نسائم الإيمان ومع السيده أم شريك
إعداد / محمـــد الدكـــــرورى
الصحابيه أم شريك، وكانت من السباقين لدخول الإسلام، وهى أم شريك الأنصارية، وهى الصحابية التي رواها الله من ماء السماء، وهي غزية بنت جابر بن حكيم قيل أنها كانت من بني النجار من قبيلة الخزرج، والأوس والخزرج قبيلتان من قبائل مازن بن الأزد، وقد هاجرت إبان انهيار سد مأرب، وهذا مُختلف فيه، لتستوطن يثرب أو ما يعرف اليوم بالمدينة المنورة في الحجاز، وقد اشتهرت هاتين القبيلتين بالأنصار لأنهم من نصروا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قام الرسول بالمؤاخاة بينهم وبين المهاجرين، وهم اليوم يلقبون بالأنصار، وقيل أنها من دوس من قبيلة زهران.
وقبيلة زهران هى قبيله من قبائل العرب، وقيل من بني غفار من قبيلة كنانة، وقبيلة بني كنانة بكسر الكاف وفتح النونين، وواحدهم هو الكِناني، وهى قبيلة خندفية مضرية عدنانية ينتمي إليها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وموطنها الأصلي في السعودية ويتواجد معظمه أفرادها اليوم في العراق والأردن ومصر والسودان والأحواز وفلسطين وبشكل أقل في تونس والمغرب وسوريا واليمن، وقيل فى أم شريك الأكثر على أنها من بني معيص بن عامر بن لؤي من قبيلة قريش، وتنتسب قبيلة قريش كما هو مجمع عليه وباتفاق النسابين إلى نبي الله إسماعيل بن النبي إبراهيم عليهما السلام.
وقد جاء في صحيح مسلم: “إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم”، وقال ابن القيم في زاد المعاد في ما بعد عدنان من النسب: ” إلى ها هنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين ولا خلاف فيه البتة وما فوق عدنان مختلف فيه، ولا خلاف بينهم أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام ” وأم شريك هي صحابية مختلف جدا في نسبها وهبت نفسها للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي التي وهبت نفسها للنبي قيل تزوجها أو خطبها وقيل لا، وعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال وقع في قلب ام شريك الإسلام فاسلمت وهي بمكة .
وكانت تحت أبي العكر الدوسي ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرا فتدعوهن وترغبهن في الإسلام حتى ظهر امرها لاهل مكة فاخذوها وقالوا لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا لكنا سنردك إليهم، قالت فحملوني على بعير ليس تحتي شيء ثم تركوني ثلاثا لا يطعموني ولا يسقوني وكانوا إذا نزلوا منزلا أو ثقوني في الشمس واستظلوا هم منها وحبسوني عن الطعام والشراب فبينا هم قد نزلوا منزلا واوثقوني في الشمس إذا انا ببرد شيء على صدري فتناولته فاذا هو دلو من ماء أحلى من العسل و أبرد من الثلج فشربت منه قليلا ثم نزع مني فرفع ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع ثم عاد فتناولته ثم رفع مرارا ثم تركت فشربت
حتى رويت ثم افضت سائره على جسدي وثيابي فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء ورأوني حسنة الهيئة فقالوا لي انحللت فاخذت سقاءنا فشربت منه قلت لا والله لكنه كان من الأمر كذا وكذا قالوا لئن كنت صادقة لدينك خير من ديننا، فلما نظروا إلى اسقيتهم وجدوها كما تركوها فاسلموا عند ذلك واقبلت إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فوهبت نفسها له بغير مهر فقبلها وخطبها، ولم ينتشر الإسلام على سنان الرمح، ولم تكن رهبة السيف سبب وقره في قلوب الناس، إنما لعظمته وتكامل عقيدته و شريعته، وعدم تناقضهما مع الفطر والعقول السوية، فحتى أولئك المكابرين الذين أسلموا بعد لَأْي من معارضته ومحاربة معتنقيه.
ولم ينطقوا الشهادتين إلا عن قناعة، بعد تضعضع حجج أباطيلهم أمامه، واليوم سنحتفي بلقاء صحابية جليلة صدقت الرسالة، ونذرت عمرها فداء لها، فلاقت في سبيل ذلك أنكى أنواع التعذيب، لكنها صبرت واحتسبت، حتى نالت كرامة الله، وأسلم على يدها الكثير، هي أم شريك غزية الأنصارية رضي الله عنها، وقد كانت من بين السباقين إلى الدخول في الإسلام من أهل مكة المكرمة، هي وزوجها أبو العكر الدوسي رضي الله عنهما، فهاجر هذا الأخير مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وبقيت هي في مكة تكتم إسلامها، وعندما رأت ما حل بالمسلمين المستضعفين من اضطهاد وتضييق.
وقد عقدت العزم على نصرة دين الله، وحملت هم الدعوة إليه، فأصبحت تفد على نساء مكة المكرمة، وتدعوهن في سرّية إلى الاسلام، حتى وُشِي بها واكتشف الكفار أمرها، فاستطارت جنان عقولهم، وكادوا يقتلونها، لولا تحالفهم مع قومها، لكنها بقيت ثابتة على دينها مشيحة بوجهها عن دعوتهم لها لترك الإسلام، وتروي عن نفسها رضي الله عنها كما جاء في الطبقات لابن سعد فتقول: “جاءني أهل أبي العكر فقالوا: لعلك على دينه، فقلت: إي والله، إني لعلى دينه، فقالوا: لا جرم لنعذبنك عذابا شديدا، تقول: فارتحلوا بنا من دارنا وكنا بذي الخلصة وهو موضعنا، فساروا يريدون منزلا فحملوني على جمل ثقال شر ركابهم.
وأغلظهم، يطعموني الخبز بالعسل، ولا يسقونني قطرة ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس ونحن قائضون، نزلوا فضربوا أخبيتهم وتركوني في الشمس، حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري، ففعلوا ذلك بي ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه، قالت: فما دريت ما يقولونه إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بأصبعي إلى السماء بالتوحيد، فوالله إنّي لعلى ذلك وقد بلغني الجهد، إذ وجدت برد دلو على صدري فأخذته، فشربت منه نفسا واحدا ثم انتزع مني، فذهبت أنظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض، فلم أقدر عليه ثم دُلّي إليّ ثانية فشربت منه نفسا ثم رفع، فذهبت أنظر فإذا هو بين السماء والأرض.
ثم دُليّ إليّ مرة ثالثة، فشربت منه حتى رويت وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، قالت فخرجوا فنظروا وقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟ قالت فقلت: إن عدو الله غيري من خالف دينه، وأما قولكم من أين هذا، رزقا رزقنيه الله، فانطلقوا سراعا إلى قربهم وأدواهم فوجدوها موكّأة لم تحل، فقالوا نشهد أن ربّك هو ربّنا، وأن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع، بعد أن فعلنا بك ما فعلنا، هو الذي شرع الإسلام، فهاهي أم شريك بصبرها وثباتها، تعضدها يد الله وتسقيها من ماء السماء، فتقذف الرعب في قلوب الكافرين بعدتهم وتعدادهم، وتجبرتهم على الإقرار بدين الحق بعد مكابرة وتجبّر.
والإلتحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وقد قيل أنها أقبلَت أم شريك إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ووهبت نفسها له بغير مهر، فقبلها ودخل عليها، فلما رأى عليها كبرة طلقها، وقيل أنها هاجرت أم شريك الدَّوسيّة، فأقبلت تطلب من يصحبها إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فلقيت رجلا من اليهود، فقال: ما لك يا أم شريك؟ قالت: أطلب من يصحبني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: تعالي فأنا أصحبك؛ فصحبت يهوديا في الطريق، فأمست صائمة، فقال اليهودي لامرأته لئن سقيتها لأفعلن.
فباتت كذلك حتى إذا كان في آخر الليل إذا على صدرها دلو موضوع، وصفن، والصَّفن، مثل الجراب أو المزود، فشربت، ثم بعثتهم للدلجة، فقال اليهودي إني لأسمع صوت امرأة، لقد شربت، فقالت لا والله أن سقتني، وكانت لها عكّة تعيرها من أتاها فاستامها رجل فقالت: ما فيها رُبّ، فنفختها فعلقتها في الشمس فإذا هي مملوءة سمنا، فكان يقال: ومن آيات الله عكّة أم شريك، وعن جابر، عن أم شريك أنها كانت عندها عكة تهدي فيها سمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فطلبها صبيانها ذات يوم سمنا فلم يكن فقامت إلى العكة لتنظر فإذا هي تسيل.
قال: فصبّت لهم منه فأكلوا منه حينًا ثم ذهبت تنظر ما بقي فصبته كله ففني، ثم أتت رسول الله فقال لها: “أصببته؟ أما إنك لو لم تصبّيه لقام لك زمانا ” وفيما جاء في روايات أخرى أنه رفضها صلى الله عليه وسلم، فلم تتزوج حتى ماتت، وروى موسى بن محمد بن إبراهيم التيميّ، عن أبيه، قال: كانت أم شريك من بني عامر بن لؤي معيصيّة وهبت نفسها للنبي فلم يقبلها فلم تتزوّج حتى ماتت، رضي الله عنها وأرضاها وجعل الفردوس مثواها.