الذي يرى بلوة غيره .. تهون عليه بلوته..

الذي يرى بلوة غيره .. تهون عليه بلوته..

كل إنسان تحدث له مشاكل وعقبات فى حياته، ويظن احيانا أنه اكثر الناس بلاءا، لدرجة التسخط على اقدار الله،
والتسخط هذا حرام ومن كبائر الذنوب، فالمفروض على المسلم حبس النفس عن التسخط.
حيث أن من أصول الإيمان أن يؤمن الإنسان بالقدر خيره وشره، وأن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الأمر كله يرجع إلى الله عز وجل، وأن لله الحكمة البالغة فيما أصاب العبد من خير أو شر.
وتأتي أهمية البلاء في إن الله تعالى لا يقبل من العباد أن يكون إيمانهم مجرد دعوى فارغة من الدليل والبرهان، فلا بد لكلّ ادعاء من بينة على صحته، قال تعالى: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) سورة آل عمران: 154.
وقال تعالى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)سورة آل عمران: 179.
فالابتلاء هو الذي يميز الخبيث الذي يكفر ويسخط ويقنط، من الطيب الذي يؤمن ويرضى ويصبر.
قال تعالى: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) سورة العنكبوت: 1- 3.
فالمؤمنون الصادقون هم الذين يجتازون اختبارات الإيمان دون شك أو ارتياب، مع الثبات والمجاهدة والمثابرة، قال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) سورة الحجرات: 14، 15.
لذا فمن أصول الإيمان أن نعتقد أن الله تعالى حكيم في جميع أفعاله، لا يفعل شيئًا إلا لحكمة تامة، علمها من علم، وجهلها من جهل، ومن ذلك إنزال البلاء بالعباد، فالله تعالى لا ينزل البلاء عبثًا، وإنما ينزله لحكم عظيمة جليلة بينها في كتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
ونلاحظ انه قد يكون ابتلاء الله للعبد لانه يحبه وفي هذه الحالة عليه بالصبر والاحتساب، واما لانه عبد عاصي، وفي هذه الحالة عليه بمحاسبة نفسه والتوبة والرجوع إلى إليه عز وجل، وإما أن هناك بعض النماذج التي تبلي نفسها بيدها كشارب المخدرات وغيره، وأما هذا فلا يلومن الا نفسه.
ومن خلال ما سبق نتبين أن من حكم هذه المحن التي نحن فيها تمييز الصادق من الكاذب، فالصادق في إيمانه هو الذي يراجع نفسه ويتهمها، ويرضى بقضاء الله تعالى ويراه عدلًا، فيرضى الله تعالى عنه حينما يرى صدقه ونصحه وخلوص قلبه لله تعالى.
ومن ثم فعلى المسلم في المحن أن يتقي الله في جميع أموره بترك معاصيه، والعمل بطاعته، ومحاسبة نفسه، ومراقبتها، ففي ذلك يكون المخرج والنجاة واليسر، إن شاء الله.
ويكون ابتلاء العبد على قدر ايمانه، فكلما زاد الإيمان زاد الابتلاء والاختبار، يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل)، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (يبتلى الرجل على قدر دينه).
وعلى الإنسان أن ينظر إلى من هو دونه، فحين يرى المؤمن من هو أشد منه بلاءا عليه أن يتعظ لما يراه ويحمده تعالى لما أعطاه له من بلاء لان هناك من هو أشد منه بلاءً، فالإنسان إذا نظر إلى من فوقه في المال والجمال ونحو ذلك قد يتحسر، وقد يتألم، لكن ينظر إلى من دونه في الابتلاء، لكي لا يقنط ولا يرى أنه مظلوم، وحتى يعرف قدر نعمة الله عليه.
فاطمة عبد العزيز محمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *