رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن حفظ الحقوق
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن حفظ الحقوق
بقلم المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الشرفي للمركز الفرنسي للعلماء والمخترعين
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
مما لاشك فيه أن دِينُ الْإِسْلَامِ جاء بِحِفْظِ الْحُقُوقِ وَصِيَانَتِهَا، فَمَنَعَ كُلَّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَنْتَهِكَ حُرْمَتَهَا، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ. وَمِنْ أَهَمِّ طُرُقِ إِثْبَاتِ الْحُقُوقِ الَّتِي يَسْتَدِلُّ بِهَا الْقُضَاةُ، وَيَحْكُمُونَ بِمُوجِبِهَا عِنْدَ التَّنَازُعِ هِيَ: الشَّهَادَةُ، لِذَلِكُمْ سَيَكُونُ عُنْوَانُ خُطْبَتِنَا لِهَذَا الْيَوْمِ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ: تَحْذِيرُ ذَوِي الْأَلْبَابِ، مِمَّا لِشَهَادَةِ الزُّورِ مِنَ الْأَعْقَابِ
مَفْهُومُ الشَّهَادَةِ وَحُكْمُ أَدَائِهَا، فَالشَّهَادَةُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ (شَهِدَ) مِنَ (الشُّهُودِ)، وَمِنْ مَعَانِيهَا: اَلْخَبَرُ الْقَاطِعُ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا. وَالشَّهَادَةُ فِي الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ هِيَ: إِخْبَارُ حَاكِمٍ مَنْ عَلِمَ لِيَقْضِيَ بِمُقْتَضَاهُ. وَمَعْنَاهُ: أَنْ يُخْبِرَ الشَّاهِدُ الْقَاضِيَ بِخَبَرٍ يَعْلَمُهُ يَقِينًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ الْقَاضِي حُكْمَهُ. وَالْأَصْلُ أَنَّ حُكْمَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ قَامَ بِذَلِكَ مَنْ يَكْفِي سَقَــطَ الْإِثْمُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِنِ اِمْتَنَعُواْ أَثِمَ كُــلُّ قَـــادِرٍ عَلَــيْهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُواْ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: جَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَمْرَيْنِ: لَا تَأْبَ إِذَا كَانَتْ عِنْدَكَ شَهَادَةٌ أَنْ تَشْهَدَ، وَلَا تَأْبَ إِذَا دُعِيتَ إِلَى شَهَادَةٍ. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ. وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً. قَالَ الْإِمَامُ الْجَصَّاصُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِلنَّاسِ كُلِّهِمُ الِامْتِنَاعُ مِنْ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَحَمُّلِهَا لَبَطَلَتِ الْوَثَائِقُ وَضَاعَتِ الْحُقُوقُ، وَكَانَ فِيهِ سُقُوطُ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَنَدَبَ إِلَيْهِ مِنَ التَّوَثُّقِ بِالْكِتَابِ وَالْإِشْهَادِ.
مَفْهُومُ شَهَادَةِ الزُّورِ وَحُكْمُهَا، فَشَهَادَةُ الزُّورِ شَرْعًا قَالَ فِيهَا الْإِمَامُ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: هِيَ الشَّهَادَةُ بِالْكَذِبِ لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إِلَى الْبَاطِلِ، مِنْ إِتْلَافِ نَفْسٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ تَحْلِيلِ حَرَامٍ أَوْ تَحْرِيمِ حَلَالٍ. وَ(الزُّورُ) فِي الْأَصْلِ هُوَ: تَحْسِينُ الشَّيْءِ وَتَسْوِيَتُهُ، وَمِنْهُ أُخِذَتْ (شَهَادَةُ الزُّورِ)، ذَلِكَ أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنِ الْكَذِبِ الَّذِي قَدْ سُوِّيَ وَحُسِّنَ فِي الظَّاهِرِ لِيُحْسَبَ أَنَّهُ صِدْقٌ، وَ(شَهَادَةُ الزُّورِ) مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْفَسَادِ، حَتَّى عَدَلَتِ الشِّرْكَ بِرَبِّ الْعِبَادِ، رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ، ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ. وَرَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اَلْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. وَفِي شَهَادَةِ الزُّورِ ثَلَاثَةُ آثَامٍ: اَلْأَوّلُ: كَوْنُهَا مَعْصِيَةً لِكَذِبِ الشَّاهِدِ وَافْتِرَائِهِ، وَالثَّانِي: إِعَانَةُ الظَّالِمِ عَلَى ظُلْمِهِ، وَالثَّالِثُ: خِذْلَانُ الْمَظْلُومِ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِيَ لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.
عُقُوبَةُ شَاهِدِ الزُّورِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَشَهَادَةُ الزُّورِ لَيْسَتْ مُجَرّدَ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا الْإِنْسَانُ، ثُمَّ يَمْحُوهَا بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، بَلْ هِيَ كَلِمَةٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فَسَادٌ وَدَمَارٌ، فَكَمْ خَرَّبَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ مِنْ بُيُوتٍ عَامِرَةٍ، وَكَمْ ضَيَّعَتْ مِنْ حُقُوقٍ ظَاهِرَةٍ، وَكَمْ أَزْهَقَتْ مِنْ أَرْوَاحٍ بَرِيئَةٍ، وَكَمْ خَلَّصَتْ مِنْ أَيَادٍ أَثِيمَةٍ، لِذَلِكُمْ كَانَتْ عُقُوبَتُهَا وَخِيمَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى عُمَّالِهِ بِالشَّامِ: أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ يُضْرَبُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَيُسَخَّمُ وَجْهُهُ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، وَيُطَالُ حَبْسُهُ. وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنِ اِقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُواْ: اَلْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَّا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ. فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ. فَاتَّقُواْ اللَّهَ –، وَاحْذَرُواْ مِنَ التَّلَبُّسِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ إِنْ كُنْتُمُ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ