معنى التطرف
معنى التطرف
بقلم / محمد سعيد أبوالنصر
فِي خِضَمِّ أحداثِ العُنفِ المتلاحِقةِ ،ومَوْجاتِ الغلو والتطرُّفِ التي يُعاني العالمُ اليومَ آلامَها ،والتي أَلْقَتْ بظِلالِها الكئيبة الكَثيفةِ، على كثيرٍ مِن دُوَلِ العالمِ، لا يمرُ يوم دون أنْ تطالعَنا وسائل الأعلامِ المسموعة والمرئية والمقرؤة عن قيامِ فرد أو مجموعة بأحد الأعمال الإرهابية التي تبعثُ الرعبَ، وتثيرُ الفزعَ وتروعُ الآمنين، وتقتلُ الأبرياء، وتدمرُ الأموال والممتلكات العامة والخاصة، وتخل بأمنِ وسلامة ِالمرافقِ العامة التي تخدمُ ملايين الناس في شتي أنحاء المعمورة. ، إنَّ الحديث عن التطرف والإرهاب هو حديث الساعة ، ومِنْ المواضيع الملحة على الساحة، وهو الأمر الذي يدعونا للبحث فيه والوقوف على حقيقته فما هو التطرف ؟وما حقيقته ؟ ومتى نشأ؟ وما هي أسبابه وماذا ينتج من آثار؟ وكيف نعالجه ؟
1- معنى التطرف :
يُعد مفهوم التطرف من المفاهيم التي يصعب تحديدها ، أو إطلاق تعميمات بشأنها نظرًا لما يشير إليه المعنى اللغوي للتطرف من تجاوز لحد الاعتدال ، وحد الاعتدال نسبي يختلف من مجتمع لآخر وفقًا لنسق القيم السائد في كل مجتمع ،فما يعتبره مجتمع من المجتمعات تطرفًا من الممكن أنْ يكون مألوفًا في مجتمع آخر فالاعتدال والتطرف مرهونان بالمتغيرات البيئية والحضارية والثقافية والدينية والسياسية التي يمر بها المجتمع ، كما يتفاوت حد الاعتدال والتطرف من زمن لآخر ، فما كان يُعد تطرفًا في الماضي قد لا يكون كذلك في الوقت الحاضر
ـ أ-التطرف في اللُّغَةِ:
قال ابن فارس : (طرف) الطاء والراء والفاء أصلان: فالأوَّل يدلُّ على حدِّ الشيء وحَرفهِ، والثاني يدلُّ على حركةٍ في بعض الأعضاء. فالأوَّل طَرَفُ الشيء والثوب والحائط. ويقال ناقةٌ طَرِفَة: ترعى أطرافَ المرعَى ولا تختلطُ بالنُّوق. وأمَّا الأصل الآخر فالطَّرْف، وهو تَحريك الجفون في النَّظَر. هذا هو الأصل ثم يسمُّون العينَ الطَّرْف مجازًا. ولذلك يسمَّى نجمٌ من النُّجُوم الطَّرْفة، كأنَّه فيما أحسب طرْفُ الأسَد. ومجمل كلام ابن فارس أن لكلمة التطرف معنيان ،الأول : الحركة في بعض الأعضاء. ، الثاني : حد الشيء وحرفه ، وهذا المعنى الذي نريد.
قال الجصاص :” طَرَفَ الشَّيْءِ إمَّا أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَهُ أَوْ نِهَايَتَهُ وَآخِرَهُ وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَا قَرُبَ مِنْ الْوَسَطِ طَرَفًا “،فالتطرف في اللُّغَةِ يعني :الوقوف في الطرف ،بعيدًا عن الوسط ،وأصله في الحسيات ،كالتطرف في الوقوف أو الجلوس أو المشي ،ثم نقل إلى المعنويات كالتطرف في الدين أو الفكر أو السلوك ، ومن لوازم التطرف أنَّه اقرب إلى المهلكةِ وأبعد عن الحمايةِ والأمانِ وفي هذا قال الشاعر
كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت بها الحوادث حتى أصبحت طرفا
ب- التطرف اصْطِلَاحًا:
يُعرف التطرف بأنه: الغلو في عقيدة أو فكر أو مذهب أو غيره مما يختص به جماعة أو حزب”
وينظر إلى التطرف بأنه إحساس المرء بأنه يمتلك كل الحقيقة، مما يخلق عنده قناعة تامة بصواب ما عنده وخطأ ما عند الآخرين مما يدفعه إلى التصرف في اتجاه تصويب الآخرين وإقناعهم بوجهة نظره
ويحدده عزت سيد إسماعيل ” بأنَّه صيغة من صيغ التعصب مع نوع من المغالاة في الاتجاهات التي يعتنقها المتطرف مصحوبة بشحنات انفعالية حادة يمكن أنْ تستثير في ظروف خاصة سلوكًا
عدوانيًا عنيفًا
وتعرفه ” أمينة الجندي ” بأنَّه الإفراط والغلو والتشدد والتزمت، سواء في الفكر أو السلوك أو كليهما، ومن ثم فالتطرف هو مجاوزة حد الاعتدال مع الإفراط ، بمعنى تجاوز الأُطر الفكرية أو المعايير السلوكية المقبولة في المجتمع”
ويعرفه ” محمد أحمد عبدالخالق ” بأنه : ميل أو انحراف سلوكي تدميري، تحرف فيه المبادئ ، وتعطى قيمًا عكسية تتمثل في محو الآخر ، ولعل هذا هو ما أُشير إليه على أنَّه السلوك الشاذ أو الخروج عن التوسط والاعتدال “.
ويعرف ” عاطف أحمد فؤاد ” التطرف من المنظور النفسي والاجتماعي ، بأنه ” انتهاك للقيم الاجتماعية والسياسية القائمة ،ويتدرج هذا الانتهاك من مجرد الخروج عن الفكر والأيدلوجية السائدة ، إلى صورة أكثر تجسيدًا كما في أعمال العنف التي تمارسها الجماعات المتطرفة ”
ويعرفه ” سمير أحمد نعيم ” بأنه ” أسلوب مغلق في التفكير يتسم بعدم القدرة على تقبل أية معتقدات تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة أو التسامح معها ، ويتسم هذا الأسلوب بنظرة إلى المعتقد تقوم على أن المعتقد صادق صدقًا مطلقًا وأبديًا ، يصلح لكل زمان ومكان ، لا مجال لمناقشته ولا للبحث عن أدلة تؤكده أو تنفيه ، على إدانة كل اختلاف عن المعتقد، وفرض المعتقد على الآخرين بالقوة والرجوع إلى المعتقد عند تفسير أي قضية في الكون ، ومواجهة الاختلاف في الرأي أو التفسير بالعنف “.
أما ” سعد الدين إبراهيم ” فيرى أنَّه ” مفهوم إحصائي يعني تجاوز الوسط أو البعد عن الوسطية وليس من اللازم أنْ ينطوي هذا التجاوز في كل أمر أو كل حالة ”
في حين يعرفه ” جلال محمد سليمان ” بأنَّه ” تحول في الشخصية يعبر عن الرفض والاستياء تجاه ما هو قائم بالفعل في المجتمع ، وهناك مجموعة من الخصائص المميزة لشخصية المتطرف مثل السيطرة والمغايرة وضعف الأنا، مما تدفعه إلى أساليب متطرفة في السلوك ”
أما ” مصطفى عمر البتر ” فيراه ” حالة من التشبث بالرأي الخاص ومعارضة الحوار والنقاش مع أيدلوجيات يؤمن بصدقها إيمانًا مطلقًا ولا يسمح بالتشكيك فيها ويعمد إلى تفسير الظواهر و الأحداث في ضوء الأيدلوجية المسيطرة
بينما يعرفه ” علي محمود ليلة ” بأنَّه : “حالة من التعصب للرأي ، لا يَعْرف معها المتطرف مقاصد الشرع ولا ظروف العصر ، ولا يفتح نافذة للحوار مع الآخرين ولا يوازن ما عنده بما عندهم ،ثم يأخذ بما هو أنصع برهانًا وأرجح ميزانًا ”
أما ” خالد إبراهيم الفخراني ” فيرى أنَّه ” انتهاك القيم الاجتماعية والسياسية للمجتمع بالخروج عنها ، وهو أحد مظاهر اضطرابات الشخصية التي تكون ناتجة عن الضغوط والصراعات النفسية التي يتعرض لها المتطرف خلال حياته”
وتؤكد ” أسماء فاروق محمود ” على أن التطرف هو ” أسلوب مغلق في التفكير الذي يتسم بعدم القدرة على تقبل أي معتقدات أو آراء تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة المتطرفة”.
كما يشير ” لارسون LARRSON )” إلى أنَّ المتطرف “يرفض ما هو قائم في المجتمع وينتهج مجموعة من الأساليب المتطرفة في السلوك كالتعصب والتصلب والجمود الفكري والنفور من الآخرين”.
واتجه ” بلودر BLODER” إلى تعريف التطرف بأنه ” اتخاذ الفرد موقفًا متشددًا يتسم بالقطيعة في استجاباته للمواقف الاجتماعية التي تهمه والموجودة في بيئته التي يعيش فيها ، وقد يكون التطرف ايجابيًا في القبول التام أو سلبيًا في اتجاه الرفض التام ، ويقع حد الاعتدال في منتصف المسافة فيما بينهما “.
وفي قاموس وبستر أنَّ التطرف” يشير الى الابتعاد بشدة عما هو منطقي ، أو معقول أو مقبول ،كالتطرف في الرأي الخ، وتشير كلمة Extreme الى ناحيتين تكونان متناقضتين ومتباعدتين في المسافة مثل انفعال الألم او السرور
ويعرفه محمد السماك بقوله : “التطرف حالة فكرية إلغائية للآخر المختلف “( ) “فالتطرف تجاوز الاعتدال، ومفهوم الاعتدال نسبي ،وغير محدد ،فما يعده مجتمعًا ما ضربًا من الاعتدال قد لا يعده مجتمعه آخر اعتدالًا. فكثير من الأنبياء في عصورهم والفلاسفة والعلماء والمبتكرين في مجتمعاتهم كان يُنظر إليهم على أنهم متطرفون ، وكان السبب في ذلك استباقهم لتلك العصور وهذه
المجتمعات” .
ج-التطرف في مفهوم علماء الاجتماع “أو المفهوم الاجتماعي للتطرف” :
هناك العديد من التعريفات التى من خلالها حاول علماء الاجتماع ، وعلماء النفس تحديد مفهوم التطرف، وجاءت تعاريفاتهم على النحو التالي :
عرف ” علي محمود ليلة” التطرف بأنَّه ” حالة من التعصب للرأي تعصبًا لا يعترف معه بوجود الآخرين ،وجمود الشخص على فهمه جمودًا لا يسمح له برؤية واضحة لمصالح الخلق ولا مقاصد الشرع ، ولا ظروف العصر ، ولا يفتح نافذة للحوار مع الآخرين وموازنة ما عنده بما
عندهم والأخذ بما بعد ذلك يراه أنصع برهانًا وأرجح بيانًا ”
ويعرفه محمد محمود بأنَّه :” أسلوب مغلق للتفكير يتسم بعدم القدرة على تقبل أيْ معتقدات تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة أو على التسامح معها ”
وتعرفه ليلى عبد الستار بأنَّه ” ليس مجرد مجاوزة حد الاعتدال أو الخروج عن المألوف ،وإنَّما هو مرتبط بالجمود العقلي ، والانغلاق الفكري ، وهذا هو في الواقع جوهر الاتجاه العام الذي تتمحور حوله كل الجماعات المسماه المتطرفة إذ أن التطرف بهذا المعنى هو أسلوب مغلق للتفكير الذي يتسم بعدم القدرة على تقبل أي معتقدات أو آراء تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة “.
د-التطرف كظاهرة اجتماعية :
التطرف كظاهرة اجتماعية قد يظهر في صور متباينة ، منها التطرف السياسي ، والتطرف الاجتماعي ، والتطرف الفكري ، والتطرف الفني ، والتطرف الديني .ويتميز هذا الشكل الأخير ” التطرف الديني ” بالميل إلى التشدد والمغالاة في الممارسات والسلوك الديني وبالعنف والعدوانية ، فالعنف إنَّما هو جزء لا يتجزأ مِنْ تكوين الجماعات الدينية المتطرفة وهو وسيلتها لتحقيق أهدافها في المجتمع ،كما يتميز هذا الشكل بالتمرد على السلطة ، فالجماعات الدينية المتطرفة هي حركات اجتماعية ثقافية معارضة تقوم على مقولات انقلابية بهدف قلب النظام السلطوي بطريقة رديكالية لإقامة دولة على أساس ديني عقائدي . فإذا خرجت جماعة من جماعات المجتمع بفكرها عن حد الاعتدال وما يسود المجتمع من قيم اعتبرت جماعة متطرفة ، لأنها قامت بانتهاك القيم الاجتماعية والسياسية بالخروج عليها .
هـ -تفسير التطرف في ضوء البعد الاجتماعي :
تعددت الرؤى النظرية حول تفسير التطرف ،ولعل هذا التعدد قدم لنا ثراءً نظريًا في هذا المضمون، وسوف يقدم الباحث رؤية تفسيرية لظاهرة التطرف ، في ضوء البعد الاجتماعي ،لقد اعتمد علماء الاجتماع في تفسير ظاهرة التطرف على مقولات وتفسيرات متعددة وسوف نقدم أهم هذه المقولات النظرية في الآتي:
(1)الفجوة بين الواقع والتطلعات
من المسلم به أنَّ آمال الأفراد في أي مجتمع تفوق ما يمكن إنجازه. ولكن طالما ظلت الفجوة بين الأمل والواقع معقولة الحجم فإنَّ الأفراد يقبلونها كأحد سنن الحياة. ولكن حينما تتسع الفجوة وتستمر في اتساعها فإنَّ ذلك يولد إحساسًا بالفشل والإحباط ويؤدي إلى شحنات عدوانية داخلية ،وهنا قد يلوم الأفراد أنفسهم ويؤدي ذلك بدوره إلى شحذ الهمم أو إلى الاستسلام واليأس، ولكن إذا خلص الأفراد إلى أنَّ السبب في الفشل لا يرجع إليهم وإنَّما يرجع إلى التركيبة السياسية الاقتصادية الاجتماعية السائدة في المجتمع من حولهم فإنَّ الشحنات العدوانية الداخلية تتحول إلى استعداد لاستخدام العنف ضد النظام السياسي الاجتماعي القائم.
(2)اختلال العدالة في توزيع الثروة بالمجتمع :
وفحواها أنَّ اتساع الفجوة بين الأمل والواقع وما يسببه من إحباط للأفـــــراد لا يكون في حد ذاته عاملًا حاسمًا في تهيؤهم لرفض النظام القائم ما دامت هناك عدالة في توزيع هذا الإحباط (المساواة في الظلم عدل). ولكن الإحباط يتحول إلى شحنات عدوانية ثم إلى سلوك اجتماعي إذا ما تراءى لهؤلاء الأفراد أنَّ آخرين من أقرانهم متساوون معهم أو حتى أقل منهم إنجازًا ومع ذلك يحصلون على نصيب أعلى من الثروة والسلطة والمكانة في نفس المجتمع. والمساواة هنا مساواة نسبية كل حسب جهوده وكفاءته وإنجازه. والإخلال بذلك يتحول إلى شعور بالظلم الذي قد يدفعه في النهاية إلى التطرف واستخدام العنف.
(3) الحرمان النسبي من الخدمات والمزايا :
إنَّ التوزيع غير العادل من عائد التنمية للدخل القومي بين أبناء المجتمع يجعل شرائح اجتماعية أكثر استعدادًا للتطرف وممارسة العدوان بوصفه أحد السبل المتاحة للتعبير عن موقفها. والمدقق في هذه المقولات يجد أنَّها مثيرات لسلوك العنف والتطرف بين أفراد المجتمع وليست هي الوحيدة في التفسير وإنَّما هي الأكثر ترجيحًا من وجهة نظر الباحث.
-التعريفات النفسية للتطرف :
تعددت تعريفات علماء النفس في تعريف ظاهرة التطرف فمنهم من يرى أنَّ التطرف “بمثابة ثورة على الواقع إنْ لم يكن الواقع مقنعًا أو كافيًا ، أو هروبًا من ذلك الواقع إذا كانت الثورة عليه مستحيلة ،وقد يكون راجعًا لاضطراب في الشخصية أو قصورًا في تكوينها ” ويعرف محمد الشيخ التطرف بأنَّه ” تعبير عن مستوى التوتر النفسي العام ، ومفهوم التوتر في هذا السياق يُقصد به الأساس الدينامي التفاعلي القائم وراء الشعور بتهديد الطمأنينة أو بتهديد أي اتزان قائم بالنسبة للشخص ككل ،أو بجانب من جوانبه – بالنسبة لأحد اهتماماته مثلًا – مما يترتب على ذلك من تحفيز القضاء على هذا التهديد “والشخص المتطرف هو الذي يُعاني من بعض الاضطرابات والصراعات النفسية ، ويستخدم بعض الأفكار الدينية على المستوى الظاهري ، لكي يتغلب على ما يشعر به من تهديد لاتزانه القائم ككل أو لجانب من جوانبه ” وفي تحديد معنى التطرف يذكر جلال بيومي “أنه يعني استجابة في الشخصية تعبر عن الرفض والاستياء تجاه ما هو قائم بالفعل في المجتمع ،وتعكس مجموعة من الخصائص المميزة للشخصية المتطرفة مثل السيطرة ، المغايرة ، ضعف الأنا ،وتدفع هذه الخصائص بالشخصية إلى أساليب متطرفة في السلوك ،كالتعصب والتصلب ، والجمود الفكري ،والنفور من الغموض . ويعرف هشام عبدالله “التطرف بأنه اتخاذ الفرد موقفًا يتسم بالتشدد والخروج عن حد العام ،والبعد عن المألوف ،وتجاوز المعايير الفكرية والسلوكية والقيم الأخلاقية التي حددها وارتضاها أفراد المجتمع ،وقد يكون التطرف إيجابيًا في الاتجاه بمعنى الموافقة التامة ، أو سلبيًا في الاتجاه بمعنى الرفض التام ،أما حد الاعتدال فيقع في وسط المسافة بين الموافقة التامة والرفض التام . كما يعرف الشخص المتطرف بأنه ذلك الشخص
الذي تتسم اعتقاداته وانفعالاته وأنماط سلوكه بالتشدد وتجاوز حد الاعتدال . ويعرفه محمد محمود محمد أبو دوابة بأنه:” ثورة على الواقع يقوم بها الشخص الذي يعاني نقصًا في إشباع حاجاته النفسية ، وعدم قدرته على تحقيق ذاته في جماعته الأصلية وعدم وجود مغزى أو قيمة لحياته مما يدفعه إلى الانتماء إلى جماعة متطرفة كي يحقق ذاته حتى وإنْ كان ذلك قائمًا على العنف والعدوان ”
ز-الاتجاه نحو التطرف في ضوء التفسيرات الاجتماعية :
إنَّ ظاهرة التطرف من الظواهر المتشابكة الأبعاد، وتناولها بالدراسة كثير من علماء النفس والاجتماع ، وذلك لمحاولة معرفة حقيقة هذه الظاهرة ، والعوامل المؤثرة فيها ،ولذلك شعر الباحث أنَّه لا بد من طرح وجهات نظر كل من علماء الاجتماع وعلماء النفس في تفسير هذه الظاهرة حيث أنها ليست قاصرةً على مجتمع بعينه بل هو سلوك دولي، فالتطرف ظاهرة عالمية في كثير من جوانبها وقد بدأت هذه الظاهرة تلقي ظلالها على شباب العالم العربي مع زيادة الفقر الروحي ،وغياب القدوة والابتعاد عن العقيدة السوية، وافتقاد الأمن الثقافي ،وطغيان المادة والتقدم العلمي الرهيب ،وزيادة حجم المعلومات ، وسرعة طرح الثقافات، والهجمة الشرسة على الثقافة العربية ، وتدني دور الأُسرة في بناء شخصية الفرد وغياب الخطط الأساسية للتصدي والتعامل مع كل هذا ،فوجد الشباب نفسه محاصرًا بعالم كبير شرس غير رحيم أفقده كثيرًا من جوانبه .