بسم الله الرحمن الرحيم
الإدراك اللمسي: في سنة التيمن وإستخدام الهاتف
زمن القراءة: 5 دقائق
عندما نعمل على ربط وضعية التيمن في تلقي الكتاب يوم الحساب في قول الله سبحانه وتعالى: “فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ.” سورة الحاقة19، وما يطبقه المسلم في سنة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في التيمن في الأمر كله وما جاء في الصحيحين: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله.
إن إستخدام اليد هنا في الآية الكريمة والحديث الشريف يشمل (ضمن ما يشمله من حكم عظيمة لله رب العالمين، لا على سبيل الحصر) على أمرين، الأول إستخدام اليد اليمنى تحديدا وما يعتاده الإنسان في دنياه لكي يطبقه في أخراه، والثاني إستخدام حاسة اللمس باليد التي تعطي تمييز وإدراك للإنسان بين الأمور. فمن خلال حاسة اللمس يدرك الإنسان معلومات عن الأشياء، كذلك إذا استخدم الإنسان اليد اليمنى لشئون الحياة وللأمور الطيبة في حياته، في حين تكون يده اليسرى لأمور أخرى مثل إزالة النجاسة، يمكن للإنسان أن يميز بين ما هو طيب وما هو غير ذلك.
ربطت دراسات بحثية العلاقات بين الخصائص الفيزيائية لسطح الجسم والأحكام المتعلقة بتفضيل إستخدام هذا الجسم. حيث تبرز أهمية الإدراك اللمسي الذي يعبر عن قدرة المخ على فهم وإدراك المعلومات الآتية عن طريق الجلد في اليدين، ومن ثم يضع علامات عليها وعلى محتواها ونوعيتها، لكي يتذكرها كلما تكررت لديه ثانية.
وهنا نلاحظ أن اليد تسجل المعلومات الحسية، ثم يستخدم المخ هذه المعلومات لإرشاد اليدين ثانية أثناء النشاط الذي يقوم به الجسم.
وفي مجال المنتجات، تذكر الدراسات أننا عادة ما نلمس منتج معين في المحلات لكي نحدد ما إذا كنا نفضله أم لا. ومن خلال فهم هذه الآلية التي يعمل بها تفضيل الإنسان للأشياء، يتم تصميم منتجات لها تصميم لمسي جذاب. ويأتي من هنا تصميم الهاتف ذو الملمس الناعم البلوري، مع تنوع المعلومات والأفكار المقروءة، إضافة إلى سرعة حركة اليد في التصفح السهل، وسهولة العرض والوصول إلى المحتوى، كلها عوامل ينجذب إليها المستخدم وإدراكه ليستكشفه ويستكشف ما يحتويه وما يمكنه أن يضيف إليهمن معرفة تهمه من خلاله.
ويختلف الناس في إستخدام الأشياء، حيث تظل غالبية الأشياء لا مشكلة في إستخدامها بشكل عام، إلا أن كل فرد يحدد قيمة إستخدامها فيما إذا كان سيستخدمها بالشكل السليم الذي يفيده ولا يهدر وقته بحيث يتحكم في هذا الإستخدام لكي يضبط وينظم سائر متطلبات حياته معها.
توصلت دراسة أجراها تاكومي يوكوساكا وآخرون نشرت في مجلة ساينتيفيك ريبورتس، إلى أن مخطط تكرار حركة اليد وسيلة واعدة لإستخراج إستراتيجيات البشر في الإستكشاف باللمس، الأمر الذي يوضح الحركيات الزمنية الاستكشافية لليد. فوجدوا أن المشاركين في الدراسة يميلون إلى أداء نفس حركة اليد بشكل متكرر للأشياء المفضلة، بينما يميلون إلى الجمع بين أوضاع لمس مختلفة للأشياء الأقل تفضيلا.
يلاحظ أن الإدراك باللمس هو أحد أساليب تعلم الأطفال المهمة التي تساعد الأطفال على تنمية حاسة اللمس لديهم واستقبال المعلومات من خلالها، غير أن كل مرحلة عمرية وكل اهتمام له جانب الإدراك اللمسي الخاص به الذي يتطور معه ويهتم به تبعا لأنشطته اليومية والحياتية المختلفة.
ونرى أننا كلما جعلنا شئوننا كلها ما استطعنا (مثل الأكل، واللبس، والعمل باليد) وأمورنا الطيبة بسنة التيمن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يساهم ذلك في تحسين تمييزنا وإدراكنا للأمور من حيث كونها إيجابية أو سلبية، ويكون حكمنا على الأمور أفضل، فحاسة اللمس نضع من خلالها معلومات عن الأشياء والنعم التي يعطينا الله سبحانه وتعالى إياها كل لحظة… فالحمد لله رب العالمين.
فسبحان الله العظيم الذي جعل النور ليهدي الناس إلى إستقامة حياتهم.
بقلم: داليا السيد
