رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن مدينة بخارى
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن مدينة بخارى
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
بخارى هي إحدى مدن بلاد ما وراء النهر أو ما يعرف الآن باسم آسيا الوسطى، وبالتحديد في جمهورية أوزبكستان، حيث تعد أحد أكبر المراكز الاقتصادية الكبرى بها، بالإضافة لكونها مركز للدراسة والثقافة وعلوم الدين، وبخارى تشغل نحو 32% من مساحة جمهورية أوزبكستان، ويعيش فيه نحو 8.2% من سكانها.
بخارى .. النشأة والتاريخ:
يقال أن أول من بنى بخارى هو القائد الإيراني سياوش بن الملك كيكاوس حين ترك أباه مغضباً، واتجه إلى ملك الترك أفراسياب فأكرم وفادته وزوجه من ابنته وأقطعه هذه الأرض التي تعرف اليوم ببخارى، فبنى بها مدينة، ثم انقلب عليه أفراسياب بسعي الوشاة وقتله، وكتبت فيه المراثي والتي لا تزال تردد في بخارى إلى اليوم.
وبخارى هي من أهم مدن خراسان ، ويذكر النرشخي (ت 384هـ/ 959م) مؤلف كتاب “تاريخ بخارى” أن الأرض التي بنيت عليها بخارى كانت مروجاً وغياضاً عامرة بحيوان الصيد، والتي تكونت من فياضانات نهر الصغد، الذي يفيض بذوبان الثلوج في أعالي الجبال، فيجرف الطمي الذي يخصب الأرض، فقصدها الناس لخصها وطيب هوائها، وعمروها وأمَّروا عليهم أميراً.
وقد سمى الصينيون منذ القرن الخامس الميلادي بخارى باسم “نومي”، ويقال إن كلمة بخارى هوتحوير لكلمة “بخر”، وهوتحوير تركي للكلمة السنسكريتية “ڤيهارا”، ومعناها صومعة أودير، ويقال أنه كان للبوذيين فيها معبد قبل الإسلام.
وأطلقت المصادر العربية اسم بخار خداة أو بخارا خداه على سكان بخارى الأصليين. وقد ضنت المصادر القديمة بإيراد معلومات عن تاريخ بخارى قبل الإسلام. على أن تاريخ هذه المدينة الزاخر الغني بالأحداث الجسام يبدأ بعد الفتح الإسلامي لها.
الفتح الإسلامي لمدينة بخارى:
كان أهل بخارى قبل الإسلام وثنيين لهم سوق تباع فيها الأصنام يقال لها “ماخ” وتقام مرة كل عام. وأكثر الروايات تتفق على أن أول من اجتاز النهر من المسلمين إلى جبال بخارى هو عبيد الله بن زياد والي الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (41 – 60هـ/ 687 – 706م) على خراسان سنة 54هـ/674م، وهو ابن خمس وعشرين سنة، فقطع النهر في أربعة وعشرين ألفا، وكان على عرش بخارى في ذلك الوقت أرملة أميرها التي تجمع أغلب المصادر على تسميتها “خاتون” وهو لفظ تركي معناه “السيدة”.
وقد أرسلت خاتون إلى الترك تستمدهم فلقيهم المسلمون وهزموهم، فطلبت خاتون الصلح والأمان فصالحها عبيد الله بن زياد على ألف ألف درهم. ودخل المدينة وفتح زامين وبيكند، وعاد إلى البصرة في ألفين من سبي بخارى كلّهم جيّد الرمي بالنّشّاب ففرض لهم العطاء.
ثم ولَّى الخليفة معاوية بن أبي سفيان سعيد بن عثمان بن عفان خراسان سنة 55هـ، فقطع النهر وغزا سمرقند وحملت خاتون إليه الأتاوى وأعانته بأهل بخارى.
فتح قتيبة بن مسلم لبخارى:
لم يتوطد الحكم العربي في بخارى إلا في خلافة الوليد بن عبد الملك (86- 96هـ) حينما ولَّى الحجاج بن يوسف أمير العراقين (75- 95هـ) قتيبة بن مسلم الباهلي خراسان (86- 96هـ) وأمره بفتح بلاد ما وراء النهر.
فتح قتيبة بخارى سنة 90هـ وكان حاكمها آنذاك “وردان خداه”، الذي استنجد بالصغد والترك فأنجدوه، لكن قتيبة انتصر عليهم بعد قتال عنيف، وجُرح خاقان الترك وابنه، وملَّك قتيبة طغشاده بخارى بعد أن أجلى خصومه عنها. وقد قُتل طغشاده سنة 121هـ في معسكر والي خراسان نصر بن سيَّار على يد دهقان من دهاقين بخارى.
وبنى قتيبة المسجد الجامع داخل حصن بخارى سنة 94هـ/712م وكان ذلك الموضع بيت أصنام، فلما ازداد انتشار الإسلام لم يعد ذلك المسجد يتسع لهم فبُني مسجدٌ آخر بين السور والمدينة في عهد هارون الرشيد (170- 193هـ).
وقد كانت بخارى تتمتع بثراء هائل وتجارة وصناعات زاهرة، ويتجلى ذلك في غنائم المسلمين منها، وما صالحوا أهلها عليه من مال وخراج كان يؤدى في صورة منسوجات فاخرة لدار الخلافة.
آثار بخارى ومعالمها:
يوجد في “بخارى” إلى الآن أكثر من 140أثرًا معماريًا من أشهرها:
– قبة السامانيين، التى شيدها “إسماعيل الساماني” سنة (892م)، والمبنى عبارة عن مربع تعلوه قبة ترتكز على رقبة تبدأ بثمانية أضلاع وتنتهي بستة عشر ضلعًا في أركانها أربع قباب صغيرة.
– البوابة الجنوبية لأحد مساجد بخارى، التي شيدها “القراخانيون” في القرن (6هـ)، وقد جمعت هذه البوابة كافة الفنون الزخرفية في بخارى.
– مسجد “نمازكاه” الذي شُيِّد في القرن (6هـ).
– مئذنة “كاليان”، أقامها “أرسلان خان” سنة (1127م)، وزُينت هذه المئذنة من أسفلها إلى أعلاها بالطوب المزخرف بمهارة عالية.
– مسجد “بلند”، وهو من منشآت القرن (16م)، ويمتاز برواق خارجي به أعمدة خشبية تحمل سقفًا خشبيًا.
– حوض “ماء لب”: الذي شُيِّد بأمر أحد مسئولي بخارى، والحوض يكسوه الحجر الجيري، وحوله حدائق غنَّاء.
أعلام بخارى:
ومن أهم أعلام بخارى، الإمام “إسحاق بن راهويه”، والإمام “البخاري” العالم البارز الذي تعرف به مدينة “بخارى” عندما تُذْكر، وهو صاحب أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل.
ومن شخصيات بخارى كذلك الفيلسوف الطبيب أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا، والمعروف بابن سينا ، وتوفي عام 428هـ / 1036م، ومن مؤلفاته الإشارات والتنبيهات في الفلسفة، والقانون في الطب.
قالوا عن بخارى
قال ياقوت الحموي: “وليس بما وراء النهر وخراسان بلدة أهلها أحسن قياما بالعمارة على ضياعهم من أهل بخارى ولا أكثر عددا على قدرها في المساحة، وذلك مخصوص بهذه البلدة لأن متنزهات الدنيا صغد سمرقند ونهر الأبلّة ..، وليس بخراسان وما وراء النهر مدينة أشد اشتباكا من بخارى ولا أكثر أهلا على قدرها”.
ونقل ياقوت عن صاحب كتاب الصور: ” وأما نزهة بلاد ما وراء النهر فإني لم أر ولا بلغني في الإسلام بلدا أحسن خارجا من بخارى؛ لأنك إذا علوت قهندزها لم يقع بصرك من جميع النواحي إلّا على خضرة متصلة خضرتها بخضرة السماء، فكأنّ السماء بها مكبّة خضراء مكبوبة على بساط أخضر تلوح القصور فيما بينها كالنّواوير فيها، وأراضي ضياعهم منعوتة بالاستواء كالمرآة”.