بسم الله الرحمن الرحيم
القراءة حرفا حرفا.. سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام
زمن القراءة: 5 دقائق
يقول ربنا تبارك وتعالى: “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا.” الفرقان32
وسُئل أنس رضي الله عنه: كيف كان قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم). رواه البخاري
وعن أم سلمة أم المؤمنين رضى الله عنها، أنها سُئلت عن قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقالت: قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ” يقطّع قراءته آية آية). وفى رواية: (كان إذا قرأ قطع آية آية. يقول: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ” ثم يقف. ثم يقول: “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ” ثم يقف، ثم يقول: ” الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ”. رواه الترمذي.
وإذا طبقنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاتنا، سنعمل على قراءة سورة الفاتحة حرفا حرفا، ليتحقق في القلب كل حرف، فلكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. كما أن لكل حرف قيمة كبيرة فهو مكون أساسي في الكلمة، ولكل كلمة في آيات الله جل وعلا معنى وارتباط واقتراب لله سبحانه وتعالى.
لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ الفاتحة ويُقَطِّعها آية آية، أي يقف بعد كل آية، وكانت قراءته صلى الله عليه وسلم مُفَسَّرة حرفا حرفا، ويمدها مدا عند حروف المد (الألف والواو والياء). فكانت لنا من بعده عبادة وخشوع وحب وعقل وتتابع مستمر في الصلاة وفي القراءة والعمل، حيث تعطي هذه القراءة المفسرة المتأنية للمخ فرصة لترجمة الكلمات ومعانيها، فتصب في القلب نقية صافية تسليماً كاملا لله سبحانه وتعالى، كذلك تساعد على تنفس جيد وتركيز أفضل وترتيب للأفكار وتعقل فيما يقرأ الإنسان.
تعطي هذه الطريقة من القراءة للإنسان الفرصة في تتبع حرف حرف في الكلمة والسير معه، فكلما قام الإنسان بتفصيل الحروف ضمن الكلمات راقية المعنى، سيجد أن إدراكه لمعنى ما يقرأ يرتفع، وهذا أيضا ما وجدته دراسة علمية بالفعل. وكلما إزداد هذا الإدراك، يزداد العقل، وتزداد القناعة، وبالتالي يتحسن العمل قولا وفعلا من عند الله رب العالمين؛ فالإنسان عند ذلك سيفكر قبل أن يتكلم فينطق بالكلمة الصحيحة ليقول الخير وليمنع نفسه من قول الخطأ أو الشر فيحافظ على لغة تواصل سليمة مع نفسه ومع من حوله.
إن هذه الطريقة النبوية الشريفة لم تمنع طرق القراءة الأخرى، إلا أنها تركز أذهاننا وتوجهنا نحو أفضل طريقة يمكننا بها قراءة وفهم القرآن الكريم والتفاعل الإيجابي معه ومع كلماته. فإذا قرأنا كلمات الله سبحانه وتعالى المقدسة في القرآن الكريم في صلاتنا وخارج صلاتنا بهذه الطريقة المتأنية العاقلة، سنجد خشوعا أفضل في الصلاة، وكذلك سينعكس على طريقة تفكيرنا وحديثنا في تعقل الكلمات والمعاني والتفكير فيها قبل أن تخرج من اللسان. وكلما اتبعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ننال جانب من صفاته التي يحبها الله سبحانه وتعالى… وهذا ما نسعى إليه دوما.
اللهم أَعِنَّا على ذِكرك وشُكرك وحُسن عِبادتك
بقلم: داليا السيد
التعليقات مغلقة.