ماهر عبدالحميد الطوخى
فى مقالنا السابق المنشور بتاريخ ١٣ / ٤ / ٢٠١٩م تحدثنا عن أول هبات الله فى الطفل وهى ( حب التقليد وقوة الملاحظة ) ، واليوم سنتحدث عن الهبة الثانية والثالثة وهبات الله لا تعد ولا تحصى .
** الهبة الثانية : حب الاستطلاع والاستكشاف والفضول : –
وهى من أعظم هبات الله التى منحها واودعها فى نفس الطفل وهى هبة تحتاج من المربين إلى الرعاية والاهتمام حتى تصل الى قمتها ، حيث يظهر هذا الميل الفطرى داخل الطفل فى حركة العين التى تقوم بالبحث والاستكشاف للبيئة المحيطة . فإذا أحضرت لطفلك الصغير الذى لم يكمل عامه الأول لعبة جديدة ووضعتها بجانب لعبه القديمة تجده يهمل اللعب القديمة ويبدأ فى استكشاف اللعبة الجديدة فيبدأ فى تحسسها ثم لمسها ثم حملها ثم تحريكها واللعب بها وقد يتطور الأمر إلى كسرها ليعرف ما بداخلها ، وهنا نجد أن بعض الآباء والأمهات يصفون طفلهم بأنه عدوانى وهذه ليست بعدوانية إنما هى فطرة حب الاستطلاع والاستكشاف حيث تصل هذه الهبة الربانية إلى قمتها فى آخر عامه الثانى وبداية عامه الثالث بسبب ظهور اللغة لدى الطفل فيبدأ فى سؤال أبويه بأسئلة لا تنتهى فهو يسأل عن كل شئ ولا يمل من السؤال بحثا عن المعرفة وحبا للاستكشاف . وهنا يجب على المربين الاهتمام بذلك لأنه محور رئيسى فى كيان الطفل وفى تركيبته الشخصية .
ويجب على الأبوين أن يجيبوا على أسئلة الطفل كاملة فكلما سأل الطفل لابد أن يجد جوابا ، مع تشجيعه على ذلك حيث ستنمو قدرات الطفل العقلية وينشط بداخله حب الاستطلاع والفضول فيرتقى سلم النجاح والتفوق مستقبلا مع ضرورة مزج ذلك بالتوجيه الأخلاقى الصحيح .
** الهبة الثالثة : حب الاعتماد على النفس وتنمية الذات : –
وهى تمثل الضلع الثالث فى مثلث الهبات الربانية للطفل ، وهى من أعمدة بناء الشخصية الرئيسية . فما أن يتم الطفل عامه الأول تقريبا نجده دون توجيه أو إرشاد يظهر لديه ميل فطرى فى الاعتماد على نفسه فإذا أطعمته الأم بيدها رفض ويريد أن يمسك هو بالطعام ليأكل بنفسه وغير ذلك فى مواقف كثيرة ، وهى من علامات ظهور دافع الاعتماد على النفس وتنمية الذات .
والأم هى راعية هذا الدافع وليس الأب لأنها هى التى تتعامل مع الطفل فى إطعامه وشرابه ولباسه ونظافته… الخ ، لذلك فهى المسئولة عن تنمية هذا الدافع . وعليها أن تترك لطفلها محاولاته الاعتماد على نفسه مع مراقبتها ومتابعتها له وألا تنهره إذا صدر منه خطأ أو تعاقبه بل عليها أن تبتسم له وتقبله حتى يشعر أنه أدى أداء حسنا باعتماده على ذاته . وعليها أن تعلمه أخطائه وتفهمه كيف يتناول طعامه او كيف يمسك كوب الماء … الخ حتى ينمو دافع الاعتماد على النفس داخل الطفل .
وبذلك نكون قد علمنا أن الله سبحانه وتعالى يغرس فى أبنائنا بذور الفلاح والصلاح وعلينا نحن أن نرعى هذه البذور ونسقيها بالتربية الصحيحة فينشأ الأبناء على الهيئة الصحيحة بعون الله وتوفيقه .
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل .