محمد الدكرورى Archives - العمق نيوز

الوسم: محمد الدكرورى

  • نسائم الإيمان آمنه بنت محصن الأسدى

    نسائم الإيمان آمنه بنت محصن الأسدى

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    إن التضحية فى سبيل الله عز وجل، شئ عظيم وهي بذل كل ما يستطيع المسلم تقديمه وبذله من النفس والمال، والوقت والحياة والجهد، وكل شيء ابتغاء مرضاة الله تعالى وفي سبيله، لأجل إعلاء دينه سبحانه، وسيادة شرعه، وإظهار الحق، وكسر شوكة الباطل، ونشر الإسلام، وهداية الناس إلى صراط الله المستقيم، ليفوزوا بسعادة الدارين، ولقد اقتضت حكمة الله عز وجل ومشيئته أن تكون الأمة الإسلامية ذات رسالة سامية، وحاملة أمانة عظيمة وثقيلة، ألا وهي أستاذية العالم وقيادة البشرية، والأخذ بيدها إلى الطريق المستقيم، ومعنا صحابيه جليله من صحابيات النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    وهى آمنة بنت محصن الأسدي هي صحابية جليلة، وهى أم قيس بنت محصن بن حرثان بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي وكنيتها أم قيس وهي أخت عكاشة بن محصن الأسدي وكانت من المهاجرات الأوليات، ويقال إن اسمها أمية، وآمنة بنت محصن، هي أُخت عكاشه بن مِحصن وهو من أهل بدر حلفاء حرب بن أُميّة، وكان عكاشة بن مِحصَن، صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، ومن المهاجرين، وقد قُتل في حروب الردة في معركة بزاخة، وتوفى فى السنه الحادية عشره من الهجره، وكان عُكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس الأسدي حليفا لبني عبد شمس بن عبد مناف.

    وقد أسلم عكاشة قديما، فكان من السابقين إلى الإسلام، وقد هاجر عكاشة إلى يثرب، وشهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها، وقد أبلى في غزوة بدر بلاء حسنًا، وحتى انكسر في يده سيفه، كما استعمله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على سريتين الأولى في ربيع الأول سنة سته من الهجره، إلى بني أسد في أربعين رجلاً، فغنم منها دون أن يلق قتال، والثانية في ربيع الآخر سنة تسعه من الهجره، إلى أرض بني عذرة وبلي، وقد بشّره النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه ممن يدخلون الجنة بغير حساب، وبعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    قد ارتدت معظم القبائل العربية عن الإسلام، فخرج عكاشة في حروب الردة، وكان في جيش خالد بن الوليد الذي خرج لقتال بني أسد، ولما وصل خالد بُزاخة، بعث عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم على فرسيهما ليتحسسا أخبار بني أسد، فلقيا طليحة بن خويلد وأخوه سلمة بن خويلد، فقتل طليحة وأخوه عكاشة وثابت قُبيل معركة بزاخة التي وقعت سنة الحادية عشره من الهجره، وكان عمر عُكاشة حين قُتل خمسه وأربعين سنة، وكان من أجمل الرجال، وله رواية للحديث النبوي عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رواها عنه أبو هريرة وعبد الله بن عباس، وهو صاحب الحديث سبقك بها عكاشة وهي من الأمثال الشائعة.

    وهو من كلام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لمّا ذكر الذين يدخلون الجنة بغير حساب، قام إليه عكاشة بن محصن، فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال صلى الله عليه وسلم : ” نعم، أنتم منهم يا عكاشه ” فقام رجل آخر فقال مثل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ” سبقك بها عكاشة ” وقد أسلمت أم قيس بمكة قديما، وبايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة مع أهل بيتها، وقيل أن أم قيس بنت مِحْصن الأسدية، أى هى من أسد خزيمة، وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

    وقيل أنها أتت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بابن لها قد أعلقت عليه من العُذرة، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ” علام تذغرن أولادكن بهذا العلاق، عليكم بالعود الهندى، فإن فيه سبعة أشفيه، منها ذات الجنب”، وهو صلى الله عليه وسلم، يريد الكُست، وهو العود الهندي، وعن أم قيس بنت مِحصن أنها قالت: دخلت بابن لي على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، لم يأكل الطعام، فبال عليه، فدعا بماء فرشه عليه، قال أبو عمر: روى عنها من الصحابة، وابصة بن مَعبد، وعن أبي الأسود، عن دُرَّة بنت معاذ أنها أخبرته عن أم قيس أنها سألت النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنتزاوَرُ إذا متنا، يزور بعضنا بعضا؟

    فقال صلى الله عليه وسلم : ” يكون النسم طائرا يعلق بالجنه، حتى إذا كان يوم القيامه دخل كل نفس فى جثتها ” وقال العقيلي، إن أم قيس هذه أنصارية، وليست بنت محصن، وعن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الحسن مولى أم قيس، عن أم قيس، قالت: تُوفي ابن لي فجزعت، فقلت للذي يغسله: لا تغسل ابني بالماء البارد فتقتله، فذكر ذلك عكاشة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: ” ما لها طال عمرها، قال فلا نعلم امرأه عمرت ما عُمرت، وقد ذكرها عدد من العلماء في كتبهم، فذكرها الإمام ابن حجر العسقلاني : وقال عنها صحابية مشهورة، وقد ذكرها الإمام الذهبي.

    وقال عنها من المهاجرات الأوائل، وقد ذكرها الإمام المزي، وقال عنها لها صحبة، وهى صحابية جليلة من المهاجرات الأوليات، تلقّب بأم قيس، وأخت الصحابي الجليل عكاشة بن محصن، وقد أسلمت آمنة بمكة المكرمة قديماً، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة المنورة مع أهل بيتها، فكانت من المهاجرات الأُوائل اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقيل أنها روت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حديثان، وروي عن أم قيس بنت محصن قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعكاشة ابن أربع وأربعين سنة.

    هذا ولم نعثر على ترجمة واضحة لآمنة تبين عمرها وتاريخ وفاتها، ورغم ذلك فقد اعتبرت بأنها صحابية مهاجرة وفي أسمى مراتب العدالة والتوثيق، وهكذا هو جيل الصحابه الكرام من أجل أداء هذه الرسالة وتلك الأمانة، أمرهم الله عز وجل بالجهاد، إذ إنها تكليف قبل أن تكون تشريفا، وحيث أُمِروا بالجهاد لنصرة الدين، وهداية العالمين، فإن التضحية من لوازمه، بل لا يمكن أن تتحقق ثمرة، أو تحصل نصرة مع غياب التضحية، وهكذا فهم المسلمون الأوائل وطبقوا هذا الفهم الذي رباهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فظهر الدين مع كره الكافرين، وتبوأت الأمة مكانتها التي اختارها الله لها، وقامت بأداء الأمانة خير قيام، فعم الضياء وتبدد الظلام، وسعد جميع الأنام بقيادة أمة الإسلام.

  • نسائم الإيمان ومع الصحابية ألشفاء بنت عبد الله

    نسائم الإيمان ومع الصحابية ألشفاء بنت عبد الله

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    هي الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن عدي بن كعب القرشية العدوية، واسمها ليلى وغلب عليها الشفاء، وأمها هى فاطمة بنت وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران المخزومية، والشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس العدوية القرشية، هى صحابية من فضليات النساء العرب، والعرب هم فرع من الشعوب السامية وتتركز أساسا في الوطن العربي بشقيه الآسيوي والإفريقي إضافة إلى الساحل الشرقي لإفريقيا وأقليات في إيران وتركيا وأقليات صغيرة من أحفاد الفاتحين والدعاة في بلدان مثل كازاخستان والهند والباكستان وإندونيسيا وغيرها ودول المهجر.

    واحدهم عربي ويتحدد هذا المعنى على خلفيات إما إثنية أو لغوية أو ثقافية، وسياسيًا فإن العربي هو كل شخص لغته الأم العربية، وتوجد أقليات عربية بأعداد معتبرة في الأمريكيتين وفي أوروبا وإيران وتركيا، وحسب التقاليد الإبراهيمية ينسب العرب إلى النبي إسماعيل عليه السلام، وحسب بعض الإخباريين والنسابين العرب إلى يعرب، وكلا الأمرين لا يمكن إثباتهما من الناحية التاريخية، وقد كانت تكتب في الجاهلية، ومعنى الجاهلية، هو مصطلح إسلامي ورد في السور المدنية في القرآن، عن حياة الأمم قبل الإسلام، حيث يشير إلى الفترة التي سبقت الإسلام ويربطها بجهل الأمم.

    وذلك من الناحية الدينية، وهو مفهوم ليس خاصاً بالعرب بل يشمل جميع الشعوب، قبل بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أسلمت قبل الهجرة قديما، فهي من المهاجرات الأوائل، فعلمت أم المؤمنين حفصة بنت عمر الكتابة، وإضافة إلى ذلك أنها كانت طبيبة مشهورة بمداواة الأمراض الجلدية في العصر النبوي، فهى ليلى بنت عبد الله بن عبد شمس بن خلف بن صداد بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

    والشفاء بنت عبد الله العدوية، قد حازت لقبين مرتبطين بعلمها ومعارفها، فيقال إن اسمها ليلى، ولكنها اشتهرت باسم الشفاء، لشهرتها بالنجاح فى رقية المرضى وعلاجهم من مرض النملة، الذى هو مرض جلدى أو نوع من أنواع التقرحات التى تصيب الجلد، فهى نموذج آخر للمرأة المثقفة المتعلمة ذات الشخصية القيادية ويتمثل فى الشفاء بنت عبد الله العدوية، التى اشتهرت بعلمها ومعارفها ودورها المؤثر فى دولة الإسلام منذ بداياتها قبل الهجرة وحتى بعدها، ولم تشتهر بحسبها ولا نسبها ولا زوجها على الرغم من أنها تنتسب إلى قبيلة كبيرة فهى بنت عبد الله بن عبد شمس بن عدى بن كعب القرشية العدوية، وأمها هى بنت أخت جدة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لأبيه.

    وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يزورها، ويقيل عندها، وأقطعها داراً بالمدينة، وكان عمر بن الخطاب يقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها، ويزعم أنه ولاها أمر سوق المدينة المنورة، إلا أن الحديث إسناده ضعيف جدا، وهذه القصة أنكرها المحدثون، ونقل ابن سعد أن أبناءها ينكرون ذلك وقال ابن العربي: لا تصح من دسائس المبتدعة، وكانت الشفاء من المهاجرات الأول وبايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كانت من عقلاء النساء وفضلائهن، وكان رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يأتيها ويقيل عندها في بيتها، وكانت قد اتخذت له فراشا وإزارا ينام فيه.

    وقد تزوجت الشفاء بنت عبد الله، من رجلين هما، أبو حثمة بن حذيفة بن غانم بن عامر القرشي العدوي، وولدت له سليمان بن أبي حثمة، وبعد ذلك تزوجت من أخيه مرزوق بن حذيفة، وولدت له أبا حكيم بن مرزوق، ولها ابنة تزوجت من القائد الإسلامي شراحبيل بن حسنة، وهو يعتقد أنه نسب إلى أمه حسنة العدوية ولا يعرف شيء عن أبيه صحابي من صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية وكان من قادة جيش أبي عبيدة بن الجراح وفاتح غور الأردن، وكانت الشفاء ترقي في الجاهلية، ولما هاجرت إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    وكانت قد بايعته بمكة قبل أن يخرج، فقدمت عليه، فقالت: يا رسول الله، إني قد كنت أرقي برُقَى في الجاهلية، فقد أردت أن أعرضها عليك، قال صلى الله عليه وسلم : “فاعرضيها”. قالت: فعرضتها عليه، وكانت ترقي من النملة، فقال: “ارقي بها وعلميها حفصة” إلى هنا رواية ابن منده، وزاد أبو نعيم: “باسم الله صلو صلب خير يعود من أفواهها، ولا يضُر أحدًا، اكشف الباس رب الناس” قال: ” ترقي بها على عود كُركُم سبع مرات، وتضعه مكانًا نظيفًا، ثم تدلكه على حجر بِخَل خُمر مصفَّى، ثم تطليه على النملة” وقد تخصصت الشفاء في معالجة الأبدان .

    حيث كانت تخرج مع النبى محمد صلى الله عليه وسلم، في غزواته فتداوى الجرحى، وكان يأتيها الصحابة في بيتها للتطبيب وقد اشتهرت برقية النملة، وهي جروح تصيب الجنين، وكانت رقية من لدغة النملة، وهي قروح تخرج في الجنب وغيره من الجسد، فقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : “ارقى بها وعلميها حفصة” وعن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة القرشي أن رجلا من الأنصار خرجت به نملة، فدل أن الشفاء بنت عبد الله ترقي من النملة أيام الجاهلية فجاءها فسألها أن ترقيه فقالت والله ما رقيت منذ أسلمت فذهب الأنصاري إلى رسول الله فاخبره بالذي قالت الشفاء.

    فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الشفاء فقال ” اعرضي علي فعرضتها عليه فقال ارقيه وعلميها حفصة كما علمتها الكتاب” ويروي أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة: أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح، وأن عمر بن الخطاب غدا إلى السوق، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق، فمر على الشفاء أم سليمان فقال لها: لم أرى سليمان في صلاة الصبح، فقالت له: إنه بات يصلي فغلبته عيناه، فقال عمر: لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة، وكان عمر يقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها.

    وقال أبو خيثمة: رأت الشفاء بنت عبد الله فتيانًا يقصدون في المشي ويتكلمون رويدًا، فقالت: ما هذا؟ قالوا: نساك، فقالت: كان والله عمر إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، وهو والله ناسك حقًا، وقد روت هذه الصحابية أحاديث عدة، فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الشفاء ابنة عبد الله قالت : ” ثم جئت يوما حتى دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فشكوت إليه فجعل يعتذر إلي وجعلت ألومه، قالت ثم حانت الصلاة الأولى فدخلت بيت ابنتي وهي أم شرحبيل ابن حسنة فوجدت زوجها في البيت فجعلت ألومه فقلت: قد حضرت الصلاة وأنت ها هنا؟

    فقال: يا عمة لا تلوميني كان لي ثوبان استعار أحدهما النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت بأبي أنت وأمي، أنا ألومه وهذا شأنه؟ فقال شرحبيل: إنما كان أحدهما درعا فرقعناه” وعن ولدها سليمان بن أبى حثمة عن الشفاء بنت عبد الله قالت : دخل على بيتي عمر بن الخطاب فوجد عندي رجلين نائمين فقال: ما شأن هذين ما شهدا معنا الصلاة ؟ قلت يا أمير المؤمنين صليا مع الناس، وكان ذلك في رمضان فلم يزالا يصليان حتى أصبحا وصليا الصبح وناما فقال عمر: لأن أصلي الصبح في جماعة أحب إلي من أن أصلي ليلة حتى أصبح” .

    ومن حديث الشفاء بنت عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث عبد الله بن حذافة السهمي منصرفا من الحديبية إلى كسرى وبعث معه كتابا مختوما فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أدعوك بداعية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت فإن عليك إثم المجوس ” قال عبد الله فانتهيت إلى بابه فطلبت الإذن عليه، حتى وصلت إليه، فدفعت إليه كتاب رسول الله.

    فقرئ عليه، فأخذه ومزقه، فلما بلغ ذلك رسول الله، قال: مزق الله ملكه، وعن ابن شهاب قال، قال عمر بن عبد العزيز لأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة: من أول من كتب من عبد الله أمير المؤمنين؟ فقال: أخبرتني الشفاء بنت عبد الله وكانت من المهاجرات الأول، أن لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم قدما المدينة فأتيا المسجد فوجدا عمرو بن العاص فقالا يا ابن العاص استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقال: أنتما والله أصبتما اسمه فهو الأمير ونحن المؤمنون، فدخل عمرو على عمر فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: ما هذا؟ فقال: أنت الأمير ونحن المؤمنون، فجرى الكتاب من يومئذ. رواه الطبراني

    وروي عن الشفاء بنت عبد الله أنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سئل عن أفضل الأعمال، فقال: ” إيمان بالله وجهاد في سبيل الله وحج مبرور” وعن محمد بن سلام قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى الشفاء بنت عبد الله العدوية أن أغذي علي قالت: فغدوت عليه فوجدت عاتكة بنت أسيد بن أبي العاص ببابه فدخلنا فتحدثنا ساعة فدعا بنمط فأعطاها إياه ودعا بنمط دونه وأعطانيه قالت فقلت: يا عمر أنا قبلها إسلاما وأنا بنت عمك دونها وأرسلت إلي وأتت من قبل نفسها، قال: ما كنت رفعت ذلك إلا لك فلما اجتمعتما تذكرت أنها أقرب إلى رسول الله منك، وتوفيت الشفاء بنت عبد الله سنة عشرين للهجرة، في خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين.

  • نسائم الإيمان ومع أَرْوَى بنت كُريز

    نسائم الإيمان ومع أَرْوَى بنت كُريز

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    الصحابيه أَرْوَى بنت كُريز بن ربيعة بنت حبيب بن عبد شمس العبشمية والدة عثمان بن عفان، وأمها هى البيضاء بنت عبد المطلـب عمّة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العبشمية القرشية الكنانية، وقال ابن منده وأبو نعيم، هي أروى بنت كريز بن عبد شمس، وعبد شمس هو توأم جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هاشم بن عبد مناف الشقيق وهو جد الخلفاء الأمويين.

    وإليه ينتسب معاوية بني أبي سفيان وعثمان بن عفان وزوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رملة بنت أبي سفيان، وهى أم حبيبه، وعتاب بن أسيد وخالد بن سعيد بن العاص ومنه العاص بن أمية بن عبد شمس وحرب بن أمية بن عبد شمس، وكانت أمها هى أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الهاشمية القرشية الكنانية، عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    وقد تزوجها عفان بن أبي العاص بن أمية، فولدت له عثمان بن عفان، وآمنة ابني عفان، ويقول قائل إن أم حكيم عندما ولدت أبنتها آروى سمعت في المنام قايل يقول لها رب فلمس صميم لمسور حليم ومقسم كريم وشاعر عزوم في بطن أم حكيم . فولدت آروى عثمان بن عفان فهد القلمس الحليم والمقسم والمطرف فهو عبدالله بن عمرو بن عثمان وكان أهل زمانه يقال له المطرف لجماله، ثم تزوجها عقبة بن أبي معيط، فولدت له الوليد، وعمارة، وخالداً، وأم كلثوم، وأم حكيم، وهنداً، وعقبة بن أبي معيط كان من كبار مشركي قريش وكان يضع سلا الجزور أى الأوساخ التي تخرج مع الجمل الصغير.

    أثناء الولادة، بطريق الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وحاول مرة خنقه بيده، وكان عقبة بن أبي معيط من وجهاء قريش وكان خليلا لأمية بن خلف الجمحي، وكان عقبة يجالس النبي صلى الله عليه وسلم، بمكة لا يؤذيه، وكان رجلا حليما، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه، وكان قد صنع وليمة فدعا إليها قريشا، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأتيه إلا أن يسلم، وكره عقبة أن يتأخر عن طعامه من أشراف قريش أحد فأسلم ونطق بالشهادتين، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكل من طعامه وكان خليل أبي معيط أمية بن خلف غائبا عنه بالشام.

    فقالت قريش: صبأ أبو معيط، ولما قدم خليله من الشام ليلاً، قال: ما فعل خليلي أبو معيط؟ فقالوا: صبأ، فبات بليلة سوء، فلما أصبح أتاه أبو معيط، فحياه، فلم يرد عليه التحية، فقال: مالك لا تردّ عليّ تحيتي؟، فقال: كيف أرد عليك تحيتك، وقد صبوت؟ قال: أو قد فعلتها قريش؟ قال: نعم، فقال عقبة: رأيت عظيما ألا يحضر طعامي رجل من أشراف قريش، فقال له أمية: وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا قال أبو معيط: فما يبريء صدرك إن أنا فعلته؟ فقال له خليله: لا أرضى حتى ترجع تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه، وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم وتبصق في وجهه وتطأ عنقه وتقول كذا وكذا وكذا.

    ففعل عدو الله ما أمره به خليله، طاعة لخليله وإرضاءً له ولما بصق عقبة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه، حتى أثر في وجهه وأحرق خديه، فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل، فنذر النبي صلى الله عليه وسلم قتله فلما كان يوم بدر، وخرج أصحابه أبى أن يخرج، فقال له أصحابه: أخرج معنا، قال: وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا، فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك، فلو كانت الهزيمة طرت عليه، فخرج معهم، فلما هزم الله المشركين، وحمل به جمله في جدود من الأرض.

    فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيرا في سبعين من قريش، وقدم إليه أبو معيط، فقال: أتقتلني من بين هؤلاء؟ قال: ” نعم بما بزقت في وجهي “، فأنزل الله في أبي معيط: ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا) وروى عن ابن عباس قال: أسلمت أم عثمان، وأم طلحة، وأم عمار بن ياسر، وأم عبد الرحمن بن عوف، وأم أبي بكر الصديق، والزبير، وأسلم سعد وأمه في الحياة، وقيل: هي أروى بنت عميس وليس بشيء، وقد أسلمت أروى بنت كريز رضي الله عنها وهاجرت إلى المدينة بعد ابنتها أم كلثوم بنت عقبة وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ولم تزل بالمدينة حتى ماتت في خلافة ابنها عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وكانت السيده أروى مشهورة كعادة العرب بالكرم والجود وإنزال الضيف ومنذ أن ظهر الدين الإسلامي وأسلم أبنها عثمان فلم تنكر ذلك عندما آشتكى عقبه بن ابي معيط عثمان لأمه وهي غير مسلمه قال له من ينصر محمد دوننا فأموالنا وأنفسنا فداء له، وبهذا الإيثار العظيم حرصت آروى على الإسلام وحرص أبنها عثمان على إسلامها فأسلمت ففرح ابنها عثمان بذلك كثيراً وهاجرت إلى المدينه، فكانت من أعظم وأجل الصحبيات فيكفها فخراً أنها أم عثمان بن عفان صاحب الهجرتين، والمصلي إلى القبلتين.

    وذي النورين لم يزوج رجل في التاريخ بنتي نبى غيره فقد تزوج رقية ثم أم كلثوم بنتا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فكان له شرف أن يكون حماه لاكرم اختين في تاريخ البشريه، وقد عاشت وشهدت أحداث العهد المكي والمدني وأشتعل الرأس شيباً وماتت في خلافه أبنها عثمان، وتوفيت وعمرها تسعون سنه دفنها أبنها عثمان رضي الله عنه وقف على قبرها يدعولها فهناك قول الشاعر : إذا الكريم مضى وولي عمره كفل الثناء له بعمر ثاني، روى محمد بن عمر أخبرنا داود بن بكر بن أبي الفرات الأشجعي قال: سمعت عبد الله بن كعب مولى آل عثمان.

    قال: سمعت عبد الله بن حنظلة بن الراهب قال: شهدنا أم عثمان بن عفان يوم ماتت فدفناها بالبقيع، فرجع وقد صلى الناس في المسجد فصلى عثمان وحده في المسجد وصليت إلى جانبه، قال: فسمعته وهو ساجد يقول: اللهم ارحم أمي، أو اللهم اغفر لأمي، وذلك في خلافته، وروى محمد بن عمر أخبرنا إسحاق بن يحيى أخبرني عمي عيسى بن طلحة قال: رأيت عثمان بن عفان حمل سرير أمه بين العمودين من دار غطيش، فلم يزل يحملها كذلك حتى وضعها بموضع الجنائز، قال: ورأيته بعد أن دفنها قائماً على قبرها يدعو لها.

  • نسائم الإيمان ومع آمنه بنت محصن الأسدى

    نسائم الإيمان ومع آمنه بنت محصن الأسدى

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    إن التضحية فى سبيل الله عز وجل، شئ عظيم وهي بذل كل ما يستطيع المسلم تقديمه وبذله من النفس والمال، والوقت والحياة والجهد، وكل شيء ابتغاء مرضاة الله تعالى وفي سبيله، لأجل إعلاء دينه سبحانه، وسيادة شرعه، وإظهار الحق، وكسر شوكة الباطل، ونشر الإسلام، وهداية الناس إلى صراط الله المستقيم، ليفوزوا بسعادة الدارين، ولقد اقتضت حكمة الله عز وجل ومشيئته أن تكون الأمة الإسلامية ذات رسالة سامية، وحاملة أمانة عظيمة وثقيلة، ألا وهي أستاذية العالم وقيادة البشرية، والأخذ بيدها إلى الطريق المستقيم، ومعنا صحابيه جليله من صحابيات النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    وهى آمنة بنت محصن الأسدي هي صحابية جليلة، وهى أم قيس بنت محصن بن حرثان بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي وكنيتها أم قيس وهي أخت عكاشة بن محصن الأسدي وكانت من المهاجرات الأوليات، ويقال إن اسمها أمية، وآمنة بنت محصن، هي أُخت عكاشه بن مِحصن وهو من أهل بدر حلفاء حرب بن أُميّة، وكان عكاشة بن مِحصَن، صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، ومن المهاجرين، وقد قُتل في حروب الردة في معركة بزاخة، وتوفى فى السنه الحادية عشره من الهجره، وكان عُكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس الأسدي حليفا لبني عبد شمس بن عبد مناف.

    وقد أسلم عكاشة قديما، فكان من السابقين إلى الإسلام، وقد هاجر عكاشة إلى يثرب، وشهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها، وقد أبلى في غزوة بدر بلاء حسنًا، وحتى انكسر في يده سيفه، كما استعمله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على سريتين الأولى في ربيع الأول سنة سته من الهجره، إلى بني أسد في أربعين رجلاً، فغنم منها دون أن يلق قتال، والثانية في ربيع الآخر سنة تسعه من الهجره، إلى أرض بني عذرة وبلي، وقد بشّره النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه ممن يدخلون الجنة بغير حساب، وبعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    قد ارتدت معظم القبائل العربية عن الإسلام، فخرج عكاشة في حروب الردة، وكان في جيش خالد بن الوليد الذي خرج لقتال بني أسد، ولما وصل خالد بُزاخة، بعث عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم على فرسيهما ليتحسسا أخبار بني أسد، فلقيا طليحة بن خويلد وأخوه سلمة بن خويلد، فقتل طليحة وأخوه عكاشة وثابت قُبيل معركة بزاخة التي وقعت سنة الحادية عشره من الهجره، وكان عمر عُكاشة حين قُتل خمسه وأربعين سنة، وكان من أجمل الرجال، وله رواية للحديث النبوي عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رواها عنه أبو هريرة وعبد الله بن عباس، وهو صاحب الحديث سبقك بها عكاشة وهي من الأمثال الشائعة.

    وهو من كلام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لمّا ذكر الذين يدخلون الجنة بغير حساب، قام إليه عكاشة بن محصن، فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال صلى الله عليه وسلم : ” نعم، أنتم منهم يا عكاشه ” فقام رجل آخر فقال مثل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ” سبقك بها عكاشة ” وقد أسلمت أم قيس بمكة قديما، وبايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة مع أهل بيتها، وقيل أن أم قيس بنت مِحْصن الأسدية، أى هى من أسد خزيمة، وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

    وقيل أنها أتت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بابن لها قد أعلقت عليه من العُذرة، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ” علام تذغرن أولادكن بهذا العلاق، عليكم بالعود الهندى، فإن فيه سبعة أشفيه، منها ذات الجنب”، وهو صلى الله عليه وسلم، يريد الكُست، وهو العود الهندي، وعن أم قيس بنت مِحصن أنها قالت: دخلت بابن لي على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، لم يأكل الطعام، فبال عليه، فدعا بماء فرشه عليه، قال أبو عمر: روى عنها من الصحابة، وابصة بن مَعبد، وعن أبي الأسود، عن دُرَّة بنت معاذ أنها أخبرته عن أم قيس أنها سألت النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنتزاوَرُ إذا متنا، يزور بعضنا بعضا؟

    فقال صلى الله عليه وسلم : ” يكون النسم طائرا يعلق بالجنه، حتى إذا كان يوم القيامه دخل كل نفس فى جثتها ” وقال العقيلي، إن أم قيس هذه أنصارية، وليست بنت محصن، وعن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الحسن مولى أم قيس، عن أم قيس، قالت: تُوفي ابن لي فجزعت، فقلت للذي يغسله: لا تغسل ابني بالماء البارد فتقتله، فذكر ذلك عكاشة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: ” ما لها طال عمرها، قال فلا نعلم امرأه عمرت ما عُمرت، وقد ذكرها عدد من العلماء في كتبهم، فذكرها الإمام ابن حجر العسقلاني : وقال عنها صحابية مشهورة، وقد ذكرها الإمام الذهبي.

    وقال عنها من المهاجرات الأوائل، وقد ذكرها الإمام المزي، وقال عنها لها صحبة، وهى صحابية جليلة من المهاجرات الأوليات، تلقّب بأم قيس، وأخت الصحابي الجليل عكاشة بن محصن، وقد أسلمت آمنة بمكة المكرمة قديماً، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة المنورة مع أهل بيتها، فكانت من المهاجرات الأُوائل اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقيل أنها روت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حديثان، وروي عن أم قيس بنت محصن قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعكاشة ابن أربع وأربعين سنة.

    هذا ولم نعثر على ترجمة واضحة لآمنة تبين عمرها وتاريخ وفاتها، ورغم ذلك فقد اعتبرت بأنها صحابية مهاجرة وفي أسمى مراتب العدالة والتوثيق، وهكذا هو جيل الصحابه الكرام من أجل أداء هذه الرسالة وتلك الأمانة، أمرهم الله عز وجل بالجهاد، إذ إنها تكليف قبل أن تكون تشريفا، وحيث أُمِروا بالجهاد لنصرة الدين، وهداية العالمين، فإن التضحية من لوازمه، بل لا يمكن أن تتحقق ثمرة، أو تحصل نصرة مع غياب التضحية، وهكذا فهم المسلمون الأوائل وطبقوا هذا الفهم الذي رباهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فظهر الدين مع كره الكافرين، وتبوأت الأمة مكانتها التي اختارها الله لها، وقامت بأداء الأمانة خير قيام، فعم الضياء وتبدد الظلام، وسعد جميع الأنام بقيادة أمة الإسلام.

  • نسائم الإيمان ومع أم كلثوم بنت عقبه

    نسائم الإيمان ومع أم كلثوم بنت عقبه

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    أم كلثوم بنت عقبة بن معيط ، وهى صحابية من صحابيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أول من هاجر من النساء بعد أن هاجر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، ولم نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلى الله ورسوله إلا أم كلثوم بنت عقبة، فقد خرجت من مكة وحدها وصاحبت رجلا من خُزاعة حتى قدمت المدينة في الهدنه لصلح الحديبيه، واسمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، الأموي، وأمية بن عبد شمس هو الجد الجامع لبني أمية إحدى بطون قبيلة قريش الكنانية المضرية العدنانية.

    وأمها هي أروى بنت كريز بن ربيعة، وأم كلثوم هي أخت عثمان بن عفان لأمه، فقد كانت أروى بنت كريز، زوجة عفان بن أبي العاص، والد عثمان، فلما مات عفان، تزوجها عقبة بن أبي معيط، ونشأت أم كلثوم في أسرة لها أب شديد الكره والعداء للإسلام وللنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك كان إخوتها: عمارة والوليد وخالد، ورغم هذه البيئة المُعادية للنبي صلى الله عليه وسلم، والكارهة للإسلام، فإن أم كلثوم تفكرت سرًّا في دعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وقارنت بين أصنام متعددة من الحجر أو العجوة صنعها الناس بأيديهم، وهي لا تضر ولا تنفع.

    وبين إله واحد لا شريك له، خلق الكون كله، فهداها تفكيرها إلى الإله الواحد، وقد زادت كراهيةُ إخوة أم كلثوم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والمسلمين بعد مقتل أبيهم في غزوة بدر، فقد خرج أبوها للقتال مع المشركين فقُتل وانهزم المشركون، وقد أسلمت في مكة المكرمه وبايعت النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يتهيأ لها الهجرة إلى سنة سبع للهجرة، وكان خروجها فى زمن صلح الحديبية، وكان من الأمور الصعبة على أم كلثوم كفتاة وحيدة الخروج وحدها لتقطع الطريق إلى المدينة دون حماية فخرجت أم كلثوم ورغم المخاطر من مكة وحدها.

    وفي الطريق قام بحراستها أحد المؤمنين من قبيلة خزاعة وفي ذلك الوقت لم تنزل بعد آيات التحريم والحجاب، وعندما بلغت المدينة، ولم تكن تعلم أن أخويها: الوليد وعمار قد انطلقا من مكة خلفها، فلم يمض يوم على استقرارها في المدينة حتى وصلا إلى المدينة وتقدما إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ليقولا له “أوف لنا بشرطنا وما عاهدتنا عليه”، وكان المشركون قد شرطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الحديبية: إنه من جاء من قبلنا وإن كان على دينك رددته إلينا ومن جاءنا من قبلك رددناه إليك، فكان يردّ إليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه.

    فلما جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة جاء أخواها يريدان أن يخرجاها ويرداها إليهم، فوقفت أم كلثوم بجرأة لتقول: ” يا رسول الله أنا امرأة وحال النساء إلى الضعف ما قد علمت، أفتردني إلى الكفار يفتنونني في ديني ولا صبر لي” فجاءت فيها وفي النساء من مثل حالتها، سورة الممتحنة “إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن” فكان يقول لهن محلفا: ” الله ما أخرجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام، ما خرجتن لزوج ولا مال ؟ فإذا قلن ذلك، لم يرجعهن إلى قومهن، وعندما قالت أم كلثوم هذا، التفت الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى الوليد وعمارة قائلا.

    ” قد أبطل الله العهد في النساء بما قد علمتاه”، فانصرفا، وذكر ابن إسحاق أن أخويها رحلا بعد رفض النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يردها إليهماوفي المدينة تزوجت أم كلثوم من أربعة من الصحابة الكرام فى حياتها، فتزوجت زيد بن حارثة الذي قتل يوم مؤتة، وبعده تزوجت من الزبير بن العوام، وولدت زينب ثم طلقها، فتزوجت مرةً أخرى من أغنى الصحابة عبد الرحمن بن عوف فولدت له إبراهيم وحميداً وإسماعيل، وعندما توفي عنها، تزوجها عمرو بن العاص وقد توفيت بعد شهر من زواجه وذلك في فترة خلافة الإمام علي بن أبى طلب رضى الله عنه.

    وبهذا كانت هجرة أم كلثوم خيرا وبركة على المهاجرات اللاتي أتين مِن بعدها، حيث صارت أي امرأة تؤمن بالله ورسوله لا تخشى أن يُعيدها النبي إلى الكفار بسبب المعاهدة صلح الحديبية، وقد جاءت بالفعل بعد أم كلثوم بنت عقبة نساء كثيرات أسلمن، وتركن مكة وهاجرن إلى المدينة فرارا بدينهن من أذى الكفار، ولما قدمت أم كلثوم من مكه إلى المدينه كانت ما تزال فتاة صغيرة السن لم تتزوج بعد، وقد أعجب بصدق إيمانها وشجاعتها كثير من الصحابة، فتقدم لخطبتها الزبير بن العوام، وزيد بن حارثة، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، فاستشارت أخاها لأمها عثمان بن عفان.

    فأشار عليها أن تأتي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فتستشيره، فأتته، فأشار عليها بزيد بن حارثة، فتزوجته وعاشا في سعادة وخير، وولدت له ابنا وابنة، لكنهما ماتا صغيرين، ثم إن زوجها زيدا قُتل يوم غزوة مؤتة، فتزوجها الزبير بن العوام، فولدت له زينب، ثم طلقها، فتزوجها عبد الرحمن بن عوف، فولدت له أولادا، ومات عنها، فتزوجها عمرو بن العاص، لكنها لم تلبث أن ماتت بعد زواجها منه بشهر، وقد روت هذه الصحابية عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عشرة أحاديث في مسند بقي بن مخلد، ولها أيضاً في الصحيحين حديث واحد، وهو حديث حالات الكذب.

    وهو عن عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا رواه البخاري، وعنها أنها قالت ولم أسمعه، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم،” يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث الحرب والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها” رواه أحمد ومسلم، وعن عبد الله بن أبي أحمر قال: قالت أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط: “أنزل فيّ آيات من القرآن.

    وكنت أول من هاجر في الهدنة حين صالح رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قريشاً على أنه من جاء رسول الله بغير إذن وليه رده إليه، ومن جاء قريشاً ممن مع رسول الله لم يردوه إليه، قالت: فلما قدمت المدينة قدم عليّ أخي الوليد بن عقبة، قالت: ففسخ الله العقد الذي بينه وبين المشركين في شأني، فأنزل الله:” يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ” إلى قوله: ” ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجوره ” ثم قالت: ثم أنكحني رسول الله صلى الله عليه وسلم، زيد بن حارثة، وكان أول من نكحني فقلت: يا رسول الله، زوجت بنت عمك مولاك؟

    فأنزل الله: ” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ” قالت: فسلمت لقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم” ثم قتل عني فأرسل إلى الزبير بن العوام أبي بن خالد فاحبسني على نفسه، فقلت نعم، فأنزل الله: ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سراً إلا أن تقولوا قولاً معروفاً ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) قالت: ثم حللت فتزوجت الزبير، وكان ضراباً للنساء، فوقع بيني وبينه بعض ما يقع بين المرء وزوجه فضربني وخرج عني وأنا حامل في سبعة أشهر.

    فقلت: اللهم فرق بيني وبينه، ففارقني فضربني المخاض فولدت زينب بنت الزبير، فرجع وقد حللت فتزوجت عبد الرحمن بن عوف، فولدت عنده إبراهيم ومحمداً وحميداً بني عبد الرحمن بن عوف، وعن عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه: أن أم كلثوم بنت عقبة كانت تحت الزبير بن العوام، وكانت له كارهة، وكان شديداً على النساء، فكانت تسأله الطلاق فيأبى، فضربها المخاض وهو لا يعلم، فألحت عليه يوماً وهو يتوضأ للصلاة فطلقها تطليقة، ثم خرج إلى الصلاة فوضعت، فأتبعه إنسان من أهله وقال: إنها وضعت، قال: خدعتني خدعها الله، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له.

    فقال: سبق فيها كتاب الله، أخطبها قال: لا، لا ترجع إلي ذكر اللعان” وروى عنها ابناها: حميد، وإبراهيم، وبسرة بنت صفوان، وروى لها الجماعة، سوى ابن ماجه، وساق أخبارها ابن سعيد وغيره، وهكذا كانت أم كلثوم، صحابية جليلة، ضربت لنساء الأمة الإسلامية أروع مثال للمرأة المدافعة والمحبة لدينها ولرسولها، والتي لا تخاف في الله لومة لائم في قول الحق، وكان لها دور فعال في رواية أحاديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ونزل فيها قرآن ثلاث مرات، وفي نهاية المطاف تزوجت أم كلثوم عمرو بن العاص ، وقد توفيت بعد شهر من زواجه.

  • نسائم الإيمان ومع السيده بركه بنت ثعلبه

    نسائم الإيمان ومع السيده بركه بنت ثعلبه

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن، وهي أم أيمن، غلبت عليها كنيتها، كنيت بابنها أيمن بن عبيد، وهي بعد أم أسامة بن زيد، وأم أيمن بركة بنت ثعلبة الحبشية حاضنة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومربيته، وهي زوجة الصحابي زيد بن حارثة وأم أسامة بن زيد، وقد ورثها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عن أمه، ثم أعتقها، فبقيت ملازمة له طيلة حياتها، وكنيتها التي اشتهرت بها هي أم أيمن، وتُكنى أيضا بأم الظباء، ومن ألقابها مولاة رسول الله وحاضنة رسول الله، وأمة رسول الله، وولدت أم أيمن في الحبشة، فهي حبشية، غنتمها قريش مع من جاؤوا يريدون هدم البيت.

    فأصبحت مولاة لعبد الله بن عبد المطلب، وعاشت في مكة، لا يُعرف الكثير عن سنة مولدها وحياتها قبل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك لكونها جارية، ولما توفي عبد الله ووضعت زوجته آمنة بنت وهب مولودها الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أخذته أم أيمن واحتضنته حتى بلغ أشده، ولما تزوج السيدة خديجة بنت خويلد أعتقها، فكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يقول عنها: ” أم أيمن، أمي بعد أمي ” وقد أسلمت قديما أول الإسلام، وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أسلمت أم أيمن أول الإسلام، وقيل أسلمت أم أيمن مبكرا بعد خديجة وعلي وزيد.

    وبعدما استشهد زوجها عبيد الخزرجي قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة، فليتزوج أم أيمن ” فتزوجها زيد بن حارثة، وأنجبت له أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من مواقفها مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم،وهو أنه لما حضرت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، صغيرة، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضمها إلى صدره ثم وضع يده عليها فقضت، وهي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت أم أيمن فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، “يا أم أيمن، أتبكين ورسول الله عندك؟”

    فقالت: ما لي لا أبكي ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يبكي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إني لست أبكي ولكنها رحمة”، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، “المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله، وقالت أم أيمن رضي الله عنها: قام النبي صلى الله عليه وسلم، من الليل إلى فخارة من جانب البيت فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشى فشربت ما في الفخارة وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “يا أم أيمن، قومي إلى تلك الفخارة فاهريقي ما فيها” قلت: قد والله شربت ما فيها، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بدت نواجذه.

    ثم قال: “أما أنك لا يفجع بطنك بعده أبدًا” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لأم أيمن: “يا أمه”، وكان إذا نظر إليها قال: “هذه بقية أهلي بيتي” وقد خرجت أم أيمن يوم أحد لسقاية الماء، ومداواة الجرحى، ولما رأت فرار الرجال في المعركة، كانت تحثو التراب في وجوه الذين فروا، وتقول لبعضهم: هاك المغزل وهات سيفك، ودافعت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بالسيف لما رأت الناس تفر من حوله، ثم اتجهت نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، تستطلع أخباره حتى اطمأنت على سلامته فاطمأن قلبها، وبينما كانت هناك إذ بسهم حبان بن العرقة يصيبها، فانكشف عنها، فضحك ضحكا شديدا.

    فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فناول سعد بن أبي الوقاص رضي الله عنه سهمًا لا نصل له، وقال له: ارم، فأصاب السهم نقرة حبان فوقع مستلقيًا، وبدت عورته، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه، وقال: استقاد لها سعد أجاب الله دعوتك وسدد رميتك، وقد شهدت أم أيمن مع ابنها يوم حنين، وهنالك كادت الهزيمة تلحق بالمسلمين، ففر بعض الصحابة لهول الموقف، إلا أن أم أيمن بقيت ثابتة هي وابنها في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظل أيمن يقاتل حتى استشهد في تلك الواقعة، وقد أحصى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وفي تلك الواقعة نادت بالمسلمين وكانت عسراء اللسان.

    فقالت سبت الله أقدامكم وكانت تقصد ثبت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اسكتي يا أم أيمن، فإنك عسراء اللسان، وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، العديد من الأحاديث، منها “عن أم أيمن رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم، أوصى بعض أهل بيته، فقال: “لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت، وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء فاخرج، ولا تترك الصلاة متعمدا، فإنه من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله، إياك والخمر فإنها مفتاح كل شر، وإياك والمعصية فإنها تسخط الله، لا تنازعن الأمر أهله، وإن رأيت أنه لك لا تفر من الزحف.

    وإن أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت، أنفق على أهلك من طولك ولا ترفع عصاك عنهم، وأخفهم في الله” وعن أم أيمن قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، “لا يقطع السارق إلا في حجفة”. وقومت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، دينارًا أو عشرة دراهم، ويقول أنس: كان الرجل يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم، النخلات حتى افتتح قريظة والنضير، وإن أهلي أمروني أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم، فأسأله الذي كانوا أعطوه أو بعضه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد أعطاه أم أيمن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي تقول: كلا والذي لا إله إلا هو، لا يعطيكم وقد أعطانيها.

    أو كما قالت، والنبي صلى الله عليه وسلم، يقول: “لَك كَذَا” وتقول: كلا والله حتى أعطاها حسبت أنه قال، عشرة أمثاله، أو كما قال، وقال أبو بكر رضى الله عنه، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزورها، فلما انتهينا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها، وعن أم أيمن رضي الله عنهما.

    قالت: “ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، شكا صغيرا ولا كبيرا جوعا ولا عطشا، كان يغدو فيشرب من ماء زمزم، فأعرض عليه الغداء فيقول: لا أريده أنا شبع” وقالت أم أيمن يوم قتل عمر: اليوم وهي الإسلام، وكان النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يمازحها، فجاءته يوما وقالت له احملني، فقال: أحملك على ولد الناقة، فقالت: إنه لا يطيقني، ولا أريده، فقال ضاحكا: لا أحملك إلا عليه، يمازحها، فقال لها الناس: وهل الإبل إلا ولد النوق، وكان يذهب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويتناول عندها الطعام، ففي صحيح مسلم، ذهب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    مع أنس رضي الله عنه إلى أم أيمن يزورانها، فقربت له طعاما أو شرابا، فإما كان صائما، وإما لم يرده، فجعلت تخاصمه، أي تقول له: كُل، ويعتقد بأنها من المبشرين بالجنة، فقد جاء في الحديث المنقطع، قال سفيان بن عيينة، قال رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،” من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن” وقد دافعت عن عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك، فعندما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عائشة قالت: حاشى سمعي وبصري أن أكون علمت أو ظننت بها قط إلا خيرا، وقد اختلف في وفاتها، قال ابن كثير: توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم، بخمسة أشهر، وقيل ستة أشهر، وقيل إنها بقيت بعد قتل عمر بن الخطاب”.

  • نسائم الإيمان ومع السيده أم شريك

    نسائم الإيمان ومع السيده أم شريك

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    الصحابيه أم شريك، وكانت من السباقين لدخول الإسلام، وهى أم شريك الأنصارية، وهى الصحابية التي رواها الله من ماء السماء، وهي غزية بنت جابر بن حكيم قيل أنها كانت من بني النجار من قبيلة الخزرج، والأوس والخزرج قبيلتان من قبائل مازن بن الأزد، وقد هاجرت إبان انهيار سد مأرب، وهذا مُختلف فيه، لتستوطن يثرب أو ما يعرف اليوم بالمدينة المنورة في الحجاز، وقد اشتهرت هاتين القبيلتين بالأنصار لأنهم من نصروا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قام الرسول بالمؤاخاة بينهم وبين المهاجرين، وهم اليوم يلقبون بالأنصار، وقيل أنها من دوس من قبيلة زهران.

    وقبيلة زهران هى قبيله من قبائل العرب، وقيل من بني غفار من قبيلة كنانة، وقبيلة بني كنانة بكسر الكاف وفتح النونين، وواحدهم هو الكِناني، وهى قبيلة خندفية مضرية عدنانية ينتمي إليها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وموطنها الأصلي في السعودية ويتواجد معظمه أفرادها اليوم في العراق والأردن ومصر والسودان والأحواز وفلسطين وبشكل أقل في تونس والمغرب وسوريا واليمن، وقيل فى أم شريك الأكثر على أنها من بني معيص بن عامر بن لؤي من قبيلة قريش، وتنتسب قبيلة قريش كما هو مجمع عليه وباتفاق النسابين إلى نبي الله إسماعيل بن النبي إبراهيم عليهما السلام.

    وقد جاء في صحيح مسلم: “إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم”، وقال ابن القيم في زاد المعاد في ما بعد عدنان من النسب: ” إلى ها هنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين ولا خلاف فيه البتة وما فوق عدنان مختلف فيه، ولا خلاف بينهم أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام ” وأم شريك هي صحابية مختلف جدا في نسبها وهبت نفسها للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي التي وهبت نفسها للنبي قيل تزوجها أو خطبها وقيل لا، وعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال وقع في قلب ام شريك الإسلام فاسلمت وهي بمكة .

    وكانت تحت أبي العكر الدوسي ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرا فتدعوهن وترغبهن في الإسلام حتى ظهر امرها لاهل مكة فاخذوها وقالوا لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا لكنا سنردك إليهم، قالت فحملوني على بعير ليس تحتي شيء ثم تركوني ثلاثا لا يطعموني ولا يسقوني وكانوا إذا نزلوا منزلا أو ثقوني في الشمس واستظلوا هم منها وحبسوني عن الطعام والشراب فبينا هم قد نزلوا منزلا واوثقوني في الشمس إذا انا ببرد شيء على صدري فتناولته فاذا هو دلو من ماء أحلى من العسل و أبرد من الثلج فشربت منه قليلا ثم نزع مني فرفع ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع ثم عاد فتناولته ثم رفع مرارا ثم تركت فشربت

    حتى رويت ثم افضت سائره على جسدي وثيابي فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء ورأوني حسنة الهيئة فقالوا لي انحللت فاخذت سقاءنا فشربت منه قلت لا والله لكنه كان من الأمر كذا وكذا قالوا لئن كنت صادقة لدينك خير من ديننا، فلما نظروا إلى اسقيتهم وجدوها كما تركوها فاسلموا عند ذلك واقبلت إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فوهبت نفسها له بغير مهر فقبلها وخطبها، ولم ينتشر الإسلام على سنان الرمح، ولم تكن رهبة السيف سبب وقره في قلوب الناس، إنما لعظمته وتكامل عقيدته و شريعته، وعدم تناقضهما مع الفطر والعقول السوية، فحتى أولئك المكابرين الذين أسلموا بعد لَأْي من معارضته ومحاربة معتنقيه.

    ولم ينطقوا الشهادتين إلا عن قناعة، بعد تضعضع حجج أباطيلهم أمامه، واليوم سنحتفي بلقاء صحابية جليلة صدقت الرسالة، ونذرت عمرها فداء لها، فلاقت في سبيل ذلك أنكى أنواع التعذيب، لكنها صبرت واحتسبت، حتى نالت كرامة الله، وأسلم على يدها الكثير، هي أم شريك غزية الأنصارية رضي الله عنها، وقد كانت من بين السباقين إلى الدخول في الإسلام من أهل مكة المكرمة، هي وزوجها أبو العكر الدوسي رضي الله عنهما، فهاجر هذا الأخير مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وبقيت هي في مكة تكتم إسلامها، وعندما رأت ما حل بالمسلمين المستضعفين من اضطهاد وتضييق.

    وقد عقدت العزم على نصرة دين الله، وحملت هم الدعوة إليه، فأصبحت تفد على نساء مكة المكرمة، وتدعوهن في سرّية إلى الاسلام، حتى وُشِي بها واكتشف الكفار أمرها، فاستطارت جنان عقولهم، وكادوا يقتلونها، لولا تحالفهم مع قومها، لكنها بقيت ثابتة على دينها مشيحة بوجهها عن دعوتهم لها لترك الإسلام، وتروي عن نفسها رضي الله عنها كما جاء في الطبقات لابن سعد فتقول: “جاءني أهل أبي العكر فقالوا: لعلك على دينه، فقلت: إي والله، إني لعلى دينه، فقالوا: لا جرم لنعذبنك عذابا شديدا، تقول: فارتحلوا بنا من دارنا وكنا بذي الخلصة وهو موضعنا، فساروا يريدون منزلا فحملوني على جمل ثقال شر ركابهم.

    وأغلظهم، يطعموني الخبز بالعسل، ولا يسقونني قطرة ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس ونحن قائضون، نزلوا فضربوا أخبيتهم وتركوني في الشمس، حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري، ففعلوا ذلك بي ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه، قالت: فما دريت ما يقولونه إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بأصبعي إلى السماء بالتوحيد، فوالله إنّي لعلى ذلك وقد بلغني الجهد، إذ وجدت برد دلو على صدري فأخذته، فشربت منه نفسا واحدا ثم انتزع مني، فذهبت أنظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض، فلم أقدر عليه ثم دُلّي إليّ ثانية فشربت منه نفسا ثم رفع، فذهبت أنظر فإذا هو بين السماء والأرض.

    ثم دُليّ إليّ مرة ثالثة، فشربت منه حتى رويت وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، قالت فخرجوا فنظروا وقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟ قالت فقلت: إن عدو الله غيري من خالف دينه، وأما قولكم من أين هذا، رزقا رزقنيه الله، فانطلقوا سراعا إلى قربهم وأدواهم فوجدوها موكّأة لم تحل، فقالوا نشهد أن ربّك هو ربّنا، وأن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع، بعد أن فعلنا بك ما فعلنا، هو الذي شرع الإسلام، فهاهي أم شريك بصبرها وثباتها، تعضدها يد الله وتسقيها من ماء السماء، فتقذف الرعب في قلوب الكافرين بعدتهم وتعدادهم، وتجبرتهم على الإقرار بدين الحق بعد مكابرة وتجبّر.

    والإلتحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وقد قيل أنها أقبلَت أم شريك إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ووهبت نفسها له بغير مهر، فقبلها ودخل عليها، فلما رأى عليها كبرة طلقها، وقيل أنها هاجرت أم شريك الدَّوسيّة، فأقبلت تطلب من يصحبها إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فلقيت رجلا من اليهود، فقال: ما لك يا أم شريك؟ قالت: أطلب من يصحبني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: تعالي فأنا أصحبك؛ فصحبت يهوديا في الطريق، فأمست صائمة، فقال اليهودي لامرأته لئن سقيتها لأفعلن.

    فباتت كذلك حتى إذا كان في آخر الليل إذا على صدرها دلو موضوع، وصفن، والصَّفن، مثل الجراب أو المزود، فشربت، ثم بعثتهم للدلجة، فقال اليهودي إني لأسمع صوت امرأة، لقد شربت، فقالت لا والله أن سقتني، وكانت لها عكّة تعيرها من أتاها فاستامها رجل فقالت: ما فيها رُبّ، فنفختها فعلقتها في الشمس فإذا هي مملوءة سمنا، فكان يقال: ومن آيات الله عكّة أم شريك، وعن جابر، عن أم شريك أنها كانت عندها عكة تهدي فيها سمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فطلبها صبيانها ذات يوم سمنا فلم يكن فقامت إلى العكة لتنظر فإذا هي تسيل.

    قال: فصبّت لهم منه فأكلوا منه حينًا ثم ذهبت تنظر ما بقي فصبته كله ففني، ثم أتت رسول الله فقال لها: “أصببته؟ أما إنك لو لم تصبّيه لقام لك زمانا ” وفيما جاء في روايات أخرى أنه رفضها صلى الله عليه وسلم، فلم تتزوج حتى ماتت، وروى موسى بن محمد بن إبراهيم التيميّ، عن أبيه، قال: كانت أم شريك من بني عامر بن لؤي معيصيّة وهبت نفسها للنبي فلم يقبلها فلم تتزوّج حتى ماتت، رضي الله عنها وأرضاها وجعل الفردوس مثواها.

  • نسائم الإيمان ومع الصحابيه الربيع بنت النضر

    نسائم الإيمان ومع الصحابيه الربيع بنت النضر

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    الربيع بنت النضر بن ضَمضم ن زيد بن حرام بن جُندب بن عامر بن غَنم بن عدي بن النجار، واسمه تيم الله، بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة الأنصاري الخزرجي النجاري من بني عدي بن النجار، وهى الصحابية الربيع بنت النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام الأنصارية ، ويقال لها أم الربيع بنت البراء، وهى أخت أنس بن النضر، والصحابى أنس بن النضر، هو من شهداء غزوة أحد، وقد توفى الصحابى أنس بن النضر فى عام ثلاثه من الهجره، وهو صحابي من الأنصار من بني عدي بن النجار من الخزرج، ولم يشهد غزوة بدر مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    فحزن لذلك وقال : غبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلم، المشركين، ولئن أشهدني الله عز وجل قتالا ليرين الله ما أصنع، وغزوة بدر وتُسمى أيضا بغزوة بدر الكبرى وبدر القتال ويوم الفرقان، هي غزوة وقعت في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة بين المسلمين بقيادة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقبيلة قريش ومن حالفها من العرب بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي، وتُعد غزوة بدر أولَ معركة من معارك الإسلام الفاصلة، وقد سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئر مشهورة تقع بين مكة والمدينة المنورة.

    وبدأت المعركة بمحاولة المسلمين اعتراض عير لقريشٍ متوجهة من الشام إلى مكة يقودها أبو سفيان بن حرب، ولكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة، وأرسل رسولا إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، فاستجابت قريش وخرجت لقتال المسلمين، وكان عدد المسلمين في غزوة بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، معهم فَرسان وسبعون جملا، وكان تعداد جيش قريش ألف رجل معهم مئتا فرس، أي كانوا يشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريبا، وانتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش وقتل قائدهم عمرو بن هشام، وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلا.

    وقد أُسر منهم سبعون آخرون، أما المسلمون فلم يُقتل منهم سوى أربعة عشر رجلا، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار، وقد تمخَضت عن غزوة بدر عدة نتائج نافعة بالنسبة للمسلمين، منها أنهم أصبحوا مهابين في المدينة وما جاورها، وأصبح لدولتهم مصدر جديد للدخل وهو غنائم المعارك، وبذلك تحسّن حال المسلمين المادي والاقتصادي والمعنوي، فشارك أنس بن النضر في غزوة أحد، ولما وجد فرار المسلمين بعد الهزيمة، قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، ويعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، ويعني قريش، ثم تقدَم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر

    وإني أجد ريحها دون أحُد، فوجد بعدها مقتولا به بضعا وثمانين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، وقد مُثَّل بجثته، فما عرفه أحد إلا أخته الربيع بنت النضر ببنانه، وقد أثنى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على أنس بن النضر يوما حينما كسرت أخته الربيع ثنيَّةَ امرأة، فأمر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالقصاص، فقال أنس: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لا تُكسر ثنيتها، فرضوا بالأرش وتركوا القصاص، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، : ” إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرَّه”

    وقد استشكل إنكار أنس بن النضر كسر سن الربيع مع سماعه من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الأمر بالقصاص ثم قال ” أتكسر سن الربيع ” ؟ ثم أقسم أنها لا تكسر ، وأجيب بأنه أشار بذلك إلى التأكيد على النبي صلى الله عليه وسلم، في طلب الشفاعة إليهم أن يعفوا عنها ، وقيل كان حلفه قبل أن يعلم أن القصاص حتم فظن أنه على التخيير بينه وبين الدية أو العفو ، وقيل لم يرد الإنكار المحض والرد بل قاله توقعا ورجاء من فضل الله أن يلهم الخصوم الرضا حتى يعفوا أو يقبلوا الأرش ، وبهذا جزم الطيبي فقال : لم يقله ردا للحكم بل نفى وقوعه لما كان له عند الله من اللطف به.

    في أموره والثقة بفضله أن لا يخيبه فيما حلف به ولا يخيب ظنه فيما أراده بأن يلهمهم العفو ، وقد وقع الأمر على ما أراد، وفيه جواز الحلف فيما يظن وقوعه والثناء على من وقع له ذلك عند أمن الفتنة بذلك عليه ، واستحباب العفو عن القصاص ، والشفاعة في العفو ، وأن الخيرة في القصاص أو الدية للمستحق على المستحق عليه ، وإثبات القصاص بين النساء في الجراحات وفي الأسنان، وفيه الصلح على الدية ، وجريان القصاص في كسر السن ، ومحله فيما إذا أمكن التماثل بأن يكون المكسور مضبوطا فيبرد من سن الجاني ما يقابله بالمبرد مثلا.

    وقال أبو داود في السنن : قلت لأحمد كيف؟ فقال : يبرد، ومنهم من حمل الكسر في هذا الحديث على القلع وهو بعيد من هذا السياق، وكانت الربيع بنت النضر هى عمة أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم حارثة بن سراقة من شهداء غزوة بدر، وكانت هى هند بنت زيد بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار، وكان أخوتها هم، مَالك بن النضر بن ضَمضم، وهو والد أنس بن مالك و البراء بن مالك، والصحابى أبو حمزة ، أنس بن مالك النجاري الخزرجي صحابي خدم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو أحد المكثرين لرواية الحديث.

    وقد ولد أبو حمزة أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار في يثرب قبل الهجرة النبوية بعشر سنين، وهو ينتمي إلى بني النجار أحد بطون قبيلة الخزرج الأزدية خئولة جد النبي الكريم محمد عبد المطلب بن هاشم، فأم عبد المطلب هي سلمى بنت عمرو بن زيد بن أسد بن خداش بن عامر، فيلتقي بذلك نسب أنس بنسب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وقد قُتل أخوها مالك بن النضر أبو أنس في الجاهلية، فتزوجت أمه أم سليم مليكة بنت ملحان النجارية .

    وهي أيضا صحابية من أبي طلحة الأنصاري، وأنس أخو الصحابي البراء بن مالك
    وكان زوجها هو سُراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غَنم بن عدي بن النجار، وقد أنجبت منه حارثة بن سراقة ، وهو من شهداء غزوة بدر والصحابى حارثة بن سراقة قد توفي فى السنة الثانيه من الهجره، وهو صحابي من بني عدي بن النجار من الخزرج، وقد أسلم حارثة، وآخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بينه وبين السائب بن عثمان بن مظعون، وشهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،غزوة بدر، وفيها قُتل، وكان أول قتلى الأنصار في المعركة.

    وقد قتله حبّان بن العرقة بسهم، وهو يشرب من الحوض، فأصاب حنجرة حارثة فقتله، فجاءت أمه الربيع بنت النضر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقالت: يا رسول الله، قد عرفت موضع حارثة مني، فإن كان في الجنة صبرت، وإلا رأيت ما أصنع، فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” يا أم حارثة إنها ليست بجنة واحدة، ولكنها جنان كثيرة، وإن حارثة لفي أفضلها ” أو قال قد أصاب الفردوس الأعلى، وقد أسلمت أم حارثة وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن مواقف أم حارثة مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    أنه عن أنس أن أم حارثة أتت رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد هلك حارثة يوم بدر أصابه غرب سهم، فقالت: يا رسول الله، قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة لم أبك عليه وإلا سوف ترى ما أصنع؟ فقال لها: “هبلت أجنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة وإنه لفي الفردوس الأعلى” وقال: “غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم أو موضع قدم من الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنصيفها ويعني الخمار، خير من الدنيا وما فيها” .

  • نسائم الإيمان ومع السيده أسماء بنت يزيد

    نسائم الإيمان ومع السيده أسماء بنت يزيد

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    الصحابيّة الجليلة أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرؤ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث الأنصارية الأوسية الأشهلية، وتكنى بأم سلمة، وقيل: بأم عامر، وهى ابنة عم الصحابيّ الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، وأما أبوها فهو يزيد بن السكن، فقد استشهد في غزوة أحد، واستشهد أيضا أخوها عامر بن يزيد الذي جعل جسمه ترسا يدافع به عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوة نفسها، فلما بلغها استشهادهم خرجت تسأل عن حال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فلما رأته سالما قالت: كل مصيبة بعدك يا رسول الله هيّنة، وعرفت بحُسن نطقها، وبفصاحتها، وقوة البيان والحُجة والخطابة لديها.

    وكانت ذات عقل ودين، فقد كانت تذهب إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بأسئلة النساء ليجيب عنها، وكانت من أهم ملامح شخصية أسماء بنت يزيد، هو الجرأة في الحق، فقد كانت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الحلال والحرام، وهو يتعجب من حسن بيانها وشجاعتها، وأيضا من أهم ملامح شخصيتها هو حسن المنطق والبيان، فقد كان يطلق عليها خطيبة النساء، وكانت أيضا من أهم ملامحها هو الشجاعة، وقد شهدت اليرموك وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود فسطاطِها وعاشت بعد ذلك دهرًا، وكان من مواقف السيده أسماء بنت يزيد مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    أنها أتت السيده أسماء الى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو بين أصحابه فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، إن الله عز وجل بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز وجل، وإن الرجل إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مجاهدًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم، أفما نشارككم في هذا الأجر والخير.

    فالتفت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: “هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟” فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إليها فقال: ” افهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله” فانصرفت المرأة وهي تهلل، وقد عُني الإسلام بالمرأة وكرمها حق التكريم، فكرمها وليدة، وكرمها بنتا، وزوجة، وأماً، وأختا، وقد ذكر القرآن الكريم في آياته عددا من النساء ممّا كان لهن الدور البارز في تاريخ البشرية.

    كحواء، وأم موسى، ومريم بنت عمران وغيرهن، كما أن القرآن ذكر إجابات عن أسئلة النساء، أو حلا لمشاكلهن، وقد نزلت آيات في عدد من النساء كما نزلت آيات أخرى في عدد من الرجال، وقد تم تخصيص سور من القرآن الكريم في النساء، منها سورة النساء، وسورة الطلاق، وقد أقر الإسلام للمرأة حقوقا لم تكن تعرفها من قبل، كما أنه احترم رأيها واستمع إليه، وفي التاريخ الإسلامي هناك نماذج لنساء كن خير قدوة حَسنة، وخير أسوة طيبة لغيرهن من النساء، فكان منهن خطيبة النساء، فمن هي خطيبة النساء؟ لقد أسلمت السيده أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية على يد الصحابي الجليل مصعب بن عُمير.

    رضي الله عنه، وهي أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم ومعها كبشة بنت رافع أم سعد بن معاذ، وأختها حواء بنت يزيد بن السكن، وقد كانت أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، تعتز بأنها كانت من اللاتي سبقن إلى مبايعة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت تقول: أنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من بعض ما روت السيده أسماء بنت يزيد عن رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنها قالت أسماء بنت يزيد: مر بنا رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن في نسوة فسلم علينا وقال: “إياكن وكفر المنعمين” فقلنا: يا رسول الله، وما كفر المنعمين؟

    قال: “لعل إحداكن أن تطول أيمتها بين أبويها وتعنس، فيرزقها الله عز وجل زوجًا ويرزقها منه مالاً وولدًا فتغضب الغضبة، فراحت تقول: ما رأيت منه يوما خيرا قط، وقال مرة: خيرا قط” وقد روي الإمام أحمد عدة أحاديث لها ومنها عن أسماء بنت يزيد عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: ” العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة” وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “إني لست أصافح النساء” وعن أسماء بنت يزيد أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: “ألا أخبركم بخياركم؟” قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “الذين إذا رءوا ذكر الله تعالى”

    ثم قال: “ألا أخبركم بشراركم؟ المشاءون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت” وعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: “من بنى لله مسجدًا فإن الله يبني له بيتًا أوسع منه في الجنة” وعن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية رضي الله عنها قال: لما مات سعد بن معاذ صاحت أمه، فقال لها رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك، فإن ابنك أول من ضحك الله إليه واهتز له العرش” وعن أسماء بنت يزيد قالت: دعي رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى جنازة رجل من الأنصار.

    فلما وضع السرير تقدم نبي الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ليصلي عليه ثم التفت فقال: “على صاحبكم دين؟” قالوا: نعم يا رسول الله، ديناران، قال: “صلوا على صاحبكم” فقال أبو قتادة: أنا بدينه يا نبي الله، فصلى عليه، وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والرجال والنساء قعود عنده فقال: “لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها” فأزم القوم فقلت: أي والله يا رسول الله، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن، قال: “فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون”.

    وقد شهدت السيده أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كلا من غزوتي الخندق وغزوة خيبر، وخرجت معه في غزوة الحديبية، وبايعت بيعة الرضوان، وفي السنة الثالثة عشرة من الهجرة النبوية خرجت إلى بلاد الشام، لتشارك في معركة اليرموك في الشام، وكانت مشاركتها مع النساء من خلال سِقاية الجرحى وتضميدهم، وفي ضرب من يَفرّ من المعركة من جنود الإسلام، ومن القصص التي تُروى في شجاعتها أنها اقتلعت عمود الخيمة وأخذت تضرب به رؤوس الروم حتى قتلت يومها تسعة من جنودهم، وتوفيت السيده أسماء في حدود السبعين هجرية.

    وقبرها في دمشق بالباب الصغير، فكانت الصحابيّة الجليلة أسماء بنت يزيد رضي الله عنها غير معروفة لجميع الناس، والكثير من المسلمين في هذا العصر لم يسمعوا بها، إلا أن حياتها كانت حافلة بالعطاء والتميز، وقد توفيت أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها في سنة سبعين من الهجرة النبوية الشريفة، بعد أن عاشت في كنف الدولة الإسلامية مدة طويلة من الزمن، وقد عاصرت العديد من الخلفاء، وتم دفنها بعد وفاتها في مدينة دمشق بمنطقة تسمى بالباب الصغير.

  • نسائم الإيمان ومع السيده أم حرام بنت ملحان

    نسائم الإيمان ومع السيده أم حرام بنت ملحان

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    شهيدة البحر، أم حرام بنت ملحان، الأنصارية الخزرجية، هى أخت أم سليم، وخالة أنس بن مالك، وزوجة عبادة بن الصامت، رضى الله عنهم أجمعين، وهى من أوائل المسلمات بالمدينة، وهي أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن النجار الأنصارية الخزرجية، وكان أخواها سليم وحرام اللذين شهدا بدراً وأحداً، وكان حرام في سرية المنذر بن عمرو يوم بئر معونة، وكان أول من استشهد فيها، وهو القائل عندما طعن من الخلف بالرمح فزت ورب الكعبة، وأما عن حرام بن ملحان فهو صحابي من بني عدي بن النجار من الخزرج، وقد شهد غزوتي بدر وأحد، وقُتل يوم بئر معونة، وكان أول من قُتل يومها.

    وأم حرام بن ملحان هي إحدى السابقات الأنصاريات إلى الإسلام من آل ملحان من الصحابة الأخيار الذين تذوقوا حلاوة الإيمان، فسرت في نفوسهم محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، فربحوا الدنيا والآخرة، فهؤلاء الفائزون ساهموا رجالا ونساء، في دروب الخير من جهاد وعلم وكرم وإيثار وغير ذلك، وكان همّهم الفوز برضا الله عز وجل ومرضاة رسوله الكريم محمدصلى الله عليه وسلم، وحقا إنها أم حرام بنت ملحان بن خالد الأنصارية التجارية المدنية، وأم حَرام بنت ملحان أخت الغميصاء، والغميصاء هي أم سليم بنت ملحان، إحدى النساء الفاضلات المبشرات بالجنة اللاتي تركن أثرا مباركا وضاء في عصر النبوة.

    وفي مكة وبالتحديد في موسم الحج، عرض الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، نفسه على القبائل القادمة من أنحاء الجزيرة العربية، وكان من بين الذين لقيهم من أهل يثرب، ومن بني أخواله بني النجار حرام بن ملحان أخو أم حرام، وعبادة بن الصامت، زوجها، فشرح الله صدورهم له وتشبعوا بروح القرآن، وآمنوا بالله ربّا وبمحمد نبيّا، وكلما قرأ عليهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، آية أو سورة، صادفت في نفوسهم هوى وفي أفئدتهم تجاوبًا، وصاروا يرددونه في مجالسهم، وينشرونه في أهل المدينة بعد عودتهم إلى ديارهم، وصادفت آيات القرآن وسوره من أم حرام وأختها أم سليم تجاوبًا، فكانتا من أوائل المسلمات

    في المدينة، وفي العام المقبل وافى إلى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا فلقوا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، في العقبة وهي العقبة الأولى، وكان من بين النقباء الاثني عشر عبادة بن الصامت، الذي عاد مع بقية صحبه ينشرون الدين في كل أنحاء المدينة، حتى لم يبق بيت فيها إلا وفيه من يقرأ القرآن، واعتنقت الأختان أم حرام وأم سليم الدين الإسلامي، لأنه صادف ما فطرتا عليه من فضائل، فاستجابتا بسرعة وشرعتا بتطبيق مبادئه وتعاليمه، وأم حرام كذلك هي أم الشهيد قيس بن عمرو بن قيس وزوج الشهيد عمرو بن قيس وقد شهد ابنها بدرا، وشهد مع أبيه أحدا وقتلا يومها رضي الله عنهما، وحتى تكتمل أغصان هذه

    الشجرة المباركة، فقد تزوجها أحد ألابطال عُبادة بن الصامت، وما أدراك ما عُبادة، فهو من الموصوفين بالورع والفقه، وهو واحد ممن شهدوا العقبة مع السبعين من الأنصار، وهو أحد النقباء الاثني عشر، شهد بدرًا وأحدًا والخندق وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى مائه وواحدا وثمانينا حديثًا، وهو ممن جمع القرءان الكريم في عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كما شهد فتح مصر، وأقام بحمص، وهو أول من ولي قضاء فلسطين، وتوفي سنة أربعه وثلاثين من الهجره، في مدينة الرملة، وأنجبت أم حرام من الصحابى عبادة ابنها محمد بن عبادة بن الصامت وكان عبادة

    يُحسن إلى أم حرام وإلى ابنها عبد الله بن عمرو بن قيس ربيبه، وكان عبد الله بن عمرو هذا، خيِّرا فاضلا، وقد صلى القبلتين، وصحب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وروى عنه، وقد عاشت أم حرام مع زوجها عبادة بن الصامت الذي اقتبست منه معالم الخير والفضائل التي كانت موجودة فيه، فقد كان أحد كُتاب الوحي، وأحد معلمي القرءان وجامعيه، وأحد النجوم الأبرار ليلة العقبة، وبطلاً في معركة بدر، وعلمًا منيرًا في بيعة الرضوان، وغير ذلك من المكارم التي أخذتها منه، فشاركت في نصرة الإسلام ونشره رضي الله عنها وعنه، وكانت من أهم ملامح شخصية أم حرام بنت ملحان، هو الشجاعة وحب الجهاد.

    وذلك لطلبُها من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أن يدعو لها أن تكون من الغازين في البحر برغم عدم خبرة العرب في حروب البحار، وقد ساهمت في معارك أحد وحنين والخندق والفتح والطائف مع زوجها عبادة بن الصامت رضى الله عنهم جميعا، وقد اشتهرت الصحابية الجليلة أم حرام بالزهد والتقوى والورع، وهي كما قال عنها الذهبي: كانت من علية النساء، وكانت من أهم ملامح شخصية أم حرام بنت ملحان، هو العلم والفقه ورجاحة العقل، فقال عنها صاحب السير، كانت من علية النساء وقد حدث عنها أنس بن مالك وغيره، ومن مواقف أم حرام بنت ملحان مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    أنه كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت خالته من الرضاعة،ومعنى فتطعمه أى تضيفه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ” ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة ” وشك إسحاق، قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

    ثم وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ” ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله” كما قال في الأول قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم قال: “أنت من الأولين” فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت، وأم حرام راوية للحديث النبوي الشريف، فقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أحاديث، وروى عنها أجلاء الصحابة والتابعين، أخرج لها منها في الصحيحين حديث واحد متفق عليه، وقيل: إنها روت سبعة أحاديث، وقد روى عنها زوجها عبادة بن الصامت، وأنس بن مالك وعمير بن الأسود

    وعطاء بن يسار، ويعلى بن شداد بن أوس وغيرهم كثير، ومن الأحاديث التي روتها أم حرام بنت ملحان عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، هو انها روت عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، قال “أول جيش من أمتي يركبون البحر قد أوجبوا، وأول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم” وقد تمنت الصحابية الكريمة أم حرام رضي الله عنها أن تكون في قافلة الشهداء، وذلك لما سمعته عما للشهداء من منزلة وكرامة عند الله سبحانه وتعالى، فكانت الشهادة هدفًا تريد تحقيقه، وتسأل الله تعالى أن يكرمها بها إلى أن بشّرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ودعا لها بالشهادة وأخبرها بأنها شهيدة ستغزو البحر، ولما خرجت أم حرام مع زوجها عبادة غازية في البحر، فلما وصلوا إلى جزيرة قبرص خرجت من البحر، فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت ودفنت في موضعها، وذلك في إمارة معاوية وخلافة عثمان، ويقال: إن معاوية غزا تلك الغزاة بنفسه ومعه أيضا امرأته فاختة بنت قرظة من بني نوفل بن عبد مناف، وقيل أنها قربت لها لأم حرام، بغلة لتركبها فصرعتها فاندقت عنقها فماتت، وذلك بقبرس سنة سبعه وعشرين من الهجره، ودفنت بها.

  • نسائم الإيمان ومع السيده أم أسلم صاحبة الحصاة

    نسائم الإيمان ومع السيده أم أسلم صاحبة الحصاة

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    إن صاحبة الحصاة، هو لقب لثلاث من الراويات، وهن: حبابة الوالبية، وأم غانم، وأم أسلم والسبب في اشتهارهن بهذا اللقب كما ورد في الروايات هو أن کل واحدة منهن طلبت دلالة للتعرف علی الإمام والوصي من بعد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فطبع الإمام على رضى الله عنه، بخاتمه علی حصاة بحيث أن أثر الخاتم بقي على الحصاة وكانت هذه الكرامة دلالة علی أنه الإمام والوصي، وبحسب الروایات وقعت هذه الكرامة لأم أسلم، علی يد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه والأئمة من بعده حتی الإمام السجاد.

    ولأم غانم علی يد الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه، والأئمة من بعده حتی الإمام السجاد ولحبابة الوالبية، علی يد الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه، والأئمة من بعده حتی الإمام الرضا رضى الله عنهم أجمعين، وأم أسلم صاحبة الحصاة، من النساء الفاضلات اللواتي حُزن قصب السَّبق في مضمار العلم وولاء أهل البيت ومودتهم، واشتهرت كحبابة الوالبيّة، بأنها صاحبة الحصاة، وعُدّت في جملة الرواة عن الخليفة الراشدي علي، وهى صحابية جليلة، موالية لأهل البيت، وقد عمرت حتى أدركت الامام زين العابدين علي بن الحسين.

    وقد روي عن موسى بن اسماعيل بن عبيد الله بن العباس بن علي بن ابي طالب، قال : حدثني جعفر بن زيد بن موسى، عن ابيه، عن آبائه، قالو : جاءت أم أسلم إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو في منزل ام سلمة ، فسألتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت خرج في بعض الحوائج والساعة يجيء ، فانتظرته عند ام سلمة حتى جاء النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقالت ام اسلم : بابي انت وامي يا رسول الله، إني قد قرأت الكتب وعلمت أن لكل نبي وصي ، فموسى له وصي في حياته ووصي بعد موته وكذلك عيسى، فمن وصيك يا رسول الله؟

    فقال لها يا ام اسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد، ثم قال : من فعل فعلي فهو وصيي، ثم ضرب بيده إلى حصاة في الارض ففركها باصبعه فجعلها شبه الدقيق ثم عجنها ثم طبعها بخاتمه ، ثم قال : من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي، فخرجت من عنده فأتيت على بن أبى طالب رضى الله عنه، فقالت بابي أنت وامي، وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : نعم يا ام اسلم ، فضرب بيده إلى الحصاة ففركها فجعلها کهيئة الدقيق ،ثم عجنها فختمها بخاتمه ، ثم قال : يا ام اسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، فاتيت الحسن، وهو غلام فقلت له يا سيدي انت وصي ابيك ؟

    فقال : نعم يا ام اسلم ثم ضرب بيده واخذ حصاة ففعل بها كفعل جده وابيه، فخرجت من عنده فاتيت الحسين، واني استصغره لسنه فقلت : بابي انت وامي انت وصي اخيك ؟ فقال نعم يا ام اسلم آتيني بحصاة ثم فعل كفعلهم، فعمرت ام اسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين، بعد استشهاد الامام الحسين، في منصرفه فسالته : انت وصي ابيك ؟ فقال : نعم ، ثم فعل كفعلهم رضى الله عليهم اجمعين، وقد سئل عن قصة المرأة صاحبة الحصى الواردة في المصادر الحديثية التى ترد في الكافي ان اسمها ام اسلم وجاءت الى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو في منزل ام سلمة.

    وطبع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بخاتمة على الحصى وعمرت المرأة الى زمن علي بن الحسين عليه السلام وفعل الامام زين العابدين كما فعل الائمة الذين سبقوه من الطبع على الحصى، ويرد حديث اخر ان المرأة اسمها حبابة الوابلية وعمرت الى وقت الامام الرضا، وعاشت بعد ذالك تسعة اشهر، فهل الواقعة لنفس المرأة، وكان الجواب هو أنه قال القطب الراوندي في الخرائج، هو أن صاحبات الحصى ثلاث احداهن هي وتكنى ام غانم والثانية ام الهدى حبابة بن جعفر الوالبية والاولى اسمها سعاد من بني سعد بن ابي بكر بن عبد مناف، والثالثة تدعى ام سليم كانت قارئة الكتب ولكل واحدة خبر.

    والرواية التي ذكرت ام غانم رويت في الكافي برجال ثقات عدا اسحاق بن محمد النخعي الذي اختلف فيه وهناك رواية اخرى مؤيدة لها رويت في اعلام الورى بسند مختلف لم يرد فيه اسحاق النخعي، واما الرواية التي ذكرت حبابة الوالبية فقد ذكرها الكليني في الكافي الا ان في السند رواة مجاهيل، واما ام سليم او ام أسلم فقد ذكرت في الكافي ومقتضب الاثر بسندين مختلفين وسندها في الكافي فيه بعض من لم يصرح باسمه فالرواية مرسلة وسند المقتضب فيه من اختلف في وثاقته.

  • نسائم الإيمان ومع آمنه بنت الأرقم المخزوميه

    نسائم الإيمان ومع آمنه بنت الأرقم المخزوميه

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    سوف نتكلم فى هذا المقال عن صحابيه من صحابة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومعنى كلمة صحابى فهومصطلح إسلامي يقصد به حملة رسالة الإسلام الأولين، وأنصار النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والمدافعين عنه، والذين صحبوه وآمنوا بدعوته وماتوا على ذلك، والصحبة في اللغة هي الملازمة والمرافقة والمعاشرة، وقد رافق الصحابة رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، في أغلب فترات حياته بعد الدعوة، وساعدوه على إيصال رسالة الإسلام ودافعوا عنه في مرات عدة، وبعد وفاة رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

    فقد قام الصحابة بتولي الخلافة في الفترة التي عرفت بعهد الخلفاء الراشدين، وتفرق الصحابة في الأمصار لنشر تعاليم الإسلام والجهاد وفتح المدن والدول، وقاد الصحابة العديد من المعارك الإسلامية في بلاد الشام وفارس ومصر وخراسان والهند وبلاد ما وراء النهر، والسيده آمنة بنت الأرقم المخزومية الصحابية الجليلة، وكان النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يجتمع فى بيتها بالمؤمنين فى أوائل الدعوة إلى الأسلام، وكانت هى من أوائل من آمنوا بالإسلام، وكانت من عاصروا فجر الدعوة إلى الإسلام والهجرة إلى المدينة، وهى صاحبة البئر.

    وتعد من نساء الإسلام الأوائل اللاتي آمن وهاجرن مع بزوغ الدعوة وقد كان يجتمع النبي عليه الصلاة والسلام بالمؤمنين في مرحلة الدعوة السرية في بيت أبيها على الصفا، فكانت آمنة ممن عاصر فجر الدعوة وتابع فصولها، عندما هاجر المسلمون إلى المدينة، كانت آمنة في أول من هاجر، ولأنها من أوائل المسلمات ومن زمرة المهاجرات وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بئرا في المدينة ودعا لها فيها بالبركة، فكانت هذه البئر تدعى باسمها فيقال لها: بئر آمنة، وقد روى حفيدها أبو السائب المخزومي عنها أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أقطعها بئرا ببطن العقيق فكانت تسمى بئر آمنة.

    ومعنى بارك لها فيها، أي دعا لها بالبركة في بئرها، والعقيق هو واد خصيب في المدينة المنورة، وإن الإسلام هو ديانة إبراهيمية سماوية وتوحيدية، وهناك إله واحد فقط لهذا الكون العظيم وهو الله سبحانه وتعالى، وأن محمد هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإسلام هو ثاني أكبر دين في العالم، ويشكل المسلمون غالبية السكان في تسعه وأربعين دولة، ويُعلّمنا الإسلام أن الله عز وجل رحيم، ولديه القدرة الكلية، وهو واحد، وقد أرشد البشرية من خلال الأنبياء والرسل، والكتب المقدسة والآيات، والنصوص الأساسية في الإسلام هي القرآن وهو كلمة الله الحرفية، والتعاليم والأمثلة المعيارية وهى السنة النبويه المشرفه.

    والتي تشمل الأحاديث النبوية برسول الإسلام والهدايه وخير خلق الله إلى الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الإسلام هو النسخة الكاملة والشاملة للعقيدة التي تم الكشف عنها مرات عديدة عن طريق الأنبياء بما في ذلك آدم وإبراهيم وموسى وعيسى، والقرآن الكريم هو الوحي المطلق والنهائي من الله عز وجل، والإسلام أيضا حكم نهائي يُمنح فيه الصالحون الجنة وغير الصالحين الجحيم وهى نارجهنم، وتشمل المفاهيم والممارسات الدينية أركان الإسلام الخمسة، وتعتبر السيده آمنه بنت الأرقم، من النساء اللاتى هاجرت فى أوائل الإسلام إلى المدينة، وهى آمنة بنت الأرقم المخزومية.

    وقد أطلق عليها الرسول الكريم صاحبة البئر، وسبب التسمية أن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهبها بئر فى المدينة ببطن العقيق، والعقيق هو وادى خصيب بالمدينة المنورة، وهو من أشهر الأودية بالمدينة المنورة، ودعا لها بالبركة فيه، وكان يطلق عليه بئر آمنة لما عرف حينها، وكانت أول المسلمات التى أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن زمرة المهاجرين، وكانت الهجرة للمدينة أمراً صعباً لمن يُهاجر، فالهجرة كانت تعنى ترك الديار، وترك الأهل والجيران وترك كل شئ إبتغاء لمرضاة الله عز وجل.

  • نسائم الإيمان ومع أم عمرو بنت جندب

    نسائم الإيمان ومع أم عمرو بنت جندب

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    أم عمرو بنت جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث بن رافع بن ربيعة بن ثعلبه بن لوي بن عامر بن غانم بن دهمان بن منهب بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران، وكانت زهران، هى أحد القبائل العربية العريقه جدا اللتي سكنت الجزيرة العربيه قبل انهيار السد بحوالي مائه وخمسين سنه في مدينة الباحه في الجنوب الغربي من المملكة العربية السعودية، وسميت بلاد زهران نسـبة إلى الجد زهران بن كعب بن الحارث بن كعب، وقبائل زهران بن كعب منتشره في سلطنة عمان وذلك عندما هاجر اليها الملك مالك بن فهم الدوسي الزهراني ومنه ازد عمان وفي العراق والامارات ولبنان والشام وبلاد فارس.

    وهي أم عمرو بنت جندب الدوسيه، وهى أم أبان وأم عمرو بنت جندب، وكان أبان إماما في الفقه ويكنى بأبي سعد، وكان أبوها الصحابي جندب بن عمرو الدوسي وقد قتل في معركة أجنادين، وهي زوجة الخليفة الثالث من الخلفاء الراشدون عثمان بن عفان، وكان عثمان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تبعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة، وكان رسول اللَّه يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين والذين آمنوا بالله، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيدا.

    وقد بويع عثمان بالخلافة بعد الشورى التي تمت بعد وفاة عمر بن الخطاب سنة ثلاثه وعشرين من الهجره، وقد استمرت خلافته نحو اثني عشر عاما، وقد أنجبت أم عمرو بنت جندب من عثمان بن عفان خمسة من الأبناء، وهم عمرو بن عثمان بن عفان وقد ولد في عهد الخلية الراشد عمر بن الخطاب وهو أكبر إخوته سنا وكان ثقة، تزوج العديد من النساء وله منهن أولاد وتوفي بمنى ويعد من الأثرياء، ويعد عمرو بن عثمان بن عفان من طبقة التابعين، وقد توفي عمرو قديما، وكان له من الولد عثمان الأكبر وخالد وأمهما رملة بنت معاوية بن أبي سفيان، وعبد الله الأكبر وأمه حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب.

    وعثمان الأصغر وأمه ابنة عمارة بن الحارث بن عوف المُرّي، وعمر والمغيرة وأبا بكر وعبد الله الأصغر والوليد وعائشة وأم سعيد لأمهات أولاد، وأما الإبن الثانى وهو أبان بن عثمان بن عفان وكنيته أبو سعيد وقد كان من فقهاء التابعين وعلمائهم وقد روى عن أبيه عثمان وعن أسامة بن زيد العديد من الأحاديث وكان ثقة عالما بالفقه والسيرة والقضاء وقد تزوج العديد من الزوجات، وتولى إمارة المدينة المنورة في عهد عبد الملك بن مروان لعدة سنوات حيث أحبه أهلها وهكذا كان أبّان بن عثمان بن عفان، ابن الخليفة الراشدي وأحد السابقين للإسلام والمبشرين بالجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    فكان أثر بيئته الإيمانية التي كبر وترعرع فيها أن تفتّحت نسائم بصيرته الروحية والعقلية منذ الصغر، ليصبح من خيرة الأبناء الصالحين، وقد مات في المدينة سنة مائه وخمسه من الهجره في عهد يزيد بن عبد الملك، وأيضا من الأبناء هو خالد بن عثمان بن عفان، وعمر بن عثمان بن عفان، ومريم بنت عثمان بن عفان.

  • نسائم الإيمان ومع أم البنين

    نسائم الإيمان ومع أم البنين

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    أم البنين هى فاطمة بنت حزام الكُلَّابية المعروفة باسم أم البنين، وكانت أمها ثمامة بنت سهل بن عامر، وأم البنين فاطمه بنت حزام، هي زوجة الخليفة الراشدي علي بن أبي طالب والتي تزوجها بعد موت زوجته فاطمة الزهراء، بنت النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف المؤرخون أن تكون فاطمة الكلابية الزوجة الثانية لعلي بن أبي طالب فقيل إنها الثالثة أو الرابعة وتسبقها أمامة بنت أبي العاص وخولة بنت جعفر بن قيس الحنفية، وكان مهرها خمس مئة درهم، وقد ورد عن الإمام علي بن أبي طالب، رضى الله عنه أنه تزوج بتسع نساء لم يكن على ذمته بآن واحد وقد كان له منهن سبع عشرة أنثى وأربعة عشر من الذكور.

    واستمر نسله من الحسين والحسين وهم أولاده من فاطمة بنت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أولاده هو محمد بن الحنفية وهو من زوجته خولة بنت جعفر ومنهم العباس وهو ولده من زوجته أم البنين، وابنه الأخير هو عمر بن التغلبية وهو من زوجته أم حبيبة بنت ربيعة التغلبية، ومن نسائه أمامة بنت العاص بن الربيع وهي ابنة زينب ابنة رسول الله، ومن زوجاته أسماء بنت عميس وليلى بنت مسعود وأم سعيد بنت عروة، وأخيرا محياة بنت امرئ القيس الكلبية، وقد أنجبت له أم البنين أربعة بنين كان أكبرهم أبو الفضل العباس قائد قوات الحسين بن علي في معركة كربلاء.

    والأربعة أولاد قد استُشهدوا مع أخيهم الحسين بن علي في كربلاء، وكما أن قبيلتها تعد من أسياد القبائل، وقد تزوجها علي بن أبي طالب طامعا في أن يأتيه غلام شجاع، فقد جاء الصحابي علي بن أبي طالب يوما إلى أخيه عقيل، وقال له هل لي بامرأة تتختير لي نسلها، لتلد لي غلاما شجاعا، فعندها قال له عقيل: أين أنت من فاطمة بنت حزام، وقيل أن عقيل هو من عرض عليه هذا الأمر بعد ما رأى حزنه على فاطمة بنت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي زوجته، وكانت أم البنين من النساء الفاضلات، العارفات بحق أهل البيت، وكانت فصيحة، بليغة، ورعة، ذات زهد وتقى وعبادة.

    ولجلالتها زارتها زينب الكبرى بعد منصرفها مِن واقعة الطف، كما كانت تزورها أيام العيد، فقد تميزت هذه المرأة الطاهرة بخصائصها الأخلاقية، وإن مِن صفاتها الظاهرة المعروفة فيها هو الوفاء، فعاشت مع أميرِ المؤمنين على بن ابى طالب، في صفاء وإخلاص، وعاشت بعد شهادته مدّة طويلة لم تتزوج من غيره، إذ خطبها أبو الهياج بن أبي سفيان بن الحارث، فامتنعت، وقد روت حديثاً عن علي في أن أزواج النبي والوصي لا يتزوجن بعده، وذكر بعض أصحاب السير أن شفقتها على أولاد الزهراء وعنايتها بهم كانت أكثر من شفقتها وعنايتها بأولادها الأربعة العباس وأخوته.

    بل هي التي دفعتهم لنصرة إمامهم وأخيهم أبي عبد الله الحسين، والتضحية دونه والاستشهاد بين يديه، وقيل في تسميتها أم البنين هو أن الذي كناها بأم البنين هو أبوها حزام، تيمُّنا بجدتها ليلى بنت عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، حيث كان لها خمسة أبناء أكبرهم أبو براء ملاعب الأسنة، وقد ذُكر لذلك حدث، فإن حزاما كان في سفر مع أصحابه، وقد نام فرأى في عالم الرؤيا أنه قد انعزل عن أصحابه ناحية في أرض خصبة وبيده درة يقلبها وهو متعجب من حسنها، وإذا به يرى رجلًا أقبل إليه من صدر البرية على فرس وسلَّم عليه، وسأله بكم تبيع هذه الدرة عندما رآها في يده.

    فقال له حزام بأنني لا أعرف قيمتها حتى أُقدِّر لك ثمنها، لكن أنت بكم تشتريها، فقال له الرجل، أنا أيضا لا أعرف لها قيمة، لكن أهدها إلى أحد الأمراء، وأنا الضامن لك بشيء هو أغلى من الدراهم والدنانير، فقال له ما هو، قال أضمن لك به عنده الحظوة والشرف والزلفى والسؤؤد أبد الآبدين، فقال له حزام: وتكون أنت الواسطة في ذلك، قال: وأكون أنا الواسطة أعطني إياها فأعطاه إياها، فلما انتبه حزام وقص رؤياه على أصحابه وطلب تأويلها، فقال له احدهم: إن صدقت رؤياك فإنك ترزق بنتًا ويخطبها منك أحد العظماء وتنال عنده بسببها القربى والشرف والسؤود.

    وعند عودته من سفره بشروه بولادة زوجته ثمامة الحبلى، وأنها قد أنجبت له أنثى، فتهلل وجهه لذلك، وقال في نفسه قد صدقت رؤياي، وقال لهم أسموها فاطمة، وكنوها بأم البنين، وقيل فى تسميتها أنه كان ذلك بطلب منها لزوجها بإن لا يناديها بفاطمة حتى لا يشعر أبناء فاطمة الزهراء بالحزن عند سماع اسم امهم في كل مرة وطلبت منه منادتها بأم البنين تفاؤلا بالبنين بعد ولادتها، ولما وصل خبر استشهادهم إلى أمهم ، أم البنين في المدينة المنورة بكتهم بكاء مرا، لكن كان بكاؤها لهم أقل من بكائها على الحسين وذلك في قصة مشهورة، وهو عن بشر قال: رأيت امرأة كبيرة تحمل على عاتقها طفلاً وهي تشق الصفوف نحوي

    فلما وصلت قالت: يا هذا أخبرني عن سيدي الحسين، فعلمت أنها ذاهلة، لأني أنادي: قتل الحسين، وهي تسألني عنه، فسألت عنها، فقيل لي: هذه أم البنين، فأشفقت عليها وخفت أن أخبرها بأولادها مرة واحدة، فقلت لها: عظم الله لك الأجر بولدك عبد الله، فقالت: ما سألتك عن عبد الله، أخبرني عن الحسين، قال، فقلت لها: عظم الله لك الأجر بولدك عثمان، فقالت: ما سألتك عن عثمان، أخبرني عن الحسين، قلت لها: عظم الله لك الأجر بولدك جعفر، قالت: ما سألتك عن جعفر، فإن ولدي وما أظلته السماء فداء للحسين، أخبرني عن الحسين، قلت لها: عظم الله لك الأجر بولدك أبي الفضل العباس.

    وقال: بشر، لقد رأيتها وقد وضعت يديها على خاصرتها وسقط الطفل من على عاتقها، وقالت: لقد والله قطعت نياط قلبي، أخبرني عن الحسين، قال، فقلت لها: عظم الله لك الأجر بمصاب مولانا أبي عبد الله الحسين، وقد وُلدت أم البنين من بيت عريق في العروبة والشجاعة، وليس في العرب أشجع من أبائها وأصل كريم، حيث تعتبر قبيلتها من أشرف القبائل العربية شرفاً، وأجمعهم للمآثر الكريمة التي تفتخر بها سادات العرب، ويعترف لها بالسيادة، لكثرة النوابغ من الرجال المبرزين والزعماء الممتازين بأكمل الصفات الكريمة وأتم الخصال الممدوحة، كالكرم والشجاعة والفصاحة وغير ذلك.

    ومن الصفات التي حباها الله إياها لأم البنين بعد أن نشأت في عائلة معروفة بالعقل والأدب الخلق الفضيل والحميد، واتصفت أم البنين باللطف والأخلاق الدمثة، ورزقها الله العقل الرشيد والفطنة والذكاء، ومن الصفات التي لا تخفى على أحد بلاغتها وروعة فصاحتها وزهدها بالإضافة لتقاها وعبادتها، واتسمت بالوفاء فلم تتزوج بعد استشهاد الإمام علي بن أبى طالب، وإنما قامت على شؤون أولاده الحسن والحسين وهم أحفاد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد عمر طاهر قضته أم البنين بين عبادة لله عز وجل وأحزان طويلة على فقد أولياء الله سبحانه.

    وفجائع مذهلة بشهادة أربعة أولاد لها في ساعة واحدة مع الحسين، وكذلك بعد شهادة زوجها أمير المؤمنين على بن أبى طالب، في محرابه، بعد ذلك كله وخدمتها لسيد الأوصياء وولديه سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخدمتها لعقيلة بني هاشم زينب الكبرى أقبل الأجل الذي لابُدَ منه، وحان موعد الحمام النازل على ابن آدم، فكانت وفاتها المؤلمة في الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة أربعه وستين للهجرة، وقبرها في البقيع في الزاوية بالمدينة المنورة

  • نسائم الإيمان ومع صفيه بنت شيبه

    نسائم الإيمان ومع صفيه بنت شيبه

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عبد الدار بن قصي بن كلاب، الفقيهة العالمة أم منصور، القرشية العبدرية المكية الحجبية، وكان أبوها من مسلمة الفتح، وقد روت عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وروت عن السيده عائشة، السيده أم حبيبة، والسيده أم سلمة، أمهات المؤمنين رضى الله عنهم أجمعين، وكانت أم صفيّة تدعى أمّ حجير، وكانت أمها هى أم عثمان وهي برَّةُ بنت سفيان بن سعيد بن قَانف بن الأَوقص السّلمي، وقد تزوّجها عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أميّة فولدت له
    أبوها هو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري القرشي.

    وكان مشاركاً لابن عمه عثمان بن أبي طلحة في سدانة البيت الحرام وكان يكني أبا عثمان وكان مصعب بن عمير العبدري شهيد أحد والذي أرسله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد بيعة العقبة إلى المدينة المنورة يعلمهم الإسلام ويدعهم إليه، فكان سببا في إسلام أهل المدينة ودخولهم في دين الله أفواجا، وظل شيبة مشركا حتى يوم الفتح فأسلم مع من أسلم يومها دون اقتناع وأعطاه النبي مفتاح الكعبة له ولابن عمه عثمان وقال: خذوها يابني أبي طلحة خالدة تالدة، وقيل أنه كان إسلام شيبة يوم الفتح إسلاما بغير اقتناع، وإنما غلب على أمره ولم يتمكن الإسلام من قلبه.

    بل إن شيبه أراد أن يغتال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد فتح مكة يوم غزوة حنين، ويقول شيبه عن إسلامه وكيف أراد قتل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يوم حنين بعد فتح مكة وخروجه مع جيش المسلمين وهو يضمر الشر في نفسه فيقول: ما رأيت أعجب مما كنا فيه من لزوم ما مضى عليه آباؤنا وأجدادنا من الضلالات ومن الانحراف عن طريق الخيرات، ولما كان فتح مكة دخل رسول الله مكة عنوة، وغزا حنين قلت أي شيبة أسير مع قريش إلى هوازن، فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد صلى الله عليه وسلم، غرة وتذكرت أبي وكيف قتله حمزة بن عبد المطلب يوم أحد.

    وتذكرت كذلك عمي وكيف جندله علي بن أبي طالب وجعله كأس الدابر، فقلت في نفسي: اليوم أدرك ثأري من محمد، وأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها، وأقول: لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمدا صلى الله عليه وسلم، ما تبعته أبدا، ويقول فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن بغلته، وأصلت سيفه ودنوت منه أريد ما أريد منه، ورفعت سيفي حتى كدت أسوره أي أضربه إذا رفع فيما بيني وبينه شواظ لهب لا دخان فيه من نار كأنه برق، فخفت أن يتمحشني يحرقني فوضعت يدي على بصري خوفا عليه، ومشيت القهقرى وعلمت أنه ممنوع محفوظ من الله.

    والتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ياشيب ” ادن مني ” فدنوت منه فوضع يده على صدري فمسح صدري ثم قال: اللهم أذهب عنه الشيطان، فرفعت إليه رأسي، وهو أحب إلي من سمعي وبصري وقلبي، وأذهب الله ماكان بي، ثم قال : ” ياشيبة قاتل الكفار ” فتقدمت أمامه أضرب بسيفي والله يعلم أني أقيه بنفسي كل شيء ولو لقيت تلك الساعة أبي، لو كان حيا لوقعت به السيف، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى انهزمت هوازن ثم رجع إلى معسكره فدخل خباءه فدخلت عليه، ما دخل عليه غيري حيا لرؤية وجهه الشريف، وسرورا به، فقال.

    الحمد لله الذي أراد بك خيراً مما أردت، ثم حدثني بما هممت به وبكل ما ضمرت في نفسي مما لم أذكره لأحد قط، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، ثم قلت له: استغفر لي يارسول الله، قال: ” غفر الله لك ” وفي رواية أخرى للقصة نفسها، يقول ابن عساكر في تاريخه فقال أي شيبة، خرجت مع النبي يوم حنين، والله ما خرجت إسلاماً، ولكن خرجت إبقاء أن تظهر هوازن على قريش، فوالله إني لواقف مع النبي إذ قلت، يانبي الله إني لأرى خيلاً بلقاء، قال ياشيبة إنه لايراها إلا كافر، فضرب بيده صدري، فقال اللهم اهد شيبة، وفعل ذلك ثلاثا.

    فما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يده عن صدري الثالثة حتى ما أجد من خلق الله أحب إلي منه، وقد توفي شيبة فى عام تسعه وخمسين من الهجره، وقد أدركت صفية عصر النبوة الخالد ونهلت من ينابيعه فكانت لها صحبة وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم، خمسة أحاديث منها ما رواه البخاري معلقا، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” حرم الله مكة، فلم تحل لأحد قبلي، ولا لأحد بعدي، أحلت لي ساعة من نهار، لايختلى خلالها ولايعضد شجرها، ولاينفر صبرها، ولاتلتقط لقطتها إلا لمعرف ” وقد روي أيضا عنها قالت، أولم النبي صلى الله عليه وسلم، على بعض نسائه بمدين من شعير.

    وقد وروت عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت، كان رسول الله يتكئ في حجري وأنا حائض يقرأ القرآن، وعن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول، لما نزلت هذه الآية ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أخذن أُزُرَهن وهو نوع من الثياب، فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها” رواه البخاري ، أو قالت ” يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن أكثف مروطهن وهو نوع من الثياب، فاختمرن بها ” أي غطين وجوههن، وهذا الحديث صريح في النساء الصحابيات المذكورات فيه.

    وقد فهمن أن معنى قوله تعالى ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) يقتضي ستر وجوههن، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن أي، سترن وجوههن بها امتثالا لأمر الله في قوله تعالي ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) المقتضي ستر الوجه ، وبهذا يتحقق المنصف، أن احتجاب المرأة عن الرجال وسترها وجهها عنهم ثابت في السنة الصحيحة المفسرة لكتاب الله تعالى، وقد أثنت عائشة رضى الله عنها على تلك النساء بمسارعتهن لامتثال أوامر الله عز وجل في كتابه ، ومعلوم أنهن ما فهمن ستر الوجوه من قوله ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) .

    وذلك إلا من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه موجود وهن يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن، والله جل وعلا يقول (وإليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) فلا يمكن أن يفسرنَها من تلقاء أنفسهن، وعن صفية ما يوضح ذلك ولفظه ” ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن فقالت ” إن نساء قريش لفضلاء ، ولكنى والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن) فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان .

    ” فترى عائشة رضى الله عنها مع علمها وفهمها وتقواها ، أثنت عليهن هذا الثناء العظيم ، وصرحت بأنها ما رأت أشد منهن تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل، وظلت حياتها راوية علم تتعلم وتعلم حتى عاشت إلى الخلافة الأموية فيقال إنها أدركت خلافة الوليد بن عبد الملك وأنها ماتت عام تسعين من الهجره.

  • نسائم الإيمان ومع جميله بنت ثابت

    نسائم الإيمان ومع جميله بنت ثابت

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصارية وقد كان اسمها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم، جميلة، وهى تكنى أم عاصم بابنها عاصم بن عمر بن الخطاب، وقد سمته باسم أخيها، عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وكان زوجها ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، المُلقب بالفاروق، وهو ثاني الخلفاء الراشدين ومن كبار أصحاب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي ومن أكثرهم تأثيرا ونفوذا، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهّادهم.

    وقد تولّى الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق، وكان عمر بن الخطاب قاضيا خبيرا وقد اشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق، لتفريقه بين الحق والباطل، وهو مؤسس التقويم الهجري، وفي عهده بلغ الإسلام مبلغا عظيما، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية.

    وحوالي ثلثي أراضي الامبراطورية البيزنطية، وقد تجلّت عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية في حملاته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوة، فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين، كما تجلّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقها، وقد تزوجها في السنة السابعة من الهجرة وولدت له ولدا واحدا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عاصم بن الفاروق عمر بن الخطاب، وهو الفقيه، الشريف، أبو عمرو القرشي العدوي.

    وقد ولد في أيام النبوة وحدث عن أبيه ، وكان طويلا جسيما حتى قيل أنه كان ذراعه ذراعا ونحوا من شبر، وكان من نبلاء الرجال، دينا، وخيرا، صالحا، وكان بليغا ، فصيحا، شاعرا، وهو جد خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز، لإمه، ثم طلقها الفاروق عمر، وقد تزوجت السيده جميله بنت ثابت بعد الفاروق عمر بن الخطاب، يزيد بن جارية، فولدت له عبد الرحمن بن يزيد، فهو أخو عاصم بن عمر، وكان اخوها عاصم بن ثابت الشهيد الذي حمته الدبر من المشركين، وقيل طلقها عمر بعد مولد ابنه عاصم، وقد تزوجها الفاروق عمر سنة سبعه من الهجره ، وقيل أن عمر ركب إلى قُبَاء فوجد ابنه عاصم يلعب مع الصبيان.

    فحمله بين يديه، فأدركته جدّتهُ الشّموس بنت أبي عامر، وهى الشِّموش بنت أبي عامر، واسمه عبد عمرو بن صَيْفي بن زيد بن أمية الأنصارية، وقد تزوّج الشّموس ثابت بن أبي الأقلح واسمه قيس بن عُصيمة بن مالك بن أمة بن ضُبيعة فولدت له عاصم بن ثابت، وقد شهد بدرًا وقُتل يوم الرجيع شهيدًا وحمته الدبر، وجميلة بنت ثابت وهى مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتزوّجها عمر بن الخطّاب فولدت له عاصم بن عمر، فنازعته الشموس إياه حتى انتهى إلى أبي بكر الصديق، رضى الله عنهم أجمعين، فقال له أَبو بكر‏: خَلِّ بينها وبينه، فما راجعه، وسلّمَه إليها‏.

    وقيل أنه كان اسم امرأة الفاروق عمر، عاصية فأسلمت فأتت عمر، فقالت: قد كرهت اسمي، فسمّني، فقال: أنت جميلة، فغضبت، وقالت: ما وجدت اسما تسميني به إلا اسم أمة، فأتت النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني كرهت اسمي، فقال: ” أنتى جميله ” فغضبت يعني وذكرت قول الفاروق عمر فقال: ” أما علمتى أن الله عند لسان عمر وقلبه ” وعن عاصم بن عمر، عن قتادة، قال: أول من بايع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أمّ سعد بن معاذ، وهي كبشة بنت رافع بن عبيد، وأم عامر بنت يزيد بن السكن، ومن بني ظفر ليلى بنت الخطيم.

    ومن بني عمرو بن عوف ليلى ومريم وتميمة بنات أبي سفيان الذي يقال له أبو البنات، وقُتل بأحد، والشموس بنت أبي عامر الراهب، وابنتها جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح، وظبية بنت النعمان بن ثابت بن أبي الأفلح، وقد ذُكر في بطون كتب سير الصحابة رضوان الله عليهم عن حُسن أخلاق الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التعامل مع زوجاته، إذ كان لا ينادي زوجته إلا ” يا بنت الأكرمين” إكراما لأهلها، أما فيما يتم تداوله حول قصة الرجل الذي جاء إلى الفاروق ليشكوه لزوجته فسمع من خلف الباب صوت زوجة الفاروق يعلو على صوته فقد اختلفت الروايات في صحتها.

    وقد تزوج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من النساء زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، وقد ولدت له من الأبناء عبد الرحمن وعبد الله وحفصة، كما تزوج رضي الله عنه أم كلثوم بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وولدت له زيد الأكبر ورقية، كما تزوج أم كلثوم بنت جرول بن مالك، وتفرقا حينما أسلم عمر، وقد ولدت له من الأبناء عبيد الله وزيداً الأصغر الذين قتلا في صفين، وتزوج كذلك أم حكيم بنت الحارث بن هشام وولدت له فاطمة، كما تزوج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل وولدت له عياض بن عمر، كما تزوج جميلة بنت ثابت من الأنصار.

    وولدت له عاصم، ومن أمهات الأولاد تزوج عمر لهية وولدت له عبد الرحمن الأصغر يكنى بأبو المجبر، وفكيهة وولدت له زينب التي تعتبر أصغر أولاده، كما ذكر العيني أن عمر تزوج زوجة فرق الإسلام بينهما وهي قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة

  • نسائم الإيمان ومع عميره بنت معوذ

    نسائم الإيمان ومع عميره بنت معوذ

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    فى حياة الإسلام والرحله الشاقه التى خاضها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لنشر وتعاليم الإسلام نجد أنه كما أن الصحابة الكرام من الرجال، ذُكروا بالفضل والثناء الحسن وعلا شأنهم في صُحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ذكرت النساء الصحابيات بالفضل والصفات الحسنة أيضا، فكنّ قدوة للمؤمنات كذلك، فمن الصفات الجليلة التي اتصفت بها الصحابيات، هو الجهاد في سبيل الله، فالصحابيات رضي الله عنهن، وقد تعرضن للتعذيب، والأذى البدني والنفسي بسبب إسلامهن، فإن لم تعذب المرأة، فقد فقدت ابنها، أو أخاها، أو أباها، أو عُذّبوا في سبيل الله.

    فصبرن على ذلك المُصاب واحتسبن، واضطررن أحيانا إلى ترك بيوتهن والتشرد دون مأوى، وفي أوقات أخرى قد شاركن في الغزوات مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، طوعا ورغبة منهن، فكان منهن من تداوي الجرحى وتسقي العطشى، أو تحضّر الطعام، ويحملن السلاح يدافعن عن رسول الله إن احتاج الأمر، ومن الأمثلة على الصحابيات المجاهدات: نسيبة بنت كعب التي شهدت عدّة غزوات مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وحضرت بيعة العقبة الثانية معه أيضا، وكانت من بين المصابين يوم أحد باثنتي عشرة ضربة بين طعنة رمحٍ، وضربة سيف.

    حتى دعا لها النبي صلى الله عليه وسلم، ولأولادها، وأيضا من الصفات الحميده لهن هو العلم ورواية الحديث عن النبي عليه الصلاة السلام، حيث كان غالبهن من أمهات المؤمنين وبنات النبي رضوان الله عليهن، فكان لهن دور بارز في رواية الحديث، وتعلّم الاحكام الفقهية، والسنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونشرها وتعليمها للمسلمات اللواتي كن يجدن حرجا من سؤال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عن بعض الأحكام الشرعية وغير ذلك، فكن أمهات المؤمنين يأخذن العلم عن رسول الله، وينشرنه بين الصحابيات فيفقهنه، ومعنا سيرة الصحابيه الجليله عميرة بنت معوذ.

    واسمها عميرة بنت معوذ بن الحارث بن رفاعة بن عفراء، وكان أبوها الصحابي الجليل معوذ بن الحارث، وهو معوذ بن الحارث المعروف بإسم معوذ بن عفراء وهو صحابي من الأنصار، الذين هم من أهل يثرب الذين ناصروا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهم ينتمون إلى قبائل الأوس والخزرج، وقد هاجروا إلى يثرب بعد سيل العرم الذي أودى بسد مأرب فدخلوها بعد أن حاربوا بها يهود حتى استقر لهم الأمر بها، وكانت بين الأوس والخزرج حروب طوال قاسية، وكان أبوها معوذ من بني غنم بن مالك بن النجار من الخزرج، وقدشهد بيعة العقبة الثانية، وشهد غزوة بدر.

    وقيل أنه وقف هو وأخوه عوف يومئذ في الصف بجنب عبد الرحمن بن عوف حتى يدلهما على أبي جهل عمرو بن هشام المخزومي، فدلهما عليه، فشدا معًا عليه، فأصاباه، وقتلهما، ثم أجهز عليه عبد الله بن مسعود، وكانت أمها هى أم تزِيد بنت قيس بن زعُوراء بن حَرام بن جُندب بن عامر بن غَنم بن عديّ ابن النجار، وقيل أنه تزوجها أبو حسن بن عبد عمرو من بني مَازن بن النجّار فولدت له عمارة وعمرا وسريّة بَني أَبي عمرو، وقيل أنها أسلمت عميرة رضى الله عنها، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أختها هى الصحابية الربيع بنت معوذ، والربيع بنت معوذ صحابية جليله.

    وكانت راوية للحديث عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه قد زارها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، صبيحة عرسها صلة لرحمها، وقد عُمرت دهرًا، وروت أحاديث كثيره عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وتنتمي الربيع بنت معوذ بن الحارث بن رفاعة بن عفراء بن حرام بن جندب إلى بني عدي بن النجار وهم بطن من الخزرج، وتزوجت الربيع من إياس بن البكير، فولدت له محمد، وأسلمت الربيع وشاركت في بعض الغزوات مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كانت تخرج مع النساء للسقاية وتطبيب الجرحى وحمل القتلى، وللربيع رواية لبعض الأحاديث عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

  • نسائم الإيمان ومع ضُبَاعة بنت عامر

    نسائم الإيمان ومع ضُبَاعة بنت عامر

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    هى الصحابيه ضباعة بنت عامر بن قراط بن سلمة الخير، وهى شاعرة صحابية، من بني قشير، وكانت زوجة هشام بن المغيرة، وهشام بن المغيرة المخزومي القرشي، وهو المكنى بأبي ربيعة، وهو أحد فرسان كنانة ومن أكابر قريش وحنفائهم، وهو من بطن بنو مخزوم أحد عشائر قبيلة قريش، وقد عاصر حرب الفجار، وكان شخصًا ذا رتبة عالية بين قريش، وهو ابن المغيرة بن عبد الله أحد قادة قريش وهو والد حنتمة أم عمر بن الخطاب، ومن أولاده أبو جهل وعمرو بن أبي ربيعة وعياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن ابي ربيعة، وقبيلته بنو مخزوم

    وهي البطن الذي كان له أمر القبة التي كانت تضرب ليجمع فيها ما يجهّز به الجيش، وأعنة الخيل وهي قيادة الفرسان في حروب قريش، وكان لمخزوم عظيم الأثر في قريش، فقد كانوا في ثروتهم وعدتهم وبأسهم من أقوى بطون قريش وهو ما كان له أثره في اضطلاعهم وحدهم ببناء ربع الكعبة بين الركنين الأسود واليماني، واشتركت قريش كلها في بناء بقية الأركان، وقد اشتهر منهم الكثير في الجاهلية والإسلام ومنهم الشاعر عمر بن أبي ربيعة والتابعي سعيد بن المسيب، وقيل أنها قد أسلمت ضباعه بنت عامر، بمكة أوائل ظهور الدعوة وأراد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يتزوجها

    وكانت هي أكبر منه سناً بنحو عشرة أعوام، وكانت في صباها من الشهيرات بالجمال، وعن ابن عباس قال: كانت ضباعه بنت عامر عند هوذه بن عليّ الحنفي، فهلك عنها فورثته مالا كثيرا فتزوجها عبد الله بن جُدعان التيمى وكان لا يولد له، فسألته الطلاق فطلقها، فتزوجها هشام بن المغيرة فولدت له سَلمة، فكان من خيار المسلمين، فتوفي عنها هِشام، وكانت من أجمل نساء العرب وأعظمه خلقا، وكانت إذا جلست أخذت من الأرض شيئا كثيرا، وكانت تغطى جسدها بشعرها، فذُكر جَمالها عند النبي صلى الله عليه وسلم، فخطبها إلى ابنها سَلمة بن هِشام بن المغيرة فقال: حتى استأمرها.

    وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم، إنها قد كبرت، فأتاها ابنها فقال لها: إن النبي صلى الله عليه وسلم، خطبك إليّ فقالت: ما قلت له؟ قال: قلت حتى استأمرها، فقالت: وفي النبي صلى الله عليه وسلم، يُستأمر، ارجع فزوِّجه. فرجع إلى النبي فسكت عنه، ولم يتزوجها النبى صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوجها وإنما أراد ذلك ثم لم يفعل، وعن عبد الرحمن العامري، عن أشياخٍ من قومه، قالوا: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بعُكاظ، فدعانا إلى نُصرَته ومنعته، فأجبناه إذ جاء بَيحَرة بن فهراس القُشيري، فغمز شاكلة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمصت به، فألقته.

    وعندنا يومئذ ضُبَاعة بنت عامر بن قرط، وكانت من النسوة اللاتي أسلمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكّة وقد جاءت زائرة بني عمها، فقالت: يا آل عامر، ولا عامر لي، يُصنَع هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم ولا يمنعه أحد منكم، فقام ثلاثة من بني عمها إلى بيْحرة، فأخذ كل رجل منهم رجلًا فجلد به الأرض، ثم جلس على صَدره، ثم علا وجهه لطمًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اللهم بارك على هؤلاء ” فأسلموا وقُتلوا شهداء، وقد وجدت لضُبَاعة هذه خبرًا آخر، فعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: كانت ضُبَاعة القُشيرية تحت هَوذة بن علي الحنفي فمات فورثته من ماله.

    فخطبها ابن عم لها وخطبها عبد الله بن جُدعان، فرغب أبوها في المال فزوّجها من ابن جُدعان، ولما حمُلت إليه تبعها ابن عمها فقال: يا ضباعة، الرجال البُخر أحبّ إليك أم الرجال الذين يطعنون السُّور؟ قالت: لا. بل الرجال الذين يطعنون السّور، فقدمت على عبد الله بن جُدعان، فأقامت عنده، ورغب فيها هشام بن المغيرة، وكان من رجال قريش، فقال لضُباعة: أرضيت لجمالك وهيئتك بهذا الشيخ اللئيم، سَلِيه الطلاق حتى أتزوَّجك، فسألت ابْن جدعان الطلاق، فقال: بلغني أن هشامًا قد رغب فيك، ولستُ مطلقًا حتى تحلفي لي إنك إن تزوجتِ أن تَنحري مائة ناقة سود الحدق بين إساف ونائلة.

    وأن تغزلي خيطًا يمدّ بين أخشبي مكة، وأن تطوفي بالبيت عُريانة، فقالت: دَعني أنظر في أمري، فتركها، فأتاها هشام فأخبرته، فقال: أمّا نحر مائة ناقة فهو أهون علي مِن ناقة أنحرها عنك، وأما الغزل فأنا آمر نساء بني المغيرة يغزلن لكِ، وأما طوافُك بالبيت عريانة فأنا أسأل قريشًا أن يخلو لك البيت ساعة، فسليه الطّلاق، فسألته فطلَّقها وحلفت له. فتزوّجها هشام، فولدت له سلمة، فكان من خيار المسلمين، ووفى لها هشام بما قال، وقد قال ابن عباس: فأخبرني المطّلب بن أبي وَداعة السهمي، وكان لِدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لما أخْلَت قريش لضُبَاعة البيت خرجت أنا ومحمد ونحن غلامان.

    فاستصغرونا فلم نُمنَع، فنظرنا إليها لما جاءت، فجعلت تخلع ثوبًا ثوبًا، وهي تقول: اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله ” حتى نزعت ثيابها، ثم نشرت شعرها فغطَّى بطنها، وظَهرها حتى صار في خلخالها، فما استبان من جسدها شيء، وأقبلت تطوف، وهي تقول هذا الشعر، فلما مات هشام بن المغيرة، وأسلمت هي وهاجَرت خطبها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابنها سلمة، فقال: يا رسول الله، ما عنك مدفع، فأستأمرها؟ قال: نعم فأتاها، فقالت: إنا لله، أفي رسول الله تستأمرني؟ أنا أسعى لأن أُحشر في أزواجه، ارجع إليه فقل له: نعم قبل أن يَبدُو له، فرجع سلمة فقال له.

    فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا، وكان قد قيل له بعد أن ولّى سلمة: إن ضباعة ليست كما عهدت، قد كثرت غضون وجهها، وسقطت أسنانها من فمها، وكان العصر ما قبل البعثه المحمديه وما قبل الإسلام، كان لهذه الطائفة أسلوب معيشة خاص بهم، حيث سكنوا القصور الشاهقة والأبنية الثابتة والفاخرة، وامتازت حياتهم بالترف والنعيم، حيث كانوا يقضون معظم أوقاتهم في اللهو والترف، وكانوا يتميزون بحب المال، والتفاخر بجمال الثياب، وبأواني الذهب والفضة التي يأكلون فيها، وبتزيين قصورهم ومنازلهم، وكانوا يعملون في الزراعة والتجارة، وقد تمثلوا بسكان الحجاز.

  • نسائم الإيمان ومع أسماء بنت النعمان

    نسائم الإيمان ومع أسماء بنت النعمان

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    أسماء بنت النعمان بن الحارث بن شراحيل وقيل بنت النعمان بن الأسود بن الحارث بن شراحيل الكندية، وقال أبو عمرأجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد تزوجها واختلفوا في قصة فراقها إلى أن قال قتادة هي أسماء بنت النعمان من بني الحارث لما أدخلت عليه دعاها فقالت تعالى أنت وأبت أن تجئ، وقال قتادة وقيل إنها قالت له أعوذ بالله منك فقال قد عذت بمعاذ وقد أعاذك الله مني فطلقها، ولكن هذا باطل وقيل إنما قالت هذا امرأة أخرى من بني سليم، وقال قتادة وهذا باطل إنما قال هذا لامرأة جميلة تزوجها من بني سليم فخاف نساؤه أن تغلبهن على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

    فقلن لها إنه يعجبه أن تقولي له أعوذ بالله منك فقالت لما دخلت عليه أعوذ بالله منك قال قد عذت بمعاذ وقال أبو عبيدة كلتاهما عاذتا بالله منه، وقال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ونكح رسول الله صلى الله عليه وسلم، امرأة من كندة وهي الشقية التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردها إلى قومها وأن يفارقها ففعل وردها مع رجل من الأنصار يقال له أبو أسيد الساعدي، وقال آخرون كانت أسماء بنت النعمان الكندية من أجمل النساء فخاف نساؤه أن تغلبهن عليه فقلن لها إنه يحب إذا دنا منك أن تقولي له أعوذ بالله منك فلما دنا منها قالت إني أعوذ بالله منك فقال قد عذت بمعاذ.

    فطلقها النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، ثم سرحها إلى قومها وكانت تسمي نفسها الشقية، وقال الجرجاني النسابة صاحب كتاب الموفق أسماء بنت النعمان الكندية هي التي قالت لها نساء النبي إن أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله منه فلما دخل عليها قالت أعوذ بالله منك فصرف وجهه عنها وقال الحقي بأهلك فخلف عليها المهاجر بن أبي أمية المخزومي ثم خلف عليها قيس بن مكشوح المرادي، وقال آخرون التي تعوذت بالله من النبي هي من سبي بني العنبر يوم ذات الشقوق وكانت جميلة وأراد النبي أن يتخذها فقالت له هذا، وقال آخرون بل كان بأسماء وضح كوضح العامرية ففعل بها مثل ما فعل بالعامرية

    وذكر ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال وفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخت بني الجون من أجل بياض كان بها، قال أبو عمر الاختلاف في الكندية كثير جدا منهم من يقول هي أسماء بنت النعمان ومنهم من يقول هي أميمة بنت النعمان ومنهم من يقول أمامة بنت النعمان واختلافهم في سبب فراقها على ما رأيت والاضطراب فيها وفي صواحبها اللواتي لم يجتمع عليهن من أزواجه اضطراب عظيم وقيل أنه قدم النعمان بن أبي الجَون الكندي، وكان ينزل وبني أبيه نجدًا مما يلي الشَّربـَّة، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلما فقال: يا رسول الله ألا أُزوجك أَجمل أَيِّم في العرب كانت تحت ابن عم لها

    فتوفي عنها فتأيمت وقد رغبت فيك وحطّت إليك؟ فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، على اثنتي عشرة أوقيّة ونشّ، فقال: يا رسول الله لا تقصر بها في المهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ما أَصدَقْت أَحدا من نسائي فوق هذا ولا أصدق أحدا من بناتي فوق هذا” فقال النعمان: ففيك الأسى، قال: فابعث يا رسول الله إلى أهلك من يحملهم إليك فأنا خارج مع رسولك فمرسل أهلك معه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أبا أسيد الساعدي، فلمّا قدما عليها، جلست في بيتها، وأذنت له أن يدخل، فقال أبو أُسيد: إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَراهُن أحد من الرجال.

    فقال أبو أسيد: وذلك بعد أن نزل الحجاب، فأرسلت إليه فيسّرني لأمري، قال: حجاب بينك وبين من تكلمين من الرجال إلا ذا محرم منك، ففعلت، وقال أبو أسيد: فأقمت ثلاثة أيام ثم تحمّلت معي على جملٍ ظعينة في محفّة، فأقبلت بها حتى قدمت المدينة فأنزلتُها في بَني سَاعدة، فدخل عليها نساء الحيّ فرحّبن بها وسهّلن، وخَرجن من عندها فذكرن من جمالها، وشاع بالمدينة قدومها، قال أبو أسيد ووجّهت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في بني عمرو بن عوف فأخبرته، ودخل عليها داخل من النساء فَدَأَين لها لما بلغهنّ من جمالها وكانت من أجمل النساء.

    فقالت: إنّك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك فاستعيذي منه فإنك تحظين عنده ويرغب فيك، وقيل عن أبي أُسيد الساعدي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الجونيّة فحملتها، وكانوا يكونون بناحية نجد، حتى نزلت بها في أطم بني ساعدة ثمّ جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على رجليه حتى جاءها فأقعى على ركبتيه ثمّ أهوى إليها ليقبّلها، وكذلك كان يصنع إذا اجتلى النساء، فقالت: أعوذ بالله منك، فانحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها.

    وقال لها: “لقد استعذت معاذا” ووثب عنها وأمرني فرددتها إلى قومها، ويذكر بعض أهل العلم أن سبب استعاذتها من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ما غرها به بعض أزواجه صلى الله عليه وسلم ، حيث أوهموها أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب هذه الكلمة ، فقالتها رغبة في التقرب إليه ، وهي لا تدري أن النبي صلى الله عليه وسلم سيعيذها من نفسه بالفراق إن سمعها منه، وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: الجونيّة استعاذت من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقيل لها هو أحظى لك عنده، ولم تستعذ منه امرأة غيرها وإنّما خدعت لما رُئِي من جمالها وهيئتها.

    ولقد ذكر لرسول الله مَن حَملها على ما قالت لرسول الله فقال رسول الله: “إنّهن صواحب يوسف وكيدهن عظيم” وعن بن أبي عون قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكندية في شهر ربيع الأول سنة تسع من الهجرة، وقيل أن الوليد بن عبد الملك كتب إليه يسأله هل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أخت الأشعث بن قيس قتيلة فقال ما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ولا تزوج كندية إلا أخت بني الجون فملكها فلما أتي بها وقدمت المدينة نظر إليها فطلقها ولم يبن بها، وعن بن عباس قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان وكانت من أجمل أهل زمانها.

    قال فلما جعل رسول الله يتزوج الغرائب قال عائشة قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنا وكان خطبها حين وفدت كندة عليه إلى أبيها فلما رآها نساء النبي صلى الله عليه وسلم حسدنها فقلن لها إن أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله منه إذا دخل عليك فلما دخل وألقى الستر مد يده إليها فقالت أعوذ بالله منك فقال أمن عائذ الله الحقي بأهلك، وعن حمزة بن أبي أسيد الساعدي عن أبيه وكان بدريا قال تزوج رسول الله أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني فجئت بها فقالت حفصة لعائشة أو عائشة لحفصة اخضبيها أنت وأنا أمشطها ففعلن، ثم قالت لها إحداهما لها.

    إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول أعوذ بالله منك فلما دخلت عليه وأغلق الباب وأرخى الستر مد يده إليها فقالت أعوذ بالله منك فتال بكمه على وجهه فاستتر به وقال عذت معاذا ثلاث مرات قال أبو أسيد ثم خرج علي فقال يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ومتعها برازقيتين يعني كرباستين فكانت تقول دعوني الشقية وعن بن عباس قال خلف على أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة فأراد عمر أن يعاقبهما فقالت والله ما ضرب علي الحجاب ولا سميت أم المؤمنين فكف عنها قال محمد بن عمر وقد سمعت من يقول تزوجها عكرمة بن أبي جهل في الردة ولم يكن وقع عليها حجاب رسول الله وليس ذلك بثبت.

  • نسائم الإيمان ومع أروى بنت عبد المطلب

    نسائم الإيمان ومع أروى بنت عبد المطلب

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    السيده الصحابيه أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية، وأبوها هو عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكانت أمها هى فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهى عمة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فهى أروى بنت عبد المطلب شقيقة عبد الله بن عبد المطلب.

    وقيل أنها شاعرة مجيدة ولكنها مقلة بالشعر، وهي شقيقة الحارث لأبيه، وكانت أمه هى صفية بنت جندب، وكانت أروى تحت عمير بن وهب بن عبد مناف بن قصي فولدت له طليبًا، وكان طُلَيب بن عُمير صحابي بدري من السابقين إِلى الإِسلام، وهو ابن أروى بنت عبد المطلب وقد هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة، وشارك مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في غزوة بدر، وقُتل في معركة أجنادين، ولما كبر طليب، أسلم في دار الأرقم ثم دخل على أمه وأخبرها بإسلامه وقال لها: فمالك لا تسلمين وقد أسلم أخوك حمزة؟ فقالت: انظر ما يصن أخواتي فأكون إحداهن.

    فقال لها: أسألك بالله إِلاّ ما أسلمت وشهدت برسالته، فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وقد حسن إسلامها، ثم مات عمير بن وهب عنها قبل إسلامه وتزوجها كلدة بن عبد مناف ابن عبد الدار بن قصي، وولدت له فاطمة، وفاطمة هذه هي جدة كبشة بنت الحارث بن كريز امرأة مسيلمة الكذاب، وكانت من المدافعين عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت من الداعيات إلى الإسلام، وكانت تقول الشعر دفاعا عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في إسلامها هي وعاتكة، فأما محمد بن إسحاق وابن حبان ومن قال بقولهما.

    فذكرا أنه لم يسلم من عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صفية وقال غير هؤلاء: أسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم صفية وأروى، وقد أسلم طليب بن عمير في دار الأرقم ثم دخل فخرج على أمه وهي أروى بنت عبد المطلب، فقال: تبعت محمدًا وأسلمت لله رب العالمين عز وجل، فقالت أمه: إن أحق من وازرت ومن عاضدت ابن خالك، والله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه ولذببنا عنه، قال: فقلت: يا أماه، وما يمنعك أن تسلمي وتتبعيه فقد أسلم أخوك حمزة، فقالت: أنظر ما يصنع أخواتي ثم أكون إحداهن قال: قلت: أسألك بالله إلا أتيته فسلمت عليه وصدقته وشهدت أن لا إله إلا الله.

    قالت: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت بعد تعضد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بلسانها وتحض ابنها على نصرته وبالقيام بأمره، ولكن لا تذكر الروايات عام ولادة السيدة أروى بنت عبد المطلب، وتذكر أن أخواتها هن: عاتكة، وبرة، وصفية، وأميمة، والبيضاء وأم حكيم، وهن عمات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وإخوانها هم: حمزة أسد الله وأسد رسوله، وأبو لهب واسمه عبد العزى، وأبو طالب واسمه عبد مناف، والعباس، والزبير، وعبد الكعبة، والمقوم، وضرار، وقثم، والمغيرة، والغيداق، وهؤلاء أعمام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

    وكان من أهم ملامح شخصية أروى بنت عبد المطلب، أنها كانت تتصف أروى بنت عبد المطلب بصفات عديدة ومنها الصدق والأمانة، وكانت تدعو النساء إلى الإسلام وكانت راجحة الرأي، وهي إحدى فضليات النساء في الجاهلية والإسلام، فقد عرفت الإسلام وفضله في بداية الدعوة، وكانت ذات عقل راجح ورأي متزن يتضح ذلك في خطابها مع ولدها ومقابلتها لأخيها أبي لهب، ومن خلال إسلامها مع أختها صفية رضي الله عنهما، ويبدو قوة العلاقة التي تجمعها بأختها صفية، فقد أسلمتا معًا وهاجرتا معًا، ويبدو من حوارها مع ولدها حول دعوته للإسلام، حبها للتريث ومشاركة الآخرين بالرأي.

    وذلك حينما قالت له: أنظر ما يصنع أخواتي ثم أكون إحداهن، رضي الله عنها، وكانت السيده أروى بنت عبد المطلب ذات رأي راجح وعقل متزن، وورثت من عائلتها فصاحة اللسان والبلاغة، فكانت شاعرة بليغة، ولها عدد من الأقوال والقصائد، منها قصيدة في رثاء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وأخرى في رثاء أبيها عبد المطلب، وعُرفت رضي الله عنها في الدفاع عن الإسلام، ودعوة النساء إليه، وشد عضد ومؤازرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، ونصره بلسانها، وحث ابنها طُليب على الدفاع عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وعن الإسلام.

    كما عُرفت رضي الله عنها بالقوة في الحق، والدفاع عن الدين، ومن مواقف أروى بنت عبد المطلب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، هى مساندة أروى للنبي صلى الله عليه وسلم ونصرته، وفي أحد الأيام عرض أبو جهل وعدد من كفار قريش للنبي صلى الله عليه وسلم فآذوه، فعمد طليب بن عمير إلى أبي جهل فضربه ضربة شجه، فأخذوه وأوثقوه، فقام دونه أبو لهب حتى خلاه، فقيل لأروى: ألا ترين ابنك طليبًا قد صير نفسه عرضًا دون محمد؟ فقالت: “خير أيامه يوم يذب عن ابن خاله، وقد جاء بالحق من عند الله” فقالوا: ولقد تبعت محمدًا؟ قالت: نعم، فخرج معهم إلى أبي لهب فأخبره.

    فأقبل عليها فقال: عجبًا لك ولاتباعك محمدًا وتركك دين عبد المطلب، فقالت: قد كان ذلك، فقم دون ابن أخيك وامنعه، فإن يظهر أمره فأنت بالخيار أن تدخل معه، أو تكون على دينك، وإن يُصَب، كنت قد أعذرت في ابن أخيك، فقال أبو لهب: ولنا طاقة بالعرب قاطبة؟ جاء بدين محدث، ثم انصرف، وقالت: إن طليبًا نصر ابن خاله، واساه في ذي دمه وماله، وقد هاجرت إلى المدينة وبايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولما انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، قالت أروى بنت عبد المطلب: ألا يا رسول الله كنت رجاءنا ، وكنت بنا برًّا ولم تك حافيا.

    كأن على قلبي لذكـر محمد، وما جمعت بعد النبي المجاويا، وفي يوم من أيام مكة قبل الهجرة شتم عوف بن صبيرة السهمي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ له طليب بن عمير لحي جمل، فضربه به حتى سقط مزملاً بدمه، فقيل لأمه: ألا ترى ما صنع ابنك، فقالت: إن طليبًا نصر ابن خاله، آساه في ذي دمه وماله، فكانت السيدة أروى بنت عبدالمطلب: عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، نموذج للمرأة المسلمة، صاحبة التريث في القرار، والنظر في الأمور قبل الإقدام عليها، والتفكر فيها جيدا.

    وهي صفة تمنح صاحبها من الرجال والنساء السداد، وتجعله محور الاستشارة وطلب الاستنارة ممن حوله، وتتضح صفة التريث في السيدة أروى منذ عرض عليها الإسلام، ففكرت مليا وحين قررت الإسلام، اشتهرت بمعاضدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذب عنه، وتبنى دعوته بكل ما تملك، وقد توفيت السنة الخامسه عشر من الهجرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.

  • نسائم الإيمان ومع أم سليم بنت ملحان ( الجزء الثانى )

    نسائم الإيمان ومع أم سليم بنت ملحان ( الجزء الثانى )

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    نكمل مع السيده أم سليم بنت ملحان، وقد كان عندما الأنصار في المدينة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم والمهاجرين معه، كل ما يمكن أن يقدموه المال والحماية والمعونة، وقد تمنت أم سليم لو أنها تملك المال إذن لوضعته بين يدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لينفقه في سبيل الله، ولكن ماذا تفعل وهي لا تملك إلا ما يسد رمقها ورمق أطفالها، ومضت في ذهنها فكرة رائعة لا يعدم الإنسان الصادق وسيلة يحقق بها أهدافه ويبرهن على جدية دعواها وصدقها، فقد أخذت ابنها أنس إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان عمره ثمان سنوات وقيل عشر سنوات سلمت عليه وقالت له: هذا ابني أنس يا رسول الله يخدمك ويقوم على حوائجك.

    وقد جاءت أم سليم بأعز ما تملك، وهو ابنها وفلذة كبدها ووضعته في خدمة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أم سليم ترجو بذلك إرضاء ربها ورسوله وتأمل أن يتعلم ابنها العلم من النبي مباشرة، لا شك أن أم سليم تعرف كيف وعلى ماذا ربته وكان أنس عند حسن ظنها، كلنا يعرف من هو أنس بن مالك خادم النبي، يا له من شرف عظيم، فقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلم وقربه ودعا له بقوله: ” اللهم أكثر له ماله وولده وأطل عمره واغفر ذنبه ” وقد استجاب الله دعاء نبيه فكان أنس آخر من مات من الصحابة بالبصرة، وقد قارب المائة من عمره، وأكثر الله ماله وأولاده، وكان أنس يقول: “وإني والله لأرجو الرابعة أي أرجو مغفرة الله تعالى”.

    وكانت أهم ملامح شخصية السيده أم سليم هو العقل والحكمة، فقد كانت رضي الله عنها من عقلاء النساء، وموقفها مع زوجها أبي طلحة يوم وفاة ولدها يدل على عقل راجح، وحكمة بالغة، وصبر جميل، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا طلحة رضي الله عنه مات له ابن، فقالت أم سليم رضي الله عنها، لا تخبروا أبا طلحة حتى أكون أنا أخبره، فسجَّت عليه ثوبًا، فلما جاء أبو طلحة رضي الله عنه وضعت بين يديه طعامًا فأكل، ثم تطيّبت له فأصاب منها فتلقت بغلام، فقالت له: يا أبا طلحة، إن آل فلان استعاروا من آل فلان عارية، أى تقصد أمانه، فبعثوا إليهم أن ابعثوا إلينا بعاريتنا، فأبوا أن يردوها، فقال أبو طلحة: ليس لهم ذلك، إن العارية مؤداة إلى أهلها، قالت: فإن ابنك كان عارية من الله، وإن الله قد قبضه.

    فاسْتَرجِع أبو طلحه وقال إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال أنس: فأُخبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: “بارك الله لهما في ليلتهما ” وكانت أهم ملامح شخصية السيده أم سليم أيضا هو الشجاعة والإقدام، فكانت تغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولها قصص مشهورة، منها ما أخرجه ابن سعد بسند صحيح أن أم سليم رضي الله عنها، اتخذت خنجرًا يوم حنين، فقال أبو طلحة: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما هذا الخنجر؟ قالت: “اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرتُ به بطنه” وأم سليم تشارك في غزوة حنين قبل أن تلد ولدها عبد الله فكانت تسقي الجيش وترعى شؤونه وثبتت مع زوجها في من ثبتوا، يدافعون عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    حين تفرق عنه كثير من المسلمين، كانت أم سليم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصيح بالناس ” أيا أيها الناس هلموا إليّ، أنا الرسول، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله، أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب “، رأت زوجها أبو طلحة وهو يقاتل باستبسال نادر ويزأر بالأعداء زئير الأسد حتى قال عنه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: ” لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل ” وعندما احتدم القتال وفر الناس تركت أم سليم سقاية الجيش وتمريض الجرحى وأمسكت الخنجر التي كانت تخبئه في نطاقها وبدأت تقاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم، لم تخاف ولم يمنعها حملها الناضج من أن تقاتل لنصرة دين الله، وكانت حاملة آنذاك بابنها عبد الله، عندما التفت النبي صلى الله عليه وسلم .

    ورآها في ميدان المعركة قال: أم سليم، قالت: نعم بأبي أنت، وأمي يا رسول الله، روى الإمام مسلم في صحيحة أن أبا طلحة قال للنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يشتد وطيس المعركة: يا رسول الله إن أم سليم اتخذت خنجرًا، لربما أراد أبو طلحة أن يفتخر أمام رسول الله بما تفعل زوجته، ضحك النبي صلى الله عليه وسلم لما قالت أم سليم: يا رسول الله هذا خنجر أخذته إن دنى مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، وفعلًا استخدمت أم سليم خنجرها حين احتاج الأمر إلى مشاركتها في القتال، انتصر المسلمون في غزوة حنين، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حصيات من الأرض ورماها في وجوه الكفار وهو يقول: ” انهزموا ورب الكعبة، انهزموا ورب الكعبة ” وقذف الله في قلوبهم الرعب، فانهزموا.

    وعندما وضعت أم سليم وليدها بعد الغزوة تذكرت قول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بارك الله لكما في ليلتكما إذا ولدت ائتوني بالغلام، فأرسلت المولود إليه، فحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله ثم أخذ تمرة فأكلها ودهن بها فم الصغير فجعل الصغير يتلمضها، فاتبسم صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ” أبت الأنصار إلا حب التمر ” وكانت أهم ملامح شخصية السيده أم سليم أيضا هو حب النبي واقتفاء أثره في كل شيء، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه، قال أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، دخل على أم سليم رضي الله عنها، بيتها، وفي البيت قربة معلقة فيها ماء، فتناولها فشرب من فِيها وهو قائم، فأخذتها أم سليم رضي الله عنها، فقطعت فمها فأمسكته.

    وكانت أهم ملامح شخصية السيده أم سليم أيضا هو العلم والفقه، ففي صحيح البخاري عن عكرمة أن أهل المدينة سألوا ابن عباس رضى الله عنهما، عن امرأة طافت ثم حاضت، قال لهم: تنفر، قالوا: لا نأخذ بقولك، وندع قول زيد، قال: إذا قدمتم المدينة فسلوا، فقدموا المدينة فكان فيمن سألوا أم سليم رضي الله عنها، فذكرت حديث صفية رضي الله عنها، ومن مناقبها وفضائلها أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” دخلت الجنة فسمعت فيها خشفة أي صوت وحركة فإذا هي بالرميصاء “، وهى امرأة أبي طلحة، ومما يدل على وفاء أم سليم بالعهد، ما روته أم عطية رضي الله عنها، قالت: أخذ علينا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عند البيعة أن لا ننوح، فما وفت منا غير خمس نسوة: أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى.

    يروى أن أبا طلحة أخبر أم سليم يومًا أنه سمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم ضغيف يعرف فيه الجوع وطلب منها أن تعد الطعام، وذهب ليدعو رسول الله إليه، قَبِل النبي الدعوة، ودعا من كان في حضرته من أصحابه، ارتبك أبو طلحة فهو يعلم أن الطعام الذي أعدته ما يكفي الأعداد التي سيصحبها النبي صلى الله عليه وسلم فأسرع إلى بيته وأعلم زوجته بما جرى وقد غلبه الغم والهم، ابتسمت أم سليم، وقالت: لا عليك يا أبا طلحة، الله ورسوله أعلم، وصدق حدثها، فالنبي يعلم أن أبا طلحة يدعوه وحده إلى الغداء ولكنه لم يشأ أن يأكل وحده، وهذا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه لصحابته

    قائل: “طعام الإثنين يكفي الثلاثة، وطعام الثلاثة يكفي الأربعة ” وصل المدعوون إلى بيت أم سليم وإلى بيت أبي طلحة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أم سليم أن تفت الخبز ثم تضع فوقه السمن، وتناول الجميع الطعام، بسم الله تعالى فشبعوا جميعًا ولم ينفد الطعام، وقد عاش أبو طلحة مسرورًا مع أم سليم خاصة أنها كانت سند يعنه على طاعة الله، لا ينسى أبو طلحة موقفها حين تصدق بأرض بيرحاء حين سمع قول الله تعالى: ( لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ) فقال للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن أحب مالي إليّ أرض بيرحاء، وإنها صدقة أرجو بها وزخرها عند الله.

    فضعها حيث أراك الله، تبسم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وقال: ” بخ بخ ذاك مال رابح، ثم أردف قائل: أرى يا أبا طلحة أن تجعلها في الأقربين ” فقسم أبو طلحة الأرض بين الفقراء من أقاربه، وعلى مرأى من زوجته أم سليم وتشجيعها، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ” الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ” ولم تقل له يومًا ما تقوله بعض النساء لأزواجهن، بعض النساء اليوم تبخله وتقطع خيره ومعروفه عن من حوله، بل كانت مسرورة بالثواب الذي يدخره عنه الله تعالى يوم الحساب،وقد توفيت في حدود الأربعين في خلافة معاوية رضي الله عنه، فرضي الله عن أم سليم وأرضاها.

  • نسائم الإيمان ومع أم سليم بنت ملحان ( الجزء الأول )

    نسائم الإيمان ومع أم سليم بنت ملحان ( الجزء الأول )

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    هي أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، وهى مليكه بنت ملحان وتُلقَّب بالرميصاء، وأم سليم هي الصحابية التي دفع إليها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، السيده صفية بين حيي التي أصبحت زوجته فيما بعد فجهزتها وزفتها إليه وهم عائدون من خيبر إلى المدينة وقد أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار، وهم أهل يثرب الذين ناصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم ينتمون إلى قبائل الأوس والخزرج، السيده أم سليم هى أم الصحابي أنس بن مالك، خادم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ولد أبو حمزة أنس بن مالك بن النضر، في يثرب قبل الهجرة النبوية بعشر سنين.

    وهو ينتمي إلى بني النجار وهم أحد بطون قبيلة الخزرج الأزدية خئولة جد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عبد المطلب بن هاشم، فأم عبد المطلب هي سلمى بنت عمرو بن زيد بن أسد بن خداش بن عامر، فيلتقي بذلك نسب أنس بنسب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وقد قُتل مالك بن النضر أبو أنس في الجاهلية، فتزوجت أمه أم سليم مليكة بنت ملحان النجارية وهي أيضا صحابية من أبي طلحة الأنصاري، وأنس أخو الصحابي البراء بن مالك، وقد عاشت في بداية حياتها كغيرها من الفتيات في الجاهلية قبل مجيء الإسلام، فتزوجت مالك بن النضر، فلما جاء الله بالإسلام.

    وظهرت شمسه في الأفق، واستجابت وفود من الأنصار أسلمت مع السابقين إلى الإسلام، وقد اشتهرت بكنيتها أم سليم أكثر من اسمها ولقبها، وقد علمت أم سليم بالإسلام رغم أنها لم ترى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لكنها سمعت عنه من مصعب بن عمير، الذي أرسله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب لتعليم أهلها،عادت أم سليم بعد اليوم الذي اعتنقت فيه الإسلام وهي تشعر بانشراح لم تشعر به من قبل، انتظرت زوجها مالك بن النضر على أحر من الجمر لتدله على طريق النجاة والإيمان قبل أن يأتيه الموت الذي لا يعلمه أحد إلا الله، متى يكون؟ لم تتوقع أبدًا أن يرفض زوجها الإسلام.

    فعرضت الإسلام على زوجها مالك بن النضر، فغضب عليها، وكان قد عشّش الشيطان في رأسه، فلم يقبل هدى الله، ولم يستطع أن يقاوم الدعوة، لأن المدينة صارت دار إسلام، فخرج إلى الشام فهلك هناك، وقيل أنه كانت ذات مرة تتحدث إليه وهي تقول له: قال الله وقال رسول الله فترى في وجهه ثورة عظيمة وأسمعها كلام قاسيًا وصفع الباب مغضبًا وخرج من البيت بعد أن قال لها: إن لم تعودي إلى دين آبائك وأجدادك فلن ترى وجهي بعد اليوم، ما هذا الخيار القاسي؟ هي تحب زوجها حبًا جمًا، لكنها تحب دينها وربها ونبيها أكثر منه ومن ولديها ومن نفسها التي بين جنبيها، خيار صعب وقاسي.

    ولكن إن كان عليها أن تختار فلن تختار الفاني وتترك الباقي، إذن لم تتردد أم سليم بل حسمت أمرها واختارت ربها على كل ما سواه، ورددت بصوت حزين قول الله تعالى: ( ومن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) انشرح صدرها عندما قرأت هذه الآية فرفعت يديها ضارعة وقالت: “يا رب فوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، ففرج كربي يا أرحم الراحمين”، مرت شهور عديدة وأم سليم تترقب فيها اللحظة الذي يفتح فيها زوجها بيت الدار ويعود إليها وقد هداه الله فيلتم شمل العائلة من جديد.

    لكن الناعي حمل إليها خبر لم تكن تتوقعه فقد مات مالك بن النضر في الشام وذاب الأمل التي كانت تنتظره وتعيش عليه، حزنت أم سليم لموت زوجها وحزنت أكثر لأنه مات مشركًا، ومن ثَمَّ فاختيار أم سليم الأنصارية رضي الله عنها، الإسلام على زوجها في ذلك الوقت المبكر ينبئ عن عزيمة أكيدة، وإيمان راسخ في وقت كان الاعتماد في تدبير البيت والمعاش وغير ذلك من أمور الحياة على الرجل، ولم تكن المرأة قبيل مجيء الإسلام تساوي شيئًا، فكونها أخذت هذا القرار من الانفصال بسبب الإسلام عن زوجها الذي في نظرها يعتبر كل شيء في ذلك الوقت، فيه دلالة على ما تمتاز به هذه المرأة المسلمة.

    من الثبات على المبدأ مهما كلفها من متاعب، وان ولداها أنس، والبراء ما يزالان طفلين صغيرين نظرت إليها ورددت من بين دموعها: “اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها”، فرغت أم سليم نفسها لتربية هذين الولدين على الإيمان بالله وعلى مراقبته وكانت تلقنهما مبادئ الإسلام وتزرع فيهما قيمه السامية. عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة طار قلبها فرحًا لقدومه وكانت مع الأنصار الذين استقبلوه مهللين مكبرين، وأما زواجها في الإسلام فذاك هو العجب بعينه، ولم يتكرر في التاريخ مثله، فبعد موت مالك بفترة صغيرة، تقدم لخطبة أم سليم زيد بن سهل المعروف بأبي طلحة

    كما أن زيد ذا حسب ونسب، ومال وجاه، ولكن أم سليم ردته ولم تقبل به زوج، هذا عجيب لماذا ردته وهو يملك كل هذه المواصفات التي ترغب بها النساء؟وهو ببساطة لأنه كان مشرك فكيف ترضى به وهي التي فارقت زوجها مالك بسبب كفره، فاعتذرت منه قائلة: “يا أبا طلحة ما مثلك يرد ولكنك امرئ كافر وأنا امرأة مسلمة”، سمع أبو طلحة كلامها فهز رأسه وهم بالخروج من دارها، ولكن فكرة ما في عقل أم سليم جعلتها تتابع الحديث، قائلة: “يا أبا طلحة، ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد إنما هو شجرة تنبت من الأرض نجرها حبشي من أحباش بني النجار؟” أجاب أبو طلحة: “بلى يا أم سليم”، فاستطردت قائلة

    ” فكيف تسجد لخشبة تنبت من الأرض لو أشعلت فيها النار لحترقت كيف تعبدها من دون الله؟” لم يجب أبو طلحة بشيء، وعاد أبو طلحة إلى منزله وقد وقع كلام أم سليم في قلبه وظل يفكر في الأوثان التي يعبدها كما عبده أبائه وأجداده، بعد وقت وتفكير طويل استسلم للحقيقة فهذه الأصنام التي يعبدها لا تجلب له نفع ولا تدفع عنه ضرر فكيف يسجد لها من دون الله، عاود أبو طلحة خطبة أم سليم واستشفت تلك السيدة اللماحة ما يعتلج في صدره، فقالت له: “يا أبا طلحة هل تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأزوجك نفسي؟ لا أريد منك صفراء ولا بيضاء فيكون إسلامك مهري”،

    وهو عمل الصدق الذي حمله أم سليم في نفس أبو طلحة عمله، فأسلم أبو طلحة وتزوجها على مهر لم تمهره امرأة، فعن أنس بن مالك قال: خطب أبو طلحة أم سليم رضي الله عنها، قبل أن يسلم فقالت: أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسأل غيره، فأسلم وتزوجها أبو طلحة، فكانت بذلك أول امرأة جعلت مهرها إسلام زوجها، فصارت سببًا في دخول أبي طلحة في الإسلام، فحازت بذلك على الفضيلة التي وعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقوله: ” فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حُمر النَّعَم “.

  • نسائم الإيمان ومع أميمه بنت أبى سفيان

    نسائم الإيمان ومع أميمه بنت أبى سفيان

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    السيده اميمة بنت أبي سفيان بن صخر بن حرب بن عبد شمس من عبد مناف، ولكن قبل أن نتكلم عن هذه الفئه من النساء يجب علينا أن نعلم جيدا أنه لقد حفل التاريخ الإسلامي ، بذكرعدد من النساء اللاتي تركن بصماتهن بأعمالهن العظيمة، ومواقفهن المشهودة، فقد أتاح الإسلام للمرأة الآفاق الرحبة للعطاء والبذل، وأعطاهن حقهن للمشاركة في مسؤوليات المجتمع وواجباته حتى تكون المرأة شقيقة الرجل بحق في النهوض بالأمة الإسلامية وتربية أجيالها الناشئة، وكان جيل الصحابة رضوان الله عليهم أفضل جيلٍ مر في تاريخ البشرية في أخلاق رجاله ونسائه فهو خير القرون بشهادة النّبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهم خير أمة أخرجت للناس بخلقها الكريم.

    وطاعتها لمنهج الله تعالى، وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، وللأمة الإسلامية أسوة حسنة في سلفها الصالح الذين أعطوا صورة مشرقة غاية في النقاء للبذل والتضحية والعطاء والفداء، وقد تمثلت تلك المعاني الجميلة في نفوس الصحابة، وكان للصحابيات حظ ونصيب وافر في تلك الصفات والأخلاق الكريمة، ولقد كانت الصحابيات رضوان الله عليهن مضربا للمثل في الاعتقاد الصحيح المبني على توحيد الله تعالى وعبادته وحده، ومثال على ذلك سمية زوجة ياسر والد الصحابي الجليل عمار رضي الله عنهم أجمعين، والتي حملها صحة الاعتقاد وقوته على تحمل الأذى والتعذيب والصبر عليه، فما لا نت قناتها، وما ضعفت إرادتها حتى لقيت ربها شهيدة.

    ومعنا السيده اميمة، بنت أبي سفيان بن صخر بن حرب بن عبد شمس من عبد مناف، وأبوها هو أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وهو صحابي، من سادات قريش قبل الإسلام، وهو والد معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية، وكان تاجراً واسع الثراء، وزعيم أشراف قريش الذين عارضوا النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ودعوته، ولقد عادى الإسلام والمسلمين، وكان على رأس غزوتي بدر وأحد، واشترك في حصار المدينة في غزوة الخندق، ولقد هادن المسلمين في صلح الحديبية، ثم أسلم عند فتح مكة، ورفع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من شأنه، فأمن كل من يدخل داره، وولاه على نجران، ثم خرج مع المسلمين في فتوحهم.

    وغزواتهم، فاشترك في حنين والطائف، ففقئت عينه يوم الطائف، ثم فقئت الأخرى يوم اليرموك، فعمي، وقد توفي عن ثمانى وثمانين سنة في العام الواحد والثلاثين من الهجره،
    والسيده أميمه هى أخت السيده أم حبيبة زوج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لأييها، وأم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان الأموية القرشية الكنانية، وهى صحابية من المهاجرين والسابقين الأولين وزوجة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان من إخوانها الصحابي يزيد بن أبي سفيان، والصحابي والخليفة معاوية بن أبي سفيان، والسيده أم حبيبة هى بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس.

    بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، واختلف في اسمها فقيل هي رملة وقيل هند، وكانت أمها هى صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وصفية هي عمة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وكانت عمتها هي أم جميل أروى بنت حرب التي ذكرت في القرآن الكريم بوصف حمالة الحطب، وقد كانت السيده أميمه في دمشق، وتزوجها خويطب بن عبد العزى ابن أبي قيس،

    وقد ولدت له أبا سفيان، وحويطب بن عبد العزى القرشي، وهو العامري المعمر وهو من الصحابة الذين أسلموا يوم الفتح، ويروي عن عبد الله بن السعدي ، وعن عمر حديث العمالة، وقد رواه عنه السائب بن يزيد الصحابي، قال ولا نعلم حويطبا يروي سواه، وهو أحد الذين أمرهم عمر بتجديد أنصاب حدود حرم الله وأحد من دفن عثمان ليلا، وقد باع من معاوية دارا له بالمدينة بأربعين ألف دينار، وكان حميد الإسلام، وقيل أنه قد عاش مائة وعشرين سنة، وقد مات سنة أربع وخمسين وقيل سنة اثنتين وخمسين، وقيل أنه سار إلى الشام مجاهدا، وقد حضر بدرا.

    فقال : رأيت الملائكة تقتل وتأسر، وقيل أنه قال واستقرض مني النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يوم حنين أربعين ألفا، وأعطاني من غنائم حنين مائة من الإبل، وكانت السيده أميمه بن أبى سفيان بعد أن مات زوجها حويطب، خلف عليها صفوان بن أمية، وولدت له عبد الرحمن، وهو صفوان بن أمية الجمحي القرشي الكناني، وقيل أنه قد هرب في فتح مكة، ثم أجاره أحد المسلمين، ويعد من المؤلفة قلوبهم، وهو صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص.

    بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقد هرب من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فى عام الفتح، ثم جاء فأسلم وحسن إسلامه، وكان الذي استأمن له عمير بن وهب الجمحي، وكان صاحبه وصديقه في الجاهلية، وقدم به في وقت صلاة العصر فاستأمن له فأمّنه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أربعة أشهر، واستعار منه أدرعاً وسلاحاً ومالاً، وقد حضر صفوان حنيناً مشركاً، ثم أسلم.

  • نسائم الإيمان ومع أم كلثوم بنت أبى بكر

    نسائم الإيمان ومع أم كلثوم بنت أبى بكر

    إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

    هي أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق القرشية التيمية، وأم كلثوم بنت أبي بكر، هى بنت خليفة المسلمين أبو بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان التيمي القرشي، وتلتقي مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في الجد السادس مرة بن كعب ، وهي الابنة الثالثة لأبي بكر الصديق، وقد ولدت بعد وفاته، وكانت أمها هى الصحابية حبيبة بنت خارجة أخت زيد بن خارجة، وقد وضعتها بعد موت أبي بكر، وكانت هى الزوجة الرابعة للخليفة، أبو بكر الصديق.

    وهي التي قال فيها أبو بكر لعائشة في مرضه الذي توفي فيه: إني أرى ذات بطن بنت خارجة بنتا فولدت أم كلثوم بعد موته، وكان هذا يعد من كراماته رضي الله عنه، والسيده حبيبة بنت خارجة الخزرجية الأنصارية قيل ان اسمها مليكة وهى الزوجة الرابعة للخليفة أبو بكر وقد تزوجها أبو بكر في المدينة بعد الهجرة، وقد ذكرها أبو بكر الصديق للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بقوله : أصبحت بحمد الله باريًا، واليوم يوم بنت خارجة، وهى حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج الخزرجية الأنصارية، وكانت أمها هى هزيلة بنت عتبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج.

    وكان أخوها لأمها هو سعد بن الربيع بن أبي زهير، والسيده أم كلثوم بنت أبي بكر ليست لها صحبة، لأنها ولدت بعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك فهي تابعية، والسيده أم كلثوم بنت أبو بكر، قد تزوجها طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم فولدت له زكريا ويوسف ومات صغيرا وعائشة بني طلحة فقتل عنها طلحة بن عبيد الله يوم الجمل، وكان طلحه بن عبيد الله، هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده، وقال عنه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه شهيد يمشي على الأرض.

    فقال صلى الله عليه وسلم : ” من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله ” وقد أسلم مبكرًا، فكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وهاجر إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، وشارك في جميع الغزوات في العصر النبوي إلا غزوة بدر حيث كان بالشام، وكان ممن دافعوا عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد حتى شُلَّت يده، فظل كذلك إلى أن مات، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقُتِل في موقعة الجمل.

    فكان قتله في رجبٍ سنة ست وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستون سنة، وقيل اثنان وستون سنة، وقد كان لطلحة أحد عشر ولدا وأربع بنات، وكان يُسمّي أبناءه بأسماء الأنبياء، فمنهم محمد بن طلحة السجاد وعمران بن طلحة وموسى بن طلحة وعيسى بن طلحة، وغيرهم، وقد روى نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنه أخبره أن عائشة أم المؤمنين أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق فقالت أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل علي، قال سالم فأرضعتني أم كلثوم ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعني غير ثلاث رضعات فلم أكن أدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تتم لي عشر رضعات.

    ويروى أن طلحة بن عبيد الله أتاه مال من حضرموت سبع مائة الف قال فبات ليلته يتململ فقالت له زوجته يا أبا محمد ما لي أراك منذ الليلة تململ أرابك منا أمر فنعتبك قال لا لنعم زوجة المرء أنت ولكن تفكرت منذ الليلة فقلت ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال عنده في بيته قالت فأين أنت عن بعض أخلاقك قال وما هو قالت إذا أصبحت دعوت بجفان وقصاع فقسمتها على بيوت المهاجرين والأنصار على قدر منازلهم قال فقال لها يرحمك الله إنك ما علمت موفقة ابنة موفق وهي أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق فلما أصبح دعا بجفان وقصاع فقسمها بين المهاجرين والأنصار، ويقول موسى بن طلحة: بينما السيده عائشة بنت طلحة تقول لأمها أم كلثوم بنت أبي بكر: أبي خير من أبيك

    فقالت عائشة أم المؤمنين: ألا أقضي بينكما إن أبا بكر دخل على النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم فقال: يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار قلت: فمن يومئذ سمي عتيقا ودخل طلحة على النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم فقال: أنت يا طلحة ممن قضى نحبه، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قد خطب أم كلثوم بنت أبي بكر إلى عائشة وهي جارية فقالت: أين المذهب بها عنك؟ فبلغها ذلك فأتت عائشة فقالت: تنكحيني عمر يطعمني الخشب من الطعام إنما أريد فتى يصب من الدنيا صبا والله لئن فعلت لأذهبن أصيحن عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسلت عائشة إلى عمرو بن العاص فقال: أنا أكفيك فدخل على عمر بن الخطاب رضى الله عنهما.

    فتحدث عنده ثم قال: يا أمير المؤمنين رأيتك تذكر التزويج؟ قال: نعم قال: من؟ قال: أم كلثوم بنت أبي بكر فقال: يا أمير المؤمنين ما أريك إلا جارية تنعى عليك أباها كل يوم فقال عمر: عائشة أمرتك بهذا فتزوجها طلحة بن عبيد الله فقال له علي: أتأذن لي أن أدنو من الخدر؟ قال: نعم فدنا منه ثم قال: أما على ذلك لقد تزوجت فتى من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وفى ذلك قال المدائني: وخطب عمر بن الحطاب رضى الله عنه، السيده أم كلثوم بنت أبي بكر وهي صغيرة، وأرسل فيها إلى عائشة، فقالت: الأمر إليك، فقالت أم كلثوم: لا حاجة لي فيه، فقالت لها عائشة: ترغبين عن أمير المؤمنين؟!قالت: نعم، إنه خشن العيش، شديد على النساء، فأرسلت عائشة إلى عمرو بن العاص فأخبرته.

    فقال: أكفيكِ، فأتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، بلغني خبر أعيذك بالله منه، قال: وما هو؟ قال: خطبت أم كلثوم بنت أبي بكر، قال: نعم، أفرغبت بي عنها، أم رغبت بها عني؟
    قال: لا واحدة، ولكنها حدثة نشأت تحت كنف أم المؤمنين في لين ورفق، وفيك غلظة، ونحن نهابك، وما نقدر أن نردك عن خلق من أخلاقك، فكيف بها إن خالفتك في شيء، فسطوت بها، كنت قد خلفت أبا بكر في ولده بغير ما يحق عليك، قال: فكيف بعائشة وقد كلمتها؟ قال: أنا لك بها، وأدلك على خير منها، أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، تعلق منها بسبب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وقيل أن هذا إسناد ضعيف منقطع لا يثبت، والمدائني هو علي بن محمد أبو الحسن المدائني، وهو صدوق ثقة وثقه ابن معين

    وقد ذكره ابن عدي في الكامل وقال: ليس بالقوي في الحديث، وهو صاحب الأخبار، وقل ما له من الروايات المسندة، وعن أم كلثوم بنت أبي بكر أنها أخبرته عن عائشة قالت أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل وحتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى فقال إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي، وعن أم كلثوم بنت أبي بكر عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء ” اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك.

    وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إن أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا ” وروي عن أم كلثوم بنت أبي بكر رضي الله عنه أنها قالت: كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلى بينهم و بين ضربهن، وبعد مقتل الصحابى طلحه بن عبيد الله قد تزوجت السيده أم كلثوم بعد مقتل زوجها في موقعة الجمل من عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة وأنجبت له أربعة أولاد هم: إبراهيم، وموسى، أم حميد ، وأم عثمان عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى ربيعه.

  • نسائم الإيمان ومع فاطمة بنت الخطاب

    نسائم الإيمان ومع فاطمة بنت الخطاب

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    فاطمة بنت الخطاب أخت الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب، وهي صاحبية جليلة ذات إيمان قوي وصلاح ودين، وقد أسلمت قديما أول ظهور الإسلام مع زوجها سعيد بن زيد أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة، وكما أنها بايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فكانت من المبايعات الأُول، وهى صحابية جليلة، اتسمت بعدد من المزايا منها أنها كانت شديدة الإيمان بالله وشديدة الاعتزاز بالإسلام، طاهرة القلب، راجحة العقل، نقية الفطرة، من السابقات إلى الإسلام، وهي فاطمة بنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى، القرشية العدوية، أخت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتُكنَّى أم جميل، ولقبها أُميمة، ولم تكن تُعرف في حياتها باسم فاطمة، وإنما اشتهرت بلقبها وكنيتها.

    وأمها هى حنتمة بنت هاشم بن المغيرة ، وهي حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهى والدة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وكانت السيده فاطمه زوجها هو سعيد بن زيد رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، فلما اكتمل شبابها خطبها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل واقترن بها وأقاما معا على كل خير، وأسلم سعيد زوج فاطمه على يد الصاحبي الجليل خباب بن الارت وأخذه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليسلم بين يديه ويشهد لله بالوحدانية ولمحمد بالرسالة.

    ثم عاد سعيد إلى بيته ليحدث زوجته بما جرى معه مع خباب وبلقائه مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأخذ يشرح لها ماعرفه عن الدين الذي اعتنقه وهي تصغي إليه بكل جوارحها وعواطفها وعقلها وما كاد الزوج يختم حديثه حتي نطقت بالشهادتين وأصبحت في عداد الأولين من المسلمات، وأصبح خباب بن الأرت يأتيهم دوما في منزلهم ويزودهم بزاد القرآن ويفقههم في دين الله وينمي في قلوبهم غرسه الإيمان، هذا والكل يحرصون على أن لا يشيع خبر إسلامهم خوفا من بطش عمر الذي كان من أشد الناس انفعالا وأكثرهم حماسا للقضاء على الدعوة الإسلامية في مهدها.

    ولقد كانت فاطمة رضي الله عنها من فواضل نساء عصرها ومن السابقات إلى الإسلام، فأسلمت قديما في فجر الإسلام مع زوجها سعيد بن زيد رضي الله عنه، وقبل إسلام أخيها عمر رضي الله عنه، وهي التي كانت أحد أسباب إسلامه ، كما أنها بايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت من المبايعات الأول، وسعيد بن زيد القرشي العدوي هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، حيث أسلم بعد ثلاثة عشر رجلًا، وقبل أن يدخل النبي دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها، وكان أبوه زيد من الأحناف في الجاهلية، فلا يعبد إلا الله ولا يسجد للأصنام، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وأخته عاتكة بنت زيد زوجة عمر، وكان سعيد من المهاجرين الأولين.

    وكان من سادات الصحابة، وقد شهد سعيد المشاهد كلها مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلا غزوة بدر، حيث بعثه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو وطلحة بن عبيد الله للتجسس على أخبار قريش، فرجعا بعد غزوة بدر، فضرب لهما النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بسهمهما وأجرهما، وشهد معركة اليرموك، وحصار دمشق وفتحها، وقد ولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فكان أول من عمل نيابة دمشق من المسلمين، وتُوُفي بالعقيق سنة إحدى وخمسين للهجرة، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وحُمل إلى المدينة، وغسله سعد بن أبي وقاص وكفنه، وقد خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما ومعه سيفه يريد قتل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فلقيه نعيم بن عبد الله

    فقال له: أين تريد يا عمر؟ فقال عمر: أريد محمدا فأقتله، فقال نعيم: أفلا ترجع إلى أهلك فتُقيم أمرهم؟ قال عمر: وأي أهلي؟ قال نعيم: ابن عمّك سعيد بن زيد وأختك فاطمة، فدخل عمر عليهما وعندهما خباب بن الأرت يُقرئهما القرآن، فقال عمر: فلعلكما قد صبأتما، وتبعتما محمدا على دينه، فقال له صهره سعيد: يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك، عندها لم يتمالك عمر نفسه، فوثب على سعيد فوطئه، ثم أتت فاطمة مسرعة محاولة الذود عن زوجها، ولكن عمر ضربها بيده ضربة أسالت الدم من وجهها، بعدها قالت فاطمة : يا عمر إن الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.

    فعندما رأى عمر ما قد فعله بأخته ندم وأسف على ذلك، وطلب منها أن تعطيه تلك الصحيفة، فقالت له فاطمة وقد طمعت في أن يسلم: إنك رجل نجس ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام ففعل ثم أخذ الكتاب فقرأ فيه وكان فيها قوله تعالى ( طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) فلمّا قرأ بعضها قال لخباب بن الأرت دلَّني على محمد حتى آتيه فأُسلم، فدلَّه خباب على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان الرسول حينها في دار الأرقم، فخرج عمر متجها إلى تلك الدار، وقد كان متوشحاً سيفه، فضرب الباب، فقام أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونظر من الباب فرأى عمر بن الخطاب بما هو عليه، ففزع الصحابي ورجع مسرعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما رأى.

    ” فقال الرسول صلى الله عليه وسلم، لعمه حمزة بن عبد المطلب: فأذن له فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له، وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه، فأذن له ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى لقيه بالحجرة فأخذ مجمع ردائه ثم جبذه جبذة شديدة وقال: ما جاء بك يا ابن الخطاب فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة، فقال عمر:” يا رسول الله جئتك لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله”، فلما سمع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ذلك كبر تكبيرة عرف أهل البيت من صحابة رسول الله أن عمر قد أسلم.

    ولقد كان ذلك الموقف أحد أروع المواقف الإسلامية في تاريخ الحياة الإسلامية، وفيه يعود الفضل لفاطمة بنت الخطاب وثباتها على دينها، ودعوتها الصادقة لأخيها، الذي كانت البلاد بأجمعها تخاف من بطشه في جاهليته، ولكنها لم تخشه قط، بل أصرت على موقفها، وكانت سبباً في إسلامه، وبذلك تحققت فيه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن فاطمة بنت مسلم الأشجعية، عن فاطمة الخزاعية، عن فاطمة بنت الخطاب، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:” لا تزال أمتي بخير ما لم يظهر فيهم حب الدنيا في علماء فساق، وقراء جهال، وجبابرة، فإذا ظهرت خشيت أن يعمهم الله بعقاب” .

  • نسائم الإيمان ومع حبيبه بنت خارجه ( الجزء الثانى )

    نسائم الإيمان ومع حبيبه بنت خارجه ( الجزء الثانى )

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    ونكمل الجزء الثانى مع السيده حبيبه، فلم يزل أبو بكر الصديق رضى الله عنه، في بني الحارث بن الخزرج بالسُّنح حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر رضي الله عنه قد لزم النبي صلى الله عليه وسلم، في مرضه الذي توفي فيه، فلما أصبح صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين الثانى عشر من المحرم سنة حادى عشر من الهجره، وكلم الناس، وقال له أبو بكر: يا نبي الله إني أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل كما نحب، واليوم يوم بنت خارجة، أفآتيها؟ قال: ” نعم “، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج أبو بكر إلى أهله بالسنح، فمات صلى الله عليه وسلم في غيبته.

    فلما وصل خبر وفاته صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر عاد مسرعًا على فرسه إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن بويع لأبي بكر رضي الله عنه بالخلافة، بقي كذلك عند زوجته حبيبة بنت خارجة بالسنح، حتى وفاته رضي الله عنه سنة الثالث عشر من الهجره، وقد روى ابن سعد والطبري عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن منزل أبا بكر كان بالسنح عند زوجته حبيبة ابنة خارجة بن زيد بن أبي زهير من بنى الحارث ابن الخزرج، وكان قد حجر عليه حجرة من سَعَف، فما زاد على ذلك حتى تحول إلى منزله بالمدينة، فأقام هنالك بالسنح بعد ما بويع له ستة أشهر، يغدو على رجليه إلى المدينة.

    وربما ركب على فرس له، وعليه إزار ورداء مُمَشَّق، فيوافي المدينة فيصلي الصلوات بالناس، فإذا صلى العشاء، رجع إلى أهله بالسنح، فكان إذا حضر صلى بالناس وإذا لم يحضر صلى بهم عمر بن الخطاب قال: فكان يقيم يوم الجمعة صدر النهار بالسنح يصبغ رأسه ولحيته ثم يروح لقدر الجمعة، فَيُجَمِّعُ بالناس، وقد ولدت حبيبة بنت خارجة رضي الله عنها لأبي بكر ابنته أم كلثوم بنت أبي بكر رضي الله عنه، حيث كانت حبيبة بنت خارجة رضي الله عنها حاملًا من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فلما حضرته الوفاة، قال: “إن ذا بطن بنت خارجة قد ألقي في خلدي أنها جارية” .

    فكانت كما قال رضي الله عنه، وتلك من كراماته، فولدت بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه فى السنة الثالث عشر من الهجره، وسمتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها “أم كلثوم”، ثم تزوجها طلحة بن عبيد الله فولدت له زكريا وعائشة ابني طلحة، وهي التي عناها أبو بكر في حقها عند وفاته في قوله لعائشة رضي الله عنها: “إن أبا بكر كان نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحب إلي غنى بعدي منك ولا أعز علي فقرُا منك وإني كنت نحلتك من مالي جذاذ عشرين وسقا فلو كنت جذذتيه واحتزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث.

    وإنما هو أخوك وأختاك، فاقسموه على كتاب الله عز وجل، فقالت: يا أبت والله لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ قال: ذو بطن بنت خارجة، أراها جارية، فولدت جارية” وكانت حبيبة بنت جارجة وابنتها أم كلثوم ممن ورثوا من أبي بكر رضي الله عنه عند وفاته، وقد روى ابن سعد بسنده عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبيه قال: “ورث أبا بكر الصديق أبوه أبو قحافة السدس، وورثه معه ولده عبد الرحمن، ومحمد، وعائشة، وأسماء، وأم كلثوم بنو أبي بكر، وامرأتاه أسماء بنت عميس، وحبيبة ابنة خارجة بن زيد بن أبي زهير من بلحارث بن الخزرج، وهي أم أم كلثوم.

    وكانت بها نسأ حين توفي أبو بكر رحمه الله” ولما توفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن حبيبة بنت خارجة، وقد تزوجها الصحابي البدري خبيب بن يساف أو يقال إساف الخزرجي رضي الله عنه، وليس لها رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن منده فى حق السيده حبيبه أن لها ذكر ولا يعرف لها رواية، وكذلك لم نعثر على تاريخ لوفاتها رضي الله عنها، فكان جيل الصحابة رضوان الله عليهم أفضل جيل مر في تاريخ البشرية في أخلاق رجاله ونسائه فهو خير القرون بشهادة النبي عليه الصلاة والسلام، وهم خير أمة أخرجت للناس بخلقها الكريم، وطاعتها لمنهج الله تعالى، وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر.

  • نسائم الإيمان ومع حبيبه بنت خارجه ( الجزء الأول )

    نسائم الإيمان ومع حبيبه بنت خارجه ( الجزء الأول )

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    لقد لعبت الصحابيات دور البطولة في جميع مراحل نشر الدعوة الإسلامية، بدءا من تلقّي الأوامر والأسس عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وتطبيق ونشر هذا الدين، والحفاظ عليه، والدفاع عنه، والتصديق لصاحب هذه الرسالة العظيمة، ولم يقتصر دورهن على ذلك، بل شاركن في الغزوات جنبا إلى جنب مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في مواقف مضيئة يشهد لهن التاريخ بذلك، حتى ظهرت أول ممرضة في التاريخ إلى جانب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في إحدى الغزوات، ولا ننسى فضل باقي الصحابيات اللواتي قدّمن لنا أفضل مُثُل عُليا نهتدي بنهجهن.

    وليكن نبراسا لنا في هذا الطريق، فيا معاشر الصالحين والصالحات اعلموا أننا في زمن كثرت فيه الفتن، واختلطت فيه المعالم، وإن من أكبر الحصون لبناتنا وأخواتنا وزوجاتنا لمواجهة ذلك بعد تقوى الله عز وجل هى التربية الإيمانية الحقة، التربية على منهج القرآن والسنة، وإن من أكبر ما يعين على ذلك، هو أن نقص عليهن سيرَ وقصص من امتدحهم الله عز وجل في كتابه، ونبيُّه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في أقواله، ولهذا نجد أن العهد النبوي الشريف قد حفل بنماذج مُشرقة لنساء كن بمثابة بذرات أُلقيت في حقل الإسلام، فلما جاءت سحابة الإيمان وسكبت ماءها فى هذا الحقل.

    وإذا بتلكم البذرات النقية التقية تتغذى من خلال النبعين الصافيين، من كتابِ الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا بها تتفتح أزهارا لتنشر عطرها وعبيرها، فيملأ الكون كله بأريج وعبَق الإيمان والتوحيد، وبين أيدينا صحابيه جليله من صحابيات رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهى الصحابيه، حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير الخزرجية الأنصارية رضي الله عنها، وهى زوجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأم ابنته أم كلثوم، ولها ذكر ولكن ليس لها رواية عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي ابنة الصحابي البدري خارجة بن زيد، وأخت الصحابي البدري زيد بن خارجة المتكلم بعد موته.

    رضي الله عنهم أجمعين، وأبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان التيمي القرشي، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو اول الخلفاء الراشدين ، وهو أفضل الناس بعد الأنبياء والرسل الكرام، وهو أحب الناس إلى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد زوجته عائشة، وقد سُميّ أبوبكر بالصديق لتصديق الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، له، وتزوج أبو بكر الصديق أربع زوجات، ومنهم السيده حبيبه بنت خارجه، وتعدّ الرحمة ورقة القلب من أبرز الصفات الفطرية لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث كانت هذه الصفة تنعكس على شخصيته، وتتجلّى بوضوح أثناء معاملته مع الناس.

    وقد شهدت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على رقّة قلب والدها، وقد تزوج أبو بكر الصديق كما ذكرنا من أربع نسوة، وقد أنجبن له ثلاثة ذكور وثلاث إناث، وهن على التوالي، الزوجه الأولى وهى قتيلة بنت عبد العزى بن أسعد بن جابر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وهي أم عبد الله وأسماء، والزوجه الثانيه وهى أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة الكنانية، وهي أم عائشة وعبد الرحمن، وقد توفيت في ذي الحجة سنة أربعه هجريه، وكانت الزوجه الثالثه وهى أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم الشهرانية

    الخثعمية، وهي أم محمد، وكانت زوج جعفر بن أبي طالب، فلما قتل جعفر تزوجها أبو بكر، ثم مات عنها فتزوجها علي بن أبي طالب، وكانت الزوجه الرابعه وهى حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير الخزرجية الأنصارية، وقيل: مليكة بنت خارجة، وهي والدة أم كلثوم، والسيده حبيبه هى حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد.

    بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، الصحابية الخزرجية الأنصارية، ويعرف قومها ببني الحارث بن الخزرج أو بلحارث بن الخزرج أو يعرفون ببني الأغر، زوجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بينما ورد اسمها عند البعض بلفظ “مليكة بنت خارجة بن زيد”، والصواب حبيبة بنت خارجة بن زيد، وتنتمي حبيبة بنت خارجة إلى أسرة خزرجية عريقة، فقد كان أبوها خارجة بن زيد بن أبي زهير رضي الله عنه سيد بني الحارث بن الخزرج، ومن كبار الصحابة وأعيانهم، وقد تزوج والدها من الصحابية هزيلة بنت عنبة.

    وقيل هزيلة بنت عتبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج، الخزرجية الأنصارية، فولدت له زيد بن خارجة وحبيبة بنت خارجة، وهزيلة بنت عتبة هي أم سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي الزهير الخزرجي الأنصاري، فيكون زيد بن خارجة وأخته حبيبة أخوين لسعد بن الربيع من أمه، وقد ذكر ابن منده أن لحبيبة أخًا ثانيًا اسمه “سعد بن خارجة”، وقد قتل هو وأبوه يوم أُحد، وقد أسلمت حبيبة بنت خارجة رضي الله عنها وبايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويعود إسلامها إلى وقت مبكر، فوالدها من السابقين في الإسلام، وهو من الطبقة الأولى من الأنصار.

    وقد أسلم قبل الهجرة، وشهد بيعة العقبة الثانية، وهو أحد النقباء الاثني عشر الذين جعلهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على قومهم، وبعد الهجرة النبوية آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بين أبي بكر الصديق وبين والدها خارجة بن زيد بن أبي زهير الخزرجي رضي الله عنه، فنزل أبو بكر رضي الله عنه عند أخيه في الإسلام خارجة، وكان منزل خارجة بن زيد سيد بني الحارث بن الخزرج في منطقة السُّنح في عوالي المدينة المنورة، فتزوج أبو بكر رضي الله عنه من ابنته حبيبة بنت خارجة، وقد قال ابن سعد: نزل أبو بكر على خارجة بن زيد بن أبي زهير وتزوج ابنته.

  • نسائم الإيمان ومع نفحات الدهر

    نسائم الإيمان ومع نفحات الدهر

    بقلم / محمـــد الدكـــرورى

    ونحن في أيام الخير والبركة، الأيام المباركات من شهر ذو الحجه، ماذا ينبغي علينا أن نفعله جميعا الآن؟ وهو أن نعمل بقول واحد للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فيه خير لنا في الدنيا وسعادة يوم الدين، فقال صلى الله عليه وسلم: ” إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها فعسى أن تصيبكم نفحة لن تشقوا بعدها أبدًا ” فما هذه النفحات التي ينبغي أن نتعرض لها؟ وكيف نستعد ونتجهز لها لنكون من أهلها؟ وتتنزل علينا بفضل الله عز وجل، في حينها ووقتها؟ إن نفحات الله عز وجل التي ذكرها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ليست نفحات حسّية أرضية، كأكل أو شرب، أو مال أو مناصب فانية، وإنما النفحات التي تنزل من الله عز وجل على قدر الله سبحانه.

    وهو أن يمنح عبدا مغفرته، فيغفر له ما تقدم من ذنبه، أن يَمُنّ الله عز وجل، على عبد فيبدل ذنوبه حسنات، وأن يتنزل الله عز وجل على عبد فيجعل صدره منشرحا للطاعات، ويجعله حريصا على قيامه بأعمال البر والنوافل تقربا لله سبحانه، لا رياء ولا سمعة بين خلق الله، وأن يَمُنّ الله سبحانه، على عبد فيجعل الموت بين عينيه، ويجعل الآخرة ملموحا لناظر قلبه، فيمشي ويقعد ويتحرك ويسكن وهو ينتظر الموت، وينظر لما قدمه لنفسه في أخراه، فيمتنع عن الشر وعن السوء وعن أهله، ويسارع إلى الخيرات والنوافل والقربات، ويحرص على أن يكون في كل أنفاسه في الطاعات، وأن يتأسى فيها كلها ويقتدي فيها بهدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، فحقا إن لله في أيام الدهر نفحات.

    فتعرضوا لها، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا، ولقد أثقلت كواهلنا الذنوب والخطايا والإعراض عن الله عز وجل، وربنا عز وجل، رحيم بخلقه، ورحمته مطلقة، فمن تمام رحمة الله عز وجل، أنه جعل لنا مناسبات من أجل أن نتعرض لنفحة من نفحات الله عز وجل،وأن نتعرض لمغفرة ذنوبنا قبل أن يُحال بيننا وبين التوبة، وقبل أن نندم ولا ينفع الندم، فيا بن آدم، يا أيها العبد المذنب وكلنا هذا العبد المذنب، يا أيها العبد الخطاء، وكلنا هذا العبد الخطاء، فمن منا لا يحفظ قول الله عز وجل: ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم ) أين القلوب السليمة بين الزوج وزوجته؟ وبين الأصول والفروع؟ وبين الإخوة والأخوات؟ وأين القلوب السليمة بين الناس؟

    وبين الغني والفقير؟ وبين القوي والضعيف؟ أما تعلم بأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في يوم أحد عندما شقت شفته السفلى وكسرت رباعيته وشج وجهه الشريف، ووقع في حفرة، والصحابة تألموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله ادع على المشركين، فقال صلى الله عليه وسلم: ” إني لم أبعث لعاناً، وإنما بعثت رحمة ” رواه مسلم، وإن من الأدب مع الله عز وجل، أن يتعرض العبد لنفحاته ويقبل عطياته وهباته ومن تلك النفحات هذه الأيام التي نحن فيها والتي تستحق منا وقفات مختلفة وعناية من نوع آخر علنا ونكون ممن تعرضوا لتلك النفحات، وإن أقل الأعمال وأهون القربات تورث ما لا يسعنا وصفه من الخيرات والحسنات.

    وتلك الأيام التي نحن فيها تعد نموذجا واضحا لذلك الشكر العظيم أيام العشر الأول من ذي الحجة تلك الأيام التي يستطيع العامل فيها ويمكن للطائع من خلالها بحسب حديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن ينافس المجاهد فى سبيل الله، نعم، تستطيع أن تنافسه في هذه الأيام بل وتتفوق عليه كما ثبت عن خير الأنام عليه الصلاة والسلام إنها حقا أيام مختلفة أيام فارقة قال عنها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنها أفضل أيام الدنيا هكذا تفضيل بإطلاق وقد جعل فريقا كبيرا من أهل العلم يقطع أنها أفضل بنص ذلك الحديث محكم اللفظ يكفيها احتواءها على هذا اليوم الذي يُكفِّر صيامه عامين يوم واحد بعامين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما سئل عن صيام يوم عرفة.

    قال: ” يكفر السنة الماضية والسنة القابلة ” وهذا الحديث رواه مسلم، فما أعظم هذا الكرم وما أطيب نفحات الله عز وجل فهو تكفير سيئات عامين كاملين ببضع سويعات من الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة؟ فهل بذل هذا الممسك مجهودا خارقا للعادة أو ضحى بنفسه أو ماله لينال هذا الفضل العظيم؟ فالجواب لا، ولكن هو إن مجرد تذكر هذه الذنوب التي اقترفناها في عام كامل مضى أمر مرهق بل قد يكون مستحيلا على بعض الناس عد ذنوبهم فما بالك بأنك لن تعد وحتى لن تتذكر بهذه السويعات القليلة تنال مغفرة كل تلك الذنوب لا شك أنه ليس من سبب لذلك إلا قوله سبحانه وتعالى ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ) فليقبل من أراد الإقبال، ولا أقول ليعرض من أراد الإعراض.

    لأنني والله أريد من نفسي ومن كل مؤمن أن يقبل على الله، لأننا بأمس الحاجة إلى رحمة الله عز وجل، وإذا أقبلت على الله، فكما تطهّر جسدك الظاهر وتطهر ثوبك، طهّر قلبك، لتتعرض لنفحة من نفحات الله عز وجل، فتصالحوا يا عباد الله، أزيلوا ما بينكم من بينكم، وأقبلوا على الله، وقد يكون بيننا خلاف في الرأي، فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،كانوا يختلفون في الرؤى، لكن كان هديهم ومبدؤهم: أن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ولا يتحول الخلاف إلى خصام ولا إلى نزاع، ولا إلى حقد ولا إلى كُره، ولا إلى حرب، لأن الحرب لا تكون إلا على الكافرين ظاهرين الكفر، أو المشركين المحاربين لنا، أما كل من يقول لا إله إلا اله محمد رسول الله، فهو أخي فى الإسلام.

    وقد ارتضى رأيا من الدين وعمل به، فلا بأس، لكن لا يفرضه علي، ولا يقتتل من أجل هذا الرأي، وأنا أيضا لي رأيي الذي أختاره من دين الله تعالى ما دام يطابق شرع الله، وله دليل في كتاب الله عز وجل، وله برهان في سنة رسول الله، وإذا اختلفنا فنرجع إلى العلماء العاملين، أهل الوسطية الذين قال لنا فيهم الله: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ ولكن هؤلاء يسبّون هؤلاء، وهؤلاء يشتمون هؤلاء، وهؤلاء يشنعون على هؤلاء، وهؤلاء يحاولون أن يقبّحوا هؤلاء وآراءهم، ليس هذا من دين الله سبحانه، وإنما من النفوس التي بعدت عن رحمة الله عز وجل، وإذا مشينا في ذلك وحلّ بنا العنا، فإن رحمة الله عز وجل تتوقف عن هذه العباد.

    حتى يرجعوا إلى قول الله: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل الله جَمِيعا وَلا تَفَرَّقوا﴾ فيجب علينا أن نقوم بين يديه سبحانه، دائما وأبداّ مرتدين ثياب العبودية، نشعر أننا في حاجة إلى الله، وأننا فقراء إلى الغني، وأننا جهلاء أمام حضرة العليم، وأننا نحتاج إلى الله عز وجل في كل أنفاسنا، فإذا تجهّز العبد بذلك كان أهلا لعطاء الله وخير الله وإكرام الله، فإن الله تعالى خلق كل شيء فقدَره تقديرا، واختصَ الله بحكمته الباهرة وعلمه الذي وسع كل شيء أزمانا وأمكنة بمزيد من الفضل والشرف، وقد أخبرنا الله تعالى، في كتابه وأخبرنا رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، بما فضَل من الأزمان والأوقات، لكي نبادر ونسارع إلى الخيرات فيها.

    والمحروم من يجعل جهده وسعيه في تلك الأزمان والأمكنة معادلاً لجهـده في غيرها من الأزمان والأمكنة، فلا يخصصها بمزيد من الاجتهاد في الخيرات التي هي ميدان التسابق والتي فيها الربح العظيم، والخاسر من يحصر جهده في تلك الأزمان والأمكنة في الحصول على زهرة الحياة الدنيا التي لن يأتيه منها مهما اجتهد وسعى إلا ما قدَر الله له، وإذا كانت المسارعة بالخيرات محمودة مطلوبة في كل آن وحين وكل مكان، فإن حدوث ذلك في الأماكن المفضلة والأزمان الشريفة أكثر فضلا وخيراً وأعظم أجراً، وقد مدح الله عز وجل، المسارعين بالخيرات وبيَن أن عاقبتهم الفلاح في الدنيا والنعيم الذي لا يزول في الآخرة.

  • نسائم الإيمان ومع أمامه بنت أبى العاص بن الربيع ( الجزء الأول )

    نسائم الإيمان ومع أمامه بنت أبى العاص بن الربيع ( الجزء الأول )

    إعداد / محمــــد الدكـــرورى

    أمامة بنت أبي العاص، وهى إحدى أحفاد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهى من أكبر بناته وهى السيده زينب بنت محمد، ومعنى كلمة الحفيد، أنه هو أحد أولاد الابن أو الابنة لشخص ما، وكما تستخدم كلمة سِـبط للمعنى نفسه ولكن تغلب على ولد البنت مقابل الحفيد، وجمعها أسباط، وأشهر أحفاد العرب، هم الحسن والحسين ابنا الإمام عليّ رضى الله عنه، وأحفاد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من ابنته السيده فاطمة الزهراء، وكما أن الأسباط اصطلاحاً هم أحفاد النبي الكريم إسحق من ابنه يعقوب عليهما السلام، وكان عددهم اثنا عشر وهم أولاد النبي يعقوب والملقب بإسرائيل لذلك اسمهم هو، بنو إسرائيل.

    وقد قال الله عز وجل في القرآن: ( ومن قوم موسى أمّة يهدون بالحق وبه يعدلون، وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما ) سورة الأعراف، وكانت السيده أمامه رضى الله عنها أمها هى السيده زينب بنت النبى الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وهى أكبر بنات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهى من زوجته السيده خديجة بنت خويلد، رضى الله عنها، وقد اختلف أيّهما أكبر هي أم القاسم، وقد وُلدت السيده زينب قبل البعثة النبوية بعشر سنوات، وأدركت الإسلام وهاجرت إلى المدينة المنورة، وتُوفيت فى السنة الثامنه من الهجره، عند زوجها وابن خالتها أبو العاص بن الربيع وعمرها يومئذ قريب الثلاثين، وقد وُلدت زينب في مكة فى السنة الثالثه والعشرين قبل الهجره.

    أي قبل بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعشر سنوات، وعمره يومئذ ثلاثين عاما، وقد تزوّجها أبو العاص بن الربيع ابن خالتها هالة بنت خويلد، وقد كانت خديجة بنت خويلد قد طلبت من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، تزويجها إياه، والذي كانت تعدّه بمنزلة ولدها، وقد كان ذلك قبل بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعُمرها يومئذ أقل من عشرة أعوام، ولمّا بُعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،، قد أسلمت زينب وبقي زوجها على دينه، وجعلت قريش تدعو أبا العاص لمفارقة زوجته زينب، فكان يردّ عليهم بقوله، لا والله، إني لا أفراق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش، فبقيت زينب عند زوجها كلٌّ على دينه.

    وقد أنجبت زينب من زوجها أبي العاص ولدا وبنتا، فأما الولد فاسمه علي، وقد مات وهو صغير، والبنت اسمها أمامة وقد تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة زوجته فاطمة الزهراء، وقد تزوجها المغيرة بن نوفل بعد وفاة علي بن أبي طالب وهي التي ورد في حديث نبوي أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حملها على عاتقه في صلاة الفجر، وكانت السيده أمامه رضى الله عنها، أبوها وابن خالة أمها هو أبو العاص بن الربيع، وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يحبها ويحملها على عاتقه وهو يصلي، وهو أبو العاص لقيط بن الربيع صحابي وصهر رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته زينب، وهو والد أمامة التي كان يحملها النبي في صلاته.

    وهو والد علي بن أبي العاص، وكانت أمه هى السيده هالة بنت خويلد أخت السيده خديجة بنت خويلد، كانت خديجة هي التي سألت رسول الله أن يزوجه بابنتها زينب، وكان لا يخالفها، وذلك قبل الوحي، وقد حارب أبو العاص بن الربيع الرسول مع المشركين في غزوة بدر، وهو أبو العاص لقيط بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، العبشمي القرشي الكناني، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد زوج ابنته رقية من عتبة بن أبي لهب، فلما جاء الوحي قال أبو لهب: اشغلوا محمداً بنفسه، وأمر ابنه عتبة فطلق ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل الدخول، فتزوجها عثمان بن عفان.

    ومشوا إلى أبي العاص فقالوا: فارق صاحبتك ونحن نزوجك بأي امرأة من قريش شئت، قال: لا والله إذا لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش، وقيل أنه أسلم قبل صلح الحديبية بخمسة أشهر، وقال المسور بن مخرمة، لقد أثنى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على أبي العاص خيراً، وقال: حدّثني فصدقني، ووعدني فوفى لي، وقد وعد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يرجع إلى مكة بعد وقعة بدر فيبعث إليه ابنته، فوفى بوعده، وفارقها مع شدة حبه لها، وكان أبو العاص من تجار قريش وأمنائهم، ولما هاجر رد عليه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، زوجته زينب بعد ستة أعوام على النكاح الأول وقد كانت زوجته، وخرج في غزوة بدر مع المشركين.

    لمحاربة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولما أسر بعدها، بعث أهل مكة في فداء أسراهم وبعثت زينب بنت رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت السيده خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، فلما رآها رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رق لها رقة شديدة وقال : “إن زينب بعثت بهذا المال لافتداء أبي العاص، فإن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا ” فقالوا: “نعم، ونعمة عين يا رسول الله.” وكان ذلك غير أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد اشترط على أبي العاص قبل إطلاق سراحه أن يسير إليه ابنته زينب من غير إبطاء، فما كاد أبو العاص يبلغ مكة حتى بادر إلى الوفاء بعهده.

    فأمر زوجته بالاستعداد للرحيل، وأخبرها بأن رسل أبيها ينتظرونها غير بعيد عن مكة، وأعد لها زادها وراحلتها، وندب أخاه عمرو بن الربيع لمصاحبتها وتسليمها لمرافقيها يداً بيد، وقد تنكب عمرو بن الربيع قوسه، وحمل كنانته، وجعل زينب في هودجها، وخرج بها من مكة جهارا نهارا على مرأى من قريش، فهاج القوم وماجوا، ولحقوا بهما حتى أدركوهما غير بعيد، وروعوا زينب وأفزعوها، وعند ذلك وتر عمرو قوسه، ونثر كنانته بين يديه، وقال: “والله لا يدنو رجل منها إلا وضعت سهمها في نحره”، وكان راميا لا يخطئ له سهم، فأقبل عليه أبو سفيان بن حرب، وكان قد لحق بالقوم، وقال له: “يا بن أخي، كف عنا نبلك حتى نكلمك”، فكف عنهم، فقال له: “إنك لم تصب فيما صنعت فلقد خرجت بزينب علانية على رؤوس الناس، وعيوننا ترى وقد عرفت العرب جميعها أمر نكبتنا في “بدر” .

    وما أصابنا على يدي أبيها محمد، فإذا خرجت بابنته علانية، كما فعلت، رمتنا القبائل بالجبن ووصفتنا بالهوان والذل، فارجع بها، واستبقها في بيت زوجها أياما حتى إذا تحدث الناس بأننا رددناها فسلها من بين أظهرنا سرا، وألحقها بأبيها، فما لنا بحبسها عنه حاجة” فرضي عمرو بذلك، وأعاد زينب إلى مكة ثم ما لبث أن أخرجها منها ليلاً بعد أيام معدودات، وأسلمها إلى رسل أبيها يداً بيد كما أوصاه أخوه، وأقام أبو العاص في مكة بعد فراق زوجته زمناً، حتى إذا كان قبيل الفتح بقليل، خرج إلى الشام في تجارة له، فلما قفل راجعا إلى مكة ومعه بعيره التي بلغت مئة بعير، ورجاله الذين نيفوا على مئة وسبعين رجلا، برزت له سرية من سرايا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قريبا من المدينة.

    فأخذت العير وأسرت الرجال، ولكن أبا العاص أفلت منها فلم تظفر به، فلما أرخى الليل سدوله واستتر أبو العاص بجنح الظلام، ودخل المدينة خائفاً يترقب، ومضى حتى وصل إلى زينب، واستجار بها فأجارته، و لما خرج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لصلاة الفجر، واستوى قائما في المحراب، وكبر للإحرام وكبر الناس بتكبيره، صرخت زينب من صفة النساء وقالت: “أيها الناس، أنا زينب بنت محمد، وقد أجرت أبا العاص فأجيروه، فلما سلم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من الصلاة، التفت إلى الناس وقال:” هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم يا رسول الله، فقال: ” والذي نفسي بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتموه، وإنه يجير من المسلمين أدناهم “، ثم انصرف إلى بيته ” .

  • نسائم الإيمان ومع أمامه بنت أبى العاص بن الربيع ( الجزء الثانى )

    نسائم الإيمان ومع أمامه بنت أبى العاص بن الربيع ( الجزء الثانى )

    إعداد / محمــــد الدكـــرورى

    وقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لابنته زينب ” أكرمي مثوى أبي العاص، واعلمي أنك لا تحلين له ” ثم دعا رجال السرية التي أخذت العير وأسرت الرجال وقال لهم: ” إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أخذتم ماله، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له، كان ما نحب، وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم، وأنتم به أحق” فقالوا: “بل نرد عليه ماله يا رسول الله” فلما جاء لأخذه قالوا له: “يا أبا العاص، إنك في شرف من قريش، وأنت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصهره، فهل لك أن تسلم، ونحن ننزل لك عن هذا المال كله فتنعم بما معك من أموال أهل مكة وتبقى معنا في المدينة؟

    فقال: “بئس ما دعوتموني أن أبدأ ديني الجديد بغدرة ” ومضى أبو العاص بالعير وما عليها إلى مكة فلما بلغها أدى لكل ذي حق حقه، ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟ قالوا: “لا وجزاك الله عنا خيرا، فقد وجدناك وفيا كريما.” قال: “أما وإني قد وفيت لكم حقوقكم، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والله ما منعني من الإسلام عند محمد في المدينة إلا خوفي أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أداها الله إليكم، وفرغت ذمتي منها أسلمت ” ثم خرج حتى قدم على رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فأكرم وفادته ورد إليه زوجته، وكان يقول عنه: “حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي” وتوفي أبو العاص بن الربيع فى السنة الثانيه عشر للهجره،

    أى بعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بسنة واحدة، وقد ولدت السيده أمامة في حياة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت السيده أمامه قد تُوفيت أمها السيده زينب وهي صغيرة فى عام ثمانيه من الهجره، لتعيش بكفالة جدّها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أحبّها كثيرًا، وكان يخصّها بالهدايا، فقد روت السيده عائشة بنت أبي بكر رضى الله عنها: ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ فِيهَا قِلادَةٌ مِنْ جَزْعٍ، فَقَالَ: لأَدْفَعَنَّهَا إِلَى أَحَبِّ أَهْلِي إِلَيَّ، فَقَالَ النِّسَاءُ: ذَهَبَتْ بِهَا ابْنَةُ أَبِي قُحَافَةَ، فَدَعَا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامة بِنْتُ زَيْنَبَ فَأَعْلَقَهَا فِي عُنُقِهَا “. وقد كان أبوها قبيل وفاته عام الثانى عشر من الهجره، قد أوصى أن يتزوّجها الزبير بن العوام.

    إلا أن الزبير قد زوّجها من علي بن أبي طالب بعد وفاة زوجته فاطمة الزهراء بنت النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ولدت السيده أماه للإمام علي بن أبى طالب، ابنه محمد الأوسط، والزبير بن العوام القرشي الأسدي هو ابن عمة الرسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وابن أخ زوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، السيده خديجة بنت خويلد، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام، وكان يُلقب بـ حواري رسول الله، لأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال عنه: ” إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ “، وهو أول من سلَ سيفه في الإسلام، وهو أحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده.

    وهو أبو عبد الله بن الزبير الذي بُويع بالخلافة ولكن خلافته لم تمكث طويلًا، وهو زوج السيده أسماء بنت أبي بكر الصديق، المُلقّبة بذات النطاقين، وقد أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة، وقيل ابن اثنتي عشرة سنة، وقيل ابن ثمان سنوات، وكان إسلامه بعد إسلام أبي بكر الصديق، فقيل أنه كان رابع أو خامس من أسلم، هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى ولم يُطِل الإقامة بها، وتزوج أسماء بنت أبي بكر، وهاجرا إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، فولدت له عبد الله بن الزبير فكان أول مولود للمسلمين في المدينة، وقد شارك في جميع الغزوات في العصر النبوي، فكان قائد الميمنة في غزوة بدر، وكان حامل إحدى رايات المهاجرين الثلاث في فتح مكة.

    وكان ممن بعثهم عمر بن الخطاب بمدد إلى عمرو بن العاص في فتح مصر، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: هم الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض.» وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقَتَله عمرو بن جرموز في موقعة الجمل، فكان قتله في رجب سنة ست وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستون سنة رضي الله عنه، ونتابع الجزء الثانى مع أُمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد العُزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصي، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهي أول أسباط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي من أشرف الناس نسبًا، فهي من بيت خير البشر وسيِّدهم، وكانت جدَّتها لأمِّها هى خديجة بنت خويلد، وأمها أولى حبَّات العقد الفريد في بيت الطاهر المبارك، فرضي الله عنها وأرضاها، وقد كان أبوها أبو العاص بن الربيع صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد رجال مكة المعدودين بمحاسن المكارم، وكان يُقال له الأمين، إذ عُرِف باستقامته في تجارته لقريش، وأداء الحقوق لأصحابها، وقد كان أبو العاص مواخيا مصافيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يُكثر من زيارته في منزله، وقد أثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه الكرام

    وقال صلى الله عليه وسلم: “حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَأَوْفَى لِي ” وعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت : أن النجاشي أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حِلية فيها خاتم من ذهب فأخذه وإنه لمعرِض عنه، فأرسل به إلى ابنة ابنته زينب فقال: “تَحَلِّي بِهَذَا يَا بُنَيَّةُ” فتحلَّت به كما تحلَّت بعطف جدها ورعايته صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه قد أوصت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وهي خالة أمامة، زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يتزوج أمامة بعد وفاتها، فتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد فاطمة، وقد زوَّجها منه الزبير بن العوام، وكان أبوها قد أوصى بها إلى الزبير.

    فلمّا قُتل عليّ فآمت منه أمامة، وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد أمر المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أن يتزوّج أُمامة بنت أبي العاص بن الربيع رضي الله عنهم زوجته بعده، لأنه خاف أن يتزوّجها معاوية رضي الله عنه، فتزوجها المغيرة، فولدت له يحيى، وبه كان يُكنّى، وهلكت عند المغيرة، وقد قيل: إنها لم تلد لعلي ولا للمغيرة، وكذلك قال الزبير: إنها لم تلد للمغيرة بن نوفل، وقد قال الزبير: وليس لزينب عَقِب، وتُوفيت أمامة بنت أبي العاص رضي الله عنها وهي عند المغيرة بن نوفل بن الحارث رضي الله عنه.

  • نسائم الإيمان ومع حبيبه بنت رمله بنت أبى سفيان

    نسائم الإيمان ومع حبيبه بنت رمله بنت أبى سفيان

    إعداد / محمــــد الدكـــرورى

    السيده الصحابيه حبيبة بنت أم حبيبة بنت أبي سفيان، وأمها أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان زوج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبها كانت تُكنى، وقد هاجرت مع أبيها إلى أرض الحبشة فتنصَّر أبوها هنالك، ومات نصرانيا، وقدمت مع أمها على رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، المدينة المنوره، فهي حبيبة بنت عبد الله بن جحش وقيل عبيد الله بن حجش، وهو عبد الله بن جحش المتوفي سنة ثلاثه من الهجره، وهو صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، ومن المهاجرين، وهو ابن عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد هاجر إلى الحبشة ثم إلى يثرب، وشارك في غزوة بدر، وقُتل في غزوة أحد، وقد أسلم عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر الأسدي مع أخويه عبيد الله وأبي أحمد.

    وكان ذلك قبل أن يدخل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، دار الأرقم ليدعو فيها، وهو ابن أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأبوه كان حليفا لحرب بن أمية، فهم بذلك حلفاء بني عبد شمس بن عبد مناف، وقد هاجر عبد الله مع أخويه عبيد الله وأبي أحمد إلى الحبشة، فتنصّر أخوه عبيد الله، وعاد هو إلى مكة، ثم هاجر مع أخوه أبي أحمد وعكاشة بن محصن، وغيرهم الكثير، فنزلوا جميعا على مبشر بن عبد المنذر، وقد آخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بينه وبين عاصم بن ثابت، وقد بعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن جحش على رأس سرية من المهاجرين إلى نخلة، وكتب له كتابا.

    وقال له: ” إذا سرت يومين، فإنشره فإنظر فيه، ثم إمض لأمري الذي أمرتك به ” وقد شارك عبد الله بن جحش مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في غزوة بدر، وكان ممن استشارهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في أمر الأسرى، وقد دعا عبد الله بن جحش قبل غزوة أحد فقال: ” اللهم أقسم عليك أن ألقى العدو غدا فيقتلونى، ثم يبقروا بطنى، ويجدعوا أنفى، أو أذنى أو جميعا، ثم تسألنى فيما ذلك؟ فأقول فيك ” وفي اليوم التالي قُتل عبد الله بن جحش، قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي، ومُثِّل بجثته، ودُفن مع خاله حمزة بن عبد المطلب في قبر واحد، وكان عُمره يوم قتل بضع وأربعين سنة، وقيل عنه أنه كان رجلا ليس بالطويل ولا القصير، كثير الشعر.

    وبعد وفاته كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وصيًا على ماله، فاشترى لابن عبد الله أرضا بخيبر، وكانت السيده حبيبه والدتها هى أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، الأموية القرشية الكنانية، وهى صحابية من المهاجرين والسابقين الأولين وزوجة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان من إخوانها الصحابي يزيد بن أبي سفيان، والصحابي والخليفة معاوية بن أبي سفيان، وهى رمله بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقد اختلف في اسمها فقيل هي رملة وقيل هند.

    وأم المؤمنين السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان من بنات عمِّ رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أقرب نسائه إليه، وكانت قد تزوجت عبيد الله بن جحش وهاجر بها مع من هاجر إلى الحبشة وقيل إنها أنجبت ابنتها حبيبة بمكة قبل الهجرة، غير أنه ارتد عن الإسلام، ثم مات بعد ذلك، فطلبها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي في الحبشة، سنة سته من الهجره، وكانت أكثر نسائه صلى الله عليه وسلم صداقا، حيث أصدقها عنه النجاشي ملك الحبشة أربعمائة دينار وجهّزها وأقام وليمة كبيرة لأجل هذا الأمر، وكانت قد بلغت في هذا الوقت بضعا وثلاثين سنة، وعن السيدة عائشة قالت: “دعتني أم حبيبة عند موتها، فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك.

    فقلت: غفر الله لك ذلك كله وحللك من ذلك، فقالت: سررتني سرك الله، وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت لها مثل ذلك”، فكان ذلك دليلًا على سموِّ نفسها، وعظمة قدرها، فرضي الله عنها وأرضاها، وكانت السيده حبيبه جدتها لأمها هى السيده صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وصفية هي عمة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وكانت السيده رمله أم حبيبه عمتها هي السيده أم جميل أروى بنت حرب التي ذكرت في القرآن الكريم بوصف حمالة الحطب، وقيل عن السيده أم حبيبه أنه قد أرسل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    إلى النجاشي يخطبها، فأوكلت عنها خالد بن سعيد بن العاص وأصدقها النجاشي أربعائة دينار وأولم لها وليمة فاخرة وجهزها وأرسلها إلى المدينة مع شرحبيل بن حسنة، وقد تزوجت الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، سنة سبعه من الهجره، وكان عمرها يومئذٍ سته وثلاثين سنة، وقد أقامت مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبقية أمهات المؤمنين ومعها ابنتها حبيبة ربيبة رسول الله والتي تزوجها فيما بعد داود بن عروة بن مسعود الثقفي، وقيل أنه فى السنه الثامنه من الهجره، وقبل فتح مكة قدم أبو سفيان المدينة ليكلم النبي طالبًا في أن يزيد في هدنة الحديبية، ولما دخل على ابنته أم حبيبة حجرتها أسرعت وطوت بساطًا لديها مانعةً والدها من الجلوس عليه كونه فراش النبي.

    وقالت لوالدها: ” هو فراش رسول الله وأنت امرؤ نجس مشرك ” رغم أن أباها فرح عند زواجها بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إذ قال: ذاك الفحل، لا يجدع أنفه، والسيده حبيبه بنت أم حبيبه قد تزوجها فيما بعد داود بن عروة بن مسعود الثقفي، وعروة بن مسعود الثقفي هو صحابي مشهور، وزعيم ثقيف في زمانه وهو أحد وجوه العرب، وله الكثير من المآثر والأخبار، وهو عظيم القريتين على ما ذُكر لدى المفسرين وأبوه مسعود بن معتب سيد بني ثقيف في حرب الفجار ضد كنانة ، وهو عروة بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن، والثقفي، أبو مسعود، وقيل: أبو يعفور، وكانت أمه هى سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف القرشية.

    وقيل أنه يجتمع هو والمغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود في مسعود، وهو جد أم الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد ولد في الطائف في بيت عز وشرف، فأبوه مسعود بن معتب كان زعيم ثقيف وقيس عيلان في حرب الفجار أمام قريش وكنانة، وقد حضر تلك الحروب هو وإخوتة الأسود ونويرة ووحية وهم يومئذ غلمان، فكانوا في يوم عكاظ، وهى إحدى أيام حرب الفجار، يجيرون قومهم ويدخلونهم خباء أمهم سبيعة بنت عبد شمس وهي أمرتهم بذيلك ليسودوا، وبذلك تحققت لة السيادة والشرف من الصغر فأصبح مقدماً لدى قومة وأحد وجية العرب وأشرافها.

  • نسائم الإيمان ومع أم هانئ بنت أبى طالب

    نسائم الإيمان ومع أم هانئ بنت أبى طالب

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    هي السيده فاختة بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وهي السيدة الفاضلة أم هانئ، بنت عم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية المكية، واختلف في اسمها فقيل: هند، وقيل: فاختة وهو الأكثر إلى الصواب، وأم هانئ بنت أبي طالب أخت علي وعقيل وجعفر وطالب وشقيقتهم، وأمهم هى فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهى فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وقد ولدت في مكة المكرمة، وهى زوجة أبي طالب عم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ووالدة الإمام علي بن أبي طالب، وكانت كأم لمحمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم، منذ صغره، وقد أسلمت فاطمة بنت أسد بعد عشرة من المسلمين.

    وقيل أنها كانت الحادية عشرة منهم والثانية من النساء، وقد هاجرت إلى المدينة المنورة وتوفيت في السنة الرابعه للهجرة النبوية ودفنت في مقبرة البقيع، وقد نشأت السيده فاختة في البيت الذي احتضن النبوة وترعرعت فيه الإمامة وهي أخت علي بن أبي طالب وقيل أنها كانت من السابقات إلى الإسلام وإن إسلامها كان مع إسلام أهل بيت النبي، مع أمها وأخيها علي بن أبي طالب حيث جاء في روايتها عن ليلة الإسراء ما نصه: ما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا وهو نائم في بيتي فصلى العشاء الآخرة ثم نام ونمنا فلما كان قبل الصبح أهبّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى الصبح وصلينا معه، وهذا يدل على أنها كان مسلمة في ليلة الإسراء كما يدل على إسلامها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    قد أجار من أجارته من المشركين وفقاً للحديث الشريف: ” إن ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ويجير عليهم أضعفهم ” وقد قيل أنه عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى المسلمين عند توجهه إلى مكة أن لا يقتلوا بها إلا من قاتلهم وآمن من تعلق بأستار الكعبة سوى نفر كانوا يؤذونه، فقتل الإمام على رضى الله عنه، الحويرث بن نفيل بن كعب وكان ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمكة وبلغ الإمام على، أن أخته أم هانئ قد آوت أناسا من بني مخزوم منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب فقصد الإمام على، نحو دارها مقنّعا بالحديد فقال: أخرجوا من آويتم فجعلوا يذرقون والله كما تذرق الحبارى خوفا منه فخرجت إليه أم هانئ وهي لا تعرفه .

    فقالت: يا عبد الله أنا أم هانئ ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخت علي بن أبي طالب انصرف عن داري فنزع الإمام على، وقال: أخرجوهم فعرفته والتزمته وقالت: فديتك حلفت لأشكونك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها الإمام على : اذهبي فأبري قسمك فإنه بأعلى الوادي فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في قبة يغتسل فلما رآها النبي قال: مرحبا بأم هانئ وأهلا، لقد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت فلا يقتلهما، ثم قال لها: ” لا تغضبي عليا فإن الله يغضب لغضبه” وقال صلى الله عليه وسلم، لعلي: أغلبتك ؟ فقال علي رضى الله عنه : يا رسول الله ما قدرت أن أرفع قدمي من الأرض فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ” لو أن أبا طالب ولد الناس كلهم لكانوا شجعانا ”

    وكان إسلام أم هانئ يوم الفتح، وكانت قبل إسلامها زوجة لهبيرة بن أبي وهب بن عمرو المخزومي، وأنجبت منه: عمرة، وجعدة، وهانئ، ويوسف، وطالب، وعقيل، وجمانة، وقد تولى ابنها جعدة بن هبيرة ولاية خراسان في عهد الإمام علي بن أبى طالب، وكان لأم هانئ مواقف مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها ما رواه أبو هريرة أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، خطب أم هانئ بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله، إني قد كبرت ولي عيال، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “خير نساء ركبن نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده” ولها موقف يوم فتح مكة مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    وتقول أم هانئ: ذهبت إلى رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره فسلمت عليه فقال: “من هذه” فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: “مرحبًا بأم هانئ” فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد، فلما انصرف، قلت: يا رسول الله، زعم ابن أمي أنه قاتل رجلاً قد أجرته فلان بن هبيرة، فقال رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ” قالت أم هانئ : وذاك ضحى، وعن أم هانئ قالت: كنت قاعدة عند النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فأتي بشراب فشرب منه ثم ناولني فشربت منه فقلت: إني أذنبت فاستغفر لي، فقال: “وما ذاك؟” قالت: كنت صائمة فأفطرت، فقال: ” أمن قضاء كنت تقضينه؟” قالت: لا، قال: “فلا يضرك”

    وفي أحد الأيام قال الرسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لأم هانئ: “هل عندك طعام آكله” وكان جائعًا فقلت: إن عندي لكسر يابسة وإني لأستحي أن أقربها إليك، فقال: “هلميها” فكسرتها ونثرت عليها الملح فقال: “هل من إدام؟” فقالت: يا رسول الله ما عندي إلا شيء من خل قال: “هلميه” فلما جئته به صبه على طعامه فأكل منه ثم حمد الله تعالى ثم قال: “نعم الإدام الخل، يا أم هانئ لا يفقر بيت فيه خل” وقد ذكر بن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن بن عباس قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي طالب أم هانئ وخطبها منه هبيرة فزوج هبيرة، فعاتبه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبو طالب يا بن أخي إنا قد صاهرنا إليهم والكريم يكافئ الكريم، ثم فرق الإسلام بين أم هانئ وبين هبيرة.

    فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله أني كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الإسلام، ولكني امرأة مصبية فأكره أن يؤذوك، فقال: خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ما أخبرني أحد أنه رأى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يصلي الضحى إلا أم هانئ فإنها حدثت أن رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل فسبح ثمان ركعات ما رأيته صلى صلاة قط أخف منها غير أنه كان يتم الركوع والسجود، وعن أم هانئ رضي الله عنها أنها ذهبت إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يوم الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب فسلمت فقال: “من هذه؟” قلت: أم هانئ فلما فرغ من غسله.

    قام فصلى ثماني ركعات في ثوب ملتحفًا به، وعن أم هانئ: أن رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، اغتسل هو وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر العجين، وعن أم هانئ قال لها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “اتخذي غنمًا يا أم هانئ فإنها تروح بخير وتغدو بخير” وعن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: قال رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “إن الله تعالى فضل قريشًا بسبع خصال لم يعطها أحدًا قبلهم، ولا يعطيها أحدًا بعدهم، فيهم النبوة وفيهم الحجابة وفيهم السقاية، ونصرهم على الفيل، وهم لا يعبدون إلا الله، وعبدوا الله عشر سنين لم يعبده غيرهم، ونزلت فيهم سورة لم يشرك فيها غيرهم (لإيلاف قريش)”

    وقد ارتبط اسم هذه السيدة الجليلة بحادثة عظيمة في تاريخ المسلمين ألا وهي حادثة الإسراء والمعراج فقد أشارت كل المصادر والتفاسير التي تحدثت عن ليلة الإسراء والمعراج إلى أن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد أسري به إلى المسجد الأقصى من بيتها، وعندما رجع صلى الله عليه وسلم، من الطائف بعد دعوته قبيلة ثقيف إلى الإسلام فلم يرى منهم ما يبشّر بخير عاد حزينا إلى مكة ولما دخلها زار ابنة عمه فاختة وبات عندها، فكانت حادثة الإسراء والمعراج في تلك الليلة من بيتها وما ذكر الإسراء والمعراج إلا وذكر معه اسم أم هانئ، وفى وفاة السيده أم هانئ فلمم تذكر المصادر تاريخ وفاة أم هانئ ولكن المتفق عليه أن أم هانئ عاشت إلى بعد سنة خمسين.

  • نسائم الإيمان ومع أمامه بنت حمزه بن عبد المطلب

    إعداد / محمـــــــــد الدكــــــــرورى

    السيده أم الفضل أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، بنت عم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبنت عم الإمام وعلي بن أبي طالب، وبنت حمزة بن عبد المطلب وأمها سلمى بنت عميس أخت أسماء بنت عميس، وقد تزوجها سلمة بن أبي سلمة، فهي:أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد، وكان أبوها هو أسد الله، حمزة بن عبد المطلب الهاشمي القرشي وهو صحابي من صحابة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وعمه وأخوه من الرضاعة وأحد وزرائه الأربعة عشر.

    وهو خير أعمامه لقول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ” خير إخواتى على، وخير أعمامى حمزه، رضى الله عنهم أجمعين ” وهو أسن من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، بسنتين، كما أنه قريب له من جهة أمه، فأمه هي هالة بنت وهيب بن عبد مناف، ابنة عم آمنة بنت وهب بن عبد مناف أم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد لُقِّب بسيد الشهداء، وأسد الله وأسد رسوله، ويكنى أبا عمارة، وقيل أبو يعلى، وقد كان حمزة في الجاهلية فتىً شجاعاً كريماً سمحاً، وكان أشدَّ فتى في قريش وأعزَّهم شكيمة، فقد شهد في الجاهلية حرب الفجار التي دارت بين قبيلتي كنانة وقيس عيلان، وقد أسلم حمزة في السنة الثانية من بعثة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

    فلما أسلم علمت قريش أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه، فكفّوا عن بعض ما كانوا ينالون منه، ثم هاجر حمزة إلى المدينة المنورة، فآخى الرسولُ محمد صلى الله عليه وسلم، بينه وبين زيد بن حارثة، وكان أول لواء عقده الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو اللواءَ الذي عقده لحمزة، وشهد حمزة غزوة بدر، وقَتَل فيها شيبة بن ربيعة مبارزة، وقتل غيره كثيرا من المشركين، كما شهد غزوة أحد، فقُتل بها سنة ثلاثه من الهجره، وكان قد قَتَل من المشركين قبل أن يُقتل واحداً وثلاثين نفساً، وكان الذي قتله هو وحشي بن حرب الحبشي غلام جبير بن مطعم، ومثَّل به المشركون، وبقرت هند بنت عتبة بطنَه فأخرجت كبده، فجعلت تلوكها فلم تسغها

    ثم لفظتها، فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” لو دخل بطنها لم تمسها النار ” وخرج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يلتمس حمزة، فوجده ببطن الوادي قد مُثِّل به، فلم ير منظراً كان أوجع لقلبه منه فقال: ” رحمك الله، أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات ” ودفن حمزة وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد، وكانت السيده أمامه أمها هى سلمى بنت عميس الخثعمية صحابية، وأبوها عميس بن معد بن تميم بن الحارث بن شهران بن خثعم، وأمها هند وهي خولة بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن جرش، وقد أسلمت سلمى قديما مع أختها أسماء بنت عميس، وقد تزوجت سلمى من حمزة بن عبد المطلب عم الرسول الكريم محمد.

    صلى الله عليه وسلم، فولدت له ابنته أمامة التي كانت بمكة فأخرجها علي بن أبي طالب في عمرة القضاء، فأختصم فيها علي وزيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وأراد كل واحد ضمّها إليه وكفالتها، فقضى بها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لجعفر بن أبي طالب لأن خالتها أسماء بنت عميس كانت زوجته، ولقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” إن المرأة لا تنكح على عمتها ولا على خالتها ” وكان بعد استشهاد أسد الله حمزة في غزوة أحد قد تزوجها شداد بن الهاد الليثي، فولدت له عبد الله بن شداد، وسلمى وهي الأخت الصغرى لأسماء بنت عميس زوجة الخليفة الأول أبو بكر الصديق وهي أيضا أخت غير الشقيقة لأم المؤمنين زينب بنت خزيمة.

    وأم المؤمنين ميمونة بنت الحارث آخر زوجات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والسيده أمامه كانت خالتها هى أسماء بنت عميس الخثعمية وهى صحابية وكانت زوجة لجعفر بن أبي طالب ثم لأبي بكر الصديق ثم لعلي بن أبي طالب، وقد هاجرت أسماء للحبشة ثم إلى يثرب، لذا فتُكنّى بصاحبة الهجرتين، واسمها أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن معاوية بن زيد بن مالك بن بشر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن خلف بن خثعم بن أنمار، وتكنى بأم عبد الله، وكانت أمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث، وأختها لأبيها وأمها سلمى بنت عميس زوجة حمزة بن عبد المطلب.

    وإخواتها لأمها أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث وأم المؤمنين زينب بنت خزيمة ولبابة الكبرى بنت الحارث زوجة العباس بن عبد المطلب، والسيده أمامه كان زوجها هو سلمة بن أبي سلمة، وهو ربيب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأكبر أبناء أم سلمة زوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من زوجها الأول أبي سلمة بن عبد الأسد، وهو الذي زوج أمه بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو صبي، وهو سلمة بن أبي سلمة بن عبد الأسود بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عمه من الرضاع، حيث أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأبو سلمة أخوة من الرضاعة.

    فقد ولد في الحبشة، وعاد مع والديه إلى مكة لما سمعوا إشاعة إسلام قريش، وعندما هاجر أبو سلمة إلى المدينة المنورة، منع أهل أم سلمة أن تخرج معه، ويقول أهل العلم بالنّسب، إنه الذي عقد للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على أمّه أم سلمة، وقد زوّجه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد غزوة عمرة القضاء بأمامة بنت حمزة بن عبد المطلب التي اختصم في كفالتها علي بن أبي طالب، وجعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وقال: ” تروني كافأته “، ولكن ماتت قبل أن يدخل بها، وقد عاش إلى خلافة عبد الملك بن مروان، وتوفي بالمدينة المنورة في ولاية أبان بن عثمان بن عفان عليها، وعن عكرمة عن بن عباس قال:

    إن أمامه بنت حمزه وقيل هى إسمها عمارة بنت حمزة بن عبد المطلب وأمها سلمى بنت عميس كانت بمكة، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلم علي النبي، فقال: علام تترك ابنة عمنا يتيمة بين ظهري المشركين، فلم ينهه النبي عن إخراجها فخرج بها، فتكلم زيد بن حارثة وكان وصي حمزة وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، آخى بينهما حين آخى بين المهاجرين، فقال: أنا أحق بها، ابنة أخي، فلما سمع بذلك جعفر بن أبي طالب قال: الخالة والدة، وأنا أحق بها لمكان خالتها عندي أسماء بنت عميس، فقال علي: ألا أراكم تختصمون في ابنة عمي وأنا أخرجتها من بين أظهر المشركين وليس لكم إليها نسب دوني وأنا أحق بها منكم.

    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أنا أحكم بينكم، أما أنت يا زيد فمولى الله ورسوله، وأما أنت يا علي فأخي وصاحبي، وأما أنت يا جعفر فشبيه خلقي وخلقي، وأنت يا جعفر أولى بها تحتك خالتها ولا تنكح المرأة على خالتها ولا على عمتها”، فقضى بها لجعفر، وقال محمد بن عمر: فقام جعفر فحجل حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي:” ما هذا يا جعفر؟” فقال: يا رسول الله، كان النجاشي إذا أرضي أحدا قام فحجل حوله، وقد قيل للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عن أمامه : تزوجها يا رسول الله، فقال: “ابنة أخي من الرضاعة”، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، سلمة بن أبي سلمة فكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يقول:” هل جزيت سلمة ” لأن سلمة هو الذي زوج أمه أم سلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

  • نسائم الإيمان ووقفه مع القيم الأخلاقيه

    نسائم الإيمان ووقفه مع القيم الأخلاقيه

    بقلم / محمـــــــــد الدكــــــــرورى

    يعيش الأفراد في ظل المجتمع الإنساني القائم على تبادل العلاقات فيما بينهم، فكل فرد يؤثر في الآخر بشكل سلبي أو إيجابي، اعتمادا على عدة عوامل، ويحتاج هذا المجتمع إلى التنظيم، وتحديد العلاقات والمقاييس، التي يتم من خلالها قياس سلوكيات الفرد، وتُعد القيم إحدى هذه المقاييس، فلها تاثير واضح ومباشر في سلوكيات الأفراد وانتماءاتهم، والقيم عبارة عن مجموعة من الأحكام الانفعالية النابعة من العقل، والتي تقود الشخص نحو رغباته واتجاهاته، وتُكتسب هذه القيم من المجتمع المحيط فيتشربها الشخص وتصبح هي المُحرِّك لسلوكياته العامة والخاصة.

    وحسن الأخلاق هو علامة على كمال الإيمان، وهو ضرورة اجتماعية، ومهمة خاصة للدعاة إلى دين الله عز وجل، وهى صفه وفضيله تجعل من يتحلى بها من أقرب الناس مجلساً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم القيامة، كما أن الأخلاق تفاضل الناس فتجعل من يتحلى بها خير الناس وأحسنهم على الإطلاق وفي الحديث الشريف عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : ” إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا ” والخلق الحسن كذلك طريق المسلم للتقرب إلى الله تعالى ونيل الأجر والثواب، فقد يبلغ الرجل صاحب الخلق الحسن درجة الصائم القائم.

    وكما أن الخلق الحسن هو أعظم الوسائل للدعوة إلى الله تعالى، فهو يحبب الناس في صاحب الخلق، كما أنه يجذب غير المسلمين إلى دين الإسلام ومظاهر الخلق الحسن في الحياة كثيرة ومنها الجود والكرم، ومظاهر الجود كثيرة منها الجود بالنفس، والجود بالراحة، والجود بالرياسة، والجود بالخلق الحسن، والجود بالعلم، والجود بالصبر، والجود بنفع البدن، والجود بنفع الجاه وكذلك العدل، والعدل يكون في الإصلاح بين الناس، وكما يكون عند القضاء بينهم، وكذلك العدل في الولاية، والعدل في تطبيق الحدود، والعدل بين الأولاد والعدل مع الزوجات وايضا التواضع.

    وهو خلق كريم، وصفة عظيمة مدح الله من تحلى بها وترفع قدر صاحبها في الدنيا والآخرة وكذلك الإخلاص، ومعناه ترك الرياء، واحتساب نية التقرب إلى الله وحده عند عبادته، وأن يكون باطن الإنسان مثل ظاهره وايضا الصدق، والصدق هو عكس الكذب ومعنى الصدق في الكلام أن يتطابق كلام الإنسان مع الواقع بحسب ما يعتقده المتكلم، والصدق صفة عظيمة لها فضل كبير، وثواب عظيم، وهي من خصائص المؤمنين المتقين وهناك وسائل لتحصيل حُسن الخلق حيث يتحصل المسلم على حسن الخلق بأن يدعو الله أن يحسن خلقه تأسٍّ بنبي الله عليه الصلاة والسلام في ذلك وان يقبل نصيحة أخيه المسلم في التحلي بالأخلاق

    والحث عليها وان يتذكر ثواب وأجر حسن الخلق وان يصاحب أهل الفضل والخلق الحسن، ويجتنب أهل السوء وان يمرن نفسه على تطبيق الأخلاق الحسنة تطبيقاً عملياً، ويبذل وسعه لترك الأخلاق السيئة ، حيث تعتبر الأخلاق الإسلامية من سمات المؤمنين الصالحين، حيث تساعدهم على تجنب الوقوع في العيب، واللوم، والنقد، ولا تجعل صاحبها يميل إلى الخطيئة أو الإجرام، لأن الأخلاق تُعتبر من الهدي النبوي، والوحي الإلهي، وهي خُلق الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم :(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وتعتبر مكارم الأخلاق بناء شيّده أنبياء الله عليهم السلام.

    وقد بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يُتمم ذلك البناء، من أجل أن يكتمل صرح مكارم الأخلاق، كما أن امتلاك الإنسان للأخلاق دون امتلاكه للدين هو أمر لا فائدة منه، فقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ” إنما بُعثتُ لأُتمم صالح الأخلاق” وفى روايه أو ” مكارم الأخلاق ” وتتبين أهمية الأخلاق بالإسلام لعدّة أمور، ومنها هو اختيار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن تكون الغاية من بعثته هي الدعوة لمكارم الأخلاق، فقد بيّن الرسول الكريم الكريم صلى الله عليه وسلم، بهذا الأسلوب مدى أهمية الخُلق، بالرغم من وجود العديد من الأمور الأهم من الأخلاق مثل: العقيدة، والعبادة.

    إلا أن الخُلق يبرز بشكل أكبر أمام الناس أكثر من سائر الأعمال الإسلامية، حيث إن الناس لا يستطيعون رؤية عقيدة الإنسان لأن مكانها بالقلب، كما أنهم لا يرون العبادة، إلا أنهم يرون الأخلاق ويتعاملون من خلالها، لذا سيقوم الناس بتقييم دين الإنسان بالنظر لتعامله معهم، ويحكمون على صحته من خلال خُلقه وسلوكياته، وكذلك تعظيم الإسلام لحُسن الخُلق، لأنه ليس خُلق مُجرّد بل عبادة يؤجر العبد عليها، وهو من الأُسس التي يتفاضل الناس بها يوم القيامة، وتعتبر الأخلاق أساس بقاء الأُمم، وهي المؤشر على انهيار الأمّة أو استمرارها، لأنّ انهيار أخلاق الأُمّة هو انهيار لكيانها، فاللهم ارزقنا حسن الخلق .

  • نسائم الإيمان ومع خولة بنت ثعلبه

    نسائم الإيمان ومع خولة بنت ثعلبه

    إعداد محمـــد الدكـــرورى

    خولة بنت ثعلبة، وهى خويله بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة، الخزرجية، وهى من ربات الفصاحة والبلاغة والجمال وصاحبة النسب الرفيع، وقد أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجها هو أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت، وقد نزل فيهما الآيات الأربعة الأولى من سورة المجادلة، وسميت السورة بذلك، لأنها افتتحت بقضية مجادلة امرأة أوس بن الصامت لدى النبي صلى الله عليه وسلم في شأن مظاهرة زوجها، وكان زوجها أوس بن الصامت، وهو صحابي من بني غنم بن عوف من الخزرج، أسلم وآخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بينه وبين مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وشهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها.

    وكان مرثد بن أبي مرثد الغنوي هو صحابي بدري، شهد غزوتي بدر وأحد، وبعثه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، سنة أربعه من الهجره، قائدًا لسرية قُتل فيها، وكان هو وأبيه حليفين لحمزة بن عبد المطلب عم النبى صلى الله عليه وسلم، وكان من أهم ملامح شخصيتها، هو التقوى والخوف من الله وتحري الأحكام الشرعية، ويظهر ذلك من موقفها مع زوجها عندما أراد أن يجامعها، ففي ذات يوم حدث حادث بين الزوجين السعيدين شجار بينهما، لم يستطع أي أحد منهما تداركه، فقال لها أوس: أنت عليَّ كظهر أمي، فقالت: والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما أدري مبلغه، ومظاهرة الزوج لزوجته تعني أن يحرمها على نفسه، وبذلك القسم يكون قد تهدم البيت الذي جمعهما سنين طويلة.

    وتشتت الحب والرضا اللذين كانا ينعمان بهما، وسلم كل منهما للواقع بالقسم الجاهلي الذي تلفظ به الزوج لزوجته، ولكن بعد التفكير العميق الذي دار في رأس خولة، قررت أن تذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف لا وهي تعيش في مدينته، وهي قريبة منه وبجواره، وعندما ذهبت إليه وروت المأساة التي حلت بعش الزوجية السعيد، طلبت منه أن يفتيها كي ترجع إلى زوجها، ويعود البيت الهانئ لما كان عليه دومًا في السابق، ويلتم شمل الأسرة السعيدة، وكان من أهم ملامح شخصيتها أيضا، هو الجرأة في الحق، ونرى ذلك في حوارها مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقد خرج عمر بن الخطاب رضى الله عنه، من المسجد ومعه الجارود العبدي، فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق.

    فسلم عليها عمر فردت عليه السلام، وقالت: هيهات يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميرًا في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي عليه الفوت، فقال الجارود: قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين، فقال عمر: دعها، أما تعرفها، فهذه خولة بنت حكيم امرأة عبادة بن الصامت، التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر والله أحق أن يسمع لها، وكان من أهم ملامح شخصيتها أيضا، هو بلاغة خولة بنت ثعلبة وفصاحة لسانها، وقد تبين ذلك من خلال موقفها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما جادلته بعد أن ظنت أنها ستفترق عن زوجها.

    وتبيينها سلبيات هذا التفريق على الأولاد والبيت، وكان لخولة بنت ثعلبة رضي الله عنها، حوار قد تجلى فيه قمة التأدب مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والمراقبة والخوف من الله عز وجل، وهو ما كان يهدف الوصول إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حوار الظهار، وعن خولة بنت ثعلبة قالت: فيَّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه، قالت: فدخل عليَّ يومًا، فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت عليَّ كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي، قالت: قلت: كلا والذي نفس خولة بيده، لا تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: فواثبني فامتنعت منه.

    فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني، قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابًا، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه، فقد خرجت خولة حتى جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت من زوجها، وهي بذلك تريد أن تستفتيه وتجادله في الأمر، فقالت له: “يا رسول الله، إن أوساً من قد عرفت، أبو ولدي، وابن عمي، وأحب الناس إلي، وقد عرفت ما يصيبه من اللمم وعجز مقدرته، وضعف قوته، وعي لسانه، وأحق من عاد عليه أنا بشيء إن وجدته، وأحق من عاد علي بشيء إن وجده هو، وقد قال كلمة والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً.

    قال: “أنت علي كظهر أمي” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، “ما أراكِ إلا قد حرمت عليه”، والمرأة المؤمنة تعيد الكلام وتبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ما قد يصيبها وابنها إذا افترقت عن زوجها، وفي كل مرة يقول لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أراكِ إلا قد حرمت عليه” وأزاحت الصحابية الجليلة المؤمنة الصابرة نفسها واتجهت نحو الكعبة المشرفة، ورفعت يديها إلى السماء وفي قلبها حزن وأسى، وفي عينيها دموع وحسرة، قائلة: “اللهم إني أشكو إليك شدة وجدي، وما شقّ علي من فراقه، اللهم أنزل على لسان نبيك ما يكون فيه فرج ” وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها وهي تصف لنا حالة خولة: ” فلقد بكيت وبكى من كان منها ومن أهل البيت رحمةً لها ورقة عليها”

    ويذكر انها قالت ان لي صبية صغار ان ضممتهم الي جاعوا وان ضممتهم اليه ضاعوا، وما كادت تفرغ من دعائها حتى تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كان يتغشاه عند نزول الوحي، ثم سرى عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرأنا” قالت: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، “مريه فليعتق رقبة” قالت: فقلت يا رسول الله، ما عنده ما يعتق، قال: “فليصم شهرين متتابعين” قالت: فقلت: والله إنه لشيخ كبير، ما به من صيام، قال: “فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر” قالت: فقلت: والله يا رسول الله، ما ذاك عنده، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، “فإنا سنعينه بعرق من تمر” قالت: فقلت يا رسول الله، وأنا سأعينه بعرق آخر، قال: “قد أصبت وأحسنت.

    فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا” قالت: ففعلت، فلننظر الى السيده خوله ورأيها السديد في الامتناع عن معاشرة زوجها بعد أن قال: أنتى عليَّ كظهر أمي، وضرورة معرفة حكم الدين في هذه القضية، وأيضا رأيها السديد في الحرص على مستقبل وتماسك أسرتها، ويتجلى ذلك في قولها: “إن أوسًا ظَاهر مني، وإنا إن افترقنا هلكنا، وقد نثرت بطني منه، وقدمت صحبته” ورأيها السديد في رفع الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والذي بيده الأمر، ولولا رجاحة عقل خولة، وحكمة تصرفها، وقوة رأيها لقعدت في بيتها تجتر الهموم حتى تهلك هي وأسرتها، ولما كانت سببًا في نزول تشريع عظيم يشملها ويشمل المسلمين والمسلمات جميعًا إلى يوم القيامة.

    وهذا التشريع العظيم هو: حل مشكلة الظهار، وكان من كلماتها يوم اليرموك، هو أنه قد استقبل النساء من انهزم من سرعان الناس يضربنهم بالخشب والحجارة، وجعلت خولة بنت ثعلبة تقول: يا هاربًا عن نسوة تقيات، فعن قليل ما ترى سبيات، ولا حصيات ولا رضيات، فالصحابيات تخرجن من مدرسة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهن شرف وعزة، وقد نزلت فيهن آيات تتلى آناء الليل وأطراف النهار، وقد تربَّين على حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى الأخلاق العظيمة، وكان من الصحابيات اللواتي نزل فيهن آيات من القرآن الكريم، هى الصحابيه الجليله خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها

  • نسائم الإيمان ومع زينب بنت أبى سلمه

    نسائم الإيمان ومع زينب بنت أبى سلمه

    إعداد محمـــد الدكـــرورى

    زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال المخزومية هي ربيبة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهى أخت عمر بن أبي سلمة، ووالدتها هي السيده أم سلمة زوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أنجبتها من زوجها الأول أبو سلمة بن عبد الأسد، وكانت السيده زينب فقيهة ومُحدثة، فهي زينب بنت أَبِي سلمة بن عبد الأَسد بن هِلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأبوها هو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي وكان صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، وهو ابن السيده برة بنت عبد المطلب عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أخو النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من الرضاعة، ومعنى قول صحابى بدرى، وهى أنه صحابى قد شارك فى عزوة بدر.

    وكانت غزوة بدر معركة فاصلة في تاريخ الإسلام حيث سمّاها القرآن الكريم يوم الفرقان، وقد تواترت أحاديث عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عن فضل من شهد تلك الغزوة من المسلمين، فروى علي بن أبي طالب عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ” ما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: ” اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ” لذا، فقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يُقرِّب مكانتهم ويوقرهم ويميزهم على غيرهم في العطايا، لذا، فقد اهتم مؤرخو الإسلام الأوائل بإحصاء قائمة من شهدوا غزوة بدر، وتتبُعهم لما لهم من فضل ومكانه عظيمه عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكانت السيده زينب بنت أبى سلمه، هى أخت عمر بن أبي سلمة .

    وهو عمر بن أبى سلمه بن عبد الأسود بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ، وكان يُكْنى أبا حفص، وقد ولد بالحبشة في السنة الثانية قبل الهجرة، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عمه من الرضاع، حيث أن النبي وأبو سلمة أخوة من الرضاعة، وكان عمر أصغر سنًّا من أخيه سلمة بن أبي سلمة، وقد مات أبوه سنة ثلاثه من الهجره، ويقال أنه تزوج في حياة النبي، وقد شارك في غزوة الخندق هو وعبد الله بن الزبير في الخندق في أطُم حسان بن ثابت، وقد عاش مع أمه في بيت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الحديث المعروف: ” يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ ” وقد تزوج ملكيةُ بنت رفاعة بن عبد المنذر.

    وقد أنجب منها: سلمةَ، ومحمد، وزينب، وقد قيل أنه بعث علي بن أبي طالب إلى أم سلمة، أن تخرج معه إلى البصرة فأبت، وقالت: ” أبعث معك أحب الناس إليّ “، فبعثت معه عمر بن أبي سلمة، فشهد مع الإمام علي، موقعة الجمل، وقد ولاه علي بن أبي طالب على ولاية البحرين، حيث خرج مع الإمام علي، من المدينة أثناء سفره إلى العراق، ثم بعثه الإمام على، واليًا على البحرين، لفترة من الوقت، ثم استدعاه الإمام على، لمصاحبته في العراق بعد ذلك، والسيده زينب كان اسمها في البداية بَرَّة، فنهى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عن هذا الاسم، وقال: “لا تزكّوا أنفسكم فالله أعلم بأهل البرّ منكم “، قالوا: ما نسمّيها؟ قال: “سمّوها زينب ” وقد ولدتها أم سلمة بالحبشة أثناء هجرة والديها إلى الحبشة.

    وقيل بل وضعتها بعد مقتل أبي سلمة، وقد تزوجها النبي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي ترضعها، وأرضعتها أسماء بنت أبي بكر فكانت أخت أولاد الزبير بن العوام من الرضاعة، وعاشت مع أم سلمة في بيت النبي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وتروي فتقول: كان رسول الله إذا دخل يغتسل تقول أمي: ادخُلي عليه، فإذا دخلت نضح في وجهي من الماء، ويقول: “ارْجِعِي” وتقول أم عطاف بن خالد: فرأيت زينب وهي عجوز كبيرة ما نقص من وجهها شيء ” وقد تزوّجها عبد الله بن زَمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، فولدت له عبد الرحمن ويزيد ووهبًا وأبا سلمة وكبيرًا وأبا عبيدة وقريبة وأمّ كلثوم وأمّ سلمة، وقيل عنها أنها كانت من أُفْقه نساء أهل زمانها.

    وقال أبو رافع: كنت إذا ذكرت امرأة فقيهة بالمدينة ذكرت زينب بنت أبي سلمة، وقد قٌتل اثنان من أولادها في وقعة الحرة بالمدينة، فحُمِلَا فوُضِعا بين يديها مقتولين، فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله إن المصيبة فيهما عليّ لكبيرة، وهي عليّ في هذا أكبر منها في هذا لأنه جلس في بيته، فدُخل عليه، فقتل مظلوماً، وأما الآخر فإنه بسط يده وقاتل فلا أدري علام هو من ذلك، وكانت وقعة الحرة كانت بين أهل المدينة من طرف ويزيد بن معاوية والأمويين من طرف اخر، وفيها أن أهل المدينة نقضوا بيعة يزيد بن معاوية لما كان عليه من سوء ولما حدث في معركة كربلاء ومن مقتل الحسين بن علي، فطردوا والي يزيد على المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان ومن معه من بني أمية من المدينة.

    فأرسل على اثرهم يزيد جيش من الشام وأمر عليهم مسلم بن عقبة المري فوقعت بينهم وقعة الحرة وانتهت بمقتل عدد كبير من الصحابة وأبناء الصحابة والتابعين وكانت عام ثلاثه وستين من الهجره، وتوفيت السيده زينب بنت أبى سلمه سنة أربعه وسبعين من الهجره، وكان طارق بن عمرو الأموي أمير المدينة حينها، فأُتي بجنازتها بعد صلاة الصبح فوضعت بالبَقِيع، وطارق بن عمرو الأموي المكي هو مولى عثمان بن عفان، وقاضي مكة ويقال قاضي المدينة، وفي سنة ثلاثه وسبعين من الهجره، ولاه عبد الملك على المدينة، وكان مع الحجاج بن يوسف الثقفي في حربه علي ابن الزبير.

    وقد شارك مع الحجاج في الكثير من المعارك والحروب، وكان في باطنه يحمل تقديرا وتعظيما لعبد الله بن الزبير، و لكنه كان جنديا في جيش الحجاج ولا يملك من الأمر شيء وقد رجا من الحجاج إنزال جثمان ابن الزبير من الصلب ليدفن فرفض الحجاج رجاءه قبل أن تستجديه بذلك أمه أسماء بنت أبي بكر، رضى الله عنهم أجمعين، وقد قيل أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، قال عندما ماتت السيده زينب بنت أبى سلمه لأهلها: إمّا أن تصلّوا على جنازتكم الآن وإمّا أن تتركوها حتى ترتفع الشمس، فصلى عليها طارق بن عمرو.

  • نسائم الإيمان ومع سلمى بنت عميس

    نسائم الإيمان ومع سلمى بنت عميس

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    سلمى بنت عميس الخثعمية وهى صحابية، وكان أبوها هو عميس بن معد بن تميم بن الحارث بن شهران بن خثعم، وقبيلة شهران، هى قبيلة خثعمية كهلانية من قبائل شبة الجزيرة العربية وهى تستوطن جنوب غرب المملكة العربية السعودية، بين جبال الحجاز وجنوب نجد، ويتواجدون كذلك في قطر والإمارات والكويت واليمن، وكانت أمها هى هند وقيل أيضا هي خولة بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن جرش، وقد أسلمت سلمى قديمًا مع أختها أسماء بنت عميس، وأسماء بنت عميس الخثعمية هى صحابية وكانت زوجة لجعفر بن أبي طالب رضى الله عنه، ثم لأبي بكر الصديق رضى الله عنه.

    ثم لعلي بن أبي طالب رضى الله عنه، وقد هاجرت أسماء للحبشة ثم إلى يثرب، لذا فتُكنّى بصاحبة الهجرتين، وقد أسلمت أسماء بنت عميس قبل دخول النبي الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، دار الأرقم ، وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب وهي عروس فولدت له في الحبشة عبد الله وعون ومحمد، وعادت إلى يثرب مع زوجها وأبنائها، فلما قتل زوجها جعفر بن أبى طالب، فى غزوة مؤتة بعد ذلك تزوجها أبو بكر الصديق بعد وفاة زوجته أم رومان، فولدت له محمد بن أبى بكر ، وقد توفي أبو بكر عنها سنة ثلاثة عشر من الهجره، وأوصى بأن تُغسّله زوجته أسماء بنت عميس.

    ثم تزوجها علي بن أبي طالب فولدت له يحيى ، وعون ، وفي رواية: ومحمد، وظلت معه حتى وفاته، وقد تزوجت السيده سلمى بنت عميس، من حمزة بن عبد المطلب عم النبي الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، فولدت له ابنته أمامة التي كانت بمكة، وحمزة بن عبد المطلب الهاشمي القرشي هو صحابي من صحابة رسول الله الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، وعمُّه وأخوه من الرضاعة وأحد وزرائه الأربعة عشر، وهو خير أعمامه وقد لُقِّب بسيد الشهداء، وأسد الله وأسد رسوله، ويكنى أبا عمارة، وقيل أنه كان حمزة في الجاهلية فتىً شجاعا كريما سمحا، وكان أشد فتى في قريش وأعزهم شكيمة.

    فقد شهد حمزه في الجاهلية حرب الفجار التي دارت بين قبيلتي كنانة وقيس عيلان، وقيل عن السيده سلمى بنت عميس، أنه أخرجها الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، في عمرة القضاء، وعمرة القضاء هي العمرة التي أداها الرسول الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، وألفان من أصحابه سوى النساء والصبيان، في ذي القعدة فى السنه السابعه من الهجره، عوضًا عن العمرة التي صُرفوا عنها وفقًا لشروط صلح الحديبية، وقد تزوج الرسول من ميمونة بنت الحارث خلال تلك العمرة، وبخصوص ابنتها أمامة بنت حمزه بن عبد المطلب التي كانت بمكة فأختصم فيها علي، وزيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب.

    وأراد كل واحد ضمّها إليه وكفالتها، فقضى بها النبي الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، لجعفر بن أبي طالب لأن خالتها أسماء بنت عميس كانت زوجته، ولقول النبي الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، “إن المرأة لا تنكح على عمتها ولا على خالتها ” وبعد استشهاد زوجها حمزة بن عبد المطلب، في غزوة أحد سنة ثلاثه من الهجره، تزوجها شداد بن الهاد الليثي، فولدت له عبد الله بن شداد، وكان شداد بن الهاد الليثي صحابي، وكان اسمه هو شداد بن الهاد واسم الهاد هو أسامة بن عمرو وهو الهادي بن عبد الله بن جابر بن بشر بن عتوراة بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الكناني الليثي وهو حليف بني هاشم.

    وهو والد عبد الله بن شداد، وكان شداد بن الهاد الليثي سلفا لرسول الله الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، ولأبي بكر الصديق ولجعفر بن أبي طالب ولعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم لأنه كان زوج سلمى بنت عميس أخت أسماء بنت عميس، وكانت أسماء امرأة جعفر وأبي بكر وعلي، وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، لأمها، وقد سكن شداد المدينة ثم تحول إلى الكوفة، ومن روايته للحديث عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن أبيه أنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في إحدى صلاتي العشي أو الظهر أو العصر وهو حامل أحد ابني ابنته الحسن أو الحسين.

    فتقدم النبى الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، فوضعه عند قدمه اليمنى ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة فأطالها فرفعت رأسي من بين الناس فإذا النبي الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، ساجد وإذا الصبي على ظهره فرجعت في سجودي فلما قيل يا رسول الله لقد سجدت سجدة أطلتها فظننا أنه قد حدث أمر أو كان يوحى إليك قال كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله، وقد أنجب السيده سلمى بنت عميس من زوجها شداد إبنها عبد الله بن شداد وكان تابعي من أهل الكوفة وأحد رواة الحديث النبوي، واسمه أبو الوليد عبد الله بن شداد بن أسامه وقيل عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي المدني الكوفي.

    والسيده سلمى بنت عميس هي الأخت الصغرى لأسماء بنت عميس زوجة الخليفة الأول أبو بكر الصديق وهي أيضا أخت غير الشقيقة لأم المؤمنين زينب بنت خزيمة وأم المؤمنين ميمونة بنت الحارث آخر زوجات النبي الكريم محمد صلى لله عليه وسلم، وكان لأسماء بنت عميس مواقف كثيره في الإسلام ومع الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء، فعن ابن عباس أنه: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم، جالس وأسماء بنت عميس قريبة إذ قال “يا أسماء هذا جعفر مع جبريل وميكائيل مر فأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا فسلم فردي وقال إنه لقي المشركين فأصابه في مقاديمه ثلاث وسبعون فأخذ اللواء بيده اليمنى فقطعت ثم أخذ باليسرى فقطعت قال فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة آكل من ثمارها”.

  • نسائم الإيمان ومع خيره بنت أبى حدرد الأسلمى

    نسائم الإيمان ومع خيره بنت أبى حدرد الأسلمى

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    أم الدرداء وهى خيرة بنت أبي حدرد الأسلمي، وهى صحابية جليلة، وهى إحدى عابدات الشام التي كان لها السبق في العبادة والصلاح حتى قصدها الناس ليتعلموا منها رقة القلب وخشوع الجوارح عند ذكر الله عز وجل وقراءة القرآن الكريم، وكانت من فضليات النساء وعقلائهن، ذات رأي سديد، وقد أسلمت مع زوجها عويمر الأنصاري أبو الدرداء وحسُن إسلامهما، فهي زوجة الصحابي أبو الدرداء الأنصاري، وأبو الدرداء الأنصاري هو صحابي وفقيه وقاضي وقارئ قرآن وهو أحد رواة الحديث النبوي، وهو من الأنصار من بني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، وقد أسلم متأخرا يوم بدر، ودافع عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يوم أحد، وشهد ما بعد ذلك من المشاهد.

    وكان من المجتهدين في التعبد وقراءة القرآن، وقد رحل إلى الشام بعد فتحها ليُعلّم الناس القرآن، وليُفقّههم في دينهم، وتولى قضاء دمشق، وقد ظل بها إلى أن مات فيها في خلافة عثمان بن عفان، وقد تأخر إسلام أبي الدرداء إلى يوم بدر، وهو آخر من أسلم من أهله، ومن آخر الأنصار إسلامًا، وكان يعبد صنمًا، فدخل أخوه لأمه عبد الله بن رواحة ومحمد بن مسلمة بيته، فكسرا صنمه، فرجع، فجعل يجمع الصنم، ويقول: ويحك، هلا امتنعت، ألا دفعت عن نفسك؟ فقالت زوجته أم الدرداء: لو كان ينفع أو يدفع عن أحد، دفع عن نفسه، ونفعها، فقام من ساعته إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأسلم، وكان أبو الدرداء قبل إسلامه تاجرًا، فلما أسلم، لم يقو على الجمع بين التجارة والعبادة.

    فترك التجارة، ولزم العبادة، وقد قيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء، فجاءه سلمان يزوره، فإذا أم الدرداء متبذلة، فقال: ما شأنك؟ قالت: إن أخاك لا حاجة له في الدنيا، يقوم الليل، ويصوم النهار، فجاء أبو الدرداء، فرحب به، وقرب إليه طعامًا، فقال له سلمان: كل، قال: إني صائم، قال:أقسمت عليك لتفطرن، فأكل معه، ثم بات عنده، فلما كان من الليل، أراد أبو الدرداء أن يقوم، فمنعه سلمان، وقال: إن لجسدك عليك حقًا، ولربك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، صم وأفطر، وصل وائت أهلك، وأعط كل ذي حق حقه، فلما كان وجه الصبح، قال: قم الآن إن شئت، فقاما، فتوضآ، ثم ركعا، ثم خرجا إلى الصلاة، فدنا أبو الدرداء ليخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالذي أمره سلمان.

    فقال له: يا أبا الدرداء، إن لجسدك عليك حقًا، مثل ما قال لك سلمان، وبعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، واتساع الفتوحات الإسلامية، أمر الخليفة عمر بن الخطاب أبا الدرداء بالخروج إلى الشام ليعلّم الناس القرآن، ويُفقّههم في الدين، ففعل، وفي خلافة عثمان بن عفان، ولاّه معاوية بن أبي سفيان قضاء دمشق، وقد توفي أبو الدرداء في دمشق سنة اثنين وثلاثين من الهجره وقيل قبل مقتل عثمان بسنتين، وقد تأخر إسلام أم الدرداء وزوجها فقيل أنهما أسلما يوم بدر، بل وقيل أنه آخر من أسلم من الأنصار، وسبب ذلك أن زوجها كان متعلقًا بصنم له، وكان عبد الله بن رواحة أخا له قبل الإسلام، وعبد الله بن رواحة هو صحابي بدري وشاعر وقائد عسكري، وأحد نقباء الأنصار الإثنا عشر.

    وقد شارك في غزوات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أحد الشعراء الذين يدافعون بشعرهم عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد استشهد في يوم غزوة مؤتة وهو قائد المسلمين أمام الروم وحلفائهم الغساسنة، وينتمي عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج إلى بني الحارث أحد بطون قبيلة الخزرج الأزدية، وكانت أمه أيضًا من بني الحارث وهي كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة بن عامر بن زيد مناة بن مالك الأغر. وكان ابن رواحة يُكنى بأبي عمرو، وقيل أبي محمد، وقيل أبي رواحة، وهو خال النعمان بن بشير، وأخو أبو الدرداء لأمه، فكان عبد الله بن رواحة من السابقين إلى الإسلام من الأنصار.

    وكان أحد نقباء الأنصار الإثني عشر عن بني الحارث من الخزرج في بيعة العقبة، وقد صحب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد هجرته إلى يثرب، وقد آخى بينه وبين المقداد بن عمرو، وقد خاض ابن رواحة مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، غزوة بدر، وقد بعثه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد المعركة ليُبشّر بني عمرو بن عوف وخطمة ووائل من الأنصار بالنصر، وكما شارك في غزوات أحد والخندق وخيبر وصلح الحديبية، وشهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عمرة القضاء، وكان عبد الله يدعوه إلى الإسلام فيقول: يا عويمر، أترضى أن تكون آخر دارك إسلامًا؟ فيأبى أبو الدرداء، وذات يوم خرج أبو الدرداء من داره، فجاء ابن رواحة فحطّم الصنم.

    وحين عاد أبو الدرداء، سأل امرأته عن ذلك، فأخبرته: أنه أخوك عبد الله بن رواحة دخل فصنع ما ترى، فنظر أبو الدرداء إلى الصنم المحطم وغضب وقال: لو كان عند هذا خير لدافع عن نفسه، ثم انطلق إلى ابن رواحة وقال له: اصحبني إلى محمد، وأسلم وأسلمت معه زوجته، وكانت من فضليات الصحابة، وقد حفظت أحاديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فروى عنها كثير من التابعين مثل: صفوان بن عبد الله، والتابعون في التاريخ الإسلامي هم شخصيات مسلمة لم تعاصر النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنها عاشت في فترة لاحقة وكان لها دور ملحوظ في فترة حياتها أو كانت من الشخصيات التي نقلت الأحاديث عن الصحابة.

    ومن مواقف أم الدرداء مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه يروي سهل بن معاذ عن أبيه عن أم الدرداء أنه سمعها تقول: لقيني رسول الله وقد خرجت من الحمام فقال: “من أين يا أم الدرداء؟” فقالت: من الحمام، فقال: “والذي نفسي بيده، ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن ” وعن أم الدرداء عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: “ما من ميت يقرأ عنده سورة يس إلا هون عليه الموت” وعن أم الدرداء عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: “إن الله تجاوز لأمتي عن ثلاث: عن الخطأ والنسيان والاستكراه” ولأم الدرداء رواية لخمسة أحاديث عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعن زوجها، وقد توفيت أم الدرداء قبل أبي الدرداء بسنتين، وكانت وفاتها بالشام في خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنهم أجمعين.

  • نسائم الإيمان ومع قتيله بنت قيس

    نسائم الإيمان ومع قتيله بنت قيس

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    قتيلة بنت قيس بن معد يكرب الكِندية، وهى أخت الأشعث بن قيس، والأشعس بن قيس هو صحابي من صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وممن أسلم عام الوفود وقد غلب عليه لقب الأشعث فبه عرف في كتب الإخباريين، وهو كان أحد ملوك كندة حتى الإسلام فهو من بني جبلة بن عدي أحد بيوت بني الحارث الأصغر من بني معاوية من كندة ولم تتفق كندة عليه ولا على جده ملكا بعد وفاة إمرؤ القيس بن حجر آخر ملوك كندة ارتد الأشعث وتبعته أقوام من بني معاوية وقيل امتنع عن الزكاة، وكِندة هى قبيلة عربية قديمة يعود ذكرها في نصوص المسند السبئية للقرن الثاني قبل الميلاد، وعُرفت هذه القبيلة في كتب التراث باسم “كندة الملوك” وقد قامت مملكة كندة في نجد لتأمين الطريق التجارية.

    وكان تاريخ مملكتهم “الجاهلية” يشوبه الكثير من الغموض فقد تحدث عنه الإخباريون وأُكتشفت كتابات عديدة في قرية الفاو مكتوبة بخط المسند القديم، وقد اعتنقوا الإسلام في القرن السابع الميلادي وكانوا ممن وفد على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في عام الوفود واشتركوا في الفتوحات الإسلامية ونزل كثير منهم الشام والعراق وشمال أفريقيا وأقاموا أربع دول في الأندلس، وتنقسم كندة لثلاث أقسام رئيسية هي بنو معاوية الأكرمين وبنو السكاسك وبنو السكون، وهم يتواجدون في اليمن وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة وتوجد عشائر في العراق والأردن، والأشعس بن قيس، هو ابن خال معاوية بن خديج التجيبي أحد ولاة بني أمية وزوج أخت أبي بكر الصديق رضى الله عنه.

    وهو كبير أمراء موقعة صفين وكان ممن أشار على الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، بالتحكيم وهو سبب موقف الإثنا عشرية منه وقد غلب الأعور السلمي على الماء في تلك الموقعة وتولى ولاية أذربيجان في عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه، وقد قاتل في اليرموك والقادسية وكان ممن أجزل لهم خالد بن الوليد رضى الله عنه، في العطاء مما أثار غضب عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لإن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب أرادها لضعاف وفقراء المسلمين وقد توفي الأشعس بن قيس فى عام أربعين للهجرة وذلك بعد وفاة الإمام علي بن أبي طالب بأربعين ليلة وإبنته عند الحسن بن علي وهو والد محمد بن الأشعث وجد عبد الرحمن بن محمد صاحب المواقع المشهورة مع الحجاج بن يوسف.

    والسيده قتيله بنت قيس قد تزوجها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في أواخر حياته ولكنه لم يدخل بها ولعله صلى الله عليه وسلم، لم يراها، وقد تزوّجت بعده السيده قتيله، ولا يعدها المسلمون من أمهات المؤمنين، وتشير النصوص الإسلامية أنها أرتدت ثم رجعت للإسلام لاحقا، وقد ورد ذكرها في كتب تراجم الصحابة لأبو نعيم الأصبهاني وابن عبد البر وأبو موسى المديني، وروى ابن عباس رضى الله عنهما، أن زواج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، منها كان بعد استعاذة زوجة اخرى وهي أسماء بنت النعمان منه وغضبه لذلك، وهى أسماء بنت النعمان بن الحارث بن شراحيل وقيل بنت النعمان بن الأسود بن الحارث بن شراحيل الكندية.

    وقد قيل أنهم أجمعوا أن رسول الله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد تزوجها واختلفوا في قصة فراقها إلى أن قال قال قتادة هي أسماء بنت النعمان من بني الحارث، ولما أدخلت عليه دعاها فقالت تعالى أنت وأبت أن تجئ قال قتادة وقيل إنها قالت له أعوذ بالله منك، فقال قد عذت بمعاذ، وأسماء بنت النعمان فى قول قتادة وأبي عبيدة قال قتادة وهي أسماء بنت النعمان من بني الجون وزعم بعضهم أنها قالت له صلى الله عليه وسلم، أعوذ بالله منك فقال قد عذت بمعاذ وقد أعاذك الله مني فطلقها، فكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعدما أن عرض عليه الأشعث بن قيس تزويجه أخته، فوافق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الأشعث ذهب إلى حضرموت لإحضارها.

    فمات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في تلك الأثناء، فردها إلى بلاده وارتدّا عن الإسلام، وحضرموت هي محافظة تقع شرق الجمهورية اليمنية وتحتل ثلث مساحتها وتتكون حضرموت من ثلاثين مديرية وعاصمتها هي مدينة المكلا وهى أكبر مدنها، وهى تحدها السعودية من الشمال ومن الجنوب بحر العرب ومن الشمال الغربي محافظتي مأرب والجوف ومن الشرق محافظة المهرة ومن الغرب محافظة شبوة، وبعد موت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قيل أنه تزوّجها لاحقا قَيس بن مَكشُوح المُرَادي، وقيل أنه تزوجها عِكرِمة بن أبي جهل، فَوَجد أبو بكر الصديق رضى الله عنه، أى غضب من ذلك وَجْدًا شديدًا، فقال له عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو يهون عليه.

    يا خليفة رسول الله إنها والله ما هي من أزواجه صلى الله عليه وسلم، وما خَيَّرها ولا حَجبها صلى الله عليه وسلم، ولقد برّأها الله تعالى منه بالارتداد الذي ارتدّت مع قومها، وقد روى يزيد بن قُسَيط أنها وهبت نفسها للنبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وروى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان ينكر ذلك ويقول: لم يتزوج رسول الله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قتيله بنت قيس، ولا تزوج كِنْدية إلا أُخت بني الجَون، مَلَكها وأُتى بها فلما نظر إليها طلّقها، ولم يَبن بها، وقيل أنه تزوجها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في سنة عشر من الهجره ، ثم اشتكى فِي النصف من صفر ، ثم قبض يوم الاثنين ليومين مضيا من ربيع الأول من سنة إحدى عشرة ، ولم تكن قدمت عليه ولا رآها ولا دخل بها.

    وقال بعضهم : أنه كان تزويجه إياها قبل وفاته بشهرين، وقد زعم آخرون أَيضا أنه تزوجها في مرضه، وقال منهم قائلون : إن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أوصى أن تخير ، فإن شاءت ضرب عليها الحجاب وتحرم على المؤمنين، وإن شاءت فلتنكح من شاءت، فاختارت النكاح، فتزوجها عكرمة بن أبي جهل، بحضرموت، فبلغ أبا بكر الصديق، فقال : لقد هممت أن أحرق عليهما بيتهما ، فقال له عمر بن الخطاب : ما هي من أمهات المؤمنين، ولا دخل بها، ولا ضرب عليها الحجاب، وقيل أيضا أنه ما أوصى فيها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بشيء ، ولكنها ارتدت حين ارتد أخوها الأشعس بن قيس، فاحتج عمر بن الخطاب، على أبي بكر الصديق رضى الله عنهما.

    بأنها ليست من أزواج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بارتدادها ، ولم تلد لعكرمة بن أبي جهل، وفيها اختلاف كثير جدًا، وعكرمة بن عمرو أو عكرمة بن أبي الحكم هو عكرمة بن عمرو المخزومي القرشي المكنى بأبي عثمان، وهو صحابي من صحابى النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو فارس من فرسان قريش وهو أحد فرسان مكة، وهو بن عمرو بن هشام أبو جهل، وقد نشأ عكرمة في مكة في جو مترف محفوف بالنعيم، في قصر المغيرة، وتعلم القراءة والكتابة والانساب على يد أفضل المعلمين في تهامة، وكغيرة من أبناء العرب، وتعلم عكرمة الفروسية وأبدى نبوغًا ومهارة في المبارزة وفنون القتال، وتميز على جميع أقرانه ببراعته في رمي الرمح وتصويب السهام، كما عُرف بالشجاعة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ، وهو زوج قتيله بنت قيس بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم.

  • نسائم الإيمان ومع السيده أم حكيم بنت الحارث

    نسائم الإيمان ومع السيده أم حكيم بنت الحارث

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومية بنت أخي أبي جهل عمرو بن هشام المعادي للإسلام، وأبو جهل عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي الكناني، كان سيدا من سادات بني قريش من قبيلة كنانة وكان من أشد المعادين للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت كنيته أبو الحكم، ولكن أبو جهل كناه بها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن كان يُكنى بأبي الحكم، وذلك لقتله امرأة عجوزا طعنا بالحرباء من قُبُلها حتى الموت، بسبب جهرها بالإسلام، وهي سمية بنت خياط، وكان أبوه هو هشام بن المغيرة سيد بني مخزوم من كنانة في حرب الفجار ضد قبائل قيس عيلان

    وأم حكيم كانت أمها هى فاطمة بنت الوليد أخت سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وخالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي هو صحابي وقائد عسكري مسلم، لقّبه الرسول بسيف الله المسلول، واشتهر بحسن تخطيطه العسكري وبراعته في قيادة جيوش المسلمين في حروب الردة وفتح العراق والشام، في عهد خليفتي الرسول أبي بكر وعمر في غضون عدة سنوات، ويعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم، فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عدديًا من الإمبراطورية الرومية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية الفارسية وحلفائهم.

    بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى، وقد اشتهر خالد بانتصاراته الحاسمة في معارك اليمامة وأُلّيس والفراض، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي الولجة واليرموك، وقد لعب خالد بن الوليد دورا حيويا في انتصار قريش على قوات المسلمين في غزوة أحد قبل إسلامه، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق، ومع ذلك، اعتنق خالد الدين الإسلامي بعد صلح الحديبية، وشارك في حملات مختلفة في عهد الرسول، أهمها غزوة مؤتة وفتح مكة، وهو في أوج انتصاراته العسكرية، عزله الخليفة عمر بن الخطاب من قيادة الجيوش لأنه خاف أن يفتتن الناس به.

    فصار خالد بن الوليد في جيش الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح وأحد مقدميه، ثم انتقل إلى حمص حيث عاش لأقل من أربع سنوات حتى وفاته ودفنه بها، وأخوتها مالك بن الحارث، وهو شهاب المخزومي هو مالك بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة المخزومي القرشي، وهو أخو أم حكيم، وعبد الرحمن ابنا الحارث بن هشام وابن عمهم هو الصحابي عكرمة بن أبي جهل بن هشام وهو زوج أم حكيم، وقد خرج مع أبيه لفتح الشام في عهد أبي بكر الصديق، وقُتل أبوه في فتح دمشق، فأقامه عمر بن الخطاب في حوران واستوطن في قرية شهبا.

    وصد الغسانيين النصارى عن حوارن، واستمر حتى وفاته، ودامت ولايته ثلاثون سنة، وهو جد الأمراء الشهابيين في لبنان، وكانت أم حكيم زوجة لرجل هو من أشد الرجال كرها وبُغضا لدين الله عز وجل، ومن أكثرهم حقدا وحَنقا على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت زوجة عكرمة بن أبي جهل، ذلك الشاب الذي طالما خاض المسيراتِ الكبيرة ضد المسلمين، وشارك بخيله ورجله في معارك كان الهدف منها استئصال شأفَة الموحدين، ودفع أموالا هائلة، وأنفق نفقات طائلة في سبيل كسر وإضعاف شوكة المؤمنين.

    وكانت أم حكيم عمة التابعي أبو بكر بن عبد الرحمن، وكانت أم حكيم تتمتع بعقل ثاقب وحكمة نادرة زوجها أبوها الحارث في الجاهلية من ابن عمها عكرمة بن أبي جهل وهو من النفر الذين اعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن اهدار دمهم فلما انتصر المسلمون وتم فتح مكة هرب عكرمه إلى اليمن وهو يعلم ماتوعده من رسول الله، ودخل الناس في دين الله أفواجا واسلم الحارث بن هشام وأسلمت ابنته أم حكيم فحسن إسلامها وكانت من اللاتي بايعن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وشعرت أم حكيم بحلاوة الإيمان تملأ كيانها فتمنت أن يذوق حلاوة الإيمان ولذتها احب الناس إليها.

    واقربهم إلى نفسها زوجها عكرمة بن أبي جهل، وقادتها حكمتها وعقلها إلى الذهاب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم تطلب الامان لزوجها إذا عاد مسلما، وغمرت السعادة قلبها وهي تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصفح عنه ويامنه على نفسه، واندفعت ام حكيم مسرعه تتبع زوجها الهارب لعلها تدركه قبل أن يركب البحر وعانت من وحشه الطريق وقله الزاد ولكنها لم تيأس ولم تضعف فالغاية عظيمه يهون من اجلها الكثير الكثير وشاءت قدره الله لها ان تدرك زوجها في ساحل من سواحل تهامة وقد كاد يركب البحر، فجعلت تناديه قائله: يابن عم، جئتك من اوصل الناس وابر الناس وخير الناس

    فلا تهلك نفسك وقد استامنت لك منه فأمنك، فقال لها عكرمة: اوقد فعلت ذلك؟ قالت : نعم، ثم اخذت تحدثه عن شخص الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكيف دخل مكة وكسر اصنامها وكيف عفا عن الناس بقلبه الكبير ونفسه المنفتحه لكل إنسان، وهكذا نجحت ام حكيم بزرع البذور الطيبة في نفس زوجها وعادت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليعلن إسلامه بين يديه وليجدد بهذا الإسلام شبابا كاد ان يضيع في ظلمات الجهل والوثنية، وفتح رسول الله ذارعيه ليحتوي الشاب العائد بكلية ليعلن ولاءه لله ولرسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعكرمه

    “لا تسألني اليوم شيئا أعطيته أحدا إلا أعطيته لك “، فقال عكرمة وقد أشرق نور الإسلام من وجهه: فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها، أو مسير وضعت فيه، أو مقام لقيتك فيه، أو كلام قلته في وجهك أو وأنت غائب، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء داعيا ربه بدعاء كلّه عفو وجود وكرم وصفح: ” اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها، وكل مسير سار فيه يريد بذلك المسيرِ إطفاء نُورك، فاغفر له ما نال مني من عِرض، في وجهي أو وأنا غائب عنه “، فقال عكرمة وقد رأى الكَرم الذي لا نظير له، وشهد العفو الذي لا حد له: رضيت يا رسول الله.

    والله لا أدع نفقة كنت أنفقها في صدّ عن سبيل الله إلاّ أنفقت ضعفها في سبيل الله، ولا قتالا كنت أقاتل فى صد عن سبيل الله، إلا أبليت ضعفه فى سبيل الله ، وبعد أن أسلم رد رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأته له بذلك النّكاح الأول، وما كاد عكرمه ينهل من نبع العقيدة الإسلامية حتى فجرت في نفسه ايمانا صادقا وحبا خالصا دفعه إلى ارض المعركة ومن ورائه من بنيه كل قادر على حمل السلاح، وعلى ارض المعركة بايع عكرمه اصاحبه على الموت في سبيل الله وصدق الله فصدقه وحاز على وسام الشهادة في سبيل الله.

    ولم تجزع ام حكيم المرأة المؤمنه الصابره وقد استشهد في المعركة اخوها وابوها وزوجها وكيف تجزع؟ وهي تتمني لنفسها ان تفوز بالشهادة مثلهم والشهادة اسمى وانبل ما يتمانه المؤمن الصادق، وبعد فترة من الزمن على استشهاد زوجها خطبها قائد المسلمين الأموي خالد بن سعيد فلما كانت وقعه مرج الصفر اراد خالد ان يدخل بها فقالت له ام حكيم: لو تأخرت حتى يهزم الله هذه الجموع، فقال: ان نفسي تحدثني اني اقتل، قالت له فدونك، فأعرس بها عند قنطره عرفت فيما بعد بقنطره ام حكيم، ثم أصبح فأولموا فلما فرغوا من الطعام حتى وافتهم الروم .

    واندفع العريس القائد إلى قلب المعركة يقاتل حتى استشهد فشدت ام حكيم عليها ثيابها وقامت تضرب الروم بعمود الخيمة التي اعرست فيها فقتلت من اعداء الله يومئذ سبعه منهم، فيا له من عرس، وياله من صباحية للعرس، وهكذا المؤمنات المجاهدات الصابرات عرسهن في الميدان وصباحهم جهاد وقتال، ولا غرو في ذلك فام حكيم هي ابنه اخت سيف الله المسلول خالد بن الوليد، فرحم الله ام حكيم المراه المؤمنه صانعه الابطال وفية مخلصة انقذت زوجها من الضلال والكفر إلى نور الإسلام وقاتلت بنفسها اعداء الله فجزاها الله عن دينها خير الجزاء.

    وبعد وفاة زوجها خالد بن سعيد تزوجت من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وانجبت له فاطمة بنت عمر وتوفيت في نفاسها فهي الشهيدة زوجة الشهداء.

  • نسائم الإيمان ومع السيده الشيماء بنت الحارث

    نسائم الإيمان ومع السيده الشيماء بنت الحارث

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    الشيماء بنت الحارث وهي حذافة بنت الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدية، ولقبها الشيماء، وهى من بني سعد من قبيلة هوازن وهي أخت الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وابنة حليمة السعدية مرضعة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي من بني سعد من قبيلة هوازن، وقبيله هوازن هى إحدى قبائل العرب وهم بنو هوازن بن منصور بن عكرمه بن خصفه بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من ذرية نبى الله إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وقد جاء الإسلام وقبيلة هوازن في أوج قوتها.

    وقد خرجت لتو من انتصار كبير في عدة أيام متتالية من حرب الفجار ماعدا يوم شرب الذي انتهى لمصلحة كنانة، وكان هذا من أسباب عدم انقيادها لهذا الدين الجديد، ولما سمعوا بفتح مكة على يد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وماتحقق له من النصر والتمكين علموا أنه سيقصدهم فأعدوا الحرب ضد الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك في السنة الثامنة الهجريه، في غزوة حنين بأوطاس في الطائف، وكان قائدهم مالك بن عوف من بني نصر فالتفت هوازن حوله فحالفوه فانتصر جيش الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وغنم منهم غنائم كثيرة، فما لبثوا أن تحولوا من قبيلة معادية للإسلام.

    إلى قبيلة مناصرة له، حتى توالت وفود زعمائها على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم معلنين دخولهم في هذا الدين الجديد، وقد فرح الرسول صلى الله عليه وسلم فرحا شديدا بقدوم وفود هوازن، ثم بعد ذلك وفي صدر الإسلام وحتى القرن الرابع الهجري أنتشرت هوازن في الشام والعراق والمغرب العربي والأندلس ومصر وغيرها، وبقي منهم قبائل كثيرة في الجزيرة العربية، وبني سعد هي مجموعة قرى وبلدات تتبع محافظة الطائف وتقع في جنوبها ويبعد مركزها عن الطائف بحوالي خمسه وسبعين كيلومتر، وعرفت قبل ظهور الإسلام عندما قدم إليها خاتم الأنبياء والمرسلين.

    النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مع مرضعته حليمة بنت ذؤيب السعدية إلى قرية الشوحطة بالذويبات، ووهم بني سعد بن بكر من هوازن وهي من القبائل القيسية المضرية العدنانية ومن مشاهير قبيلة بني سعد حليمة السعدية رضي الله عنها مرضعة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت في الأحاديث النبوية وفي الادبيات الاسلامية، وكانت الشيمات أمها هى حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، وحليمة السعدية من بني سعد بن بكر من قبيلة هوازن، وهي أُم النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من الرضاعة، وهي حليمة بنت أبي ذؤيب بن عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر.

    بن رزام بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر، ومضر هو الجد السابع عشر للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يكنى بابنه إلياس، وكان يقال له مضر الحمراء أحد الشعبين الرئيسيين الذين ينقسم إليهما جذم القبائل العربية العدنانية، إلى جانب ربيعة ويطلق عليهم اسم المضريين، وهو مُضَر بن نزار بن مَعد بن عدنان بن أدد بن قيدار بن نبى الله إسماعيل عليه السلام، ومضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان بن أدد هو جد العرب العدنانيين المشترك بحسب الإرث الثقافي لدى النسابة والإخباريين.

    مثل ابن اسحاق وابن السائب الكلبي، عدا ذلك تشح الإشارات إليه في المؤلفات أو الشعر أو في الآثار أو النصوص الدينية القديمة، والإستثناءات هي بيت منسوب للبيد بن ربيعة وآخر للعباس بن مرداس، والعرب العدنانيون تركزوا في شمال وغرب ووسط شبه الجزيرة العربية، بينما كان عرب جنوب الجزيرة يعرفون بالقحطانيين نسبة إلى قحطان، وينسب النسابون النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، نبي الإسلام إلى عدنان وبأنه جده العشرون، وكانت مهنة المرضعه هى صاحبة أصول تاريخية بالنسبة للعرب والمسلمين، وخاصة أن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، توفيت أمه وهو صغير

    وتولى أمره جده عبد المطلب، الذى اعتنى به وشمله بعطفه واهتمامه، وكانت أول من أرضعته ثويبة أَمَة عمه أبى لهب، فمن حديث زينب ابنة أبى سلمة أن أم حبيبة، ومن مرضعاته صلى الله عليه وسلم ، حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية، وكان شأنه شأن سادات قريش، يرضعون أولادهم في البوادي ليقووا أجساما، ويفصحوا لسانا، وكان النبى الكريم صلى الله عليه وسلم إخوته من الرضاع هم عبدالله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء، وكانت حليمه السعديه هى زوجة الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن

    وهو من بادية الحديبية، وأنجبت منه، عبد الله بن الحارث، أنيسة بنت الحارث، حذافة بنت الحارث وهي الشيماء، غلب ذلك على اسمها فلا تعرف في قومها إلا به، والشيماء كان أبوها هو الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن، وهو الصحابي الحارث بن عبد العزى الصحابي الجليل الحارث ، أبو رسول الله من الرضاعة، وعن رجال من بني سعد بن بكر قالوا: قدم الحارث بن عبد العزى، أبو رسول الله من الرضاعة، على رسول الله مكة، فقالت له قريش: ألا تسمع ما يقول ابنك هذا؟ قال: ما يقول؟ قالوا: يزعم أن الله يبعث بعد الموت.

    وأن للناس دارين يعذب فيهما من عصاه، ويكرم من أطاعه، وقد شتت أمرنا، وفرق جماعتنا، فأتاه فقال: أي بني، مالك ولقومك يشكونك ويزعمون أنك تقول: إن الناس يبعثون بعد الموت، ثم يصيرون إلى جنة ونار؟ فقال رسول الله : “نعم، أنا أزعم ذلك، ولو قد كان ذلك اليوم يا أبة قد أخذت بيدك حتى أعرفك حديثك اليوم” فأسلم الحارث بعد ذلك، فحسن إسلامه، وكان يقول حين أسلم: لو قد أخذ ابني بيدي، فعرفني ما قال لم يرسلني حتى يدخلني الجنة، الشيماء كان أخواتها هم عبد الله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وقد ذكر أهل السير أن الشيماء كانت تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم

    وهى مع أمها و أن الشيماء لما وصلت إلى رسول الله قالت يا رسول الله إنى لأختك من الرضاعة، قال وما علامة ذلك قالت له علامة وقالت هى عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، العلامة فبسط لها رداءه ثم قال لها ها هنا فأجلسها عليه وخيرها فقال إن أحببت فأقيمى عندى محبة مكرمة وإن أحببت أن أمتعك (أحملك بالأمتعة) فارجعى إلى قومك فقالت بل تمتعنى وتردنى إلى قومى فمتعها وردها إلى قومها، وقال أبو عمر أغارت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، على هوازن فأخذوها فيما أخذوا من السبى فقالت لهم أنا أخت صاحبكم،.

    فلما قدموا بها قالت يا محمد أنا أختك وعرفته بعلامة عرفها، فرحب بها وبسط رداءه فأجلسها عليه ودمعت عيناه فقال لها: إن أحببت أن ترجعى إلى قومك أوصلتك وإن أحببت فأقيمى مكرمة محببة، فقالت بل أرجع فأسلمت وأعطاها رسول الله نعما وشاة وثلاثة عبيد وجارية، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرتد قومها بنو سعد، عن الإسلام، فوقفت موقفا شجاعا، تدافع عن الإسلام بكل جهدها، حتى أذهب الله الفتنة عن قومها، وكانت كثيرة العبادة والتنسُّك، واشتهرت بشِعرها الذي ناصرت فيه الإسلام ورسوله، وظلت تساند المسلمين وتشد من أزرهم حتى أتاها اليقين.

  • نسائم الإيمان ومع السيده أم رومان بنت عامر الكنانيه ( الجزء الثانى )

    نسائم الإيمان ومع السيده أم رومان بنت عامر الكنانيه ( الجزء الثانى )

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    ونزل آل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يبني مسجده وأَبياتا حول المسجد، فأنزل فيها أهله، فمكثنا أياما، ثم قال أَبو بكر: يا رسول الله، ما يمنعك أن تبتني بأهلك؟ قال: “الصداق” فأعطاه أبو بكر اثنتي عشرة أُوقية ونشّا، فبعث بها إلينا، وبَنى بي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، في بيتي هذا الذي أنا فيه، وهو الذي تُوفي فيه، ودفن فيه، وأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، سودة بنت زمعة أَحد تلك البيوت، فكان يكون عندها، وكان تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم، إياي، وأَنا ألعب مع الجواري، فما دريت أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تزوجني، حتى أَخبرتني أُمي.

    فحبستني في البيت، فوقع في نفسي أني تزوجت، فما سألتها حتى كانت هي التي أَخبرتني ” وعن عائشة رضى الله عنها قالت: ” تزوجني النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج فوعكت فتمزق شعري فوفى جميمة فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن على الخير والبركة وعلى خير طائر فأسلمتني إليهن.

    فأصلحن من شأني فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين ” وتقول السيده عائشه رضى الله عنها كان أم رومان، في حادثة الإفك أغمى عليها حزناً على ما أصاب ابنتها، ولما أفاقت أخذت تدعو الله أن يظهر الحق، وظلت تواسى ابنتها ودموعها تتساقط، وجعلت تقول: أي بنية، هوني عليك، فوالله لقل ما كانت امرأة حسناء عند زوج يحبها ولها ضرائر إلا كثرن وكثر عليها الناس، وتحكي أم رومان بنت عامر الكنانية عن ذلك فتقول: بينما أنا مع عائشة جالستان إذ ولجت علينا امرأة من الأنصار وهي تقول فعل الله بفلان وفعل، قالت: فقلت لم؟

    فقالت: إنه نمى ذكر الحديث فقالت عائشة: أي حديث؟ فأخبرتها، قالت: فسمعه أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: نعم، فخرت مغشياً عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض، فجاء النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقال: “ما لهذه؟” قلت: حمى أخذتها من أجل حديث تحدث به، فقعدت فقالت: والله لئن حلفت لا تصدقونني ولئن اعتذرت لا تعذرونني فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه فالله المستعان على ما تصفون، فانصرف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ما أنزل، فأخبرها فقالت: بحمد الله لا بحمد أحد، وقد تلقت السيده أم رومان تعاليم الشريعة.

    وكانت مسرورة بزيارة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لزوجها الصديق، وأخذت تبذل ما في وسعها لإكرامه، وذكر ابن سعد أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، كان يوصي أم رومان بعائشة ويقول: ” يا أم رومان استوصي بعائشة خيرا واحفظيني فيها” وكانت أم رومان تتألم لما يلحق بالمسلمين من العذاب على أيدي المشركين، وكانت تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يحثهم على الصبر، فكان يسعدها أن ترى زوجها الصديق ينقذ المؤمنين المستضعفين من العذاب، فيعتقهم من خالص ماله، فتشد أزره وتعاونه في عمله الطيب المبارك ولو بالكلمة الطيبة.

    وكانت أم رومان امرأة صالحة، ولها فضل السبق في مضمار الهجرة، وبعد أن أكرم الله المؤمنين في غزوة بدر، تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة في شوال من السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة، وكانت أم رومان قد هيأت عائشة لتكون في بيت النبوة، فأحسنت تربيتها وزوّدتها بالقرءان والأدب، وكانت أم رومان امرأة صالحة، وتوفيت في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم في ذي الحجة سنة ست من الهجرة، وكان لوفاتها رضوان الله عليها أثر كبير في نفس الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكذلك في نفس ابنتها وزوجها، ولكن الله أكرمها بكرامة عظيمة، فقد نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى قبرها واستغفر لها.

    ويروى أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لم ينزل في قبر أحد إلا خمسة قبور، ثلاث نسوة ورجلين، منها قبر السيدة خديجة في مكة المكرمة، وأربعة في المدينة، منها قبر أم رومان في البقيع حيث دعا لها هناك وقال: “اللهم إنه لم يخفَ عليك ما لَقيت أم رومان فيك وفي رسولك” ومن رصيد أم رومان من البشائر أنها روت عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حديثا واحدا انفرد بإخراجه الإمام البخاري رحمه الله، وقد أختلف في وفاة الصحابيه أم رومان، اختلافا شديدا فقيل ماتت في حياة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فى شهر ذي الحجة فى السنه السادسه من الهجره.

    وقال آخرون أنها كانت حية فى السنة التاسعه من الهجره، حين عرض النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم آية التخيير ( يا أيها النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ) فنادى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على زوجته عائشة وقال لها: ” يا عائشة إني عارض عليك أمرا فلا تفتأتي فيه بشئ حتى تعرضيه على أبويك: أبي بكر، وأم رومان ” وذكر لها الآية، فقالت له: ” فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ولا أؤامر في ذلك أبا بكر ولا أم رومان” فضحك، وقال بعضهم إن مسروق سمع منها وعمره خمسة عشر سنة أوائل خلافة عمر بن الخطاب وقيل إنه لم يدركها.

  • نسائم الإيمان ومع السيده  أم رومان بنت عامر الكنانيه ( الجزء الأول )

    نسائم الإيمان ومع السيده أم رومان بنت عامر الكنانيه ( الجزء الأول )

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    أم رومان بنت عامر الفراسية الكنانية، وهى امرأة صالحة من الصحابيات وقد شأت في منطقة السّراة من جزيرة العرب، وهي زوجة أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وهى والدة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر والصحابى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وقد أسلمت أم رومان بمكة المكرمة بعد أبي بكر الصديق، وبايعت النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة المنورة وفيها توفيت، فهي الصحابيه أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سُبيع بن دُهمان بن الحارث بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

    الفراسية الكنانية، وقد أختلف في اسم أم رومان الكنانية فقيل هى زينب، وقيل دعد، وكان أبو بكر الصديق يناديها في قصة الجفنة، ويقول لها يا أخت بني فراس، وهى نسبة لقومها بني فراس بن غنم من قبيلة كنانة، وبني فراس بن غنم هى قبيلة عربية تتفرع من قبائل كنانة ضمن فرع مضر من قبائل عدنان من بني النبي الحليم إسماعيل ذبيح الله من بيت النبوة آل إبراهيم خليل الرحمن عليهم الصلاة والسلام وكانوا يعرفون بأنهم أنجد العرب وقد تمنى علي بن أبي طالب أن يكونوا هم جيشه بدل أهل العراق، وقد تزوجت أم رومان في الجاهلية من عبد الله بن الحارث بن سخبرة بن جرثومة بن عادية بن مرة الأزدي.

    وقد أنجبت له ولده الطفيل، وكان زوجها عبد الله بن الحارث يرغب في الإقامة بمكة أم القرى فانتقل إليها وأقام مع أسرته فيها، وعلى ما جرت عليه عادة الحلف في الجاهلية، رأى عبد الله بن أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة خير حلف، فحالفه، وبقي هناك حتى توفي، وخلّف وراءه زوجة وطفلها دون معيل لهما، يعانيان آلام الغربة والوحدة، ولكن أم رومان لم تبق وحيدة لفترة طويلة، فقد تزوجت حليفه أبا بكر الصديق التيمي القرشي، ولم تُخطئ أم رومان بقبولها الزواج من أبي بكر رضي الله عنه، فقد كان صاحب نجدة ومروءة وسخاء وكرم، وكان كما وصفه ابن الدِّغنة لقريش لما همّ أبو بكر أن يهجر بلده.

    قائلا لهم : ” أتُخرجون رجلا يُكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكَلَّ، ويُقري الضيف، ويعين على نوائب الدهر؟” وتظهر صفات الصديق هذه بزواجه من أم رومان، إذ رحم حالها، وأحسن عشرتها، وأكرم ابنها الطفيل ورباه كأنه ولده، وأبو بكر الصديق هو أول الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المُبشرين بالجنة، وهو وزير الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه، ورفيقه عند هجرته إلى المدينة المنورة، ويعد أبو بكر الصديق هو خير الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثر الصحابة إيماناً وزهداً، وأحب الناس إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد زوجته السيده عائشة رضى الله عنهم أجمعين،

    وقد ولد أبو بكر الصديق في مكة بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قريش في الجاهلية، فلما دعاه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أسلم دون تردد، فكان أول من أسلم مِن الرجال الأحرار، ثم هاجر أبو بكر مُرافقاً للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وشهد غزوة بدر والمشاهد كلها مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولما مرض النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مرضه الذي مات فيه أمر أبا بكر أن يَؤمَّ الناس في الصلاة، وتوفي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين الثانى عشر من شهر ربيع الأول فى السنة ألحادية عشر من الهجره.

    وبويع أبو بكر بالخلافة في اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شؤون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويُرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحُكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الرِّدة، بدأ أبو بكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشام، ففتح مُعظم العراق وجزءاً كبيراً من أرض الشام، وقد توفي أبو بكر يوم الإثنين الثانى والعشرين من شهر جمادى الآخرة فى السنة الثالثه عشره من الهجره، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة، فخلفه من بعده عمر بن الخطاب.

    وقد أنجبت لأبى بكر الصديق زوجته الصحابيه أم رومان أولاده وهم الصحابي عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو عبد الرحمن بن أبي بكر هو ابن خليفة المسلمين الأول أبو بكر الصديق التيمي القرشي، واخته السيدة عائشة بنت أبي بكر أم المؤمنين، وهى ثالث زوجات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وإحدى أمهات المؤمنين، والتي لم يتزوج امرأة بكرًا غيرها، وعن عائشة قالت: لما هاجر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، خلفنا وخلف بناته، فلما استقر بعث زيد بن حارثة، وبعث معه أبا رافع مولاه، وأعطاهما بَيْرَين وخمسمائة درهم، أَخذها من أبي بكر، يشتريان بها ما يحتاجان إليه من الظَّهر.

    وبعث أَبو بكر معهما عبد الله بن أُريقط الكناني ببعيرين أو ثلاثة، وكتب إلى عبد الله بن أبي بكر أَن يحمل أُمي أم رومان وأَنا وأختي أسماء امرأَة الزّبير، فخرجوا مصطحبين، فلما انتهوا إلى قُدَيد اشترى زيد بن حارثة بتلك الخمسمائة درهم ثلاثة أَبعرة، ثم دخلوا مكة جميعا فصادفوا طلحة بن عبيد الله يريد الهجرة، فخرجوا جميعا، وخرج زيد وأَبو رافع بفاطمة وأُم كلثوم وسودة بنت زمعة، وحمل زيد أم أيمن وأُسامة، حتى إذا كُنا بالبيداء نقر بعيري وأَنا في محفَّة معي فيها أمي، فجعلت تقول: وابنتاه واعروساه حتى أدرك بعيرنا، وقد هبط الثنية ثنية هَرشى فسلم الله، ثم إنا قدمنا المدينة، فنزلت مع آل أَبي بكر.

  • نسائم الإيمان ومع السيده خوله بنت حكيم

    نسائم الإيمان ومع السيده خوله بنت حكيم

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم السلمية، وهى أم شريك خولة بنت حكيم السُلميّة، وهى صحابية جليله، وأمها هى ضعيفة بنت العاص بن أمية بن عبد شمس، وكان مرة بن هلال قدم مكة فحالف عبد مناف بن قصي نفسه وتزوج عبد مناف ابنته بنت مرة فهي أم هاشم وعبد شمس والمطلب بني عبد مناف، وخوله بنت حكيم هي زوجة الصحابي الجليل عثمان بن مظعون، وهو أبو السائب عثمان بن مظعون الجمحي، وهو صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، وهو أول المهاجرين وفاةً في المدينة، وأول من دفن في بقيع الغرقد.

    وكان أبو السائب عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي واحدًا من السابقين إلى الإسلام حيث أسلم بعد ثلاثة عشر رجلاً، هو وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد وأبو عبيدة بن الجراح في ساعة واحدة قبل دخول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، دار الأرقم ليدعو فيها، وعثمان بن مظعون هو أخو الصحابيين عبد الله وقدامة ابني مظعون، والصحابية زينب بنت مظعون زوجة عمر بن الخطاب، وخال عبد الله بن عمر وحفصة بنت عمر، وأمه سخيلة بنت العنبس بن وهبان بن وهب بن حذافة بن جمح، وقد هاجر عثمان مع ابنه السائب الهجرتين إلى الحبشة.

    ثم عاد إلى مكة عندما بلغه أن قريشا أسلمت رجعوا، ودخل عثمان في جوار الوليد بن المغيرة ثم ردّ عليه جواره، ثم هاجر عثمان إلى يثرب، وآخى بينه وأبي الهيثم بن التيهان، وقد شهد عثمان بن مظعون مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، غزوة بدر، وكان عثمان بن مظعون من أشد الناس اجتهادًا في العبادة، يصوم النهار ويقوم الليل، ويجتنب الشهوات، ويعتزل النساء، واستأذن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في التبتل والاختصاء، فنهاه عن ذلك، وقال له النبي: ” أليس لك فيّ أسوة حسنة، فأنا آتي النساء، وآكل اللحم وأصوم وأفطر، إن خصاء أمتي الصيام، وليس من أمتي من اختصى أو خصى ”

    كما كان ابن مظعون ممن حرّم الخمر على نفسه في الجاهلية، وقيل أنه كانت خولة بنت حكيم من اللاتى وهبن أنفسهن للنبى صلى الله عليه وسلم ” وقال أبو عمر بن عبد البر : خولة و يقال خويلة بنت حكيم تكنى أم شريك ، وهي التي وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم في قول بعضهم وكانت صالحة فاضلة” وهي ليست خالة النبي صلى الله عليه وسلم كما يقال عنها، فخولة بنت حكيم السلمية كانت ممن وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم وأرجأها النبي صلى الله عليه وسلم فيمن أرجأ، فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث هشام بن عروة عن أبيه قال.

    كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن حجر: قوله بنت حكيم أي ابن أمية بن الأوقص السلمية وكانت زوج عثمان بن مظعون وهي من السابقات إلى الإسلام وأمها من بني أمية، ويقال أنها خالة سعيد بن المسيب، وعن سعيد بن المسيب يقول: سألت خالتي خولة بنت حكيم السلمية رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة تحتلم فأمرها أن تغتسل، وقيل ما يروى عن خولة بنت حكيم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو يعقوب فكانت إحدى خالات سعيد بن المسيب، فليست خولة من خالاته صلى الله عليه وسلم.

    وعلى من زعم ذلك أن يثبت خؤولة خولة بنت حكيم السلمية له صلى الله عليه وسلم ، فنسب خولة معلوم ونسب آمنة بنت وهب معلوم أيضا، كل ذلك مسطر في كتب السيرة والتاريخ، قال ابن حبان في الثقات: وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة ولم يكن لها أخ فيكون خالا للنبي صلى الله عليه وسلم إلا عبد يغوث بن وهب، ولكن بنو زهرة يقولون إنهم أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت منهم، وأم آمنة بنت وهب اسمها مرة بنت عبد العزى وأمها أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي.

    وأمها برة بنت عوف هؤلاء جدات رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل أم أمه، وأما خولة بنت حكيم فأمها ضعيفة بنت العاص بن أمية بن عبد شمس،وهي خالة سعيد بن المسيب فأمه نسيبة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي أخت خولة وهو الذي روى عنها ذلك الحديث، وعلى هذا فخولة ليست من خالات النبي صلى الله عليه وسلم أي أخوات أمه، وإنما هي من أخواله بني زهرة لكنها خالة سعيد بن المسيب الذي روى عنها الحديث، وقد قيل أنه كانت السيده عائشةُ رضى الله عنها تحدث أن خَولة بنت حكيم زوج عثمان بن مظعون دخلت عليها وهي بذة الهيئة، فقالت: إن عثمان لا يريد النساء.

    وعن عائشة رضى الله عنها قالت: دخلت علي خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أَبَذ هيئة خويله ” فقلت: امرأة لا زوج لها، تصوم النهار وتقوم الليل، فهي طُمرور لا زوج لها، وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال: توفي عثمان بن مظعون، وترك ابنة له من خويلة بنت حكيم ابن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية، وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون قال عبد الله: وهما ويعني عثمان وقدامة، خالَاي، فمضيت إلى قُدامة أخطب إليه ابنة عثمان بن مظعون، فأجابني، ودخل المغيرة بن شعبة على أمها فأرغبها في المال، فكان رأي الجارية مع أمها.

    فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قُدامة فسأله، فقال: يا رسول الله، هي ابنةُ أخي، ولم آل أن أختار لها، فقال: “هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها” فانتزعها مني وزوَّجها المغيرة، وقد روت خوله بنت حكيم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن خولة بنت حكيم السلمية، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ” وهي التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : إن فتح الله عليك الطائف، فأعطني حلي بادية بنت غيلان، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أرأيت إن كان لم يؤذن في ثقيف “.

  • نسائم الإيمان ومع السيده ريحانه بنت زيد

    نسائم الإيمان ومع السيده ريحانه بنت زيد

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    كانت ريحانة بنت زيد بن عمرو بن قنافة النضيرية اليهودية بنت شمعون بن زيد القرظية أماً للمؤمنين، وكانت بنو النضير، وهي قبيلة يهودية، كانت تسكن غرب شبه الجزيرة العربية، في المدينة المنورة، حتى قام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بطردهم من المدينة المنورة بعد أن قام بغزوهم، وقد عاش بنو النضير في المدينة لقرون طويله، ثم طردهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، منها، بعد أن أعلن قيام الدوله الإسلاميه، فلما أرادوا الخروج، أخذوا كل شي يستطيعونه وهدموا بيوتهم وساروا، فمنهم من نزل خيبر على بعد مائة ميل من المدينة ومنهم من نزل في ناحية جرش بجنوب الشام.

    ولم يسلم منها غير اثنان، وأما عن القرظيه، فهم بنو قريظة، وهي قبيلة يهودية عاشت في شبة الجزيرة العربية حتى القرن السابع، في المدينه المنوره، وينتسبون إلى قريظة من أبناء نبى الله هارون بن عمران، وقد اختلف في أمر وُصلتها بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال شبلي نعماني أن رسول الله حررها فرجعت إلى أهلها، فيم قال ابن إسحاق أنه سباها ثم تسررها، وهى ريحانة بنت شمعون بن زيد، وكانت متزوجة رجلا من بني قريظة يقال له الحكم، وكانت ريحانه معروفة بجمالها الشديد وملاحتها ورجاحة عقلها، إضافة إلى حسبها ونسبها من قومها، وكان زوجها يحبها حبا شديدا.

    وكانت تبادله الحب والإخلاص وحسن المعاملة، وفى السنة الرابعة من الهجرة أمر رسول الله بغزوة بنى النضير بعد محاولة يهود بنى النضير قتله، عليه أفضل الصلاة والسلام، أتاهم الرسول وكان عددهم يقرب من الف وخمسمائه، وحاصر المدينة بقوات المسلمين بقيادة على بن أبى طالب، وطلب منهم الخروج منها، وبعد أيام طويلة من الحصار طلبوا إجلاءهم عن المدينة، فوافق الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، شريطة أن يأخذوا ما يريدون إلا السلاح، وبسبب غضبهم الشديد قاموا بتخريب بيوتهم بأيديهم وحملوا معهم الأبواب والنوافذ، حتى لا يأخذها المسلمون، واستمر معظمهم فى المماطلة رافضين الخروج.

    إلى أن فوجئوا بفرسان المسلمين، وقد توسطوا ساحتهم ودخلوا من ثغرة إلى حصونهم فسبى من سبى وقتل من كان يقاتل وبعض الأسرى ووصل عدد القتلى سبعمائة وتم إجلاء من تبقى عن الديار، وكان ممن قتل الحكم زوج ريحانة وحزنت عليه حزنا شديدا، حتى إنها قالت إنها لن تتزوج بعده، ووقعت ريحانة أسيرة فى السبى وعرضت على الرسول صلى الله عليه وسلم، فاصطفاها لنفسه، ولكنها أبت إلَّا اليهودية ولم ترض الإسلام، فوجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في نفسه، فبينما هو مع أصحابه، إذ سمع وقع نعلين خلفه، فقال: هذا ثعلبة بن سعية يبشرني بإسلام ريحانة.

    فبشره وعرض عليها أن يعتقها ويتزوجها ويضرب عليها الحجاب، فقالت: يا رسول الله، بل تتركني في ملكك، فهو أخفّ عليَّ وعليك، فتركها، وقيل أنه لما طلقها كانت في أهلها، فقالت: “لا يراني أحد بعده”، وعن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في منزل من دار قيس بن قهد، وكانت ريحانة القرظية زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسكنه، وقيل أن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد سبي جويرية في غزوة المريسيع، وهي ابنة الحارث بن أبي ضرار، وسبي صفية بنت حيي بن أخطب من بني النضير، وكانت مما أفاء الله عليه، فقسم لهما، واستسرى جاريته القبطية، فولدت له إبراهيم

    واستسرى ريحانة من بني قريظة، ثم أعتقها، فلحقت بأهلها، واحتجبت وهي عند أهلها، وهناك رواية أخرى تقول إنه أعتقها وتزوجها وأعطاها صداقا كما أعطى زوجاته السابقات، ولكن الأرجح أنه لم يتزوجها صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه قد أعرس بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى بيت أم المنذر، وأحبت ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبا شديدا وكانت تغار عليه كثيرا، وذات يوم غارت فاحتدت وحدثته بلهجة قاسية وعبارات شديدة معتمدة على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لها وحرصه على إرضائها، فما كان منه صلى الله عليه وسلم، إلا أن طلقها.

    وهنا ندمت ريحانة بشدة ولجأت إلى أم المنذر تبكى لها وتشتكى وتستعطفها كى تصلح بينهما، ففعلت أم المنذر وذهبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كى يردها فعاد معها إلى منزلها، وعندما وجدها على ما هى عليه من حزن ردها إليه ومنذ ذلك اليوم أصبحت ريحانة شديدة الطاعة لحبيبها لا تغلبه فى قول أو فعل، وعاشت معه تقريبا خمس سنوات كانت مليئة بالأحداث الجسام مثل صلح الحديبية وفتح خيبر وفتح مكة، ومرضت بعدها ريحانة وهى فى عز شبابها وعانت كثيرا حتى توفيت بعدما رجع صلى الله عليه وسلم، من حجة الوداع فى آخر السنة العاشرة من الهجرة، وحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لفراقها.

    والراجح من صحة الروايات أنها كانت سريّة ووطئها الرسول صلى الله عليه وسلم بملك اليمين ولم يتزوجها، وعلى الرغم من هذا الخلاف فلا ينتقص ذلك من مكانة السيدة ريحانة، سواء كونها زوجة الرسول وأمّا من أمهات المؤمنين، أم سرية من سراريه صلى الله عليه وسلم؛ فهي على كل لها مكانة عظيمة لقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكونها إحدى نساء بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كُتبت لها أسباب السعادة بذلك فكانت من الخالدات رضي الله عنها وأرضاها، ولقد نَعمت ريحانة رضي الله عنها بضع سنين في ظلال البيت النبوي الطاهر.

    ورأت في خلال حياتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرف والكرامة والرفعة والنمو الروحي، وفي بيت النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أضحت تشعر بلذة الهدى والهداية، ومن ثم أضحى شعارها: الحمد لله رب العالمين، ولم تكن حياة ريحانة طويلة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم الطاهر، وإنما لقيت وجه ربها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وماتت عندما رجع من حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة، ودفنها صلى الله عليه وسلم في البقيع .

  • نسائم الإيمان ومع السيده خولة بنت منظور

    نسائم الإيمان ومع السيده خولة بنت منظور

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    خولة بنت منظور بن زبان الفزاري، وأبوها هو منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن عقيل بن هلال الفزاري، وهو صحابي جليل وشاعر، وقد كان من سادات قومه، وكانت أمه هي قهطم بنت هاشم بن حرملة بن الأشعر بن اياس بن مريطة بن هرمة بن صرامة بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقدأخذ منظور بأطراف الشرف في قومه من ناحية امه وأبيه، والسيده خوله بنت منظور هى إحدى زوجات الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي وهو سبط الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

    وأطلق عليه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لقب سيد شباب أهل الجنة فقال: ” الحسن والحُسين سيِّدا شباب أهل الجنة “، وهو رابع أصحاب الكساء، وكنيته أبو محمد، وأبوه علي بن أبي طالب ابن عم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ورابع الخلفاء الراشدين، وأمه هى فاطمة الزهراء بنت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل إنه أشبه الناس بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ولد في النصف من شهر رمضان فى العام الثالث من الهجره، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يحبه كثيرًا ويقول: ” اللهم إني أحبه فأحبه “، وكان يأخذه معه إلى المسجد النبوي في أوقات الصلاة.

    فيصلي بالناس، وكان الحسن يركب على ظهره وهو ساجد، ويحمله على كتفيه، ويُقبّله ويداعبه ويضعه في حجره ويَرْقِيه، كما كان يعلمه الحلال والحرام، وتوفي جده النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فى العام الحادى عشر من الهجره، وكذلك توفيت أمه فاطمة في نفس السنة، وقد شارك الحسن في الجهاد في عهد عثمان بن عفان، فشارك في فتح إفريقية تحت إمرة عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وشارك في فتح طبرستان وجرجان في جيش سعيد بن العاص، كما شارك في معركة الجمل ومعركة صفين، وقد بويع بالخلافة في أواخر سنة أربعين من الهجره، بعد وفاة علي بن أبي طالب في الكوفة.

    واستمر بعد بيعته خليفة للمسلمين نحو ستة أشهر، ثم تنازل عنها لصالح معاوية بن أبي سفيان بعد أن صالحه على عدد من الأمور، وانتقل الحسن بعد ذلك من الكوفة إلى المدينة المنورة وعاش فيها بقية حياته حتى توفي في سنة تسعه وأربعين من الهجره، وقيل سنة خمسين من الهجره، لخمس ليال خَلَون من شهر ربيع الأول، ودفن بالبقيع، وقيل أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد بشّر أنه سيصلح الله به بين فئتين من المسلمين، وبسببه انتهت الفتنة، وقيل إن الحسن كان كثير الزواج والطلاق، وشكك البعض بذلك، ولا يُعرف من أسماء زوجاته إلا إحدى عشرة زوجة بما فيهن أمهات الأولاد.

    وقد ذكر الذهبي أن للحسن اثني عشر ابنًا ذكرًا، وذكر، وأنه ولم يُعقِب منهُم سوى الحسن المثنى وزيد بن الحسن، وذكر الفخر الرازي أن له من الأولاد ثلاثة عشر ذكرًا وست بنات، وكانت السيده خولة بنت منظور من أجمل النساء وأفصحهن لسانا، وكانت أمها هي مليكة بنت خارجة بن سنان بن أبي حارثة المري، ومليكة بنت خارجة كانت تحت زبان بن سيار الفزاري فخلف عليها ابنه منظور بن زبان الفزاري الذي تزوجها وانفذ له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، سرية ولكنه هرب للبحرين بها حتى فرق بينهم عمر بن الخطاب في خلافتة، وكانت خولة ذات حسن وجمال وبهاء وكمال وقد واعتدال فتنت فيها شبان قريش

    وقد خطبها جملة من رجالهم وكان أبوها منظور يردهم قولا منه أنهم ليسوا كفؤا لها، وبقيت على ذلك حتى تزوج طلحة بن عبيد الله مليكة والدة خولة بعد طلاقها من منظور بن زبان، فزوج خولة من ولده محمد بن طلحة بن عبيد الله، فولدت له إبراهيم وداود وأم القاسم ابني محمد بن طلحة ويقال أنه كان أعرج، وهو أبو سليمان محمد بن طلحة بن عبيد الله وهو تابعي وأحد رواة الحديث النبوي، الملقّب بالسجّاد لاجتهاده في العبادة، وأبوه هو الصحابي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة، وقد قتل محمد عنها في معركة الجمل ، ثم تزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب فولدت له محمد الأكبر وبه كان يكنى.

    والحسن المثنى بن الحسن السبط وهو تابعي ومن رواة الحديث، وأما عن قصة زواجها من الحسن السبط ، فهى أنها كانت تحت محمد بن طلحة بن عبيد الله فقتل عنها يوم الجمل ولها منه أولاد فتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب فسمع بذلك أبوها منظور بن زبان فدخل المدينة وركز رايته على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق في المدينة قيسي، يعني قبائل قيس عيلان، إلا دخل تحتها، ثم قال: أمثلي يغتال عليه في ابنته؟ فقالوا: لا، فلما رأى الحسن ذلك سلم إليه ابنته فحملها في هودج وخرج بها من المدينة فلما صار بالبقيع، قالت له: يا أبي أين تذهب بي إنه الحسن بن أمير المؤمنين علي.

    وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن كان له فيك حاجة فسيلحقنا، فلما صاروا في نخل المدينة إذ بالحسن والحسين وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب قد لحقوا بهم فأعطاه إياها فردها إلى المدينة، فقد كان الاب يريد تعزيز موقف ابنته، أى أن الخاطب يجب أن يأخذ عروسه من أبيها ويحصل على موافقته، وهنا قبل أبوها منظور زواج ابنته خولة من الحسن بن على ، وقد أنجبت خولة للحسن ابنه محمد الأكبر، وبه كان يكنى، والحسن المثنى، وهو أحد رواة الحديث، ولقب المثنى وقد أطلقه عليه الذين أتوا بعده لكيلا يقع خلط فى التسمية بينه وبين أبيه الحسن السبط.

    والحسن المثنى تيتم فى سن تتراوح بين عشر سنوات على أقل تقدير وثلاث عشرة سنة على أقصى تقدير بعد موت والده، وبقيت خولة تحت الحسن بن علي، حتى أسنت وقد مات عنها فكشفت قناعها وبرزت للرجال وصارت تجالسهم، وقد قال معبد المغني: جئتها يوما أطالبها بحاجة فقالت: غنيني يا معبد، فقلت لها: أو بقي بالنفس شيء؟ قالت: النفس تشتهي كل شيء حتى تموت، فغنيتها لحني في شعر قاله بعض بني فزارة وكان خطبها فلم ينكحها إياه أبوها، فطربت خولة وقالت: أيا عبد بني قطن أنا والله يومئذ أحسن من النار الموقدة في الليلة القرة، وقيل: إنها تزوجت بعبد الله بن الزبير بعد وفاة الحسن.

    وقد دخلت عليها النوار زوجة الفرزدق مستشفعة بها فشفعتها عند عبد الله، وهكذا كان من عادات العرب وقتها ألا تبقى سيدة دون زواج، لذا نجد أن الصحابيات تزوجن كثيرا وكان من المعتاد لو طلقت سيدة أو ترملت مهما كانت تبلغ من العمر أن يحاول الصحابة تزويجها كى لا تبقى وحيدة دون معيل أو سند، وكان أولادها من زوجها محمد بن طلحة بن عبيد الله، هم إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي، داود بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي.، والقاسم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي.

  • نسائم الإيمان ومع السيده ريطه بنت منبّه

    نسائم الإيمان ومع السيده ريطه بنت منبّه

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    الصحابيه ريطة بنت منبّه بن الحجاج، صحابيه جليله والدها هو منبّه بن الحجاج وهو أحد قتلى قريش يوم بدر، وهو منبه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكان منبه بن الحجاج من المؤذين للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والمسلمين وكان واحدا من المستهزئين بهم، وكان إذا رأى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: أما وجد الله من يبعثه غيرك؟ إن هاهنا من هو أسن منك وأيسر.

    وكان في الجاهلية نديما لطعيمة بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، وقد اشترك مع قريش في معركة بدر فى السنة الثانيه من الهجره، فقتلة علي بن أبي طالب، وقيل: قتله أبو اليسر الأنصاري وقيل قتله أبو أسيد الساعدي وأخذ سيفه المسمى بذي الفقار، وأما نبيه فقتله علي بن أبي طالب وقتل كذالك العاص بن منبه السهمي، والصحابيه ريطه كان زوجها هو عمرو بن العاص بن وائل السهمي، وقد أنجبت له العاص بن عمرو فلما أسلم سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبد الله، وعمرو بن العاص السهمي القرشي الكناني، هو أبو عبد الله، ابن سيد بني سهم من قريش العاص بن وائل السهمي.

    وقد أرسلته قريش قبل إسلامه إلى الحبشة ليطلب من النجاشي تسليمه المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة فراراً من الكفار وإعادتهم إلى مكة لمحاسبتهم وردهم عن دينهم الجديد فلم يستجب له النجاشي، وبعد إسلامه فتح مصر بعد أن قهر الروم وأصبح والياً عليها بعد أن عينه عمر بن الخطاب، وكان أبرز ما عُرف عن عمرو بن العاص أنه كان أدهى دهاة العرب في عصره، فقد نقلت عن سعة حيلته وعبقرية تدبيره روايات تشبه الأساطير، حتى أن الخليفة عمر بن الخطاب لقبه بأرطبون العرب، وقد وقف عمرو بن العاص من الإسلام موقف عدائياً، وكان في الوفد الذي أرسلته قريش إلى النجاشى ملك الحبشة.

    كي يسلمهم المهاجرين المسلمين إلى بلده، وقد حملوا للملك وبطارقته هدايا كثيرة، ولكن النجاشي استدعى جعفر بن أبي طالب والمهاجرين واستمع إلى سبب هجرتهم إلى بلده، وإلى ما يدعو إليه دينهم، وجعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي المشهور بـجعفر الطيار، وذي الجناحين، وهو صحابي وقائد مسلم، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو ابنُ عم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأحدُ وزرائه، فأسلم النجاشى، ثم ردّ لوفد قريش الهدايا وطردهم، وكان النجاشي حاكم الحبشة وملك ملوكها أي إمبراطورها، فكلمة النجاشي لفظة حبشية، وهي لقب لملك الحبشة.

    وقد عربها العرب إلى نجاشي، وهو لقب لمن ولي على مملكة أكسوم شرق الحبشة وإرتيريا الآن، كلقب قيصر لمن ملك الروم، ولقب كسرى لمن ملك الفرس، ولقب خاقان لمن ملك الترك، ولقب فرعون لمن ملك مصر، وقد علم عمرو بن العاص أن أخاه هشام، قد اتبع النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فقرر أن ينزل به العقاب الشديد، والعذاب الأليم، وحذر زوجه ريطة وابنها من الاستماع إلى ما يقوله أتباع الدين الجديد، وسألت ريطة: ولكن من أين جاء ابن عبد الله بهذا العلم والحكمة والبيان ؟ فقال ابنها: إن مَلكاً يُدعى جبريل يأتيه به من السماء، فقال عمرو في حدّة وغضب: إنه محض افتراء، وهل يكلم الله البشر ؟

    فقال العاص لأبيه: كلم الله موسى تكليما، فقال عمرو: لا تصدّق ما يقوله هؤلاء، ولا تجالس أحداً منهم أبداً، فقال العاص بن عمرو: لقد أخبرني عمي هشام أن من ذاق حلاوة الإيمان لا يعود إلى الشرك أبداً، ولو وضعوا على رقبته السيف، فانتهره أبوه، وأعاد طلبه بأن لا يكلم أيّا منهم، وذات يوم دخل العاص على أمه وأبيه وهو يلهث من شدّة جريه، وقال لهما: ألما تسمعا بما حدث ؟ فقالا: وأي شيء حدث؟ قال: لقد أسلم عمر بن الخطاب، وأسرع عمرو بن العاص بالخروج من بيته ليتأكّد من صحة الخبر، ثم عاد من فوره واجماً حزيناً، وسألته امرأته ريطة: أصحيح ما قاله ابنك ؟

    قال عمرو: نعم، وعقّب ابنه بقوله: ولقد أسلم العاص أيضاً فأسرعا إلى خير الدنيا والآخرة، ويوم أحد قرر المشركون أن يخرجوا بأزواجهم معهم ليشجعنهم على قتال المسلمين، فخرجت السيده ريطة بنت منبّه مع زوجها عمرو بن العاص، وخرجت السيده هند بنت عتبة مع زوجها أبي سفيان، وخرجت أم حكيم بنت الحارث مع زوجها عكرمة بن أبي جهل، وربحت قريش الجولة لأن رماة المسلمين خالفوا أوامر قائدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركوا مواقعهم، وهاجر إلى المدينة العاص بن عمر بن الخطاب، والعاص بن عمرو بن العاص وبايعا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على الإسلام.

    وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلا منهما عن اسمه، فأجاب العاص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنتم عبيد الله، ودخل عمرو على ريطة حزيناً، فقالت: ما بالك ؟ قال: لقد فرّ ابنك إلى المدينة، وتبع محمداً قالت: وماذا أنت فاعل ؟ قال: أرى أن نلحق بهذا الدين لأن الناس قد دخلوا فيه أفواجا، وما لبث عمرو بن العاص أن أعدّ نفسه ومضى مهاجراً، والتقى وهو في طريقه إلى المدينة بخالد بن الوليد، وعثمان بن أبي طلحة، ودخل الثلاثة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه وأسلموا، ويوم فتح مكة جاءت ريطة بنت منبّه مع عدد من النسوة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبايعنه.

    ولما زار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت عمرو لقي من أهل البيت ترحيباً حاراً، وعن نافع أنه قال تزوج عبد الله بن عمر زينب بنت عثمان بن مظعون بعد وفاة أبيها زوجه إياها عمها قدامة بن مظعون فأرغبهم المغيرة بن شعبة في الصداق فقالت أم الجارية للجارية لا تجيزي فكرهت الجارية النكاح وأعلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك هي وأمها فرد نكاحها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكحها المغيرة بن شعبة.

  • نسائم الإيمان ومع الصحابيه سيرين بنت شمعون

    نسائم الإيمان ومع الصحابيه سيرين بنت شمعون

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    السيده سيرين بنت شمعون، وهى صحابية جليله وكانت قبطية ثم أسلمت، ومعنى كلمة سيرين هو اسم فارسي ويعني ذات الوجه الممتلئ أو القمر أو الشيء الحلو أوالعذب وقد روت عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عدة أحاديث، وهي جارية أهداها المقوقس ملك القبط إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مع أختها مارية القبطية، والمقوقس هو في التاريخ الإسلامي وهو عظيم القبط في فترة ما قبل وأثناء الفتح الإسلامي لمصر، وغالبا ما ينسب إلى البطريرك كيرس أو كيرولوس اليوناني الذي كان بطريركا ملكانيًا متوليا كرسي كنيسة الإسكندرية في القرن السابع.

    وهو أحد واضعي عقيدة المشيئة الواحدة، وآخر حاكم بيزنطي لمصر، وقد عينه هرقل إمبراطور بيزنطة واليا عليها وبطريركا لكنيسة الإسكندرية، ولم يكن المقوقس اسما لرجل، وإنما كان لقبًا أو اسما لوظيفة، فهو تعريب لكلمة يونانية والتي تعني، جلالته أو صاحب الجلالة، وهو لقب كان يستخدم كتتويج في الإمبراطورية البيزنطية ولبطاركتها، وقد ظهر هذا اللفظ في رسالة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المقوقس عظيم القبط، ثم عاد إلى الظهور مرة أخرى في أحداث فتح مصر، وبعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبين المشركين في مكة.

    وبدأ الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في الدعوة إلى الإسلام، أمر الرسول بكتابة كتباً إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، وأهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فأختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارسيون ،والمقوقس ملك مصر التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة، وتلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوها رداً جميلاً، ما عدا كسرى ملك فارسيون، الذي مزق الكتاب، ولما أرسل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر.

    وقد أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفاً بحكمتهِ وبلاغته وفصاحته، فأخذ حاطب كتاب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى مصر وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به، واخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له ” يا هذا، إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه” واُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: ” إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر” وقد أرسل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رسالة جاء فيها.

    “بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعوة الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وتقول الرواية: إن المقوقس لما قرأ الكتاب سأل حامله، وهو حاطب بن أبي بلتعة: ما منع صاحبك إن كان نبيًا أن يدعو على من أخرجُوه من بلده فيسلّط الله عليهم السّوء؟ فقال حاطب: وما منع عيسى أن يدعو على أولئك الذين تآمروا عليه ليقتلوه فيسلّط الله عليهم ما يستحقون؟ قال المقوقس: أنت حكيم جئت من عند حكيم، وأخذ المقوقس كتاب النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وختم عليه، وكتب إلى النبي الكريم محمد بن عبد الله.

    صلى الله عليه وسلم، ” بسم الله الرحمن الرحيم: إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك” وقد استقبل المقوقس الرسالة بالإكرام، وأمر بوضع الخطاب في نعش عاجي لحفظه في خزانة الحكومة بأمان، وأهدى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، جاريتين أختين هما مارية القبطية وسيرين ابنتا شمعون، بالإضافة إلى ملابس وبغلة تدعى دلدل.

    وفي رواية أخرى بعث المقوقس بطبيب ولكن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ردّه قائلا ” اذهب لا حاجة لنا بك، نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع ” ويقال أنه تم حفظ رسالة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المقوقس في دير أخميم المسيحي في مصر، وهناك ألصقها راهب على كتابه المقدس، وقد كانت الرسالة مكتوبة على ورق الرق، وقيل أنه من هناك، حصل عليها مستشرق فرنسي وباعها إلى السلطان عبد المجيد العثماني، مقابل ثلاثه مائة جنيه استرليني، وقد ثبّت السلطان الرسالة في إطار ذهبي وحفظها في خزانة القصر الملكي، إلى جانب الآثار الأخرى المقدسة، وقد أكّد بعض العلماء المسلمين أن الرسالة كتبها أبو بكر الصديق.

    ولقد كانت السيده سيرين بنت شمعون، مع أختها ماريا بنت شمعون على دين المسيحية فتركاه ودخلتا في الإسلام، فتزوج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من السيده مارية وأهدى أختها سيرين إلى شاعرهِ حسان بن ثابت فأنجبت لهُ عبد الرحمن، وحسن إسلامها، ومارية بنت شمعون القبطية هى أخت السيده سيرين وهى آخر زوجات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويرى فقهاء من أهل السنة والجماعة أنها جارية أُهديت للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأخذت حُكم أمهات المؤمنين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أن تُعد منهن، وقد أنجبت مارية للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ثالث أبنائه إبراهيم، الذي توفي وهو طفل صغير.

    وهي الوحيدة التي أنجبت للرسول من بعد زوجته الأولى خديجة بنت خويلد، وكلمة قبط، كان يقصد بها أهل مصر، وكان أبوها عظيم من عظماء القبط، كما ورد على لسان المقوقس في حديثهِ لحامل رسالة الرسول إليه، ولدت مارية في مصر في قرية حفن من كورة أنصنا، وقد كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أربع إماء، منهم مارية، وقال أبو عبيدة: كان له أربع: مارية وهي أم ولده إبراهيم، وريحانة، وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش، وكان زوج السيده سيرين هو حسان بن ثابت الأنصاري وهو شاعر عربي وصحابي من الأنصار.

    وينتمي إلى قبيلة الخزرج من أهل المدينة، كما كان شاعرا معتبرا يفد على ملوك آل غسان في الشام قبل إسلامه، ثم أسلم وصار شاعر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ينتمي إلى قبيلة الخزرج من أهل المدينة، كما كان شاعرا بعد الهجرة، وقد توفي أثناء خلافة علي بن أبي طالب وحسان بن ثابت هو من قبيلة الخزرج، التي هاجرت من اليمن إلى الحجاز، وأقامت في المدينة مع الأوس، وقد ولد في المدينة قبل مولد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بنحو ثماني سنين، فعاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة أخرى، وشب في بيت وجاهة وشرف، منصرفا إلى اللهو والغزل.

    وهو من بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويروى أن أباه ثابت بن المنذر الخزرجي كان من سادة قومه، ومن أشرفهم، وأما أمه فهي الفزيعة بنت خنيس بن لوزان بن عبدون وهي أيضا خزرجية، وقد أنجبت السيده سيرين ابنها عبد الرحمن بن حسان بن ثابت وهو تابعي وشاعر، وقد كان مقيما في المدينة المنورة، وتوفى فيها، واشتهر بالشعر في زمن أبيه ، وقال حسان : فمن للقوافي بعد حسان وابنه ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت، وقد نقل ابن حسان الحديث النبوي عن أبويه، وعن زيد بن ثابت، وعنه ابنه سعيد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن بهمان، وهو نزر الحديث.

    وقد ولد في حياة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه عاش فوق التسعين سنة وكانت السيده سيرين، أبوها عظيم من عظماء القبط، وهي من قرية حفن بمحافظة المنيا بصعيد مصر، ومحافظة المنيا هي إحدى محافظات مصر، حيث تقع بين محافظتي بني سويف شمالا وأسيوط جنوبا، وعاصمتها مدينة المنيا، وهي واحدة من أهم محافظات صعيد مصر وذلك بسبب موقعها المتوسط وما تضمه من مواقع أثرية فريدة، وقدمت سيرين إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية في سنة سبع من الهجرة.

    وقد روي عنها إبنها عبد الرحمن أنها قالت حضر إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، الموت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلما صحت أنا و أختي، نهانا عن الصياح ، وغسله الفضل بن العباس ورسول الله صلى الله عليه وسلم، والعباس علي سرير، وكسفت الشمس يومئذ فقال الناس كسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” لا تكسف لموت أحد ولا لحياته ” .

  • نسائم الإيمان ومع السيده رمله بنت شيبه

    نسائم الإيمان ومع السيده رمله بنت شيبه

    إعداد محمـــد الدكـــرورى

    إن تتطور أخلاق الناس بتطور أفكارهم ومقاييسهم وتتأثر بالبيئة، والمجتمع، وفي صدر الإسلام، لما اتيح للمرأة الحرية، وشعرت بمكانتها وشخصيتها، وما انعم عليها الباري سبحانه وتعالى من الخير، وما اوجب لها الإسلام من الحقوق، أصابها ما يصيب الناس الذين ينتقلون فجأة من حال إلى حال، ولقد انتقلت المرأة بفضل تعاليم الاسلام وتشريعاته من الذل والهوان، الى العزة والكرامة، ومن الحرمان والاضطهاد، الى الحرية والنور واحترام الشخصية والعطاء، ومن الجهل والانزواء، والجهالة العمياء، الى الدين والتقى والورع والانطلاق، والتحرر من العادات والتقاليد الظالمة والطقوس المشينة.

    وقد انتعشت المرأة ، وانطلق كل من الرجال والنساء على قدم المساواة كل فرد بحسب طبيعته وعلى قدر استطاعته، وفق القوانين الإسلامية والتعاليم النبوية الشريفة، ولقد كان الحافز إلى النهضة والتفاني بالجهاد، هو الايمان بالله العظيم ورسالة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالإضافة الى حلاوة الإسلام، وزهو النصر المؤيد من الله رب العالمين، وكان من بين النساء التقيات الورعات، والمجاهدات ذوات العقل والدين المتحدثات بكل جرأة وأدب وانطلاق يبدين الرأي ، ويتحدثن بتفهم وروية، ومن بينهن الصحابيه رملة بنت شيبة وهى صحابيه جليله قد أسلمت قديما وبايعت.

    وهي ابنة شيبة بن ربيعة الذي قُتل كافرا في غزوة بدر، وشيبة بن ربيعة هو شقيق عتبة بن ربيعة وقد قتل في معركة بدر أثناء المبارزة الشهيرة التي كان بطلاها أسد الله حمزة بن عبد المطلب وفتى الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وقد كان مقتله هو وأخوه عتبة على يد علي وحمزة يوم بدر، وأمها هى أم شراك بنت وقدان بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر من بني عامر بن لؤي. وهي ابنة عم هند بنت عتبة، وهى هند بنت عتبة العبشمية القرشية الكنانية، وأبوها عتبة بن ربيعة سيد من سادات قريش وبني كنانة، وقد عرف بحكمته وسداد رأيه.

    وهي إحدى نساء العرب اللاتي كانت لهن شهرة عالية قبل الإسلام وبعده، وهى زوجة أبي سفيان بن حرب، وأم الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، وكانت امرأةً لها نَفس وأنفة، ورأي وعقل، وقد شهدت أحداً مع المشركين ولم تكن أسلمت بعد، ومثلت بحمزة بن عبد المطلب عم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت من النسوة الأربع اللواتي أهدر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، دماءهن يوم فتح مكة، ولكنه عفا وصفح عنها حينما جاءته مسلمة تائبة حيث أسلمت يوم فتح مكة بعد إسلام زوجها أبي سفيان بليلة، وكانت السيده رمله بنت شيبه ابن عمها هو أبو حذيفة بن عتبة.

    وهو أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي وهو صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، وقد استُشهد في معركة اليمامة، وكان أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي من السابقين إلى الإسلام، حيث أسلم قبل دخول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الى دار الأرقم ليدعو فيها، وقيل أنه أسلم بعد ثلاثه وأربعون مسلما، وكان أبوه عتبة بن ربيعة سيد من سادات قريش في الجاهلية، أما أمه فهي أم صفوان فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث الكناني، وعن أبي بكر بن عثمان قال: تزوج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب واسمها رملة واسم أبيها صخر بن حرب.

    وزوجها إياه الصحابى عثمان ابن عفان وهي بنت عمته وأمها ابنة أبي العاص وقد زوجها إياه النجاشي وجهزها إليه وأصدقها أربعمائة دينار وأولم عليها عثمان بن عفان لحمًا وثريدًا وبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، شرحبيل بن حسنة فجاء بها، وكان أبو الزِّناد واسمه عبد الله بن ذَكوان مولى رَملة بنت شيبة بن ربيعة، وقد أسلمت السيده رمله وهاجرت إلى المدينة مع زوجها عثمان بن عفان، وهو ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام، وهو يكنى ذا النورين لأنه تزوج اثنتين من بنات النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تزوج من رقية ثم بعد وفاتها تزوج من أم كلثوم.

    وكان عثمان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تبعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين والذين آمنوا بالله، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيدا، ولما أسلمت عيرتها ابنة عمها هند بنت عتبة بن ربيعة بدخولها الإسلام، لأن المسلمين قتلوا أباها شيبة بن ربيعة في غزوة بدر، وقد أنجبت رملة بنت شيبة لعثمان بن عفان ثلاث بنات وهن: عائشة وأم أبان وأم عمرو بنت عثمان.

  • نسائم الإيمان ومع السيده فاطمه بنت أسد

    نسائم الإيمان ومع السيده فاطمه بنت أسد

    إعداد / محمـــد الدكـــرورى

    فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وكان والدها هو أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهاشم بن عبد مناف هو الجد الثاني لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد عظم قدره بعد أبيه، وإليه يُنسب الهاشميون، وهو أول من سن الرحلتين لقريش: رحلتي الشتاء والصيف إلى متجرتي اليمن والشام وأول من أطعم الثريد بمكة، ويقول ابن إسحاق أن اسمه كان عمرو وأن تسميته هاشم كانت لهشمه الخبز لعمل الثريد بمكة لقومه سنة المجاعة، وكان زوجها هو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طالب، وأبو طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب الهاشمي القرشي الكناني، وهو عم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكافله.

    ووالد رابع الخلفاء الراشدين الإمام علي بن أبي طالب، وهي أم ربيب النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، وأم إخوته: طالب وعقيل وجعفر ، وأم هانئ وجمانة وريطة ، وكلهم أبناء أبي طالب، وقد ولدت في أم القرى مكة المكرمة المكرمه، وهى زوجة ابن عمها أبي طالب وهى أم الإمام علي بن أبي طالب وكانت كأم للنبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، منذ صغره، وقد أسلمت فاطمة بنت أسد بعد عشرة من المسلمين وكانت الحادية عشرة منهم والثانية من النساء، وقد هاجرت إلى المدينة المنورة، وتوفيت في السنة الرابعه للهجرة النبوية ودفنت في مقبرة البقيع، وكان أولادها هم طالب، وعقيل، وجعفر الطيار.

    وعلي بن أبي طالب، وكانت بناتها، هن السيده أم هانئ، وهى زوجة هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، والسيده جمانه، وهى تزوجها أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وهاجرت إلى المدينة وتوفيت هناك، وقيل أنه بين عقيل وجعفر عشر سنوات، وبين جعفر وعلي عشر سنوات، وقد تزوجت فاطمة بنت أسد من أبي طالب فقط وكانت أول أمرأة هاشمية تتزوج رجلاً هاشمياً، وقد أسلمت في السنين الأولى للبعثة النبوية، وهي بمنزلة الاُم لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان يحبها ويحترمها ويناديها بأمي، وهي حماة فاطمة الزهراء بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

    وهى جدة الحسن والحسين بن علي سيدا شباب أهل الجنة، وقد بايعة الرسول الكريم صلى عليه وسلم، وأسلمت رضي الله عنها بعد عشرة من المسلمين وكانت الحادية عشرة، وكانت من المهاجرات الأوائل، وهي أول هاشمية ولدت هاشميًا، ولما نزل قول الله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه الأقربين للإيمان بالله تعالى و كانت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها من المسارعين للإجابة وكانت رضي الله عنها تخفف عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موت أم المؤمنين السيدة خديجة، ولما كفل أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم، بعد وفاة أبيه أشرفت فاطمة على تربيته.

    وبعد وفاة أبي طالب شرح الله صدرها للإسلام فبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكثر زيارتها ، ويقيل في بيتها، وقد فرحت فاطمة بزواج ابنها علي من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعاشت مع ابنها علي وزوجه في الدار ، وقال علي لأمه : لو كفيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سقاية الماء والذهاب في الحاجة ، وكفتك في الداخل الطحن والعجن ؟ فتراضوا على ذلك، وكانت أول امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة على قدميها، وكانت من أبرّ الناس برسول اللَّه محمد صلى الله عليه وسلم.

    فسمعت فاطمة رسول اللَّه وهو يقول: ” إن الناس يحشرون يوم القيامة عراة كما ولدوا “، فقالت: واسوأتاه، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإنّي أسأل اللَّه أن يبعثك كاسية ” وكانت السيده فاطمه، امرأة صالحة رضي الله عنها، ومثالًا للرأفة والرحمة في معاملة فاطمة الزهراء ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كانت تقوم بمساعدتها برًّا بها وبوالدها عليه الصلاة والسلام، وإضافة إلى شخصيتها مكرمة عظيمة وهي حِفظ الحديث وروايته، فعن جعدة بن هبير عن عليّ قال: أُهدي إلى النبي صلي الله عليه وسلم، حلة من إستبرق، فقال: “اجعلها خُمرًا بين الفواطم، فشقها أربعة أخمره، خمارًا لفاطمة الزهراء

    وفاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت حمزة بن عبدالمطلب، والرابعة قيل إنها فاطمة بنت شيبة بن عبد شمس زوج عقيل بن أبي طالب، ويقولون إن المرأة في صدر الإسلام كانت لا تخرج أبدًا إلا ثلاث مرات، الأولى من بطن أمها إلى الدنيا، والثانية من دار أبيها إلى الزوج، والأخيرة من دار زوجها إلى القبر، وقد توفيت في السنه الرابعه من الهجره، وكان عمرها ما يقارب ستون عاماً، وقال علي بن أبي طالب، لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم، كفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قميصه، وصلى عليها، وكبر عليها سبعين تكبيرة، ونزل في قبرها، فجعل يومي في نواحي القبر كأنه يوسعه ويسوي عليها.

    وخرج من قبرها وعيناه تذرفان، وكان قد جثا في قبرها، وفي رواية: أنه اضطجع معها في قبرها، ولما ذهب اقترب منه عمر بن الخطاب وقال: يا رسول الله، رأيتك تفعل لهذه المرأة شيئاً لم تفعله على أحد من قبل، فقال صلى الله عليه وسلم : ” يا عمر، إن هذه المرأة كانت بمنزلة أمي التي ولدتني ، إن أبا طالب كان يصنع الصنيع وتكون له المأدبة ، وكان يجمعنا على طعامه، فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيبنا فأعود به وإن جبريل عليه السلام أخبرني عن ربي عز وجل أنها من أهل الجنة وأخبرني جبريل عليه السلام أن الله تعالى أمر سبعين ألفاً من الملائكة يصلون عليها ”

    ثم قال: ” اللهم ثبت فاطمة بالقول الثابت، رب اغفر لأمي فاطمة بنت اسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والانبياء الذين من قبلي إنك ارحم الراحمين “، ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما، ثم قال: ” والذي نفس محمد بيده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي ” وفي رواية: لما سئل عن سر صنيعه بقبرها قال : ” إنه لم يكن بعد أبي طالب أبر بي منها، إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة، واضطجعت في قبرها ليهون عليها عذاب القبر” ودفنت في مقبرة البقيع.