السجين

السجين

بِقَلمْ.شَحَاَتْ عُثْمَانْ كَاتِبْ وَمُحَاَمْ

أستغرب من قال يوماً ان السجين فقط هو ذاك الشخص المحكوم عليه بعقوبه سالبة للحرية خلف أسوار مغلقة وحارس يحول بينه وبين العالم الخارجي .

السجين أحيانا هو ذلك الشخص الذى يغدو ويروح ويتنقل تحت ضوء الشمس ووسط المروج الخضراء وفوق الأسرة والوسائد الناعمة يتنعم .

السجين الحقيقي هو ذلك الشخص الذى يقف على لسانه اللجام ولا يستطيع التفوه بكلمة واحدة عند رؤية الانتهاكات الإنسانية وأنتشار الرزائل والموبقات خشية إتهامة بإنه من فريق يدعو الى الفضيلة ومحاسن الأخلاق .

إن الحرية الحقيقيه وهى اللفظ المضاد للعبودية هى التخلص من كل الميول والأهواء الشخصية والشعور بالعبودية الخالصة لرب الكون فى إتباع أوامره وأجتناب نواهية والانتقال من عبادة العباد الى عبادة رب العباد فالرزق مقسوم والعمر مقدور وما كان فى الغيب سيكون .

الأمان النفسي والصفاء الروحى هو الحرية المطلقة التى جاءت فى حديث رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم حينما قال فيما معناه من بات وأصبح معاف فى بدنه، أمن فى سربه،يملك قوت يومه ،فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها أو كما قال صل الله عليه وسلم.

فلننظر في الوجوه وفى أنفسنا لنتدبر المعنى الحقيقي للسجن سنجد أنفسنا جميعاً فى سجن ليست له أسوار ولا حراس فقد جعلتنا الشهوات المختلفة مثل المال والأبناء والنواحى البيولوجيه والألكترونية كالهواتف وأخواتها عبيداً للجسد ومتطلباته.

ربما الفارق بين العقوبتين بالنسبة لنوعى السجن من حيث المقصود فإن عقوبة الجريمة الأولى ناتجة عن أمور مادية تم ارتكابها وصدر فيها حكم قضائى اما الجريمه الثانية فهى جريمه معنويه روحية لم يصدر بها حكم بشري خارجي بل كانت عقوبة على ميول ورغبات ونزعات كان الشيطان هو المحرك لها وصاحب الشرارة الأولى فى تغلغلها فى الجسد البشري .

ان السجين المتنقل المتنعم أشد وجعاً من ذلك السجين القابع فى الغرفة الضيقه تحت رقابة حارس ممسكاً بسلاحه قادر على منعه من الفرار ، لكونه أينما ذهب سيجد نفسه ملجماً صامتاً مرتدياً الذل رداء والخنوع قناع ومهما كان الفراش سُندسا وحريرا فإن به أشواك الضمير التى تقوم بالوخز بلا رحمة فى كل حين .

كلنا سجناء مهما اختلفت الأنماط والفئات والمراحل العمرية، سواء خلف أسوار أو خلف أهواء وميول ونزعات ومتطلبات .

وهنا يثور فى النفس سؤال هائج كالموج الهادر كيف الخلاص من عقوبة السجن؟

سجين الأسوار قد يخرج من خلف الأسوار وقد أستطاع تكفير جريمة ارتكبها لحظة ضعف وهوان بشري ليعود من جديد صفحة بيضاء قد تبقي ناصعة وقد يدنسها إن عاد لإرتكاب أفعال مجرمة أخري، أما سجين الميول والأفكار فلا علاج له ولا خلاص له إلا بالتجرد فى عبوديتة لرب العباد والتيقن بإن ما فاته لم يكن ليدركه وأنه لا يصح إلا الصحيح شاء من شاء وآبى من آبى وما يأخذ الروح إلا خالقها حتى لو ركض فى البرية ركض الوحوش فالرزق والعمر بيد مالك الملكوت صاحب الكاف والنون الذى إذا أراد شيئاً كان .

فليقل عنك الغير ما يرغبون بقوله او يصنفونك كما يشأوون فقط دع نفسك خالصاً لله دون خوف أو وضع معايير دنيوية تلجم لسانك وجوارحك عن قول ما يرضي رب العباد

ختاماً

لا سامح الله من كان سبباً فى تغيير مفاهيم الفضيلة فى المجتمعات وفق نزعات وأهواء شخصية تحت ستار الدين والدين منه برئ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *