الدكروري يكتب عن سلوكيات محرّمة في التجارة بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن سلوكيات محرّمة في التجارة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الإسلام في الأصل هو رسالة قيم وأخلاق، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال “تقوى الله وحسن الخلق” وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال “الفم والفرج” وإنه على الرغم من حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان يدعو الله بأن يحسّن أخلاقه، ويتعوذ من سوء الأخلاق، وتسمعه السيدة عائشة رضي الله عنها يقول “اللهم كما أحسنت خَلْقِي فأْحسِن خُلقي” ويخبرنا أبو هريرة، رضي الله عنه أنه، صلى الله عليه وسلم، كان يدعو فيقول ” اللهم إني أعوز بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ” وهو الذي تجمعت فيه محامد الأخلاق ولكنه كثير الدعاء في كل صلاة، وسأله النواس بن سمعان رضي الله عنه عن البر والإثم، فقال صلى الله عليه وسلم “البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس”
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم” وكما قال صلى الله عليه وسلم “ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حُسنِ الخلق” وإن هناك جملة من السلوكيات المحرّمة التي ينتهجها بعض التجّار، متنكبين شرع الله تعالى وأوامره، آكلين أموال الناس بالباطل، ومن ذلك هو التطفيف وهو أن يتلاعب التاجر في الكيل أو الوزن أو العدد، وقد حذر الله تعالى من ذلك أشد التحذير، وتوعد فاعله بالعذاب الشديد، بل إن الله تعالى أهلَك قوم مدين لتطفيفهم الكيل والميزان، وذلك لما جاءهم شعيب عليه السلام فنهاهم عن ذلك فأبوا، فكانت عاقبتهم الهلاك والدمار، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بوزّان، فقال له “زن وأرجح” وذلك خشية أن يدخل هذا الوزّان في الوعيد الخطير، الذي أوعد الله به المطففين، وكذلك من المنهيات هو الغش.
وهو أن يخفي التاجر عيوب بضاعته، ويظهر محاسنها، أو يزوّر تاريخ صلاحيتها، أو يكذب في بلد الصنع والإنتاج، أو يكذب في مواصفاتها وجودتها، أو غير ذلك من أنواع الغش التي كَثرت في زماننا، وهو كبيرة من الكبائر، تجمع في طياتها جملة من الكبائر المحرمة كالكذب، والخيانة، والتزوير، وأكل الحرام، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الغش، وأخبر بأن الغاش ليس على طريقة المسلمين، ولا على منهجهم، وكذلك أيضا الحلف الكاذب وهو أن يحلف التاجر بالله كاذبا ليقنع المشتري بسعر البضاعة، أو بجودتها، أو بصلاحيتها، أو ليخفي عيوبها، أو مصدرها، أو لأسباب أخرى، وقد نهى الله تعالى عن بذل الأيمان لغير ضرورة، فقال جل جلاله في سورة القلم ” ولا تطع كل حلاف مهين” والحلف في البيع مكروه ولو كان البائع صادقا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم.
“الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للبركة” أما إذا كان البائع كاذبا في حلفه، فهي كبيرة من كبائر الذنوب، حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم أشد التحذير، وأوعد فاعلها بالعذاب الأليم من رب العالمين، فقال صلى الله عليه وسلم “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم” قال فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار، قال أبو ذر خابوا وخسروا، مَن هم يا رسول الله؟ قال “المُسبل، والمنان، والمُنفق سلعته بالحلف الكاذب” وكذلك أيضا الاحتكار وهو حبس أقوات الناس وحاجاتهم بقصد إغلائها، واستغلال حاجة الناس إليها، مما يسبب إضرارا وتضييقا على أفراد المجتمع المسلم، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعل، وأخبر بأن فاعله آثم خاطئ، فقال “مَن احتكر، فهو خاطئ” وقال “لا يحتكر إلا خاطئ”