الدكروري يكتب عن رجال حول الإمام علي

الدكروري يكتب عن رجال حول الإمام علي

بقلم/ محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت المصادر التاريخية أنه لما أنشأ الإمام على بن أبى طالب أيام خلافته شرطة الخميس، كان عمرو بن الحمق الخزاعي منهم إلى سائر المخلصين، من أصحاب الإمام على بن أبى طالب كالأصبغ بن نباتة، وميثم التمار، ورشيد الهجري، وحبيب بن مظاهر، وحجر بن عدي وغيرهم وقد تسمّوا بالشرطة لأنهم اشترطوا على أنفسهم الوفاء للإمام على بن أبى طالب، وهذا ما حدث به الإمام على بن أبى طالب من أن النبي صلى الله عليه وسلم، فعل ذلك مع جماعة من أصحابه كسلمان والمقداد وعمار حيث قال لهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “تشرطوا فإني لست أشارطكم إلا على الجنة” وكان عمرو من قادة جيش الإمام على بن أبى طالب في حروبه الثلاث، وكانت له مواقف بطولية رائعة مشرقة في ساحات القتال.
فلمع اسمه بين القادة الأبطال في الجيش العلوي، ففي صفين وزّع الإمام على بن أبى طالب أدوار القادة في جيشه فجعل على ميمنته الأشتر النخعي، وسعيد بن قيس الهمداني وعلى ميسرته عمار بن ياسر، وشريح بن هاني، وعلى القلب، محمد بن أبي بكر، وعدي بن حاتم الطائي، وعلى الجناح، زياد بن كعب وحجر بن عدي الكندي، وعلى الكمين، عمرو بن الحمق وجندب بن زهير، وكان من مواقفه في ذلك اليوم أنه قد وقف بين الصفين وهو يخاطب الإمام على بن أبى طالب بقوله ” يا أمير المؤمنين أنت ابن عم نبينا، وأول المؤمنين إيمانا بالله عز وجل” ولما وقعت الفتنة في جيش الإمام وتم رفع المصاحف، قال عمرو بن الحمق للإمام على بن أبى طالب “يا أمير المؤمنين، إنا والله ما اخترناك ولا نصرناك عصبية على الباطل.
ولا أحببنا إلا الله عز وجل، ولا طلبنا إلا الحق، ولو دعانا غيرك إلى ما دعوت إليه لكان فيه اللجاج وطالت فيه النجوى، حتى بلغ قوله وليس لنا معك رأي” وكان بعد ذلك الجهاد العظيم مع الإمام على بن أبى طالب، يشهد عمرو أشد اللحظات ألما في حياته، وهي لحظات احتضار الإمام على بن أبى طالب، فيدخل عليه حين ضُرب الضربة التي استشهد فيها بالكوفة، فيقول له ” ليس عليك بأس، إنما هو خدش ” إنه لا يريد أن يصدق أن يفارق هذا الإنسان الذي لا مثيل له في الأرض بعد النبى صلى الله عليه وسلم، هذا الإنسان الذي وصفه ضرار بن عمرو، وهو أحد أصحابه، لمعاوية بن أبى سفيان بقوله عندما ألح عليه فقال وهو يبكي “كان علي والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا.
يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب، كان والله كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، ويبتدؤنا إذا أتيناه، ويلبينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة، ولا نبتديه لعظمته، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، وكان يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله أن أتيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته، يتململ تململ السقيم، ويبكي بكاء الحزين، فكأني الآن أسمعه وهو يقول يا دنيا يا دنيا إلي تعرضت؟
أولي تشوفت؟ هيهات غري غيري، قد أبنتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كثير، آه من قلة الزاد، ووحشة الطريق، وبعد السفر، قال، فوكفت دموع معاوية ما تملكها عن لحيته وهو يمسحها بكفه وقد اختنق القوم بالبكاء فقال معاوية، رحم الله أبا حسن كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال ضرار، حزني عليه حزن من ذبح واحدها في حجره، فلا ترقأ عبرتها، ولا تسكن حرتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *