نسائم الإيمان ووقفه فى حياة الخليفه هشام بن عبد الملك ( الجزء الأول )

 

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

هشام بن عبد الملك الأموي القرشي كان عاشر خلفاء بني أمية وهو هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأكبر بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكانت أمه هى أم هشام بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وقد ولد هشام فى دمشق وأسمته أمه على اسم أبيها.

وهشام بن عبد الملك، هو ابن عبد الملك مروان الخليفة أبو الوليد القرشي الأموي الدمشقي، وقد ولد بعد السبعين، واستخلف بعهد معقود له من أخيه يزيد، ثم من بعده لولد يزيد، وهو الوليد، وكانت داره عند باب الخواصين، واليوم بعضها هي المدرسة والتربة النورية، وقد استخلف في شعبان سنة خمس ومائة إلى أن مات في ربيع الآخر وله أربع وخمسون سنة، وأمه فاطمة بنت الأمير هشام بن إسماعيل بن هشام أخي خالد ابني الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان جميلا أبيض مسمنا أحول ، خضب بالسواد.

وقد قال مصعب الزبيري، زعموا أن عبد الملك رأى أنه بال في المحراب أربع مرات ، فدس من سأل ابن المسيب عنها ، فقال يملك من ولده لصلبه أربعة ، فكان هشام آخرهم ، وكان حريصا جماعا للمال ، عاقلا حازما سائسا ، فيه ظلم مع عدل، وقد روى أبو عمير بن النحاس، عن أبيه قال كان لا يدخل بيت المال لهشام شيء، حتى يشهد أربعون قسامة، ولقد أخذ من حقه، ولقد أعطي الناس حقوقهم، وقال الأصمعي، أسمع رجل هشام بن عبد الملك كلاما، فقال له ما لك أن تسمع خليفتك، وقيل أنه غضب مرة على رجل.

فقال والله لقد هممت أن أضربك سوطا، وقيل عنه، ما رأيت أحدا من الخلفاء، أكره إليه الدماء، ولا أشد عليه من هشام، ولقد دخله من مقتل زيد بن علي وابنه يحيى أمر شديد ، حتى قال : وددت لو كنت افتديتهما، وقد استلم هشام خلافة المسلمين، وقد بلغت الدولة الإسلامية في عهد هشام أقصى مراحل امتدادها واتساعها في العالم، فبعد أن حارب المسلمون البيزنطيين استولى الجيش الإسلامي في عهد هشام بن عبد الملك على مدينة ناربونه ووصل إلى مشارف فرنسا حيث خاض الجيش معركة بلاط الشهداء ضد الفرنجة

وقد اتخذ هشام في عهده عاصمة صيفية هي مدينة الرصافة إضافة إلى العاصمة الرسمية دمشق عاصمة الخلافة الأموية، ويذكر في سيرته أيضا أنه اهتم بالعلم فنشطت حركة الترجمة في عهده، كما قام بعدَى إصلاحات زراعية، وجفَف المستنقعات وزاد مساحات الأراضي المزروعة، فعاشت البلاد في عهده فترة هدوء وأمان عمَّت أرجاء بلاد الشام، وفي عهده بلغت الدولة الإسلامية أقصى اتساعها، وقد حكم هشام الدولة سبعة عشر عاما حكما عادلاً سادت فيه السلم، وأصلح في خلاله الشؤون الإدارية، وخفض الضرائب.

وقد ترك بيت المال بعد وفاته مليئا بالأموال، ولكن لعل فضائل الزهد كانت سببا في القضاء على الحاكم فقد منيت جيوش هشام بعدة هزائم، وثار نقع الفتنة في الولايات، وعم الاستياء دمشق، وتُعرَف الدولة الأموية بأنَها ثاني دول الخلافة الإسلامية بعد دولة الخلافة الراشدة، وقد حكمت سلالة بني أمية ما يقرب من تسعين عاما، وكان مؤسس هذه الخلافة معاوية بن أبي سفيان الذي عيَّن واليا على الشام في عهد عمر بن الخطاب، وبعد أن قُتل علي بن أبي طالب وتولى الحسن بن علي خلافة المسلمين.

وقد تنازل الحسن لمعاوية بن أبي سفيان عن الخليفة باتفاق يقضي بعودة الخلافة إلى الحسن بعد وفاة معاوية، ولكن وفاة الحسن قبل معاوية أدت إلى انتقال الخلافة الإسلامية إلى البيت الأموي، وتولى خلفاء بني أمية على الخلافة كعبد الملك بن مروان وأولاده سليمان وهشام والوليد، وكان الخليفه هشام بن عبد الملك قد بويع له بالخلافة في سنة مائه وخمسه من الهجره، وكان عمره يوم استخلف أربعه وثلاثين سنة وأتته الخلافة وهو بالرصافة، وشهدت الفتوحات الإسلامية في عهد هشام بن عبد الملك تقدما كبيرا.

وقد بويع للخلافة بعد وفاة أخيه يزيد، وتزايدت في عهده العصبية القبلية بين المضرية واليمانية، واشتعلت فتن وثورات عديدة في أنحاء الدولة، مثل ثورة الخوارج والشيعة في الكوفة بقيادة زيد بن علي بن الحسين، والبربر في المغرب، وكذلك اضطربت الفتن في بلاد ما وراء النهر، وفي عهده صار للدولة الأموية، إضافة للعاصمة الدائمة ومقر الخلافة دمشق، عاصمة صيفية وهي مدينة الرصافة على نهر الفرات بسوريا تسمى رصافة هشام عرفت بأنها جنات وبساتين مصغرة عن بساتين دمشق.

وقد اهتم هشام بن عبد الملك بتنظيم الدواوين، وعمل على رعاية العلم والثقافة، وترجمت في عهده الكثير من المؤلفات، وعمل على إصلاح الزراعة فجفف المستنقعات وزاد مساحة الأراضي المزروعة على ضفاف الأنهار وفي أرجاء الدولة، واهتم بالتوسعات، وحقق العديد من الانتصارات على الروم وفي جنوبي بحر الخزر، وتميز عهده بسيادة الأمان في بلاد الشام وأرجاء البلاد الإسلامية، وقال رجل على عهده، أنه أراد هشام ابن عبد الملك أن يوليني خراج مصر فأبيت فغضب حتى اختلج وجهه وكان في عينيه الحول.

فنظر إلي نظر منكر وقال لتلين طائعا أو لتلين كارها فأسكت عن الكلام حتى سكن غضبه فقلت يا أمير المؤمنين أتكلم؟ قال نعم قلت: إن الله قال في كتابه العزيز ” إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ” فوالله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهن إذ أبين ولا أكرههن إذ كرهن وما أنا بحقيق أن تغضب على إذ أبيت وتكرهني إذا كرهت فضحك وأعفاني، وقد اختلف المؤرخون في سبب خروجه فمنهم من يقول أن هشام احتقره في مجلس له ومنهم من يقول: إنه خرج بسبب ظلم يوسف بن عمر الثقفي.

بعد أن ألح أهل الكوفة عليه أن يخرج وقد نصحه الكثيرون بعدم الخروج مذكرينه بما حدث لأجداده لكنه أبى إلا الخروج، ولما بلغ خبره يوسف بن عمر وهو بالحيرة تهيأ له، فلما ظفر به يوسف قتله وكان ذلك سنة مائه واثنين وعشرين من الهجره، وكان ذلك بعد أن توقفت الفتوح في أوروبا قليلا في عهد عمر بن عبد العزيز ويزيد بن عبد الملك تقدم العرب لإستكمال فتوحاته بقيادة عبد الرحمن الغافقي الذي ألحق هزائم كبيرة بالنصارى الإفرنج وتابع عبد الرحمن انتصاراته إلى أن وصل إلى بواتييه .

وهناك اصطدم بشارل مارتل وحدثت معركة بلاط الشهداء التي انهزم فيها المسلمون والتي استشهد فيها عبد الرحمن لتكون بذلك آخر الحملات الإسلامية لفتح أوروبا الغربية، وعندما وصل الخبر إلى هشام بن عبد الملك بهزيمة العساكر الأموية بالمغرب، استنهض عبيد الله بن الحبحاب وكتب إليه يستقدمه وولاه على أفريقية سنة مائه وثلاثه وعشرين من الهجره، كلثوم بن عياض القشيري وعلى مقدمته بلج بن بشر القشيري، فأساء إلى أهل القيروان فشكوا إلى حبيب بن أبي عبيدة وهو بتلمسان مواقف للبربر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *