هجاء طفيليٍّ بخيل
هجاء طفيليٍّ بخيل
شعر : الدكتور حاتم جوعيه – المغار – الجليل – فلسطين –
– من الشعر الساخر –
هذه القصيدة في هجاءِ طفيليٍّ بخيل يأكلُ دائما في المناسبات وعند الناس والأصدقاء بشراهةٍ ويلتهمُ الصحون وأطباق الطعام والحلويات بجنون كأنه يعيش ويحيا في مجاعة وفي حياته لم يرَ شكل الطعام .. وأما في بيته فهو في منتهى البخل والإنحطاط ولا يسقي أحدا من الذين يزورونه لو بالخطأ كأس ماء. وحدث أن زارهُ بعضُ الأصدقاء في بيته ، في فصل الشتاء ، بعد مدة طويلة من زياراته المكثفة والمتواصلة لهم في بيوتهم..وكانوا في البداية يحترمونه ولا يعرفون حقيقته ويبالغون كثيرا في استقباله وإكرامه رغم شراهته في الطعام..وبدل أن يقابل أصدقاءَه وضيوفه بالمثل في بيته ويقدم لهم واجبَ الضيافة أجلسهم خارج البيت ، وكان الطقس باردا وماطرا ولم يسقهم لو كأس ماء فغادروا بيته متذمرين حاقدين عليه وقطعوا علاقتهم
نهائيًّا معه . ولقد نظمتُ هذه القصيدة في هجاء هذا البخيل على لسانهم .
ومما يثيرُ الضحكَ والإستغراب أن هذا المأفون والطفيلي البخيل كان دائما وعندما يذكرون في كل مناسبة وجلسة موضوع وسيرة البخل والبخلاء يردِّدُ هذه الجملة باستمرار :(( إن البخيل عدو الله )) وينسى نفسه أنه في قمة البخل والنذالة والإحنطاط ، وهوعدو الله والدين والمجتمع والقيم والأخلاق . لو عاش هذا الرجل البخيل وغريب الأطوار زمن الجاحظ ( ابو عثمان عمرو بن بحر) لألفَ فيه كتابا ضخما عن نوادره في البخل أهم بكثير من كتابه الشهير (البخلاء) الذي حقق شهرة واسعة جدا على مرِّ العصور وترجم إلى العديد من لغات العالم .
مثالُ الشُّؤمِ دومًا والبلاءِ وَينعقُ في الصّباحِ وفي المساءِ
وكم عُقدٍ يُعاني الوغدُ منها رواسبُ ليسَ منها من شفاءِ
نراهُ في الولائمِ مثلَ ثور ويبقى الرأسُ دومًا في انحِناءِ
ويلتهمُ الصُحونَ بلا حياءٍ ودومًا قالعٌ شرشَ الحياءِ
وعندَ الأكلِ مقدامٌ جسورٌ وفي الإكرامِ يبقى في اختباءِ
طفيليٌّ يُشعوذُ دونَ ردع توغّلَ في النذالةِ والهُرَاءِ
وما كذبوا إذا نعَتُوهُ ضبعًا ويبقى الضبعُ يمرحُ في الخلاءِ
كمثلِ الضيع في بوقٍ وغدر ٍ وإنَّ الخيرَ منهُ في بَراءِ
وفيهِ الحُمقُ قد أضحَى مثالًا لداءِ الحُمقِ أنّى من شفاءِ
هوَ الدبُّورُ لا يعطيكَ شهدًا وَعضريط ويلسعُ في الخفاءِ
هوَ الزنديقُ في نهج وقولٍ يُعكّرُ جوَّنا بعدَ الصَّفاءِ
ومهزلةُ المهازلِ يظلُّ مَسْخًا ومنزلهُ هنا دونَ الحذاءِ
ويمرحُ في المزابلِ والمجاري ويسعى للمآبقِ في انتشاءِ
غدا بجهنّمِ الحمرا سيغدُو عليهِ اللعنُ من ربِّ السَّماءِ
عدوُّ اللهِ يرتعُ في المخازي ولصٌّ في حوانيتِ الشراءِ
ويملأ جيبهُ من كلِّ نوع بلا ثمن وَمن دونٍ اختشاءِ
كمثلِ البغلِ يرفسُ كلَّ شيىءٍ بلا شبع سيبقى وارتواءِ
هُوَ البوَّاقُ لا يرعَى ذمامًا يبوقُ الأهلَ كلَّ الأقرباءِ
هُوَ المأفونُ والمهذار يبقى كرامُ الناسِ عنهُ في جَفاءِ
هوَ المأفونُ لا ينفكُّ يهذي وَمنَّا كم سيلقى من هجاءِ
ومنّا سوفَ يلقى كلَّ هول ويصمتُ عن هُرَاءٍ أو رياءِ
وهذا الوغدُ قد زرناهُ يومًا وكنَّا نحنُ في فصلِ الشتاءِ
وكانَ الطقسُ بردًا أيُّ بردٍ وأمطارٌ توالتْ في سخاءِ
بقينا خارجًا والبردُ صعبٌ فأجلسنا بعيدًا في العَراءِ
وقهوتُهُ المُشَعوذُ ما شربنا ولا يسقي ضيوفهُ كأسَ ماءِ
لئيمٌ حاقدٌ وغدٌ حقيرٌ بخيلٌ قد تمرَّغَ في الخراءِ
وَمعتُوهٌ وَمَمْسُوخٌ وضِيعٌ وَمنبُوذٌ لكلِّ الأوفياءِ
تركتنا بيتهُ المشؤُومَ حالًا كأنّا نحنُ كنا في عزاءِ
شعر : الدكتور حاتم جوعيه – المغار – الجليل –