هدوى محمود تكتب من أنتم يا آكلي مال اليتيم؟
هدوى محمود تكتب من أنتم يا آكلي مال اليتيم؟
من أنتم يا من تمدّون أيديكم إلى أموالٍ ليست لكم؟ من أنتم يا من تسطون على حقوق من لا حيلة لهم ولا سند؟ أي قلبٍ هذا الذي لا يرتجف وهو يأخذ قوت طفل فقد أباه، وسند أمٍّ فقدت معيلها؟ يا آكلي مال اليتيم، لقد ظلمتم أنفسكم قبل أن تظلموا غيركم. نسيتم أن اليتيم ليس وحده، بل الله معه. قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” — فأي وعيدٍ هذا؟ وأي جُرمٍ أعظم من هذا؟ تخدعون أنفسكم بالأوراق والأختام، تبرّرون لأنفسكم ما لا يُبرَّر، وتنسجون الأكاذيب لتستحلّوا ما حرّم الله. فهل تنام أعينكم قريرة بعد أن حرمتم طفلاً من ثمن دوائه أو ثوب شتائه؟ هل تهنأ بيوتكم برغدٍ مصدره جوع الصغار ودموع الأرامل؟ اليتيم ليس مجرّد شخص فقد والده، بل هو امتحانٌ لنا جميعاً. هو مِحنةٌ تُظهر معادن الناس، فإما أن نكون من أهل الرحمة، أو من أهل القسوة، والجزاء من جنس العمل. يا من أكلتم مال اليتيم، لا تنظروا إلى أعماركم ولا مناصبكم، فالموت أقرب من أن تظنوا، ويوم الحساب لا يُؤجَّل. توبوا قبل أن تغلق أبواب السماء، وردّوا الحقوق لأهلها، فإن دمعة يتيم قد ترفع دعاءً تهتز له السماوات. نقول: إن كنتم تظنون أنكم انتصرتم، فتذكروا أن عيون اليتامى لا تنام، ودعواتهم لا تُرد، وعدل الله لا ينسى، وإن تأخر فهو آتٍ لا محال
