الأعمال وأصحاب القيم بقلم / محمـــد الدكـــروري

الأعمال وأصحاب القيم بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن أصحاب القيم يؤدون أعمالهم بفعالية وإتقان، وسوء سلوك القائمين على العمل راجع إلى افتقادهم، لقيم الإيمان والإخلاص والشعور بالواجب والمسؤولية، وإن القيم تجعل للإنسان قيمة ومنزلة ولحياته طعما، وتزداد ثقة الناسِ به، فقال الله تعالى فى سورة الأنعام ” ولكل درجات مما عملوا” وقال سبحانه وتعالى ” أم نجعل المتقين كالفجار” وعندما تنشأ القيم مع الفرد من إيمانه وعقيدته وخشيته لله ينمو مع نمو جسده فكر نقي وخلق قويم وسلوك سوي، وتغدو القيم ثابتة في نفسه راسخة في فؤاده، لا تتبدل بتبدل المصالح والأهواء كما هو في المجتمعات المادية، ويصغر ما عداها من القيم الأرضية الدنيوية، فقال الله تعالى فى سورة المؤمنون ” ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن”
ولم يحفل التاريخ بخيرة الناس وعظمائهم الذين زكى الله نفوسهم وطهر قلوبهم مثلما حفل به تاريخنا الإسلامي، فلم تعمى الأبصار عنهم؟ وإن أخطر ما يهدد القيم ويزعزع بنيانها القدوات السيئة المزينة بالألقاب من الوضيعين والوضيعات، الذين يفتقد الواحد منهم إلى التحلي بأبجديات الآداب والأخلاق الإسلامية، وهذه القدوات السيئة تعمل على خلخلة القيم وتشكل نفوسا فارغة من القيم سابحة في الضيق، كما تروج له القنوات الفضائية مِن عري فاضح وسلوك منحط وتحلل خاطئ يحطم القيم ويدمر الأخلاق، وهى دعوة صريحة لنبذ الفضيلة، ثم يأتي حق الكفاية من مقومات الحياة، وحق الكفاية في الإسلام من الحقوق التي اختص بها الإسلام، ولم تتطرق إليها الأنظمة الوضعية، ولا مواثيق حقوق الإنسان، وهو حق إسلامي مقدس.
ويعني أن يحصل كل فرد يعيش في كنف الدولة الإسلامية على كفايته من مقومات الحياة بحيث يعيش عيشة كريمة، ويتحقق له المستوى اللائق للمعيشة، وهو يختلف عن حد الكفاف الذي تحدثت عنه النظم الوضيعة، والذي يعنى الحد الأدنى لمعيشة الإنسان، وحق الكفاية هذا يتحقق بالعمل، فإذا عجز الفرد فالزكاة، فإذا عجزت الزكاة عن سد كفاية المحتاجين تأتى ميزانية الدولة لسداد هذه الكفاية، وقد عبّر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله “مَن ترك دينا أو ضياعا، أي أولادا صغارا ضائعين لا مال لهم فإليّ وعليّ” رواه البخاري، ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم مؤكدا هذا الحق “ليس بمؤمن من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم” رواه الطبراني، وقوله صلى الله عليه وسلم “إن الاشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قلّ طعام عيالهم في المدينة
حملوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم بالسوية، فهُم مني، وأنا منهم” رواه البخاري، ومسلم، وإن الحياة الطيبة السليمة التي أرادها الله سبحانه وتعالي بمنته وفضله لنا إنما توضحها وترسم معالمها وصراطها حياة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والحياة الطيبة هي الرزق الحلال، والعبادة في الدنيا، وإن طيب الحياة اللازمة للصالحين، إنما هو بنشاط نفوسهم ونيلها قوة رجائها، فالمؤمن رجاؤه بالله عظيم، وتعلقه بالله كبير ولذا لا تضيق عليه المضائق، ولا تصعب عليه الصعوبات التي تواجه غيره لأنه يرجو من الله الفرج، ولولا وجود الأمل في الدنيا، لضاقت بالناس معايشهم، ويقول الله جل وعلا فى سورة النحل، واعدا عباده المؤمنين، ومحرضا لهم على هذا المنهاج القويم “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”
فهذا وعد من الله الكريم، وعد من الله الذي قال عن نفسه فى سورة النساء “ومن أصدق من الله حديثا” وعد من الله سبحانه وهو صادق الوعد جل وعلا، وعد مضمن لقسم منه سبحانه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *