وزير الآثار يتفقد أول عاصمة إسلامية في إطار تطوير «القاهرة التاريخية»

تسعى الدولة لإحياء المنطقة التراثية وإعادتها إلى رونقها ومظهرها الحضاري، مع الحفاظ على جميع المباني الأثرية، في إطار مشروع يسعى لإعادتها إلى بريقها وتاريخها العريق المميز لها، وفي هذا الإطار تفقد الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، صباح اليوم السبت، أعمال تطوير عدد من المباني الأثرية في القاهرة التاريخية والفسطاط.

وخلال تفقد مشروعات تطوير عدد من الأماكن الحضارية، كان مع «العناني» كل من الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والعميد مهندس هشام سمير، مساعد الوزير للمشروعات والمشرف العام على مشروع القاهرة التاريخية، وأحمد عبيد، مساعد الوزير لقطاع شؤون مكتبه، والدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، ومجموعة من قيادات المجلس الأعلى للآثار.

كان من بين الأماكن التي شهد وزير السياحة والآثار انتهاء أعمال تطويرها كل من سبيل الأمير شيخو الناصري بمنطقة الحطابة، وأسبلة كل من رقية دودو، ومصطفى سنان، وحسن أغا كوكليان، وواجهة حمام بشتاك، بشارع سوق السلاح، والتي تمت ضمن مشروع وزارة السياحة والآثار لترميم وإنقاذ 100 مبنى أثري في القاهرة التاريخية.

وزير الآثار في حوار مع سكان منطقة الحطابة

بدأت جولة وزير الآثار والسياحة بتفقد منطقة الحطابة وشارع سوق السلاح، كما حرص وزير الآثار على إجراء حوارًا مع بعض الأهالي والسكان وأصحاب المحال والحرف التراثية بالمنطقة حول مشروع التطوير الذي تعتزم الدولة تنفيذه في مختلف الشوارع والأحياء ورفع كفاءتها مع الحفاظ على طابعها التراثي الذي يليق بها والطبيعة الأثرية لها.

وعن انطباعهم عن عمليات التطوير وجولة وزير السياحة والآثار، أعرب السكان وأصحاب المحال عن سعادتهم بأعمال التطوير والتي ستعمل على رفع كفاءة المنطقة ككل وإكسابها طابع متميز يجذب الزائرين من مصر والسائحين.

وخلال الجولة، زار «العناني» نموذج لإعادة تأهيل أحد المباني القديمة بشارع «سوق السلاح» غير المسجل في عِداد الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، والذي يتم فيه تنظيم عددًا من الورش التوعوية للكبار والأطفال، وتعليم الحرف التراثية عن طريق المشاركة المجتمعية لأهالي المنطقة ورفع الوعي لهم بأهمية الأثر والترويج السياحي، كما تفقد كذلك أعمال المرحلة الأولى من مشروع ترميم «مسجد الطنبغا المارداني» بالدرب الأحمر، والتي تشمل ترميم بيت الصلاة وذلك تمهيدًا لافتتاحه قريبًا.

تحويل الموقع إلى متحف مفتوح ينقل السائح لتجربة جديدة

وعقب تفقد مشروع ترميم «مسجد الطنبغا المارداني» بالدرب الأحمر، انتقل وزير السياحة والآثار إلى بقايا حفائر مدينة الفسطاط، أول عاصمة إسلامية في إفريقيا، حيث تفقد المنطقة، موجهًا بعمل مشروع ترميم وتطوير ورفع كفاءتها، وإعداد الدراسات اللازمة لوضع خطة لاستكمال ما يمكن استكماله من العناصر البنائية التي لا تزال باقية بها وتحويل الموقع إلى متحف مفتوح ينقل السائح إلى تجربة أخرى جديدة بمدينة القاهرة التاريخية خاصة مع قربها من منطقة مجمع الأديان وجامع عمرو بن العاص، والمتحف القومي للحضارة المصرية.

من جانبه في الإطار ذاته، أوضح الدكتور مصطفى وزيري، أنه تم تنفيذ تلك المشروعات للأصول الفنية والأثرية القديمة لهذه المباني، وشملت أعمال التوثيق الفوتوغرافي والمعماري وأعمال التدعيم والترميم الإنشائي والترميم الدقيق اللازمة، وتنظيف وترميم الواجهات وإظهار ألوانها الأصلية وتفاصيلها، وترميم الأرضيات، وعزل الأسقف وترميمها، وتحديث شبكات الإضاءة، وصرف مياه الأمطار بالإضافة إلى تأهيل المنطقة المحيطة بهم.

وفي ذات السياق، أكد العميد مهندس هشام سمير، على أن أعمال التطوير تمت تحت الإشراف الكامل للإدارة العامة للقاهرة التاريخية وقطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، مشيرًا إلى أن مشروع تطوير «سبيل شيخو» استغرق نحو ثمانية أشهر، أما أسبلة كل من «رقية دودو، ومصطفى سنان، وحسن أغا كوكليان، وواجهة حمام بشتاك بشارع سوق السلاح»، فقد استغرق ما يقرب من العامين.

سبيل شيخو  يتميز بطرازه غير الملحق بمسجد أو مدرسة أو منشأة دينية أو مدنية أوخانقاه

وفي الإطار نفسه، أكد الدكتور أسامة طلعت، أن «سبيل شيخو»، يعد أثرًا فريدًا من نوعه بين سائر الأسبلة نظرًا لكونه محفورًا في سفح التل الصخري المشيدة عليه قلعة صلاح الدين، وأنه من الأمثلة النادرة التي تتميز بطرازها المنفصل غير الملحق بمسجد أو مدرسة أو منشأة دينية أو مدنية أوخانقاه، الأمر الذي يؤكد ضرورة ترميمه والحفاظ عليه ليبقى شاهدًا على طراز فريد للأسبلة في مصر.

وعن شكل وتصميم «سبيل شيخو»، فله واجهة واحدة على شكل مستطيل يتوسطها حنية بداخلها خمسة عقود مدببة في صف واحد ويتوسط هذه الحنية فتحة الدخول إلى السبيل تفضي إلى حجرتين، ويزين بطن العقود الموجودة بالواجهة الرئيسية زخارف نباتية متداخلة يليها شريط كتابي يزين واجهة السبيل، بالإضافة إلى النصوص الكتابية والرنك الخاص بالأمير شيخو، كما يعلو فتحة الباب النص التأسيسي للسبيل.

ويعود اسم السبيل إلى منشئه، حيث أنشأه الأمير شيخو العمري الناصري وهو الأمير الكبير الذي تدرج في وظائف الدولة حتى بلغ مكانة عظيمة في عهد المظفر حاجي ابن الناصر محمد، وظل نجمه في الصعود حتى أصبح أحد أمراء المشورة خلال الولاية الأولى لحكم السلطان الناصر حسن.

حكاية سبيل رقية دودو

أما بالنسبة إلى «سبيل رقية دودو»، أنشأته المرحومة رقية دودو بنت بدوية شاهين، بنت الأمير رضوان بك، عام 1174 هـ / 1760م، كما ورد بالنصوص المكتوبة على واجهته، وشيد هذا السبيل على النمط التركي ذو الواجهة المقوسة، تتكون حجرة السبيل من حجرة مستطيلة في ثلاث أضلاع منها، بينما يأخذ ضلعها الرابع شكل مقوس ويفتح في هذا الضلع ثلاث شبابيك ويعلو السبيل كتاب يشرف على الشارع كذلك بواجهة مقوسة عبارة عن بائكة من ثلاث عقود محمولة على عمودين وكان للسبيل ملاحق خلفية لم يبق منها إلا غرفة مستطيلة.

سبيل مصطفى سنان

هذا السبيل أسسه وبناه مصطفى سنان، عام 1040هـ / 1630م، وهو من الأسبلة المستقلة، ورغم أنه شيد فى العصر العثماني إلا أنه شيد وفقًا لطراز الأسبلة المملوكية ذات الواجهة المستقيمة. ولهذا السبيل شباكي تسبيل أحدهما يتوسط الواجهة المطلة على شارع سوق السلاح أما الشباك الثاني يتوسط الواجهة المطلة على حارة الشماشرجي.

واجهة حمام بشتاك

واحد من المباني التي يجري تطويرها، وهو حمامٌ بناه الأمير سيف الدين بشتاك الناصري في عام 735 هـ / 1335م، وكان أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، وترقى في المناصب حتى وصل إلى رتبة أمير، وكانت نهايته على يد الأمير قوصون أثناء حكم السلطان الملك الأشرف علاء الدين كجك بن الناصر محمد بن قلاوون، ولم يتبق من الأجزاء الأثرية بهذا الحمام إلا واجهته وهي تعد من أجمل واجهات عمائر القاهرة المملوكية، وغشيت بالكامل بأشرطة من الرخام ذي اللونين الأبيض والأسود بالتبادل.

سبيل حسن أغا كوكليان

كان من بين المناطق التي تفقدها الوزير ويطولها التطوير، وشيد عام 1106 هـ / 1694م، وهو من الأسبلة المستقلة يعلوه كتاب وله شباكان للتسبيل، وشيد وفق الطراز المحلي في الأسبله ذات الواجهات المستقيمة. والسبيل له واجهتان، وحجرة التسبيل ذات شكل مربع يفتح فيها شباكي التسبيل ويتقدمهما أحواض ويصدر الحجرة دخلة الشاذروان وأرضية غرفة التسبيل من الرخام الملون.