*الست من شوال ومنهج الإسلام في بناءالمسلم روحياً*

*الست من شوال ومنهج الإسلام في بناءالمسلم روحياً*

بقلم الدكتورة:ليلي عبد الوارث
إذا انقضى شهر رمضان، وفرغ المسلم من صيامه دخل في عبادة أخرى، وهي نافلة صيام الستة أيام من شوال؛ امتثالا لما رواه الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي عن أبي أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ أنه حدثه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر”
([1]).
وهذا التتابع في العبادة يلفت نظرنا إلى محاولة ملاحظة تتابعها في العام كله، في الصيام وغيره من الشعائر الكبرى؛ بحيث لا يكاد المسلم ينفك من عبادة إلا تلبس بعبادة أخرى، وقد قال الله تعالى: “فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ . وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ”. سورة الشرح: 7-8.
تَتَابُعُ العباداتِ في العام كلِّه
ومع تتبُّع هذا التتابع ـ والتداخل أيضا ـ نجد أن الإنسان المسلم مغمور طوال العام في عبادات متتالية ومتداخلة، يخرج من عبادة ليدخل في أخرى، وينتهي من نافلة ليبدأ نافلة، ويودع فريضة ليستقبل نافلة، وهكذا العام كله.
*الصلاة فريضة وتطوعًا:-*
فإذا نظرنا إلى الصلاة وحدها وجدناها تكفي المسلم لتجديد إيمانه وبنائه الروحي؛ فهي خمس صلوات تتوزع اليوم كله، وتتخلل أوقات اليوم، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وفي حديث بكر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا”
([2]).
وبالإضافة إلى هذه الفرائض هناك النوافل التي تحمي حمى الفرائض، وتحوطها، وتجبر خللها، وتكمل نقصها، وترد فقْدَهَا؛ فعن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس قال حدثني عنبسة بن أبي سفيان في مرضه الذي مات فيه بحديث يَتَسَارُّ إليه قال سمعت أم حبيبة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة”
([3]).
قالت أم حبيبة: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عنبسة: فما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة، وقال عمرو بن أوس: ما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة، وقال النعمان بن سالم: ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو بن أوس.
ومع ذلك تجد نوافل أخرى للصلوات، مثل: صلاة الاستخارة، وصلاة الاستسقاء، وصلاة سنة الوضوء، وصلاة الكسوف، وصلاة الضحى يوميًّا، وصلاة التسابيح ـ على الخلاف الذي فيها ـ بالإضافة إلى التطوع المطلق.
هذا هو توزيع فريضة واحدة مع نوافلها في أوقاتها، فكيف نتصور أثرها في البناء الروحي للمسلم، وهل تترك فرصة للمسلم للتلفت إلى مخالفة أو معصية؟.
يتبع إن شاء الله…..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *