نسائم الإيمان ومع آمنه بنت محصن الأسدى
إعداد / محمـــد الدكـــــرورى
إن التضحية فى سبيل الله عز وجل، شئ عظيم وهي بذل كل ما يستطيع المسلم تقديمه وبذله من النفس والمال، والوقت والحياة والجهد، وكل شيء ابتغاء مرضاة الله تعالى وفي سبيله، لأجل إعلاء دينه سبحانه، وسيادة شرعه، وإظهار الحق، وكسر شوكة الباطل، ونشر الإسلام، وهداية الناس إلى صراط الله المستقيم، ليفوزوا بسعادة الدارين، ولقد اقتضت حكمة الله عز وجل ومشيئته أن تكون الأمة الإسلامية ذات رسالة سامية، وحاملة أمانة عظيمة وثقيلة، ألا وهي أستاذية العالم وقيادة البشرية، والأخذ بيدها إلى الطريق المستقيم، ومعنا صحابيه جليله من صحابيات النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وهى آمنة بنت محصن الأسدي هي صحابية جليلة، وهى أم قيس بنت محصن بن حرثان بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي وكنيتها أم قيس وهي أخت عكاشة بن محصن الأسدي وكانت من المهاجرات الأوليات، ويقال إن اسمها أمية، وآمنة بنت محصن، هي أُخت عكاشه بن مِحصن وهو من أهل بدر حلفاء حرب بن أُميّة، وكان عكاشة بن مِحصَن، صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، ومن المهاجرين، وقد قُتل في حروب الردة في معركة بزاخة، وتوفى فى السنه الحادية عشره من الهجره، وكان عُكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس الأسدي حليفا لبني عبد شمس بن عبد مناف.
وقد أسلم عكاشة قديما، فكان من السابقين إلى الإسلام، وقد هاجر عكاشة إلى يثرب، وشهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها، وقد أبلى في غزوة بدر بلاء حسنًا، وحتى انكسر في يده سيفه، كما استعمله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على سريتين الأولى في ربيع الأول سنة سته من الهجره، إلى بني أسد في أربعين رجلاً، فغنم منها دون أن يلق قتال، والثانية في ربيع الآخر سنة تسعه من الهجره، إلى أرض بني عذرة وبلي، وقد بشّره النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه ممن يدخلون الجنة بغير حساب، وبعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
قد ارتدت معظم القبائل العربية عن الإسلام، فخرج عكاشة في حروب الردة، وكان في جيش خالد بن الوليد الذي خرج لقتال بني أسد، ولما وصل خالد بُزاخة، بعث عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم على فرسيهما ليتحسسا أخبار بني أسد، فلقيا طليحة بن خويلد وأخوه سلمة بن خويلد، فقتل طليحة وأخوه عكاشة وثابت قُبيل معركة بزاخة التي وقعت سنة الحادية عشره من الهجره، وكان عمر عُكاشة حين قُتل خمسه وأربعين سنة، وكان من أجمل الرجال، وله رواية للحديث النبوي عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رواها عنه أبو هريرة وعبد الله بن عباس، وهو صاحب الحديث سبقك بها عكاشة وهي من الأمثال الشائعة.
وهو من كلام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لمّا ذكر الذين يدخلون الجنة بغير حساب، قام إليه عكاشة بن محصن، فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال صلى الله عليه وسلم : ” نعم، أنتم منهم يا عكاشه ” فقام رجل آخر فقال مثل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ” سبقك بها عكاشة ” وقد أسلمت أم قيس بمكة قديما، وبايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة مع أهل بيتها، وقيل أن أم قيس بنت مِحْصن الأسدية، أى هى من أسد خزيمة، وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل أنها أتت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بابن لها قد أعلقت عليه من العُذرة، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ” علام تذغرن أولادكن بهذا العلاق، عليكم بالعود الهندى، فإن فيه سبعة أشفيه، منها ذات الجنب”، وهو صلى الله عليه وسلم، يريد الكُست، وهو العود الهندي، وعن أم قيس بنت مِحصن أنها قالت: دخلت بابن لي على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، لم يأكل الطعام، فبال عليه، فدعا بماء فرشه عليه، قال أبو عمر: روى عنها من الصحابة، وابصة بن مَعبد، وعن أبي الأسود، عن دُرَّة بنت معاذ أنها أخبرته عن أم قيس أنها سألت النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنتزاوَرُ إذا متنا، يزور بعضنا بعضا؟
فقال صلى الله عليه وسلم : ” يكون النسم طائرا يعلق بالجنه، حتى إذا كان يوم القيامه دخل كل نفس فى جثتها ” وقال العقيلي، إن أم قيس هذه أنصارية، وليست بنت محصن، وعن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الحسن مولى أم قيس، عن أم قيس، قالت: تُوفي ابن لي فجزعت، فقلت للذي يغسله: لا تغسل ابني بالماء البارد فتقتله، فذكر ذلك عكاشة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: ” ما لها طال عمرها، قال فلا نعلم امرأه عمرت ما عُمرت، وقد ذكرها عدد من العلماء في كتبهم، فذكرها الإمام ابن حجر العسقلاني : وقال عنها صحابية مشهورة، وقد ذكرها الإمام الذهبي.
وقال عنها من المهاجرات الأوائل، وقد ذكرها الإمام المزي، وقال عنها لها صحبة، وهى صحابية جليلة من المهاجرات الأوليات، تلقّب بأم قيس، وأخت الصحابي الجليل عكاشة بن محصن، وقد أسلمت آمنة بمكة المكرمة قديماً، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة المنورة مع أهل بيتها، فكانت من المهاجرات الأُوائل اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقيل أنها روت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حديثان، وروي عن أم قيس بنت محصن قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعكاشة ابن أربع وأربعين سنة.
هذا ولم نعثر على ترجمة واضحة لآمنة تبين عمرها وتاريخ وفاتها، ورغم ذلك فقد اعتبرت بأنها صحابية مهاجرة وفي أسمى مراتب العدالة والتوثيق، وهكذا هو جيل الصحابه الكرام من أجل أداء هذه الرسالة وتلك الأمانة، أمرهم الله عز وجل بالجهاد، إذ إنها تكليف قبل أن تكون تشريفا، وحيث أُمِروا بالجهاد لنصرة الدين، وهداية العالمين، فإن التضحية من لوازمه، بل لا يمكن أن تتحقق ثمرة، أو تحصل نصرة مع غياب التضحية، وهكذا فهم المسلمون الأوائل وطبقوا هذا الفهم الذي رباهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فظهر الدين مع كره الكافرين، وتبوأت الأمة مكانتها التي اختارها الله لها، وقامت بأداء الأمانة خير قيام، فعم الضياء وتبدد الظلام، وسعد جميع الأنام بقيادة أمة الإسلام.