حافظة التاريخ القضائي بالإسكندرية…”سراي الحقانية”و«ريا وسكينة» و«سفاح كرموز»ودنشواي
كتبت:وفاءالبسيوني
سراي الحقانية بطرازها المعماري الفريد والمميز على ميدان المنشية التاريخي وسط المدينة.
اصبح كل حجر فيها أثرا –ربما سجل- لحظات لا تنسى من تاريخ الحياة خلال القرن 19وحتى منتصف القرن 20في المدينة الساحلية، سواء كان ذلك لقاطنيها أو لممثلي الجاليات الأجنبية، يؤهلها لحمل شعار “حافظة التاريخ القضائي” لعروس البحر المتوسط.
تتبع المحكمة الأثرية وزارة العدل، حيث يستخدم المبنى كأرشيف للتاريخ القضائي في الإسكندرية، والمبنى كذلك مسجل لدى وزارة الآثار بحكم أثريته وطرازه المميز.
مبنى مستطيل، مكون من5 طوابق وبدروم متباينة الارتفاعات، و استخدام الحجر الجيري والطوب الأحمر والكمرات الحديدية والبراطيم الخشبية في الأسقف، كمواد للبناء.
ومبنى سراى الحقانية يشمل 4واجهات، الشمالية هي الواجهة الرئيسية، وبها المدخل الرئيسي يفتح بها نوافذ مستطيلة، والواجهة مقسمة إلى 4 مستويات،
المستوى الأول من أسفل، ويفتح به نوافذ البدروم، والمستوى الثاني به نوافذ الطابق الأول والثاني، والمستوى الثالث به نوافذ الطابق الثالث والرابع، والمستوى الرابع به نوافذ الطابق الخامس.
ويزين أعلى المدخل الرئيسي “فرانتون” بداخله دائرة يحيط بها إكليل من فرع نباتي من غصن الزيتون، وبداخل الدائرة عبارة “العدل أساس الملك سنة 1303″،
وعلى الجانبين زخارف نباتية تشبه سعف النخيل أو أغصان الزيتون، ويعلوها ما يشبه اللفافة الورقية وقد تم تنفيذ ذلك باللون الأخضر، ويزين وسط المدخل عامودين يستندان إلى دعامتين، يتوجهما تاج إيونى وزخرفة البيضة.
و يعلو المدخل إطار مستطيل نقش فيه “سنة 1886 إفرنكية سراى الحقانية سنة 1303 هجرية”، ويلى المدخل ردهة على جانبيها نوافذ خشبية يليها المداخل الرئيسية الثلاثة.
أوسع المداخل الثلاثة الأوسط، والمعقود بعقد نصف دائرى، أّمّا المدخلان الجانبيان فهما مستطيلا الشكل، وعلى يمين ويسار الردهة يوجد مدخلان يؤديان إلى ممر ممتد من الشرق للغرب ثم ينعطف في نهايته إلى الجنوب ثم ينعطف ثانية إلى الغرب ويفتح به حجرات على الجانبين.
تاريخ”سراي الحقانية”
قالت”علا عبد المنعم الباحثة في التاريخ السكندري، إنه جرى التفكير في تأسيس سراي الحقانية عند تخطيط محمد علي باشا ميدان المنشية “ميدان القناصل”، عام 1934، ولكن إقامة المبنى فعليا بدأ في عام 1869م في عهد الخديو إسماعيل، على يد المهندس المعماري الإيطالي “لويجي بياتولي” Luigi Piatoli، واتخذت الطابع المعماري لعصر النهضة الإيطالية الحديثة.
وافتتحت المحكمة رسميا في حفل ضخم، أقيم في قصر رأس التين في 28 يونيو عام 1875م، وقال الخديو عنها: “إنه واثق بأنه بعناية الله وحسن توفيقه سيكون مستقبل هذه المحكمة وطيد الأركان”.
وأضافت باحثة التاريخ السكندري، أنه في عهد الخديو إسماعيل كان ميدان المنشية في كامل تألقه، حيث جرى تشجيره بشجر السنط ووضع كشك لعزف الموسيقى، وأنشئت المحاكم المختلطة “سراي الحقانية الآن”، ووضع تمثال محمد علي الذي نحت لوضعه في ميدان المنشية
كارثة عام 1882
“وظل الميدان متألق إلى أن حدثت كارثة عام 1882م”، بقصف الإنجليز الإسكندرية والميدان بالكامل، حيث لم يتبق منه سوى مبنى البورصة وكنيسة سان مارك، وتضررت كافة المباني بالميدان، ومن بينها مبنى سراي الحقانية.
الخديوي إسماعيل
عقب خلع الخديوي إسماعيل عن عرش مصر عام 1879م وإعطاء الأجانب في مصر الكثير من الامتيازات، منها عدم المثول أمام القضاء المصري، تقرر إنشاء المحاكم المختلطة، المختصة بمحاكمة الأجانب المقيمين في البلاد؛ نظرا لكثرة أعداد الأجانب المقيمين في الإسكندرية.
سراي الحقانية
جرى اختيار سراي الحقانية لتكون مقرا للمحكمة المختلطة بالمدينة الساحلية، وكانت تلك المحاكم موجودة في القاهرة والإسكندرية والمنصورة فقط، وهي المدن الثلاثة التي كان يسكنها عدد كبير من الأجانب
التجديد
جرى تجديد المحكمة وإعادة افتتاحها مجددا عام 1886م في عهد الخديو توفيق، علي يد المهندسين المعماريين الإيطاليين “ألفونسو مانيسيكالكو – أوجستو سيزارياس”.
وجرى بناء السراي على الطراز الإيطالي؛ لتكون من وقتها شاهدة على التاريخ القضائي للإسكندرية
مقنيات”سراي الحقانية
قال.المستشار عبد الملك القمص مينا، رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، عضو مجلس القضاء الأعلى، إن المتحف يضم مقتنيات وزارة العدل في أشهر القضايا،
ريا وسكينة وسفاح كرموز ومذبحة دنشواي
منها قضية ريا وسكينة وسفاح كرموز ومذبحة دنشواي، وصورا نادرة ومحاضر ومستندات أصلية لأشهر القضايا في التاريخ والتي كانت متواجدة في مبنى سراي الحقانية القديمة.
وأكد أن السراي أقدم محكمة شهدت أكبر المحاكمات في التاريخ، لافتا إلى حرص وزارة العدل الحفاظ على هذه المقتنيات النادرة، ووضعها في متحف لحمايتها.
وأضاف رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، أن المتحف يضم أيضا مقتنيات أثرية وكتب تاريخية وسجلات، تتضمن أحكام قضاة المحاكم المختلطة منذ عام 1876 حتى عام 1950 مكتوبة بخط يد القضاة الفرنسيين، وموقعة منهم بتوقيعات حية بواقع 904 سجلات أحكام، وعدد من أجندات إيداعها.
يضم أيضا 1300 خريطة لعموم مساحة جمهورية مصر العربية، فضلا عن 5400 كتاب ومجموعات قانونية فرنسية وبلغات أخرى نادرة منذ عام 1820، بالإضافة إلى مقتنيات وقطع أثرية ترجع لعهد المحاكم المختلطة في مصر