نسائم الإيمان ومع السيده أسماء بنت يزيد
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
الصحابيّة الجليلة أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرؤ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث الأنصارية الأوسية الأشهلية، وتكنى بأم سلمة، وقيل: بأم عامر، وهى ابنة عم الصحابيّ الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، وأما أبوها فهو يزيد بن السكن، فقد استشهد في غزوة أحد، واستشهد أيضا أخوها عامر بن يزيد الذي جعل جسمه ترسا يدافع به عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوة نفسها، فلما بلغها استشهادهم خرجت تسأل عن حال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فلما رأته سالما قالت: كل مصيبة بعدك يا رسول الله هيّنة، وعرفت بحُسن نطقها، وبفصاحتها، وقوة البيان والحُجة والخطابة لديها.
وكانت ذات عقل ودين، فقد كانت تذهب إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بأسئلة النساء ليجيب عنها، وكانت من أهم ملامح شخصية أسماء بنت يزيد، هو الجرأة في الحق، فقد كانت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الحلال والحرام، وهو يتعجب من حسن بيانها وشجاعتها، وأيضا من أهم ملامح شخصيتها هو حسن المنطق والبيان، فقد كان يطلق عليها خطيبة النساء، وكانت أيضا من أهم ملامحها هو الشجاعة، وقد شهدت اليرموك وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود فسطاطِها وعاشت بعد ذلك دهرًا، وكان من مواقف السيده أسماء بنت يزيد مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
أنها أتت السيده أسماء الى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو بين أصحابه فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، إن الله عز وجل بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز وجل، وإن الرجل إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مجاهدًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم، أفما نشارككم في هذا الأجر والخير.
فالتفت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: “هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟” فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إليها فقال: ” افهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله” فانصرفت المرأة وهي تهلل، وقد عُني الإسلام بالمرأة وكرمها حق التكريم، فكرمها وليدة، وكرمها بنتا، وزوجة، وأماً، وأختا، وقد ذكر القرآن الكريم في آياته عددا من النساء ممّا كان لهن الدور البارز في تاريخ البشرية.
كحواء، وأم موسى، ومريم بنت عمران وغيرهن، كما أن القرآن ذكر إجابات عن أسئلة النساء، أو حلا لمشاكلهن، وقد نزلت آيات في عدد من النساء كما نزلت آيات أخرى في عدد من الرجال، وقد تم تخصيص سور من القرآن الكريم في النساء، منها سورة النساء، وسورة الطلاق، وقد أقر الإسلام للمرأة حقوقا لم تكن تعرفها من قبل، كما أنه احترم رأيها واستمع إليه، وفي التاريخ الإسلامي هناك نماذج لنساء كن خير قدوة حَسنة، وخير أسوة طيبة لغيرهن من النساء، فكان منهن خطيبة النساء، فمن هي خطيبة النساء؟ لقد أسلمت السيده أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية على يد الصحابي الجليل مصعب بن عُمير.
رضي الله عنه، وهي أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم ومعها كبشة بنت رافع أم سعد بن معاذ، وأختها حواء بنت يزيد بن السكن، وقد كانت أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، تعتز بأنها كانت من اللاتي سبقن إلى مبايعة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت تقول: أنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من بعض ما روت السيده أسماء بنت يزيد عن رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنها قالت أسماء بنت يزيد: مر بنا رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن في نسوة فسلم علينا وقال: “إياكن وكفر المنعمين” فقلنا: يا رسول الله، وما كفر المنعمين؟
قال: “لعل إحداكن أن تطول أيمتها بين أبويها وتعنس، فيرزقها الله عز وجل زوجًا ويرزقها منه مالاً وولدًا فتغضب الغضبة، فراحت تقول: ما رأيت منه يوما خيرا قط، وقال مرة: خيرا قط” وقد روي الإمام أحمد عدة أحاديث لها ومنها عن أسماء بنت يزيد عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: ” العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة” وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “إني لست أصافح النساء” وعن أسماء بنت يزيد أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: “ألا أخبركم بخياركم؟” قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “الذين إذا رءوا ذكر الله تعالى”
ثم قال: “ألا أخبركم بشراركم؟ المشاءون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت” وعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: “من بنى لله مسجدًا فإن الله يبني له بيتًا أوسع منه في الجنة” وعن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية رضي الله عنها قال: لما مات سعد بن معاذ صاحت أمه، فقال لها رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك، فإن ابنك أول من ضحك الله إليه واهتز له العرش” وعن أسماء بنت يزيد قالت: دعي رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى جنازة رجل من الأنصار.
فلما وضع السرير تقدم نبي الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ليصلي عليه ثم التفت فقال: “على صاحبكم دين؟” قالوا: نعم يا رسول الله، ديناران، قال: “صلوا على صاحبكم” فقال أبو قتادة: أنا بدينه يا نبي الله، فصلى عليه، وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والرجال والنساء قعود عنده فقال: “لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها” فأزم القوم فقلت: أي والله يا رسول الله، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن، قال: “فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون”.
وقد شهدت السيده أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كلا من غزوتي الخندق وغزوة خيبر، وخرجت معه في غزوة الحديبية، وبايعت بيعة الرضوان، وفي السنة الثالثة عشرة من الهجرة النبوية خرجت إلى بلاد الشام، لتشارك في معركة اليرموك في الشام، وكانت مشاركتها مع النساء من خلال سِقاية الجرحى وتضميدهم، وفي ضرب من يَفرّ من المعركة من جنود الإسلام، ومن القصص التي تُروى في شجاعتها أنها اقتلعت عمود الخيمة وأخذت تضرب به رؤوس الروم حتى قتلت يومها تسعة من جنودهم، وتوفيت السيده أسماء في حدود السبعين هجرية.
وقبرها في دمشق بالباب الصغير، فكانت الصحابيّة الجليلة أسماء بنت يزيد رضي الله عنها غير معروفة لجميع الناس، والكثير من المسلمين في هذا العصر لم يسمعوا بها، إلا أن حياتها كانت حافلة بالعطاء والتميز، وقد توفيت أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها في سنة سبعين من الهجرة النبوية الشريفة، بعد أن عاشت في كنف الدولة الإسلامية مدة طويلة من الزمن، وقد عاصرت العديد من الخلفاء، وتم دفنها بعد وفاتها في مدينة دمشق بمنطقة تسمى بالباب الصغير.