العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

نسائم الإيمان ومع الخليفه المهدى ( الجزء الأول )

0

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

أبو عبد الله محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي المهدي بالله، وهو أبو عبد الله محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهو ثالث خلفاء الدولة العباسية بالعراق، وقد ولد بإيذج من كور الأهواز عام مائه وسبعه وعشرين من الهجره، وكانت أمه هي أم موسى بنت منصور الحميرية، وقد ولي الخلافة بعد وفاة أبيه أبي جعفر المنصور عام مائه وثمانيه وخمسين من الهجره.

وكان أبوه قد أمره على طبرستان وما والاها، وتولى الخلافة من ذي الحجة عام مائه وثمانيه وخمسين من الهجره، حتى شهر المحرم عام مائه وتسعه وستين من الهجره، وكان عمره فى ذلك الوقت اثنين وثلاثين سنه، وكانت خلافته مرفهة عن الناس فأمر بإطلاق من كان في سجن المنصور من المعارضين، وكان يجلس للمظالم بنفسه فسارت الأمور في عهده طبيعية مع توسع في العمران، ومن آثاره زيادته في المسجد الحرام فأدخل فيه دورا كثيرة مما يحيط به وأمر بمحو اسم الوليد بن عبد الملك من حائط المسجد النبوي وكتابة اسمه، والحق أن المنصور وطّد للمهدي الأوضاع، وأخضع له الرقاب فأراح مَن بعده .

وكان المهدي يرسل أبناءه للغزو، وقال ابن الأثير كان المهدي أبيض طويلا وقيل أسمر بإحدى عينيه نكتة بياض، وقال السيوطي كان جوادا ممدحا مليح الشكل محببا إلى الرعية حسن الاعتقاد، وكان المهدي محمود السيرة محببا إلى الرعية، حسن الخَلق والخُلق، جواداً، وكان يجلس للمظالم إلا حياء منهم لكفى، وفي عهده فتحت إربد من الهند وكثرت الفتوح بالروم كما بنى جامع الرصافة، وقد استمر انتعاش بغداد في وقته وازدادت شهرتها واستقطبت المزيد من المهاجرين إليها من شتى الأعراق والأديان حتى يقال أنها كانت أكثر مدن العالم سكانا في ذاك الوقت، وقد ازداد نفوذ البرامكة في عصره.

وقال عنه الذهبي: هو أول من عمل البريد من الحجاز إلى العراق، وقد جد المهدي في تتبع الزنادقة وإبادتهم والبحث عنهم في الآفاق والقتل على التهمة وأمر بتصنيف كتب الجدل في الرد على الزنادقة والملحدين، وقد روى الحديث عن أبيه وعن مبارك بن فضالة، وقد حدث عنه يحيى بن حمزة وجعفر بن سليمان الضبعي ومحمد بن عبد الله الرقاشي وأبو سفيان سعيد بن يحيى الحميري، وكان للمهدي جارية شغف بها وهي كذلك إلا أنها تتحاماه كثيرا فدس إليها من عرف ما في نفسها فقالت أخاف أن يملني ويدعني فأموت فقال المهدي في ذلك: ظفرت بالقلب مني غادة مثل الهلال.

كلما صح لها ودي جاءت باعتـلال، لا لحب الهجر مني والتنائي عن وصال، بل لإبقاء على حبي لها خوف الملال، وقيل أنه لما خرج عبد الجبار بخرسان سنة مائه وواحد وأربعين من الهجره، أرسل المنصور ابنه المهدي على رأس جيش وأمره بنزول الري فسار المهدي ووجه خازم بن خزيمة التميمي بين يده لحرب عبد الجبار وسار المهدي فنزل نيسابور ولما بلغ ذلك أهل مرو ساروا إلى عبد الجبار وقاتلوه وسلموه إلى خازم فحمله إلى المنصور وعاقبه المنصور وضرب عنقه، وذكر ابن الأثير في الكامل في التاريخ: أنه لما استطاع المهدي هزيمة عبد الجبار بغير مشقة ولا تعب ولا بقتال مباشر.

وقد كره المنصور أن تبطل تلك النفقات، فكتب إليه أن يغزو طبرستان، وكان الأصبهبذ يومئذ محاربا للمصمغان ملك دنباوند فلما بلغه دخول الجنود بلاده قال المصمغان للأصبهبذ : متى قهروك صاروا إلي فاجتمعا على حرب المسلمين فانصرف الأصبهبذ إلى بلاده فحارب المسلمين، فطالت تلك الحروب فوجه المنصور عمر بن العلاء، وكان عمر هذا عالما ببلاد طبرستان فقصد الرويان وفتحها أخذ قلعة الطاق وما فيها وطالت الحرب حتى طلب الأصبهبذ الأمان على أن يسلم قلعته بما فيها من الذخائر وكتب المهدي إلى ابيه بذلك، وكان أبو العباس السفاح قد عقد البيعة لأبي جعفر المنصور ثم لعيسى بن موسى.

فلما ولي المنصور كلم عيسى بن موسى في ذلك فلم يجبه إلى طلبه لكن المنصور أصر عليه حتى خلع نفسه وبويع للمهدي من بعد أبيه في سنة مائه وسبعه وأربعين من الهجره، وقد اختلف في السبب الذي من أجله خلع عيسى بن موسى نفسه، وقد بويع له بالخلافة بعهد من أبيه، وقد قال السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء: ووصل إليه المهدي، خبر وفاة والده وهو ببغداد، فخطب في الناس فقال: إن أمير المؤمنين عبد دعى فأجاب، وأمر فأطاع واغرورقت عيناه فقال، قد بكى رسول الله عند فراق الأحبة، ولقد فارقت عظيما وقلدت جسيما، فعند الله أحتسب أميرالمؤمنين وبه أستعين على خلافة المسلمين.

أيها الناس أسروا مثل ما تعلنون من طاعتنا نهبكم العافية، وتحمدوا العاقبة، واخفضوا جناح الطاعة لمن نشر معدلته فيكم وطوى الإصر عنكم، وأهال عليكم السلامة من حيث رآه الله مقدمًا على ذلك، والله لأفنين عمري بين عقوبتكم والإحسان إليكم، وفي سنة مائه وتسعه وخمسين من الهجره، خرج المقنع الخراساني بخرسان وكان رجلا أعورا، قصيرا، من أهل مرو ويسمى حكيما، وكان اتخد وجها من ذهب فجعله على وجهه لئلا يُرى، فسُمي المقنّع وادعى الألوهية، وتابعه خلق من ضلال الناس، فسار إليه معاذ بن مسلم وجماعة من القادة والعساكر وهزموه، وقد جمع المهدي جيشا كثيفا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد