها لهم، وأما قتل الغلام لأنه كافر وسيُتعب والديه بكفره وعناده وكبره وضرر موته على والديه أقل مفسدة مما سيفعله بهما لو كان حيا وسيبدلهما الله بولد مؤمن يُدخل السرور على قلبيهما.

وأما الجدار فكان ليتيمين وكان تحته كنز لهما ولو سقط الجدار لأخذ بخلاء القرية كنز اليتامى فأراد الله أن يأخذا المال بعد بلوغهم وقدرتهم في الدفاع عن أنفسهم، وقيل أن بني إسرائيل قد إتهموا نبى الله موسى عليه السلام، لما رأوا شدة حيائه وتستره عنهم: “إنه ما يمنعه من ذلك إلا أنه آدر” أي: كبير الخصيتين، واشتهر ذلك عندهم، فأراد الله أن يبرئه منهم، فاغتسل يوما، ووضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فأهوى موسى عليه السلام في طلبه، فمر به على مجالس بني إسرائيل، فرأوه أحسن خلق اللّه، فزال عنه ما رموه به.

وقد بعث الله عز وجل، نبيه موسى عليه السلام، إلى فرعون وقومه يدعوهم إلى دين الحق، إذ أن فرعون علا واستكبر وادعى بأنه رب العباد، وأيده بمعجزات عظيمة حتى يصدقه بنو إسرائيل ويؤمنوا به، وكان من أهم معجزات موسى عليه السلام، هى العصا واليد البيضاء، وصور من العذاب، والرجز والعذاب الشديد، وفلق البحر، ومعجزات كثيره سوف نتكلم عنها فى المقال القادم إن شاء الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *