هل لديك شيء لم تدعو الله به؟
بسم الله الرحمن الرحيم
هل لديك شيء لم تدعو الله به؟
زمن القراءة: 5 دقائق
جميعنا يحتاج إلى ربه الكريم الرحيم، ولا يمكن لبشر أن يستغني عن خالقه الله سبحانه وتعالى، فهو وحده من يعلم كل صغيرة وكبيرة في نفسه وفي حياته. ودوما ما يسعى الإنسان إلى من هو أقوى منه، وإلى من هو أعلم منه، وكأنها فطرة فطرها الله سبحانه وتعالى في الإنسان ليسعى إليه جل وعلا ولا ينقطع عن السعي إليه. ذلك لأن القوي يعين الإنسان ويحميه ويُؤَمِّنه، والعليم يُعلِّم الإنسان ويوجهه للأنفع له في كل حياته.. فسبحان الله القوي العليم الأعلم.
عندما يقول الله سبحانه وتعالى لنا: “وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. أُولَٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ.” سورة البقرة201-202
هذا الدعاء، بجانب أنه كان أكثر دعاء رسولنا وقدوتنا وإمامنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو يجمع لنا شئون الدنيا والآخرة بشكل مبدع، فإذا نسينا شيء من الدعاء والطلب لله جل وعلا، سنجد في هذا الدعاء الكريم ما يغطي لنا كل حياتنا سواء في الدنيا أو عندما نعيش في الآخرة.
فهذه هي الدنيا وطلبنا فيها الحسنة في الحياة بكل مفرداتها، من علم نافع، وعمل صالح، ورزق واسع حلال، وعفو وعافية، وكلمات طيبة، وفهم حكيم، وقلب شاكر، ولسان ذاكر، وعلاقات مستقرة، ودار آمنة، ومركب هنيئة، وأدوات مفيدة، وغيرها من نعم الله سبحانه وتعالى حولنا وفي أنفسنا وفي بيئتنا القريبة والبعيدة لنعبد الله حق عبادة.
وهذه هي الآخرة الحياة الأحسن التي نطلب فيها الحسنة الأهم بكل مفردات النعيم فيها، تلك دار الجزاء التي يحيا فيها الإنسان خالدا، ومعه كل ما يحتاج وفوق ما يحتاج، جزاءا وفاقا له ورحمة من ربه، وعوضا له عن كل ما عاشه من خير وشر. فالحسنة في الآخرة رحمة من رب العالمين، وعفو من هولها، وشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم للتخفيف عنا، وجنة ربنا الرحمن، وقرة أعيننا في النظر إلى وجه ربنا الكريم.
فالحياة لن تنتهي في هذه الدنيا التي نعيش، وهذا يفتح للمسلم طريق لا يُغلَق أبدا مع ربه في حياته، فلا ييأس أبدا، بل دوما يجد طريقا مع ربه لحلول مشاكله من خلال المفردات التي يراها حوله من بشر أو حجر أيا كانت طبيعة العلاقات والمعاملات معه، سواء قوية أو غير قوية. فالموارد التي لا تُحصَى حولنا ليست فقط مادية ملموسة بل هي أيضا غير مادية فيما يحسه الإنسان ويدركه من معاني ومفاهيم وظواهر لا يستغني عنها أي فكر قويم خاصة عندما يفهم دينه بالشكل الصحيح.
إن وجود بُعدين في الحياة (بُعد الدنيا، وبُعد الآخرة)، يعطي سعة لانهائية في نفس الإنسان وحياته وممارساته، كما يعطيه رؤية أوسع كثيرا لفهم الحياة وطبيعتها والغرض منها والتصرف فيها، وكم أن الحياة ذاتها نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى.
فدوما عندما يدرك أي فرد أن هناك بابا آخر مفتوح له ليخرج منه من ضيق معين يمر به ويلمسه أو يحسه سواء في معاملاته أو في أرزاقه، يكون ذلك متنفس صحي جيد له يساعده على التعاطي الواعي مع أحواله المختلفة. ذلك لأن هذا المنظور يعطيه مزيد من الأمل؛ والأمل كله يكون في الله سبحانه وتعالى وكرمه وعطاءه ورحمته.
وهذه هي أيضا الوقاية من عذاب النار في الدعاء، والتي يسبقها الإستقامة على الصراط المستقيم في الدنيا وخشية الله رب العالمين. فالنار هي أكبر كارثة يمكن أن يتعرض لها الإنسان، لما فيها من عذاب وشدة، لذلك وجب على الإنسان العاقل أن يستعد بالشكل المستقيم لتجنبها وتجنب عذابها ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يقيه منها.
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
بقلم: داليا السيد
التعليقات مغلقة.