هدي النبي وتربية الأبناء
هدي النبي وتربية الأبناء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إنه لا يعلم أحد مرّ به من المصائب والمصاعب والمشاق والأزمات كما مرّ به وهو صابر محتسب، صبر على اليتم والفقر والجوع والحاجة، وصبر على الطرد من الوطن والإخراج من الدار والإبعاد عن الأهل، وصبر على قتل القرابة والفتك بالأصحاب وتشريد الأتباع وتكالب الأعداء وتحزّب الخصوم واجتماع المحاربين، وصبر على تجهّم القريب وتكالب البعيد، وصولة الباطل وطغيان المكذبين، وصبر على الدنيا بزينتها وزخرفها وذهبها وفضتها، فلم يتعلق منها بشيء، فهو الصابر المحتسب في كل شأن من شئون حياته، فالصبر درعه وترسه وصاحبه وحليفه، كلما أزعجه كلام أعدائه تذكر قول الحق سبحانه وتعالي “ فاصبر علي ما يقولون ” وكلما راعه هول العدو وأقضّ مضجعه تخطيط الكفار.
تذكر قول الحق سبحانه وتعالي ” فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ” ومات عمه فصبر، وماتت زوجته فصبر، وقتل عمه حمزة فصبر، وأبعد من مكة فصبر، وتوفي ابنه فصبر، ورميت زوجته الطاهرة بالفاحشة كذبا وبهتانا فصبر، وكُذب فصبر، قالوا له شاعر كاهن ساحر مجنون كاذب مفتر فصبر، أخرجوه، آذوه، شتموه، سبّوه، حاربوه، سجنوه فصبر، وهل يتعلم الصبر إلا منه؟ وهل يُقتدى بأحد في الصبر إلا به؟ فهو مضرب المثل في سعة الصدر وجليل الصبر وعظيم التجمل وثبات القلب، وهو إمام الصابرين وقدوة الشاكرين، هو النبي الكريم وصاحب الشفاعة يوم الدين رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم، ويحسب بعض الآباء أن مسؤولية تربية الطفل تقع على الأم فقط.
ولا يطلب منه سوى تأمين الحاجات المادية لأطفاله وزوجته، فتجده يقضى معظم وقته خارج المنزل في العمل، أو مع الأصدقاء، حتى إذا عاد إلى منزله جلس وحده فى غرفته، محذرا زوجته من أن تسمح للأطفال بتعكير صفو تأملاته وأحلامه وهو نائم، وإن الرؤية الإسلامية لا تقدم مسؤولية أى من الرجل أو المرأة في الأسرة على الآخر، فمشاركة الأب والأم فى التنشئة الاجتماعية والسياسية للطفل هي مشاركة واجبة ولازمة، إذ لا يغنى أحدهما عن الآخر، وهما يشكلان معا، بالإضافة للأبناء، هيكل السلطة فى الأسرة من خلال مسؤوليات كل طرف، ولا يكتمل الهيكل أو البناء إذا تخلى أحد الأطراف عن واجباته، فالرعاية مسؤولية الوالدين معا، وكلاهما مسؤول عن رعيته.
وإن من أهم وسائل إصلاح النشء هو التربية بالقدوة، وهى تربية صامتة، ولكن أثرها أعظم من كل توجيه، فالطفل منذ ضعفه مفطور على محاكاة مَن هو أكبر منه، فأنت أنت صورة حية لأولادك، فانظر ماذا ترسم في شخصيتهم من خلال قولك، وسمتك، وفعلك، فإن القدوة ليست كلمات تقال، بل هي سلوك وأفعال، وإنه لشرخ فى جدار التربية، وعلى الأم أن تفتح قناة للاتصال مع ابنتها، وأن تجلس وتتحاور معها لتفهما كيف تفكر، وما ذا تحب من الأمور وماذا تكره؟ واحذري أيتها الأم أن تعامليها كأنها ند لكى، ولا تقرني نفسك بها، وعندما تجادلك أنصتي لملاحظاتها وردي عليها بمنطق وبرهان، إذا انتقدت فانتقدي تصرفاتها ولا تنتقديها هي كشخص، استعيني بالله ليحفظها لك ويهديها.