نسائم الإيمان ومع فريضة الصلاة
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
لقد عظم الإسلام شأن الصلاة ورفع ذكرها وأعلى مكانتها ، فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، والصلاة أم العبادات ، والصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، فصلاح عمله وفساده موقوف بصلاح صلاته وفسادها .
وأنها الصلة بين العبد وربه، وهي السبيل الذي يجعل المؤمن يشعر بالراحة والطمأنينة، فإذا أداها بخشوع وأحسن القيام بكل شروطها من طهارة ووضوء ونية خالصة بالتوجه لله وحده فيها ، وهي عنوان صلاح المسلم .
وهى آخر وصايا النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى وأفضل الطاعات ، والصلاة هى أفضل الأعمال ، فقد النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام عن أفضل الأعمال فقال: ” الصلاة على وقتها ” رواه مسلم .
وإن من أعظم البر الصلاة فعن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال ” آول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة ” وقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة صلاته فإن تقبلت منه صلاته تقبل منه سائر عمله وإن ردت عليه صلاته رد سائر عمله ”
فصلاتنا آخر ديننا وهي أول ما نسأل عنه غدا من أعمالنا، فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين، فإذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام فكل شيء يذهب آخره فقد ذهب جميعه ، والصلاة كفارة للذنوبِ والخطايا ، والصلاة حفظ وأمان للعبد فى الدنيا والآخره .
وإن الإسلام قد عُني في كتابه وسنته بأمر الصلاة، وشدد كل التشديد فى طلبها، وحذر أعظم التحذير من تركِها ، فالصلاة عمود الدين، ومفتاح الجنة، وخير الأعمال، وأول ما يحاسب عليه المؤمن يوم القيامة، وهي مِن صفات المتقين ، والصلاة هي أجل عبادة في دين الإسلام بعد الإيمان بالله تعالى ، وقد فرضها الله تعالى على عباده بلا واسطة، ويؤكد المحافظة عليها في الحضَر والسفر، والأمن والخوف،
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى والمحافظة على الصلاة في أوقاتها مع جماعة المسلمين، واعلموا أنه لا دين لمن لا صلاة له، وسميت الصلاة صلاة لأنها الصلة بين العبد وبين مولاه، فلا تقطعوا صلتكم بمولاكم، فإن العبد إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه تبارك وتعالى، وقد وعد الله المصلين الذي هم على صلاتهم يحافظون بالفلاح والخلود في الفردوس
ولما كانت الصلاه عمود الدين، فقد وعد الله عز وجل أهلها بالفلاح والظفر في الدنيا والخلود في الفردوس الأعلى في الآخرة، وعظم ذلك على عدو الله إبليس وقال ما رأيت قوما مثل هؤلاء، أصيب منهم ثم يقومون إلى الصلاة فيمحي عنهم ذلك فجد واجتهد في التنفير منها وتثقيلها على النفوس حتى تهاون بها الكثير من الناس، ولم يقدروا لها قدرها .
أما علم هؤلاء أنها ركن الإسلام الثاني بعد الشهادتين، وأن الإسلام يبيح دم تاركها جحودا ، وقد أمر الله عز وجل بقتلهم حتى يتوبوا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ”
وقال ابن القيم رحمه الله ” لا يختلف المسلمون أن تولى الصلاة الفريضة عمدًا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنى والسرقة وشرب الخمر وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة .
ثم ذكر اختلاف العلماء في كيفية قتل تارك الصلاة فقال بعضهم: يقتل ضربًا بالسيف، وهذا قول جمهور العلماء، وقالت بعضهم: يقتل ضربا بالخشب حتى يصلي أو يموت وهذا قول بعض الشافعية، وقال بعضهم: ينخس بالسيف حتى يموت، وبعضهم يرى أن يحبس حتى يتوب أو يموت .
وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله ”
فجعل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع الإتيان بالشهادتين عاصمين للدم والمال، كما أن جحدها مهدر للدم والمال، فاعلم أخي السلم أن حظك من الإسلام وقدر الإسلام عندك بقدر حظك من الصلاة وقدرها عندك، واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك ، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” الصلاة عمود الدين”
وإذا كانت الصلاة عمود الإسلام فهل يستقيم لك الإسلام بلا عمود؟ ألا ترى أن البيت إذا سقط عموده سقط كله ، فحافظوا على الصلاة، واتقوا الله فيها وتعاونوا عليها وتناصحوا فيما بينكم واحذروا الغفلة عن الصلاة، والتهاون بها حتى يخرج وقتها، أو أن تتكاسلوا عن أدائها مع الجماعة أو تغفلوا عمن تحت أيديكم ولا تحثوهم عليها ولا تغلظوا عليهم القول بالأمر بأدائها فإن الله أمركم بذلك .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنه ، فقد كان يقول لبلال رضي الله عنه “أرحنا بالصلاة يا بلال”، وكان يقول صلى الله عليه وسلم “ وجُعلت قرة عيني في الصلاة”، وقد سألت السيده عائشة رضي الله عنها ، ما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، يصنع في أهله، فقالت: كان في مهنة أهله ، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة ” رواه البخارى .
ولعظم شأن الصلاة فإنها هي الوحيدة التي فرضت من فوق سبع سماوات، وهي أول ما يحاسب عنه المرء يوم القيامة ، فإن صلحت صلح سائر العمل، وإن فسدت فسد سائر العمل، وهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل ذكرا أو أنثى، وهي تجب في كل حال في الصحة والمرض والإقامة والسفر والأمن والخوف وعلى قدر الاستطاعة.
ولقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه فقد أقواما في الصلاة فقال: “ما بال أقوام يتخلفون عن الصلاة فيتخلف لتخلفهم آخرون ليحضروا إلى المسجد أو ليبعثن إليهم من يجافي رقابهم”
وعن عبدالله بن أم مكتوم أنه قال: يا رسول الله إني شيخ ضرير البصر، شاسع الدار وبيني وبين المسجد نخل وواد فهل من رخصة إن صليت في بيتي؟ فقال له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” أتسمع النداء، قال: نعم، قال أجب ” فكيف بنا يا عباد الله نرى الشوارع ملأى بالناس وما يحضر الصلاة في المساجد إلا القليل .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ” من سره أن يلقى الله غدا مسلما ،فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم فى بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف فى بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم .
وما رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد الى المسجد من هذه المساجد ، إلا كتب له بكل خطوه يخطوها حسنه ويرفعه بها درجه ويحط عنه بها سيئه ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام فى الصف “رواه مسلم .
فينبغي على المسلم أن يحافظ عليها ، فبها يسعد في دنياه وأخراه ويدخل جنة ربه ومولاه، فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “خمس صلوات كتبهن الله على العباد ، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة”.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة ” قال: يقول ربنا عز وجل للملائكة وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها ، فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا، قال: انظروا هل لعبدي من تطوع ، فإن كان له تطوع، قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك ” رواه أحمد .