رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن مكانة الشهيد
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن مكانة الشهيد
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الشباب
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
أولاً: تعريف الشهيد:
عرَّفه الشافعيَّة فقالوا: “الشهيد هو من مات من المسلمين في جهاد الكفَّار بسببٍ من أسباب قِتالهم قبل انقضاء الحرب؛ كأنْ قتلَه كافرٌ، أو أصابه سلاحُ مسلم خطأ، أو عاد عليه سلاحُه، أو تردَّى في بئر أو وهدة، أو رفسَته دابَّتُه فمات، أو قتلَه مسلِم باغٍ استعان به أهلُ الحرب”.
ثانيًا: سبب تسمية الشهيد بهذا الاسم:
سمِّي الشهيد شهيدًا لأنَّ ملائكة الرَّحمة تشهده، أو لأنَّ الله تعالى وملائكته شُهود له بالجنَّة، أو لأنَّه ممن يُسْتَشهد يوم القيامة على الأمم الخالية، أو لسقوطه على الشَّاهدة؛ أي: الأرض، أو لأنَّه حيٌّ عند ربِّه حاضر، أو لأنَّه يَشْهد ما أعدَّ الله له تعالى من النَّعيم، وقيل غير ذلك، والشَّهيد الذي يستحقُّ الفضائلَ السابقة ونحوها هو شهيد المعركة مع العدوِّ.
ثالثًا: فضل الشهيد ومكانته:
1- الشهداء أحياء عند الله تعالى:
يقول سبحانه: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 154].
ويقول: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 169 – 171].
2- تمنِّي الرجوع إلى الدنيا ليقتل مرة ثانية:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبدٍ يموتُ، له عند الله خيرٌ، يحبُّ أن يرجع إلى الدُّنيا وأنَّ له الدُّنيا وما فيها إلاَّ الشَّهيد؛ لما يرى من فَضل الشَّهادة؛ فإنَّه يسُرُّه أن يَرجع إلى الدُّنيا فيُقتل مرَّةً أُخرى))؛ الترمذي، حسن صحيح.
قال جابر بن عبدالله: لَقيني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: ((يا جابرُ، ما لي أراك مُنكسرًا؟))، قلتُ: يا رسول الله، استُشهد أبي، قُتل يوم أُحُدٍ، وترك عيالاً ودَينًا، قال: ((أفلا أُبشِّرُك بما لقي اللهُ به أباك؟))، قال: قلتُ: بلى يا رسول الله، قال: ((ما كلَّم اللهُ أحدًا قطُّ إلاَّ من وراء حجابٍ، وأحيا أباك فكلَّمه كفاحًا، فقال: يا عبدي، تمنَّ عليَّ أُعطِك، قال: يا رب، تُحييني فأُقتَل فيك ثانيةً، قال الرَّبُّ عزَّ وجلَّ: إنَّه قد سبق منِّي أنَّهم إليها لا يرجعُون، قال: يا رب، فأبلغ من ورائي، قال: وأُنزلت هذه الآيةُ: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ﴾ [آل عمران: 169]؛ الآية))؛ الترمذي، حسن.
وعن مسروقٍ قال: سألنا عبدالله عن هذه الآية: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169]، قال: أمَا إنَّا قد سألنا عن ذلك، فقال: ((أرواحُهم في جوف طيرٍ خُضرٍ، لها قناديلُ مُعلَّقة بالعرش، تسرحُ من الجنَّة حيثُ شاءت، ثُمَّ تأوي إلى تلك القناديل، فاطَّلع إليهم ربُّهم اطِّلاعةً فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيءٍ نشتهي ونحن نسرحُ من الجنَّة حيثُ شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرَّاتٍ، فلمَّا رأوا أنَّهم لن يُتركوا من أن يُسألُوا، قالوا: يا رب، نريدُ أن ترُدَّ أرواحَنا في أجسادنا حتى نُقتل في سبيلك مرَّةً أُخرى، فلمَّا رأى أن لَيس لهم حاجة تُرِكوا))؛ السلسلة الصحيحة.
3- الشهداء أصحاب الأجر الوفير، والنور التام المنير:
﴿ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾ [الحديد: 19].
4- نبينا صلى الله عليه وسلم تمنى أن يكون شهيدًا، وأن يُقتل في سبيل الله مرات ومرات:
فعن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، وددتُ أنِّي أُقاتلُ في سبيل الله فأُقتلُ، ثم أُحيا ثم أُقتلُ، ثم أُحيا ثمَّ أُقتلُ))؛ متفق عليه.
5- لا يفتن في قبره:
وعن راشد بن سعد رضي الله عنه عن رجل من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، ما بال المؤمنين يُفتنون في قبورهم إلاَّ الشهيد؟ قال: ((كفى ببارِقة السيوف على رأسه فِتنة))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
6- لا يشعر بالألم عند موته:
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يجدُ الشَّهيدُ من مسِّ القتل إلا كما يجدُ أحدُكم من مسِّ القَرصة))؛ السلسلة الصحيحة.
7- وعد الله للمجاهد إن توفَّاه أن يدخله الجنة:
عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((مَثلُ المُجاهد في سبيل الله – واللهُ أعلمُ بمن يُجاهدُ في سبيله – كمَثل الصَّائم القائم، وتَوكَّل الله للمُجاهد في سبيله بأن يتوفَّاه أن يُدخله الجنَّة، أو يَرجِعه سالمًا مع أجرٍ أو غنيمةٍ)).
روى البخـاري عـن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((انتدب اللهُ لمن خرج في سبيله – لا يُخرِجه إلاَّ إيمانٌ بي وتصديقٌ برُسُلي – أن أَرجِعَه بما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ، أو أُدخله الجنَّة، ولولا أن أشُقَّ على أُمَّتي ما قعدتُ خلف سريَّةٍ، ولوددتُ أنِّي أُقتل في سبيل الله، ثمَّ أُحيا ثمَّ أُقتل، ثمَّ أُحيا ثم أُقتل)).
8- له مائة درجة عند الله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ في الجنة مائة درجة أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتين كما بين السماء والأرض))؛ رواه البخاري.
9- المجاهد في سبيل الله كالصائم القائم القانت بآيات الله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثَل المجاهد في سبيل الله كمثَل الصَّائم القائم القانِت بآيات الله، لا يَفتر من صيامٍ ولا صلاة، حتى يَرجع المجاهِد في سبيل الله تعالى))؛ رواه البخاري ومسلم.
10- رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها:
عن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((رِباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها))، وعند مسلم: ((لَغدوةٌ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها))؛ رواه البخاري.
11- لا تمس النارُ القدمين اللتين اغبرَّتا في سبيل الله:
عن أبي عبس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما اغبرَّتَا قدمَا عبدٍ في سبيل الله فتمسه النار))؛ رواه البخاري.
12- لا يدخل مسلمٌ قَتل كافرًا في النار:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا يَجتمع كافر وقاتِله في النار أبدًا))؛ رواه مسلم.
13- الشهداء لا يُصعقون من النفخ في الصُّور:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الله صلى الله عليه وسلم أنَّه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الزمر: 68]: ((مَن الذين لم يَشأ اللهُ أن يصعقهم؟ قال: هم شُهداء الله))؛ الحاكم النيسابوري.
أفاد الحديث: أنَّ الشهداء هم المستثنَون من الصَّعق في الآية، قال بذلك جماعةٌ من العلماء.
عن سمُرة قال: قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيتُ الليلة رجُلين أتياني، فصعدا بي الشجرةَ، فأدخلاني دارًا هي أحسنُ وأفضلُ لم أرَ قطُّ أحسن منها، قالا: أمَّا هذه الدارُ، فدارُ الشُّهداء))؛ (رواه البخاري).
14- الشهيد رائحة دمه مسكٌ يوم القيامة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيل الله – واللهُ أعلَمُ بمن يُكلَم في سبيل الله – إلاَّ جاء يوم القيامة وجرحُه يَثعب دمًا، اللون لون دمٍ، والرِّيح رِيح مِسك))؛ (رواه البخاري).
رابعًا: صفات الشهيد:
((للشَّهيد عند الله ستُّ خصالٍ: يُغفرُ له في أوَّل دفعةٍ، ويرى مقعده من الجنَّة، ويُجارُ من عذاب القبر، ويَأمنُ من الفزَع الأكبر، ويُوضَع على رأسه تاجُ الوقار الياقُوتةُ منها خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، ويُزوَّجُ اثنتين وسبعين زوجةً من الحُور العين، ويُشفَّعُ في سبعين من أقاربه))؛ السلسلة الصحيحة.
خامسًا: أقسام الشهيد:
اتَّفق العلماء على أنَّ الشهداء ثلاثة أقسام:
أ- شهيد الدنيا والآخرة.
ب – شهيد الدنيا.
ج – شهيد الآخرة.
أ – أما شهيد الدنيا والآخرة:
فهو الشَّهيد الكامل الشهادة، وهو أَرفع الشُّهداء منزلةً عند الله، وأفضلهم مقامًا في الجنَّة، وهو المسلِم المكلَّف الطاهِر، الذي قُتل في المعركة مخلصًا لله النيَّة، مقبلاً غير مدبِر، سواء قتلَه أهلُ الحرب أو البَغي أو قطَّاع الطريق، أو وُجد في المعركة وبه أثر القتل.
ب – شهيد الدنيا:
هو من غَلَّ من الغنيمة أو مات مدبرًا، أو من قاتَل لتُعلَم شجاعتُه، أو طلبًا للغنيمة فقط، ولعلَّ كل قتيل في المعركة لم يكن مخلصًا لله فهو من شهداء الدُّنيا، فإذا كان الباعث له ليس الجهاد في سبيل الله؛ وإنَّما شيء من أشياء الدنيا، فإنَّه لا يَحرِم نفسَه من الأجر والثواب فحسب، بل إنَّه بذلك يعرِّض نفسَه للعذاب يوم القيامة، فعن أبي هريرة قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((إنَّ أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجُلٌ استُشهد، فأُتِيَ به فعرَّفه نعمَه فعرَفَها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استُشهدتُ، قال: كذبتَ، ولكنَّك قاتلتَ لأن يُقال: جريءٌ، فقد قيل، ثُمَّ أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار))؛ رواه مسلم.
ج – شهيد الآخرة:
هو من أثبت له الشارعُ الشهادةَ، ولم تَجرِ عليه أحكامها في الدنيا؛ أي: إنَّه كباقي الموتى يغسَّل ويكفَّن ويصلَّى عليه ويُدفن، وقد جعلهم الشارعُ في حكم الشهداء، لخصلة خيرٍ اتَّصفوا بها، أو لمصيبةٍ أصابَتهم فقَدوا فيها حياتهم.
وقد ذكر العلماء – بناء على ما ورد من أحاديث – أنَّ شهداء الآخرة كثيرون، عدَّها السيوطيُّ ثلاثين، وأوصلها بعضُهم إلى الخمسين، فمن ذلك:
1 – طالب الشهادة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سأل اللهَ الشَّهادة بصدقٍ، بلَّغه الله منازِلَ الشُّهداء وإن مات على فِراشه))؛ (رواه مسلم).
ويفيد الحديث: أنَّ من طلب الشَّهادة صادقًا؛ بأن يكون قَصده الجهاد في سبيل الله لنصرة دينه، ثمَّ مات على فراشه؛ فإنَّ الله يَكتب له أجرَ شهيد، ويَبعثه في زمرة الشُّهداء؛ لأنَّ الله علِم صِدق نيَّته وشرف قصده، والقرآن يؤيِّد هذا؛ وذلك أنَّ الهجرة قَبل فتح مكَّة كانت مفروضة، وتاركها عاصٍ، وكان بعض الصَّحابة يموت في الطَّريق قبل وصوله إلى المدينة، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [النساء: 100]؛ أي: فقد حصل له أجر المهاجِر، وكُتب في زمرة المهاجرين؛ لذلك كان الصَّحابة يحرصون على الموت في سبيل الله، ويسألون اللهَ ذلك في دعائهم وصلاتهم؛ فهذا سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو على فراش الموت يقول: “والله لقد شهدتُ مائة زَحف أو زهاءها، وما في جسدي إلاَّ ضَربة سيف أو طَعنة رمح، وهأنذا أموتُ على فراشي كما تموت العير، فلا نامَت أعين الجبناء”.
2 – المقتول دون ماله:
عن أبي هريرة قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن جاء رجُلٌ يُريدُ أخذ مالي؟ قال: ((فلا تُعطِه مالك))، قال: أرأيتَ إن قاتَلَني؟ قال: ((قاتِلْه))، قال: أرأيتَ إن قتلَني؟ قال: ((فأنتَ شهيدٌ))، قال: أرأيتَ إن قتلتُه؟ قال: ((هو في النار))؛ (رواه مسلم).
3- المقتول دون مظلمته:
عن سويد بن مقرن رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قُتل دون مَظلمته، فهو شهيدٌ))؛ (رواه النسائي).
مَظلَمة: بفتح الميم واللام: ما أُخذ من الشَّخص ظلمًا؛ كأرض، أو بهيمة، أو ثياب، وما أشبه ذلك.
عن عبدالله بن عمرو بن العاص، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من مُسلمٍ يُظلَم بمظلمةٍ فيُقاتِل فيُقتَل إلاَّ قُتل شهيدًا))؛ (رواه أحمد).
4 – المقتول دون دِينه أو أهله أو دمه:
كل واحد من هؤلاء الثلاثة شهيد؛ عن سعيد بن زيدٍ قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((مَن قُتل دون ماله فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دون دِينه فهو شهيدٌ، ومن قُتل دون دمه فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دون أهله فهو شهيد))؛ (رواه الترمذي).
5- موت الغربة:
عن ابن عباسٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((موتُ غُربةٍ شهادةٌ))؛ (رواه ابن ماجه).
6 – الميت مريضًا:
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((من مات مريضًا، مات شهيدًا، ووُقي فتنة القبر، وغُدي وريح عليه برزقه من الجنَّة))؛ (رواه ابن ماجه).
وليس المراد بالحديث مطلَق المرض؛ بل هو محمول على مرض الطَّاعون؛ وذلك ما يوضحه الحديثان التاليان:
عن العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يختصمُ الشُّهداءُ والمُتوفون على فُرُشهم إلى ربِّنا في الذين يُتوفون من الطَّاعُون، فيقولُ الشُّهداءُ: إخوانُنا قُتلوا كما قُتلنا، ويقُولُ المُتوفون على فُرُشهم: إخوانُنا ماتُوا على فُرُشهم كما مُتنا، فيقُولُ ربُّنا: انظُرُوا إلى جراحهم، فإنْ أشبه جراحُهم جراح المقتُولين فإنَّهم منهم ومعهم، فإذا جراحُهم قد أشبهَت جراحهم))؛ (رواه النسائي).
عن عُتبة بن عبد السُّلمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي الشُّهداءُ والمُتوفون بالطاعُون، فيقولُ أصحابُ الطاعون: نحن شُهداء، فيُقالُ: انظُروا، فإن كانت جراحُهم كجراح الشُّهداء تسيلُ دمًا ريح المسك، فهم شُهداءُ؛ فيجدُونهم كذلك))؛ (رواه أحمد).
وقد أَخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن جملة من الشُّهداء؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تعُدُّون الشهيد فيكُم؟))، قالُوا: يا رسُول الله، مَن قُتل في سبيل الله فهو شهيدٌ، قال: ((إنَّ شُهداء أُمَّتي إذًا لقليلٌ))، قالوا: فمَن هم يا رسُول الله؟ قال: ((مَن قُتل في سبيل الله فهو شهيدٌ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيدٌ، ومن مات في الطَّاعُون فهو شهيدٌ، ومن مات في البَطن فهو شهيدٌ، والغريقُ شهيدٌ))؛ (رواه مسلم)، وقال رسولُ الله صلى الله علي وسلم: ((الشهادةُ سبعٌ سوى القتل في سبيل الله: المطعونُ شهيدٌ، والغَرِقُ شهيدٌ، وصاحبُ ذات الجنب شهيدٌ، والمبطُونُ شهيدٌ، وصاحبُ الحريق شهيدٌ، والذي يمُوتُ تحت الهدم شهيدٌ، والمرأةُ تمُوتُ بجُمعٍ شهيدٌ))؛ (رواه أبو داود).
7 – طالب العلم:
عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن خرَج في طلب العلم، كان في سبيل الله حتى يرجع))؛ (رواه الترمذي).
8 – قائل كلمة الحق للإمام الظالم:
جاء رجُلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال له: أيُّ الجهاد أفضلُ؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((كلمةُ حقٍّ عند إمامٍ جائرٍ))؛ (رواه أحمد).
عن ابن عباسٍ رضي الله تعالى عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((سيِّدُ الشُّهداء حمزةُ بن عبدالمُطَّلب، ورجُلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمَرَه ونهاه فقتَلَه))، الشخص الذي يقوم إلى إمام جائر، فيأمره بالعدل واتِّباع الحق، ويَنهاه عن الظُّلم والانحراف، وهو يعلم جورَه وبطشه، فيغضب عليه الإمام ويَقتله – يكون من سادات الشُّهداء؛ لأنَّه ضحَّى بنفسه وحياته في سبيل كلمة حقٍّ يقولها، ونصيحة يبذلها.
سادسًا: مواقف الشهداء:
في غزوة بدرٍ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قُومُوا إلى جنَّةٍ عرضُها السَّمواتُ والأرضُ))، فقال عُميرُ بنُ الحُمام الأنصاريُّ: يا رسُول الله، جنَّةٌ عرضُها السمواتُ والأرضُ؟! قال: ((نعم))، قال: بخٍ بخٍ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يحملُك على قولك: بخٍ بخٍ))؟ قال: لا والله يا رسول الله، إلاَّ رجاءةَ أن أكُون من أهلها، قال: ((فإنَّك من أهلها))، فأَخرج تمراتٍ من قَرَنِه فجعل يأكُلُ منهنَّ، ثمَّ قال: لئن أنا حييتُ حتى آكُل تمراتي هذه إنَّها لحياةٌ طويلةٌ، فرمى بما كان معه من التَّمر، ثمَّ قاتَلَهم حتى قُتل؛ (مسلم).
ومن هذه المواقف ما أخبر به أنس بن مالك، قال أنس: “عمِّي الذي سُمِّيتُ به لم يَشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا، فشقَّ عليه، قال: أولُ مَشهدٍ شَهده رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غُيِّبتُ عنه، وإن أَرَانِي اللهُ مشهدًا فيما بعدُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيَرَانِي اللهُ ما أصنعُ، قال: فهاب أن يقُول غيرها، فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحُدٍ، فاستقبل سعدُ بن مُعاذٍ، فقال له أنسٌ: يا أبا عمرٍو، أين؟ فقال: واهًا لريح الجنَّة أجدُه دُون أُحُدٍ، قال: فقاتَلَهم حتى قُتل، فوُجد في جسده بضعٌ وثمانُون من بين ضربةٍ وطعنةٍ ورميةٍ، فقالت أُختُه – عمَّتي الرُّبَيِّعُ بنتُ النَّضر -: فما عرَفتُ أخي إلاَّ ببنانه، ونزلت هذه الآيةُ: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23]، قال: فكانوا يرون أنَّها نزلَت فيه وفي أصحابه”؛ البخاري.
ومنها: ما أخبر به عن شدَّاد بن الهاد: أنَّ رجُلاً من الأعراب جاء إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فآمن به واتَّبعه، ثمَّ قال: أُهاجرُ معك، فأوصى به النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعضَ أصحابه، فلمَّا كانت غزوةٌ غَنم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم سبيًا، فقسم وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرَهم، فلمَّا جاء دفعُوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسمٌ قسَمَه لك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأخذه فجاء به إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال: ((قسمتُه لك))، قال: ما على هذا اتَّبعتُك، ولكنِّي اتَّبعتُك على أن أُرمى إلى هاهنا – وأشار إلى حلقه – بسهمٍ فأموت فأدخُل الجنَّة، فقال: ((إن تصدُقِ الله يصدُقْك))، فلبثُوا قليلاً ثمَّ نهضُوا في قتال العدُوِّ، فأُتي به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحملُ قد أصابه سهمٌ حيثُ أشار، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أهو هو؟))، قالُوا: نعم، قال: ((صدَق اللهَ فصدَقَه))، ثمَّ كفَّنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في جُبَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم قدَّمه فصلَّى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: ((اللهمَّ هذا عبدُك، خرج مُهاجرًا في سبيلك، فقُتل شهيدًا، أنا شهيدٌ على ذلك))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
قال البخاريُّ: “حدَّثنا محمدُ بن سعيدٍ الخزاعيُّ، حدَّثنا عبدالأعلى، عن حُميدٍ قال: سألتُ أَنسًا قال: ح، وحدَّثنا عمرو بن زُرارة، حدَّثنا زيادٌ، قال: حدَّثني حُميدٌ الطويلُ، عن أنسٍ رضي الله عنه قال: غاب عمِّي أنسُ بن النَّضر عن قتال بدرٍ، فقال: يا رسول الله، غبتُ عن أول قتالٍ قاتلتَ المُشركين! لئن الله أشهدني قتالَ المُشركين ليرينَّ اللهُ ما أصنعُ، فلمَّا كان يومُ أُحُدٍ وانكشف المُسلمُون، قال: اللهمَّ إنِّي أعتذرُ إليك ممَّا صَنع هؤلاء – يعني أصحابه – وأبرَأُ إليك ممَّا صنع هؤلاء – يعني المُشركين – ثمَّ تقدَّم فاستقبله سعدُ بن مُعاذٍ فقال: يا سعدُ بن مُعاذٍ، الجنَّة وربِّ النَّضر، إنِّي أجدُ ريحَها من دون أُحُدٍ، قال سعد: فما استطعتُ يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربةً بالسَّيف أو طعنةً برُمحٍ أو رميةً بسهمٍ، ووجدناه قد قُتل وقد مَثَّل به المُشركُون، فما عرَفه أحدٌ إلاَّ أُختُه ببنانه، قال أنس: كنَّا نرى أو نظنُّ أنَّ هذه الآية نزلَت فيه وفي أشباهه: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب: 23]؛ إلى آخر الآية، وقال: إنَّ أُخته – وهي تُسمَّى الرُّبيِّع – كسرَت ثنيَّة امرأةٍ، فأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالقِصاص، فقال أنس: يا رسول الله، والذي بعثك بالحقِّ لا تُكسر ثنيَّتُها، فرضوا بالأرش وتَركوا القصاص، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ من عباد الله مَن لو أقسم على الله لأبرَّه))؛ البخاري.
سابعًا: بالنية تنال أجرَ الشهادة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن طلب الشَّهادة صادقًا، أُعطيها ولو لم تُصبه))؛ مسلم.
عن أبي شريح، أن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف حدَّثه عن أبيه عن جدِّه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((من سأل الله الشَّهادةَ بصدقٍ، بلَّغه الله منازلَ الشُّهداء وإن مات على فراشه))؛ مسلم.