انفصام الشخصية
انفصام الشخصية
بقلم / أفراح رامز عطيه
باحثة ماجستير تربية مقارنة وادارة تعليمية
انفصام الشخصية مرض واضطراب يصيب العقل، وهو مرض نفسيٌ معروف منذ آلاف السنين، وهو واسع الانتشار تصاب به عادة النساء بنسب أكبر من الرجال، حيث تعد الفترة التي يظهر بها المرض هي المرحلة ما بين سنّ المُراهقة وحتى عمر الثلاثين عاما، ويصاب به الرجال في وقت مبكر أكثر من النساء.
وبحسب الدراسات فإن انتشار المرض يكون في المدن الصناعية أكثر منه في الريف أو القرى.
معنى الفصام يطلق على انفصام الشخصية المصطلح العلمي (شيزوفرينيا)، وهو مصطلح مشتق من كلمتي (شيزو) وتعني انقسام، و(فرينيا) وتعني العقل، بالدلالة على أن المرض يحدث انقساما أو انفصاما في العمليات العقلية لدى المريض.
والفصام هو أحد الأمراض الذهنية التي تسبب خللا واضطرابات سلوكية وفكرية وإدراكية، وتكون مصحوبة بأوهام وهلوسات تجعل المصاب غير قادر على التمييز بين الحقيقة والخيال، وغير قادرٍ على التواصل مع الآخرين أو التعبير عن نفسه.
أسباب الفصام هناك مجموعة من العوامل التي تؤدي إلى مرض الفصام وليس عامل بحد ذاته، هذه العوامل هامة لأن الوقاية خير من العلاج، وإن معرفة الأسباب وفهم تأثيرها يساهم بشكل كبير في العلاج وأساسي فيه، وهذه العوامل هي:
العوامل الوراثية:
وهي من أهم الأسباب لهذا الاضطراب النفسي الخطير، حيث أجريت دراسات تثبت دور الوراثة وتأثيرها على المرض، إذ تزداد نسبة الإصابة بازدياد صلة القرابة مع شخص مريض بهذا المرض، وبالرغم من أهمية هذا العامل وارتفاع النسب فيه إلا أن الباحثين يميلون للاعتقاد بأنه يعتبر استعداد وراثي يقود للمرض ويصبح فعالا بتوافر العوامل الأخرى.
الحمل والولادة:
دلت الدراسات على نسبة كبيرة من مرضى الفصام تأثّرت من مضاعفات في الحمل والولادة تعرضت لها الأمهات، واعتبر هذا الأمر عامل من العوامل المساعدة على حصول استعداد للمرض ولكنها ليست مسببة له بشكل مباشر.
العوامل النفسية:
حيث إن الصراعات ومشكلات النضج التي قد تواجه المراهق وتعرضه لخبرات فشل متكررة، أو حصول صدمات نفسية قاسية في عمر الطفولة المبكرة قد تجعل المراهق يعود لمرحلة أكثر أمانا ليرضي ذاته، أو يلجأ للخيال للهروب من الواقع.
ومن الجدير بالذكر أن هذه العوامل لا تقترن بالبيئة فحسب بل تتأثّر بالجهاز العصبيّ والغدد الصماء فتجتمع العوامل وتؤدي للمرض.
العوامل الاجتماعية أو المشاكل الأسرية:
حيث أثبتت الدراسات أن دور الأسرة يؤثر على مرضى الفصام؛ فالمرضى الذين يعيشون في أسر فيها درجة عالية من التغير العاطفي والتفاعل الزائد والنقد والعدوانية هم الأكثر عرضة للانتكاس، وأن هذه العوامل تزيد من فرصة المرض وتعيق تحسنه.
إساءة استعمال العقاقير والإدمان:
حيث دلت العديد من الدراسات على أن الذين يُدخنون الحشيش هم أكثر عرضة للإصابة بالفصام من غيرهم، وأن المدمنين على الكحول والمهدئات والمنشطات غالبا ما يصابون بالمرض نتيجة لتعاطيهم تلك الأدوية.
العوامل الكيميائية:
ويذهب من يقول بهذا المبدأ كسبب للفصام بأن المرضى بالفصام يُعانون حساسيةً مفرطةً لمستقبلات الدوبامين، والدوبامين عبارة عن مادة من النواقل العصابية التي تساعد على نقل الإشارات العصبية بين الخلية العصبية والأخرى، وأدى هذا بالعلماء أن المرض قد يتنج بسبب خلل في مواد كيميائية في المخ، ولكن هذه النظرية تعتبر عاملا ثانويا عند بعض الدارسين، حيث إن فرط الدوبامين في الدماغ يؤدي لتضييق الفكر ويحدده، بينما مرضى الفصام لديهم طلاقة في الفكر وتحلل في الترابط المنطقي.
التغييرات في تركيبة الدماغ:
حيث أظهرت التقنيات الحديثة مثل الرنين المغناطيسي على أن المصابين بمرض الفصام يعانون من صعوبة في ربط النشاط في المناطق المختلِفة من المخ ومن عدم التنسيق بينها.
تشخيص مرض الفصام يشخص المختصون المرض عن طريق سماع وتدوين تاريخ المريض من المريض شخصيا وممن يحيطون به ويتفاعلون معه يوميا، كما أنهم يعتمدون على الفحص السريري والأشعة السينينة في تشخيص المرض، ويقام تقييم خاص بمرضى الفصام وبأدوات تقييم خاصة، وتتم مراقبتهم لمدة لا تقل عن ستة أشهر قبل الجزم بالحالة.
علاج الفصام يلعب الاكتشاف المبكر لمرض الفصام دورا كبيرا في العلاج، حيث إن العلاج في بداياته يعد أسهل، والانتفاع منه يكون أكبر، أما كلما تطورت حالة المريض أصبح من الصعب علاجه، وقد يؤدي به ذلك إلى الموت أو إيذاء نفسه أو الآخرين.
يتم علاج مرضى الفصام عن طريقتين:
علاج أعراض المرض، وتحسين مستوى أداء الوظائف الاجتماعية، والعلاجين يرتبطون معا ارتباطا وثيقا.
تظهر الدراسات أن هناك إمكانية للشفاء الاجتماعي من المرض والقدرة على المضي قدما خصوصا لدى النساء، ولكن بعض أعراض المرض قد تبقى موجودة.
وإن شخصية الفرد ما قبل المرض ومدى توازنه وعزيمته لها دور كبير في الاستجابة للانتكاسات التي يتعرض لها المريض، حيث إن 87% من المرضى يشفون من الانتكاسة الأولى، و80% يعانون من انتكاسة ثانية خلال خمس سنوات، و8% لا يخرجون من الانتكاسة الأولى وتتدهور حالتهم مع استمرار الانتكاسات، و10% يموتون بالانتحار في حالات الانتكاسات الحادة، وبالتالي فإن علاج المرض يجب أن يكون مستمرا ومراقبا وغير منقطع حتى لا تحصل انتكاسات فتتدهور حالة المريض للأسوأ.
علاج المريض بالفصام يكون عادة في عياداتٍ خارجية للطب النفسي، أو قد يتطلب دخول المستشفى لفترة من الزمن، وذلك بحسب الحالة التي وصل إليها المرض، وما إذا كان يشكل خطرا على نفسه أم لا، وما إذا كانت البيئة التي يعيش فيها مناسبة للعلاج أم لا.
ويكون علاج المريض علاجا متكاملا عن طريق استخدام العقاقير الطبية، واستخدام العلاج النفسي الفردي للمريض، والتأهيل المجتمعي للمريض ليقدر على التّعامل مع الآخرين، وإشراك المريض في برامج العلاج الجماعي، وعمل الجلسات العائلية الإرشادية التي من شأنها دعم المريض ومساعدته على تخطي الانتكاسات.