تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
عاجل
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن قول الله تعالي (إن مع العسر يسرا )
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن المسجد الأقصى المبارك
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يهنىء رئيس جمهورية فيجي بذكرى الإستقلال
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يهنىء رئيس وزراء جمهورية فيجي بذكرى الإستقلال
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ينعي الأستاذ الدكتور علي فوزي عمران عميد كلية الزراعة جامعة المنوفية الأسبق وعضو الإتحاد
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يهنىء الأستاذ صبحي الزيات بزفاف نجله
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه المناعة الفكرية
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه غزوة بدر
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي رئيسا فخريا للمنظمة المصرية الدولية لسفراء السلام والعلوم الإنسانية
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يهنىءالدكتور خالد المطراوي بتعيينه عميدًا لمعهد البحوث الطبية
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الجوانب الاقتصادية من منظور الإسلام
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لا شك فيه أن إنَّ صلةَ الاقتصاد الإسلامي بالشريعة الإسلامية صلة مستمرة؛ فهي كل متناسق؛ من الجانب الروحي الذي يشمل العلاقة بين الإنسان وخالقه، ومن الجانب الاجتماعي الذي يقوم على المساواة بين الناس المنتمين إليه كافةً في الحقوق والمكانة الاجتماعية على أساس المودة والرحمة وحسن الإدارة والنظام، ومن الجانب السياسي الذي يقوم على أساس الالتزام بالأصول والمبادئ الإسلامية، ومن الجانب الخلقي الذي يشمل الصفات الشخصية التي تتمثل في الصدق والأمانة والوفاء والعدالة والتراحم والسخاء وسعة الأفق والصبر والحلم والشجاعة وغيرها مما اتّصف به نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- فصدقُ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمانته قد جعلت المشركين يتخبطون في الحكم عليه، فمرةً يقولون ساحرٌ، ومرة يقولون شاعر، ومرة يقولون كاهن، ومرة يقولون مجنون. فهم يعلمون جميعاً براءته -صلى الله عليه وسلم- من هذه الأوصاف والألقاب الذميمة. فقد كان يُعرف بالأمين، وهو لقب لا يتصف به إلا من بلغ الغاية في الصدق والأمانة..
“أما الجانب الاقتصادي فقد وضع الإسلام فيه قواعد، وقرنها بضوابط وحدود؛ فالشرع يقيّد نشاط الفرد بعدد من القواعد مراعاةً لمصلحة الجماعة، ثمّ يفتح له المجال واسعاً للعمل واكتساب الثروة بالطرق المشروعة والنافعة له وللمجتمع، ويحفظ له ملكيته مع تحديد تصرفه فيها.. والإسلام يمنع الفوارق والامتيازات دون وجه حق، ويمنع تقييد الحريات في سبيل العمل واكتساب الثروة، ويُلزم المجتمع بعدم تعطيل الموارد ويوجب تنميتها لتحقيق العدلة. والنظام الاقتصادي لأي مجتمع هو وليد مفهوم المجتمع للعدالة الاجتماعية وتجسد ثقافته وظروفه وتطوره…”[1].
كما أمر اللهُ -سبحانه وتعالى- الإنسانَ بعمارة الأرض؛ وذلك باستخدام كل ما فيها من موارد ظاهرة وباطنة بالبحث والدراسة وتطوير العالم وتوفير الحوافز اللازمة لذلك، وسخر الله للإنسان سبل العيش وكسب المال، ورَزَقَهُ من الطيبات، ومكنه من العمل، ووعده بحسن المثوبة لمن أطاع واتقى؛ فقال سبحانه: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة: 105] فالمطلوب: العمل وأداء الواجب بما يتحقق به نفع الناس والمجتمع..
“وقد ذكر ابن تيمية أن طائفة من العلماء يرون أن أصول الصناعات كالفلاحة والحياكة والبناية وصناعة السلاح والتجارة فرضٌ على الكفاية عند حاجة المجتمع”[2].
والمطّلع على أقوال المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وأوامره ونواهيه يجد جلياً الضوابطَ التي يجب الالتزام بها في جميع فنون الاقتصاد؛ وهدفها الواضح هو تنظيم الاستهلاك وربطه بظروف المجتمع وتوفير مبدأ التوازن والدقة في التعمير..
فقد جاء نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- بتحريم الخمر وثمنها، وحرم الميتة وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه وذلك لِما ظهر من الفساد الذي يترتب على الإقدام على ذلك، فالخمر سبب زوال العقل الذي أنعم الله به على البشر وميزه به عن غيره من الكائنات، كما ثبت ضرر الميتة والخنزير على جسم الإنسان وصحته لذا فقد حُرّم بيعه وشراؤه والتعامل به.
وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي في جميع المعاملات بلا استثناء؛ فالرشوة آفة عظيمة ووبالها كبير على المجتمع، فهي تحق الباطل وتبطل الحق، وتقلب الموازين في المجتمع، وبها يسود الأمرَ من ليس أهلاً له، كما أنها تدمر الموارد المالية للمجتمع؛ فقد تحقّ باطلاً وتقر مشروعاً لا يكون فيه نفع حقيقي للمجتمع وإنما يُدِرّ الربح الوفير لصاحبه، وقد تدمر الرشوة حياة أفراد ومجتمع إن كانت في إنتاج الدواء أو الغذاء أو المباني المخالفة التي يترتب عليها الانهيار وإزهاق أرواح الناس، كما أن تفشي ظاهرة الرشوة في أي مجتمع من المجتمعات مُؤذِنٌ بتدمير أخلاقيات هذا المجتمع وقيمه وتزيل الثقة بين أفراده، وتؤدي الرشوة إلى عدم المبالاة والتسيب وعدم الولاء والانتماء والإحباط في العمل، وكل هذا يعد عقبة أمام التنمية.
وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومُوكِلَه وشاهديه وكاتبه بُغية تنظيم الاستهلاك ووقوفاً مع الفقير؛ فالربا يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب، يقضي إلى انقطاع المعروف بين الناس من القرض، والقول بتجويز عقد الربا تمكين للغني من أن يأخذ من الفقير الضعيف مالاً زائداً، ويقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوض؛ لأن من يبيع الدرهم بالدرهمين نقداً أو نسيئة، سيحصل له زيادة درهم من غير عوض، ومال الإنسان متعلق حاجته، وله حرمة عظيمة كحرمة دمه.
كما وقف رسولنا العظيم -صلى الله عليه وسلم- في وجه الاحتكار حفاظاً على اقتصاد المجتمع فقال “من احتكر فهو خاطئ” (رواه مسلم)؛ فالضرر بيّن في هذا ولا يخفى على عاقل؛ “والاحتكار هو حبس ما يحتاج إليه الناس، سواء كان طعاما أو غيره، ممّا يكون في احتباسه إضرار بالناس، ولذلك فإنه يشمل كلّ الموادّ الغذائيّة والأدوية والثياب ومنافع الدُّور والأراضي، كما يشمل منافع وخبرات العمال وأهل المهن والحرف والصناعات، إذا كانت تحتاج إلى مثل تلك السلع والمنافع والخدمات، وقد ظهر بهذا البيان بجلاء أنّ الاحتكار نوع من أنواع الظلم الذي يلحق عباد الله، ومن هنا يحكم بتحريمه، باتفاق الأئمة الفقهاء الأربعة وغيرهم، والتعامل بهذه الصورة هو الذي تلجأ إليه الشركات الصناعيّة، إذ تعتمد وكالات لها في مختلف الأسواق، ولا يكون التصرّف إلاّ من خلالها، وهناك صورة بشعة من صور الاحتكار تمارسها بعض الدول للتخلص من فائض إنتاجها عن طريق إتلافه أو رميه في البحر، كما تفعل الولايات المتحدة في مادّة القمح، وكما تفعل البرازيل في القهوة، رغبة في بقاء السعر مرتفعا. ذلك أنّ بقاء الفائض يؤدي إلى زيادة العرض وقلة الطلب، مما يؤدي إلى رخص الأسعار، وهو الأمر الذي لا يراد من الوجهة الاحتكارية. ومع الأسف فإن مثل هذا الأسلوب القذر نخشى أن يصل إن لم يكن قد وصل بلادنا، واستورد كما استورد البعض من بني جلدتنا القيم والمبادئ الهابطة”
كما حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الغش فقال: “من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا” (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: “من ولي من أمر المسلمين شيئاً فغشهم فهو في النار” (رواه الطبراني وصححه الألباني)، فقد حُرّم الغش والخداع في التعامل؛ لأن مبنى التعامل في الإسلام يقوم على الصدق والأمانة، ولكن بعضاً من سفهاء الناس لا يراعون حِلاً ولا حرمة في معاملاتهم، يتعاملون بأساليب متعددة لغش الناس بقصد زيادة أموالهم، وقد بيّن لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن فعل ذلك ليس جائزاً في منهج الإسلام القائم على الصدق والأمانة.
كل ذلك جاء توقيراً لحرية المنافسة.. فالإسلام أطلق الحوافز بشرط عدم الإضرار بالاكتناز أو الربا أو الاحتكار وغير ذلك، فضلاً عن السماحة التي تجلّت في دعوته-صلى الله عليه وسلم- الكريمة في التعامل؛ ويمكن أن نستطرد ونتذكّر منها قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته” (متفق عليه)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحافز على العمل: (ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة” (متفق عليه)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “على كل مسلم صدقة، قيل أرأيت إن لم يجد؛ قال يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق” (متفق عليه).
وأخيراً فقد جاء تقدير العمل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: “ما أكل أحد طعاما خيرًا من أن يأكل من عمل يده” (متفق عليه)، فكل الأعمال تحقق العفة والنفع وتحجب المسألة… نسأل الله الكسب الرزق الحلال..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر: النظام الاقتصادي الإسلامي، د.محمد عبد المنعم عفر (ص154).
[2] من كتاب “أصول الاقتصاد الإسلامي – الجزء الأول – د.محمد عبد المنعم عفر ويوسف كمال محمد (ص132).
القادم بوست