العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

نسائم الإيمان ومع الصحابيه سيرين بنت شمعون

0

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

السيده سيرين بنت شمعون، وهى صحابية جليله وكانت قبطية ثم أسلمت، ومعنى كلمة سيرين هو اسم فارسي ويعني ذات الوجه الممتلئ أو القمر أو الشيء الحلو أوالعذب وقد روت عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عدة أحاديث، وهي جارية أهداها المقوقس ملك القبط إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مع أختها مارية القبطية، والمقوقس هو في التاريخ الإسلامي وهو عظيم القبط في فترة ما قبل وأثناء الفتح الإسلامي لمصر، وغالبا ما ينسب إلى البطريرك كيرس أو كيرولوس اليوناني الذي كان بطريركا ملكانيًا متوليا كرسي كنيسة الإسكندرية في القرن السابع.

وهو أحد واضعي عقيدة المشيئة الواحدة، وآخر حاكم بيزنطي لمصر، وقد عينه هرقل إمبراطور بيزنطة واليا عليها وبطريركا لكنيسة الإسكندرية، ولم يكن المقوقس اسما لرجل، وإنما كان لقبًا أو اسما لوظيفة، فهو تعريب لكلمة يونانية والتي تعني، جلالته أو صاحب الجلالة، وهو لقب كان يستخدم كتتويج في الإمبراطورية البيزنطية ولبطاركتها، وقد ظهر هذا اللفظ في رسالة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المقوقس عظيم القبط، ثم عاد إلى الظهور مرة أخرى في أحداث فتح مصر، وبعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبين المشركين في مكة.

وبدأ الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في الدعوة إلى الإسلام، أمر الرسول بكتابة كتباً إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، وأهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فأختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارسيون ،والمقوقس ملك مصر التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة، وتلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوها رداً جميلاً، ما عدا كسرى ملك فارسيون، الذي مزق الكتاب، ولما أرسل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر.

وقد أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفاً بحكمتهِ وبلاغته وفصاحته، فأخذ حاطب كتاب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى مصر وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به، واخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له ” يا هذا، إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه” واُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: ” إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر” وقد أرسل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رسالة جاء فيها.

“بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعوة الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وتقول الرواية: إن المقوقس لما قرأ الكتاب سأل حامله، وهو حاطب بن أبي بلتعة: ما منع صاحبك إن كان نبيًا أن يدعو على من أخرجُوه من بلده فيسلّط الله عليهم السّوء؟ فقال حاطب: وما منع عيسى أن يدعو على أولئك الذين تآمروا عليه ليقتلوه فيسلّط الله عليهم ما يستحقون؟ قال المقوقس: أنت حكيم جئت من عند حكيم، وأخذ المقوقس كتاب النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وختم عليه، وكتب إلى النبي الكريم محمد بن عبد الله.

صلى الله عليه وسلم، ” بسم الله الرحمن الرحيم: إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك” وقد استقبل المقوقس الرسالة بالإكرام، وأمر بوضع الخطاب في نعش عاجي لحفظه في خزانة الحكومة بأمان، وأهدى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، جاريتين أختين هما مارية القبطية وسيرين ابنتا شمعون، بالإضافة إلى ملابس وبغلة تدعى دلدل.

وفي رواية أخرى بعث المقوقس بطبيب ولكن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ردّه قائلا ” اذهب لا حاجة لنا بك، نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع ” ويقال أنه تم حفظ رسالة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المقوقس في دير أخميم المسيحي في مصر، وهناك ألصقها راهب على كتابه المقدس، وقد كانت الرسالة مكتوبة على ورق الرق، وقيل أنه من هناك، حصل عليها مستشرق فرنسي وباعها إلى السلطان عبد المجيد العثماني، مقابل ثلاثه مائة جنيه استرليني، وقد ثبّت السلطان الرسالة في إطار ذهبي وحفظها في خزانة القصر الملكي، إلى جانب الآثار الأخرى المقدسة، وقد أكّد بعض العلماء المسلمين أن الرسالة كتبها أبو بكر الصديق.

ولقد كانت السيده سيرين بنت شمعون، مع أختها ماريا بنت شمعون على دين المسيحية فتركاه ودخلتا في الإسلام، فتزوج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من السيده مارية وأهدى أختها سيرين إلى شاعرهِ حسان بن ثابت فأنجبت لهُ عبد الرحمن، وحسن إسلامها، ومارية بنت شمعون القبطية هى أخت السيده سيرين وهى آخر زوجات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويرى فقهاء من أهل السنة والجماعة أنها جارية أُهديت للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأخذت حُكم أمهات المؤمنين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أن تُعد منهن، وقد أنجبت مارية للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ثالث أبنائه إبراهيم، الذي توفي وهو طفل صغير.

وهي الوحيدة التي أنجبت للرسول من بعد زوجته الأولى خديجة بنت خويلد، وكلمة قبط، كان يقصد بها أهل مصر، وكان أبوها عظيم من عظماء القبط، كما ورد على لسان المقوقس في حديثهِ لحامل رسالة الرسول إليه، ولدت مارية في مصر في قرية حفن من كورة أنصنا، وقد كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أربع إماء، منهم مارية، وقال أبو عبيدة: كان له أربع: مارية وهي أم ولده إبراهيم، وريحانة، وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش، وكان زوج السيده سيرين هو حسان بن ثابت الأنصاري وهو شاعر عربي وصحابي من الأنصار.

وينتمي إلى قبيلة الخزرج من أهل المدينة، كما كان شاعرا معتبرا يفد على ملوك آل غسان في الشام قبل إسلامه، ثم أسلم وصار شاعر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ينتمي إلى قبيلة الخزرج من أهل المدينة، كما كان شاعرا بعد الهجرة، وقد توفي أثناء خلافة علي بن أبي طالب وحسان بن ثابت هو من قبيلة الخزرج، التي هاجرت من اليمن إلى الحجاز، وأقامت في المدينة مع الأوس، وقد ولد في المدينة قبل مولد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بنحو ثماني سنين، فعاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة أخرى، وشب في بيت وجاهة وشرف، منصرفا إلى اللهو والغزل.

وهو من بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويروى أن أباه ثابت بن المنذر الخزرجي كان من سادة قومه، ومن أشرفهم، وأما أمه فهي الفزيعة بنت خنيس بن لوزان بن عبدون وهي أيضا خزرجية، وقد أنجبت السيده سيرين ابنها عبد الرحمن بن حسان بن ثابت وهو تابعي وشاعر، وقد كان مقيما في المدينة المنورة، وتوفى فيها، واشتهر بالشعر في زمن أبيه ، وقال حسان : فمن للقوافي بعد حسان وابنه ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت، وقد نقل ابن حسان الحديث النبوي عن أبويه، وعن زيد بن ثابت، وعنه ابنه سعيد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن بهمان، وهو نزر الحديث.

وقد ولد في حياة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه عاش فوق التسعين سنة وكانت السيده سيرين، أبوها عظيم من عظماء القبط، وهي من قرية حفن بمحافظة المنيا بصعيد مصر، ومحافظة المنيا هي إحدى محافظات مصر، حيث تقع بين محافظتي بني سويف شمالا وأسيوط جنوبا، وعاصمتها مدينة المنيا، وهي واحدة من أهم محافظات صعيد مصر وذلك بسبب موقعها المتوسط وما تضمه من مواقع أثرية فريدة، وقدمت سيرين إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية في سنة سبع من الهجرة.

وقد روي عنها إبنها عبد الرحمن أنها قالت حضر إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، الموت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلما صحت أنا و أختي، نهانا عن الصياح ، وغسله الفضل بن العباس ورسول الله صلى الله عليه وسلم، والعباس علي سرير، وكسفت الشمس يومئذ فقال الناس كسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” لا تكسف لموت أحد ولا لحياته ” .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد