اللغة العربية ومكر الأعداء

يحتفل العالم اليوم، 18 ديسمبر من كل عام، باليوم العالمى للغة العربية، فعن اهميتها يقول الدكتور محمود فؤاد المدرس المساعد بكلية اللغة العربية بجرجا بسوهاج التابعة لجامعة الازهر ان اللغة العربية فكر ناطق، والتفكير لغة صامتة واللغة هي معجزة الفكر الكبرى
فإن للغة قيمة جوهرية كبرى في حياة كل أمة فإنها الأداة التي تحمل الأفكار، وتنقل المفاهيم فتقيم بذلك روابط الاتصال بين أبناء الأمة الواحدة ، وبها يتم التقارب والتشابه والانسجام بينهم.
واللغة من أفضل السبل لمعرفة شخصية أمتنا وخصائصها، وهي الأداة التي سجلت منذ أبعد العهود أفكارنا وأحاسيسنا، وهي البيئة الفكرية التي نعيش فيها، وحلقة الوصل التي تربط الماضي بالحاضر بالمستقبل بل إنها تمثل خصائص الأمة، وقد كانت عبر التاريخ مسايرة لشخصية الأمة العربية، تقوى إذا قويت، وتضعف إذا ضعفت .
ولقد غدت العربية لغة تحمل رسالة إنسانية بمفاهيمها وأفكارها، واستطاعت أن تكون لغة حضارة إنسانية واسعة اشتركت فيها أمم شتى كان العرب نواتها الأساسية والموجهين لسفينتها، اعتبروها جميعاً لغة حضارتهم وثقافتهم فاستطاعت أن تكون لغة العلم والسياسة والتجارة والعمل والتشريع والفلسفة والمنطق والتصوف والأدب والفن .
فلغة الأمة من أساس وحدتها، ومرآة حضارتها، ولغة قرآنها الذي تبوأ الذروة فكان مظهر إعجاز لغتها القومية .
إن القرآن بالنسبة إلى العرب جميعاً كتاب لبست فيه لغتهم ثوب الإعجاز، وهو كتاب يشد إلى لغتهم مئات الملايين من أجناس وأقوام يقدسون لغة العرب، ويفخرون بأن يكون لهم منها نصيب.
إذا ليست الحرب علي اللغة ناشئة بسبب اللغة العربية نفسها، وليست هي المقصودة بالحرب ، إنها جزء من مشروع متكامل عمل عليه أعداء الإسلام طويلا ، إنها الحرب الممتدة علي الإسلام وما يمت له بصلة.
فقد بدأت الحرب علي الإسلام منذ اللحظة الأولي للنبي –صلى الله عليه وسلم-بدأ هذه الحرب مشركو قريش ومن تبعهم من قبائل الجزيرة العربية ، ثم انضم إلي المعركة اليهود ، وشارك في هذه الحرب الممتدة علي الإسلام المنافقون من العرب الذين أظهروا الإيمان وأخفوا الكفر ، وامتدت هذه الحرب علي الإسلام مدي السنين لم تتوقف أبدا وإنما أخذت صورا متعددة وأساليب متطورة تحمل الحقد والتصميم ، وظلت هذه الفئات تقود المعركة ، يبرز واحد منها في عصر ،ويبرز آخر في عصر آخر، ويجتمعون كلهم حينا آخر كما اجتمعوا في غزوة الأحزاب ،وكأن معركة الأحزاب حول المدينة المنورة ماضية مع التاريخ: الكافرون –المشركون –المنافقون –اليهود – الدول الكبرى, وتفرض علينا هذه المواقف سؤالا ، ما سبب هذه الحرب وما سبب هذا الإصرار؟ أعتقد أن السبب الرئيس شعور هؤلاء أن الإسلام الذي نزل علي سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم-يحرمهم من سلطانهم الباغي ، وعدوانهم الظالم ، فمن أجل ذلك كانوا يضعون الخطط والوسائل والأساليب فمن تلك الخطط:
1-إثارة الفتن بين المسلمين بكل أنواعها وأساليبها.
2-الغزو الفكري ليبدل هذا الغزو فكر المسلمين ويوهن قواهم ويفرقهم شيعا ، وأحزابا ،وليطرح مبادئ بديلة عن الإسلام كالديموقراطية والعلمانية والاشتراكية والشيوعية والعولمة.
3- تجهيل المسلمين بدينهم وبكتاب الله وسنة رسوله ولغتهم.
فمن خلال خبرة هؤلاء المجرمين وطول تجاربهم مع الإسلام والمسلمين، وجدوا أن من أهم مصادر قوة المسلمين تمسكهم بكتاب الله وسنة رسوله ، وتدبرهما في حياتهم اليومية ، ووجدوا أن مصدر هذا التمسك بالكتاب والسنة عاملان رئيسان أولهما :صدق الإيمان بالله واليوم الآخر وثانيهما :اللغة العربية التي نزل بها الوحي الكريم قرآنا علي سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ،فيظهر المكر والخبث في إضعاف إيمان المسلمين بشتي الوسائل ، ويوهنوا صلتهم باللغة العربية التي يتلي بها كتاب الله ويتدبر فيه ،ومن هنا بدأت الحرب علي اللغة العربية حربا شرسة يخطط لها شياطين الإنس ببراعة وصبر ، فتوهين إيمان الناس يساعد علي توهين اللغة العربية، وتوهين اللغة يساعد علي ضعف الإيمان في النفوس ، بل كان الأمر أخطر من ذلك ، فإن توهين صلة المسلمين باللغة العربية ، وتجهيله بها يعزله كلية عن الكتاب والسنة عزل تدبر وتلاوة وممارسة ، وعزل المسلم عن الكتاب والسنة يوهن إيمانه بالله واليوم الآخر ، فأصبحت قضية اللغة العربية بالنسبة للإسلام والمسلمين قضية أساسية ، قضية حياة أو موت.
وفي نهاية هذا المقال أنادي أبناء الأمة الإسلامية والعربية ليفزعوا إلي لغتهم الأصيلة ، لغة دينهم وقرآنهم وسنة نبيهم ، ليفزعوا وينهضوا ليدرسوها ويتقنوها ، ويدافعوا عنها ،حتي يعزهم الله بعزة دينه ولغته.
إلي كل مسلم ما زالت فيه حمية الإيمان والتوحيد ، والغضبة لله ورسوله ودين الإسلام ولغته .
فاللغة العربية بالنسبة للمسلمين قوة عظيمة من قواهم وسلاح من أسلحتهم.
انهضوا أيها المسلمون !
افزعوا إلي دينكم ولغته ولغتكم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *