الدكروري يكتب عن العنسي رحمن اليمن
الدكروري يكتب عن العنسي رحمن اليمن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة عن الأسود العنسي مدعي النبوة، وقيل أنه تنبأ ولقب نفسه “رحمن اليمن” وقد حظيت حركة الأسود العنسى بتأييد واسع، وبخاصة أنها نحت اتجاها قوميا بتصديها للنفوذ الفارسي، لأنه من عنس وهي بطن من بطون قبيلة مذحج، وقد راسله بنو الحارث بن كعب من أهل نجران وهم يومئذ مسلمون، فطلبوا منه أن يأتيهم في بلادهم، فجاءهم فاتبعوه لكونهم لم يسلموا رغبة، وتبعه أناس من زبيد وأود ومسلية وحكم بنى سعد العشيرة، ثم أقام بنجران بعض الوقت، وقوى أمر الأسود العنسي بعد أن انضم إليه عمرو بن معديكرب الزبيدي وقيس بن مكشوح المرادي، وتمكن من طرد فروة بن مسيك من مراد وعمرو بن حزم من نجران.
وهو عامل المسلمين عليها، واستهوته فكرة السيطرة على صنعاء فخرج إليها بست مائة أو سبع مائة فارس معظمهم من بنى الحارث بن كعب وعنس، فتقابل مع أهل صنعاء وعليهم شهر بن باذان الفارسى وكان قد أسلم مع أبيه في منطقة خارج صنعاء، تسمى منطقة شعوب، فتقاتلوا قتالا شديدا فقتل شهر بن باذان وانهزم أهل صنعاء أمام الأسود العنسي، فغلب عليها وفر المسلمون منها، ومن بينهم الصحابى معاذ بن جبل رضي الله عنه، ونزل قصر غمدان بعد خمسة وعشرين يوما من ظهوره، وكان له مواقف بشعة في تعذيب المتمسكين بالإسلام، فقد أخذ أحد المسلمين ويسمى النعمان فقطعه عضوا عضوا، ولهذا تعامل معه المسلمين الذين كانوا في المناطق التي يديرها بالتقية.
وأخذ الأسود العنسى يدعو إلى نفسه بعد هذه الانتصارات، وسرعان ما قوى أمره، واشتد ساعده بمن التف حوله من الأتباع، وسيطر على منطقة واسعة تمتد من حضرموت جنوبا حتى حدود الطائف بما فيها قبيلة عك في تهامة غربى الحجاز، ومن الشواطي اليمنية على البحر الأحمر غربا، وحتى الخليج شرقا، ومع كل ذلك فقد واجه الأسود العنسي معارضة تمثلت في الجماعات المسلمة من مذحج التي انسحبت مع فروة بن مسيك المرادى إلى الأحسية وهو موضع باليمن، وانضم إليه من انضم من المسلمين، وكتب إلى رسول الله بخبر الأسود العنسي، وانحاز كل من أبي موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل إلى حضرموت، أما فى منطقة حمير، فقد كان لجهود ذي الكلاع، وآل ذي لعوة الهمدانيين، دور في الاحتفاظ بالنفوذ الإسلامي.
وقد وقفوا ضد عك بتهامة، وقد تعاون الأبناء للقضاء على الأسود العنسي، وتجمعت كل قوى الإسلام في اليمن للقضاء على الأسود العنسي، ويظهر أنهم كانوا مجمعين على أن يقوموا بمقتله، لعلمهم أنه بمجرد أن يقتل لن يبقى لأتباعه أي كيان فيسهل التخلص منهم حينئذ، ولهذا وافقوا على خطة الأبناء بأن لا يقوموا بأى شيء حتى يبرموا الأمر من داخلهم، واستطاع الأبناء، فيروز وداذويه أن يتفقا مع قيس بن مكشوح المرادي وكان قائد جند العنسي للتخلص من الأسود العنسي لأنه كان على خلاف معه، ويخشى أن يتغير عليه، وقد ضموا إلى صفهم زوجة الأسود العنسي آزاد الفارسية والتي كانت زوج شهر بن باذان وابنة عم فيروز الفارسى.
فقد اغتصبها كذاب اليمن بعد أن قتل زوجها، فهبت لإنقاذ دينها من براثن وحوش الجاهلية بكل عزم وتصميم، فدبرت مع المسلمين المناوئين للأسود خطة اغتيال هذا الطاغية المتأله، ومهدت لهم السبيل لقتله على فراش نومه، وقد دعا الأسود العنسي قائد جيشه قيس بن مكشوح.