هنيئا لصوت العرب.. في عيدها 67

كتبت الدكتورة /فاطمة الزهراء شبيلى

الجزائر

تحية لروح أحمد سعيد قارئ بيان أول نوفمبر وملهم الشعب الجزائري ولروح المذيع الجزائري الشهير المجاهد عيسى مسعودي صوت الجزائر الحرة

صوت العرب القوة الناعمة المؤثرة بامتياز، من الإذاعات العريقة الأهم و الأعمق في تاريخ الوطن العربي،و إذاعة كل العرب من المحيط إلى الخليج بما وصمت به من نزعة ثورية و حلم الإستقلال و التحرر والعمل على تحقيق الرسالة المقدسة التي أنشئت من أجلها

إذاعة لها في قلوب الجزائريين مكانة رفيعة و مقدسة قدسية ثورتنا التي كان لها حصة الأسد ضمن محتوى برامجها .

الإذاعة التي استخدمها عبدالناصر ليبث خطاباته من خلالها ،واصطفاها لتحمل هموم العرب ،و تجمع شمل الشتات و تناهض الإستعمار الغاشم بجميع صوره و أشكاله ،كما استخدمها في الهجوم على الأنظمة المناوئة

خاطبت الضمير العربي الجمعي ولعبت دوراً بارزاً في قضايا التحرر الوطني لدول شمال أفريقيا من المغرب حتي تونس مرورا بالثورة الجزائرية الذي اذيع اول بيان لها من اذاعة صوت العرب صوت ثوار الجزائر كما وصفها الرئيس احمد بن بيلا.

وهكذا تبنت صوت العرب جميع قضايا الامة وحملت رايتها بايمان وصلابة

هذا الدور الوطني جعلها مستهدفة من الدول الاستعمارية فحاولت فرنسا إسكات صوتها بضرب محطات ارسال ابان العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 ! كانت اسم صوت العرب ينطلق من دمشق وتونس وعمان وبيروت وطرابلس و بغداد الجزائر و اليمن وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻌﺰوﻓﺔ راﺋﻌﺔ ﻋﻜﺴﺖ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ الحقيقية

الفقيد أحمد سعيد هو من قرأ بيان أول نوفمبر 1954 في إذاعة ”صوت العرب” بالقاهرة، وهو من تولى قراءة و متابعة أخبار الثورة الجزائرية فيها، قبل أن تولد إذاعة الجزائر الحرة في المغرب أولا وفي تونس لاحقا و يظهر المذيع الجزائري الشهير المجاهد عيسى مسعودي في إذاعة الجزائر الحرة

أحمد سعيد لقب بصوت الثورة و كان شاهد عيان لنقل أول أسلحة للثورة ،و صرح أن عملية التسليم حظرها ثوار جزائريين من ضمنهم الرئيس الأسبق هواري بومدين

انتقل إلى رحمة الله الملقب ”صوت العرب” عن عمر يناهز 93 سنة، وشُيعت جنازته في القاهرة في 5/6/2018

.و قد قال المرحوم عيسى مسعودي عن فكرة إنشاء إذاعة الجزائر إن الأمر له علاقة بالدور الحيوي الذي لعبه صوت العرب أحمد سعيد في القاهرة، من خلال نشر الأخبار الخاصة بالثورة، فجاءت فكرة إنشاء صوت للجزائر الحرة، وحاول عيسى مسعودي أن يكون أحمد سعيد في صوت الجزائر الحرة، وهو ما حدث بالفعل.

وقد قال عيسى مسعودي: ”إنني قلدت أحمد السعيد صوت العرب بنجاح”، وقد أصبح عيسى مسعودي أسطورة الكفاح المسلح على مستوى الإذاعة، إلى درجة أن الراحل هواري بومدين قال: ”إن تحرير الجزائر نصفه بجيش التحرير والنصف الآخر بعيسى مسعودي”، وقدوة عيسى مسعودي هو أحمد سعيد في صوت العرب.

وبعيدا عن دورها التحرري كانت صوت العرب سفير مصر لدي المواطن العربي تخاطبه برسائل مباشرة بعيدا عن بروتوكولات السياسة شارحة وجهة نظرها ومواقفها تجاه قضايا المنطقة

صوت العرب ، تجربة ثرية في حقبة الستينات والسبعينات ، بما قدمه من مهنية وأخلاقيات وتوثيق لقضايا الأمة ما أهلها على الاستمرار والتميز ،إن صوت العرب ومن خلال أدائها باللغة العربية الفصحي، أهلها بأن تكون صوت العرب بامتياز واستطاعت أن تضع بصمتها الواضحة لدى المواطن العربي

وأصدقكم القول أنني كنت ممن تمنوا التعرف على هذا المجاهد الذي ساهم في تحرير بلدي و يحق لنا أن نحتفي و بكل فخر و اعتزاز بكل من شارك في صنع إستقلال بلدي و أنا من جيل ما بعد الإستقلال ، خاصة أنه و كما حكى لي والدي المجاهد رحمه الله أن صوت العرب أحمد سعيد كان ينشر أخبارحول ما يعيشه الشعب الجزائري تحت الاحتلال في المحتشدات وكأنه معنا، وكنا نسمعه مختبئين حتى لا تكشفنا عيون وآذان الاستعمار! و قد تم تكريم هذا المناضل المصري الجزائري من الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة ،في الذكرى الخمسين للإحتفال باستقلال الجزائر، و كان قد طلب زيارة كل الاماكن التي سبق له و أن زارها من قبل مع الرئيس جمال عبد الناصر في زيارته للجزائر

كان للإذاعة بعد الإستقلال ندوات مشتركة مع الإذاعة الجزائرية و إحياء ذكرى لمناسبات تاريخية مشتركة

و لنا في الأخير أن نتساءل عن ـــ صوت العرب ـــ الصوت العروبي الهوى القومي التوجه ،الإذاعة التي جمعت العرب تحت راية القومية العربية من المحيط إلى الخليج أين هي الان من قضايا العرب و انكساراتهم أمام الصهاينة أعداء الأمة و حلمهم في السيطرة و إعادة رسم الخريطة؟ ادرك تماما أن عهد السياسيات القومية التعبوية قد ولى لكن أعلم ايضا ان جراح وطننا العربي العميقة بحاجة لإعلام وطني قومي عروبي واضح الهوية مخلص شريف لقضايا أمته ، في وقت زاد المتربصون و اختلطت الأوراق و المفاهيم و أمام تفاقم الأزمات الإقتصادية ،و التهديدات المتزايدة ، و الحروب المتأججة ،مرورا بالتطورات العربية الأخيرة من خيبات ،و انزلاقات، و خيانات،و ارتزاق ، و تآمر ،و ضغوطات ، وتواطؤ ، إنبطاح و حروب بالوكالة ،إنتفاضات ،ثورات ، و نشهد فيه أيضا تحديات و أزمات غير مسبوقة وأمام علاقات دولية معقدة ! و ادرك أيضا ان الظرف التاريخي والسياسي لم يعد كما كان سابقا ، لكن المؤكد ان وحدة المصير مازالت تجمعنا كعرب ، والتحديات الجسام تحتاج لتوحيد الكلمة واﻟﺮؤى و الصف و ما أحوجنا اليوم لاعادة قراءة التاريخ و إعادة إحياء العصر الإعلامي الذهبي في تبني قضايا الامة ليس لصوت العرب فحسب بل للاعلام العربي كله .

تحية شكر و عرفان على الجهود المخلصة لكل الشرفاء القائمين على تسيير شؤون إذاعة صوت العرب

كل عام و صوت العرب بألف خير

هنا الجزائر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *