«الجلسات العرفية» بديل المنصات القضائية في قضايا فض المنازعات و تضم نوابا وعمدا وكبار العائلات.

كتبت :نجلاء عمارة

تنهى الصراعات الثأرية والخلافات الطائفية.. «الكفن والدية والتغريب» أشهر أحكامها «الجلسات العُرفية» منصات قضائية شعبية، يرأسها كبار العائلات وحكماء القرى والمراكز وهى النهاية الحتمية لأى صراع عائلى أو طائفي في القرى والمراكز ، وتلجأ إليها بعض العائلات حقنا للدماء، أو خوفًا من صدور أحكام قضائية ضد أبنائهم التي تصل أحيانا إلى الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام. والمجالس العرفية،

هي أهم اللقاءات المتداولة والأساسية لدى العائلات الكبيرة والمجتمعات القبلية والصعيد، تحكمها عدد من الأعراف المتفق عليها بين القبائل وأحكام الشريعة الإسلامية، ولتلك الجلسات أهمية كبيرة في التصالح بين طرفي النزاع. انتشرت في محافظة الصعيد منذ عشرات السنين، ودائما ما يكون أعضاؤها من نفس المحافظة،

وهو ما يتسبب في بعض الأحيان في حالة عدم رضا الطرفين المتنازعين، خوفًا

من أن يشوبه نوع من المحاباة والتحيز، لطرف على حساب آخر. ويتكون المجلس العرفى من بعض الشخصيات العامة مثل أعضاء المجالس النيابية، والمجالس الشعبية المحلية، ورجال الدين، ويشترط في اختيارهم أن يكونوا ممن يتمتعون بشعبية داخل وخارج قرى ومراكز المحافظة. شروط المجلس العرفي وهناك عدة شروط يجب توافرها في عضو المجلس العرفى، منها أن يكون منتسبًا لكبار العائلات، ويتمتع بسمعة حسنة، ولم يسبق إدانته أو أحد أفراد عائلته في أي أحكام قضائية، وأن يمتاز بالحكمة التي تمكنه من حل المشكلات، وأن يعرف عنه الحزم والشدة. والجهات الأمنية فى اى محافظة بصفة عامة عادة ما تولى جلسات الصلح أهمية خاصة، لأنها تقضى على الكثير من المشكلات قبل بدايتها أو تأجيجها، ولهذا تحرص تلك الجهات على الحضور بكبار مسئوليها أو من ينوب عنهم خلال تلك الجلسات. وتشهد الجلسة العرفية،

حضور عدد كبير من أهالي المنطقة التي يعقد فيها المجلس، ويتم دعوتهم من طرفى النزاع، ليكونوا شهودًا على الأحكام الصادرة، وفى البداية يطلب القائمون على إدارة الجلسة من الحاضرين الهدوء التام، ليبدأ كلُ من الطرفين في شرح أسباب النزاع، الذي قد يكون خصومة ثأرية، أو نزاعا على أرض، أو اعتداء طرف على الآخر بسبب قصة حب نشبت بين شاب وفتاة. بداية الجلسة تبدأ الجلسة بكتابة أسماء المتنازعين، يوقع بعدها المتخاصمون على عدة إيصالات أمانة محدد عددها مسبقًا مساوية لعدد أفراد النزاع، وينادى المحكمون أسماء المتنازعين وإثبات حضورهم أمام الجالسين وأمام المحكمين، ثم تسمع هيئة المحكمين رأى أطراف النزاع، كل شخص على حدة بتوقيتات متساوية، وفى النهاية، يوقع المحكمون على محضر الجلسة وما تم الاتفاق عليه، سواء بتوقيع غرامات أو صلح أو ما شابه ذلك. وقد يحدث أحيانًا أثناء الجلسة،

شد وجذب وتتعالى الأصوات، وهنا يتدخل كبير الجلسة الذي يلزم الجميع بالهدوء، وفي حال خرج أحد طرفى النزاع عن الآداب المتعارف عليها توقع عليه عقوبة مالية تتراوح قيمتها ما بين 10 آلاف جنيه، إلى 50 ألف جنيه، ويشترط فيها أن تدفع لأعضاء المجلس في نفس وقت الحكم بها. وبعد الاستماع إلى طرفى النزاع، يدخل أعضاء المجلس العرفي في جلسة مغلقة

لا يحضرها أحد غيرهم، ليبدأوا في مناقشة وتحليل ما استمعوا إليه، وفى بعض الأحيان، خاصة في النزاع على حدود الأراضى، يذهب أعضاء المجلس للمعاينة على الطبيعة، تمهيدًا لإصدار حكمهم. الأحكام الصادرة وتتنوع الأحكام، التي قد يصل بعضها إلى «التغريب» وهو إلزام الطرف المحكوم عليه بمغادرة القرية أو المدينة التي يسكن بها لمدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد عن عام، ويستخدم هذا الحكم غالبًا في حل النزاع الذي ينشب بسبب قصص الحب،

ويشترط في الجلسة العرفية التي تحكم في هذا النوع من الخصومات أن لا يحضرها أحد سوى أعضاء المجلس وطرفي النزاع حفاظًا على الأسرار الأسرية. محضر الجلسة وفى نهاية الجلسة العرفية، يكتب المجلس محضر الجلسة مدون به أسماء أعضاء المجلس، والحاضرون من طرفي النزاع، وأقوال «المدعى» و«المدعى عليه»، والحكم الذي صدر، وفى حالة إخلال أحد الطرفين بقرارات المجلس، يتحمل شرطًا جزائيًا تبدأ قيمته من 500 ألف جنيه، ويصل إلى 5 ملايين جنيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *