حبس كورونا الجديد و التشوهات المجتمعية

الدكتورة فاطمة الزهراء شبيلي

أكاديمية و باحثة جزائرية

مكتب الجزائر

 جاء الحجر الصحي و للأمانة في وقته لكي يصحح وضع أسري و مجتمعي محتاج تدخل جراحي و عمليات تجميل و جلسات علاج نفسي لكي تعود قيمنا و أخلاقنا من جديد ! لأننا أصبحنا فعلا محبوسين ! قبل ما نكون محبوسين داخل بيوتنا بفعل قرارات رسمية

أوجدتها كورونا ! فنحن محبوسين في عالم افتراضي، محبوسين داخل جدران هواتفنا الجوالة ! التغيير في الحبس الجديد و لن أقول الحجر الصحي لأن الناس محبوسة مرغمة و بأمر من الدولة، محبوسة مع أهلها و كأنها محبوسة مع كائنات من فضاء !

محبوسة مع اغراب ! و يبدو طبيعي هذا الإحساس لان الغربة استقرت في النفوس ! كلنا مع بعض من غير ما نكون مع بعض ! الحجر الصحي اظهر عيوب مجتمعية و تشوهات مخيفة !

قد تكون الحقيقة مرة لكن معالجة هذا الواقع أصبح أكثر من ضرورة ! الآباء و الأمهات وجدوا أنفسهم عاجزين على البقاء مع أولادهم و لو هناك فرصة ليتخلصوا منهم لن يترددوا !

و السبب أن دور الأسرة في التربية و التعليم تراجع إلى حد كبير إن لم نقل اندثر و اصبح هذا من اختصاص المدارس و الجامعات التي بدورها أصبحت مجرد حضانات تستقبل اولادنا لكي نخفف فقط من حدة ازدحام المقاهي و الشوارع لفترة زمنية محددة ثم يعود التكدس لدورته العادية !

هناك أخطاء قد تتحول لوصمة عار! إنها لعبة مسرح الحياة القذرة التي عرتنا ! و هذا إنعكاس للعبة القذرة العالمية ،

و الأسر جزء من المجتمع في دولة ما و بالتالي وجدت نفسها بحكم علاقة التعدي تنتمي لعالم قذر جرد من إنسانيته !هناك أشياء خطيرة حدثت في الآونة الأخيرة ! اختارت بعض الحكومات المال على الحياة! الاقتصاد و الأرباح و التجارة على الإنسانية و الدم والروح !

في حين منهم من قرر من له الحق في الحياة ! فالتغييرات الضخمة التي حدثت بالفعل والتي كانت لا تخطر على بال أحد قبل أسابيع قليلة فقط ، فكل شيء يبدو جديداً ولا يصدق،

وفي نفس الوقت يبدو وكأننا نعيش كابوساً أو حلماً يعيد نفسه، وهذا يعني أن لدينا بالفعل فكرة غامضة عما نمر به وهذا في حد ذاته يجعل التجربة إما أقل أو أكثر غرابة من واقعها!

ما زلنا نعتقد أن متاهات وباء كورونا والفوضى التي تسبب فيها حول العالم و داخل مجتمعاتنا و بيوتنا يمثل فرصة لإعادة تشكيل كل شيء بصورة نتمناها أفضل وأكثر وضوحا و عدلاً،

لأن المؤكد أن العالم ثم الدول و بالتالي الأسر سيتغير بصورة لم يتوقعها أحد! فهل بإمكاننا العودة للمسار الطبيعي و نصحح ما فاتنا على كل المستويات بعد أن ننجو من هذه الكارثة ؟

لا نعرف حتى الآن متى ستنتهي الأزمة، ولكن يمكننا أن نكون على يقين أنه في الوقت الذي سيحدث فيه ذلك،

سيبدو عالمنا مختلفًا تمامًا! و سوف يعتمد مدى الاختلاف على الخيارات التي نتخذها اليوم!

إن أزمة كوفيد 19 ليست حربًا ولكنها “تشبه الحرب” من حيث أنها تتطلب تعبئة وتوجيه الموارد و الأفكار و الخيارات على مستويات غير مسبوقة ! شكرا يا أزمة أسقطتي الاقنعة عن تفاصيل كثيرة و عريتيها !

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *