إعداد / محمـــد الدكـــرورى
فقال: يا رسول الله أهلك وما نعلم إلا خيراً، وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك، قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بريرة، فقال: أي بريرة هل رأيت من شيء يُريبك؟ قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، إن رأيت عليها أمراً أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي بن سلول، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فوا الله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي؟ فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير.
وهو ابن عم سعد، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله، لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاور الحيان الأوس، والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخفضهم حتى سكتوا وسكت، قالت فمكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم قالت: فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم، ولا يرقأ لي دمع، يظنان أن البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليَّ امرأة من الأنصار .
فأذنت لها فجلست تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهراً لا يُوحى إليه في شأني، قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين جلس، ثم قال: ” أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه “، قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقالته قلص دمعي، حتى ما أحس منه قطرة.
فقلت لأبي: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما قال، قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن : إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به فلئن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقونني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني.
والله ما أجد لكم مثلاً إلا قول أبي يوسف قال: ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي قالت: وأنا حينئذٍ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحياً يُتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يُتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في النوم رؤيا يبرئني الله بها، قالت فوا الله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه.
فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شاتٍ من ثقل القول الذي ينزل عليه، قالت فلما سُري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سُري عنه وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها: يا عائشة أما الله عز وجل، فقد برأك، فقالت أمي: قُومي إليه قالت فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل، وأنزل الله ( إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه..) فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله: ( وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال والله لا أنزعها منه أبداً، قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسأل زينب ابنة جحش عن أمري.
فقال: يا زينب: ماذا علمت أو رأيت؟ فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيراً، قالت: وهي التي كانت تُساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله بالورع، وطفقت أختها “حمنة” تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك وهكذا أظهر الله زيف ادعاء المنافقين ونُفّذ بعد ذلك حدّ القذف بحقّ من تكلم في عرض الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وبقيت براءة السيدة عائشة رضى الله عنها، تتلى على لسان المسلمين محفوظة في القرآن الكريم إلى يوم القيامه.
اترك تعليقاً