رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن الموت عاقبة كل حي
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن الموت عاقبة كل حي
بقلم / المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن اللهَ جَعَلَ المَوْتَ حَتْماً لَا مَفَرَّ لِأَحَدٍ مِنْهُ وَلَا أَمَانَ , سَاوَى فِيهِ بَيْنَ الحُرِّ وَالعَبْدِ وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالغَنِيِّ وَالفَقِيرِ ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)
فَالكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ وَ الحَازِمُ مَنْ بَادَرَ بِالعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الفَوْتِ , وَالمُسْلِمُ مَنْ اسْتَسْلَمَ لِلْقَضَاءِ وَالقَدَرِ , وَالمُؤْمِنُ مَنْ رَجَى ثَوَابَ اللهِ وَاحْتَسَبَ وَصَبَرَ
لِلزَّمَانِ كَرْبٌ مُكْلِمٌ ، وَلِفَقْدِ الوَالِدَيْنِ خَطْبٌ مُؤْلِمٌ , يَنْخَلِعُ لَهُ القَلْبُ ، وَيَتَفَطَّرُ لَهُ الفُؤَادُ , فَقْدُ الأَحِبَّةِ مِنْ أَثْقَلِ الأَنْكَادِ ،
وَلَرُبَّ أَمْرٍ مُحْزِنٍ لَكَ فِي عَوَاقِبِهِ الرِّضَا وَلَرُبَّمَا اتَّسَعَ المَضِيقُ وَرُبَّمَا ضَاقَ الفَضَا
فَاقْبَلْ بِمَا كَتَبَ الإِلَهُ عَلَى ابْنِ آدَمَ أَوْ قَضَى
فَكَمْ مِنْ مَغْبُوطٍ بِنِعْمَةٍ هِيَ دَاؤُهُ , وَكَمْ مِنْ خَيْرٍ مَنْشُورٌ وَشَّرٍّ مَسْتُورٌ ,
وَمَحْبُوبٍ مَكْرُوهٌ , وَمَكْرُوهٍ مَحْبُوبٌ ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
لاَ تَكْرَهِ المَكْرُوهَ عِنْدَ حُلُولِهِ
إِنَّ العَوَاقِبَ لَمْ تَزَلْ مُتَبَايِنَة
كَمْ نِعْمَةٍ لَا يُسْتَهَانُ بِشُكْرِهَا
لِلهِ فِي طَيِّ المَكَارِهِ كَامِنَة
لَوْ اسْتَخْبَرْتُمْ العُقُولَ وَالنُّقُولَ لَأَخْبَرَتْكُمْ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ مَصَائِبٍ وَشُرُورٍ ,
لَيْسَ فِيهَا لَذَّةٌ إِلَّا وَهِيَ مَشُوبَةٌ بِكَدَرٍ , فَمَا ظَنَنْتَ أَنَّهُ شَرَابٌ فَهُوَ سَرَابٌ , وَمَا حَسِبْتَ أَنَّهُ عَمَارٌ فَهُوَ خَرَابٌ ,
طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا
صَفْواً مِنْ الأَقْذَارِ وَالأَكْدَارِ
وَمُكَلِّفُ الأَيَّامِ غَيْرَ طِبَاعِهَا
مُتَطَلِّبٌ فِي المَاءِ جَذْوَةَ نَارِ
الدُّنْيَا لَا تَخْلُو مِنْ بَلِيَّةٍ , وَلَا تَصْفُو مِنْ مِحْنَةٍ وَرَزِيَّةٍ , صَحِيحُهَا يَسْقَمُ , وَكَبِيرُهَا يَهْرَمُ , وَمَوْجُودُهَا يُعْدَمُ ..
وَكَمْ طَافَ بِنَا الزَّمَانُ عَلَى مَنْ اجْتَمَعُوا وَتَفَرَّقُوا وَوُلِدُوا وَمَاتُوا , وَفَرِحُوا وَحَزِنُوا
المَرْءُ رَهْنُ مَصَائِبٍ لاَ تَنْقَضِي
حَتَّى يُوَسَّدَ جِسْمَهُ فِي رَمْسِهِ
فَمُؤَجَّلٌ يَلْقَى الرَّدَى فِي غَيْرِهِ
وَمُعَجَّلٌ يَلْقَى الرَّدَى فِي نَفْسِهِ
قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : لَوْلَا مَصَائِبُ الدُّنْيَا وَاحْتِسَابُنَا لَوَرَدْنَا القِيَامَةَ مَفَالِيسَ
ثَمَانِيَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا عَلَى الفَتَى
وَلَا بُدَّ أَنْ تَجْرِي عَلَيْهِ الثَّمَانِيَة
سُرُورٌ وَهَمٌّ , وَاجْتِمَاعٌ وَفُرْقَةٌ
وَعُسْرٌ وَيُسْرٌ وَاسْتِقَامٌ وَعَافِيَةٌ
فِي كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مَا تَقَرُّ بِهِ الأَعْيُنُ , وَتَسْكُنُ بِهِ القُلُوبُ قَالَ تَعَالَى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) .
“إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ” عِلَاجٌ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ فَإِنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْكَ أَيُّهَا العَبْدُ المُصَابُ المُبْتَلَى مَسْبُوقٌ وَمَلْحُوقٌ بِعَدَمَيْنِ , عَدَمٌ قَبْلَهُ فَلَمْ يَكُنْ مَا فَقَدْتَ حِينًا مِنْ الدَّهْرِ شَيْئاً مَذْكُورًا , وَعَدَمٌ بَعْدَهُ (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ).
فَمَصِيرُ مَنْ تَطَاوَلَ بِهِ العُمُرُ أَنْ يَتْرُكَ الدُّنْيَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ( الأنعام 94) عَبْدُاللهِ بْنُ مُطَرِّفٍ لَمَّا مَاتَ وَلَدُهُ قَالَ :
“وَاللهِ لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِي فَأَخَذَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنِّي ثُمَّ وَعَدَنِي عَلَيْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ لَرَأَيْتُهَا لِتِلْكَ الشَّرْبَةِ أَهْلاً ) فَكَيْفَ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ وَلِلصَّابِرِينَ وَلِلحَامِدِينَ المُسْتَرْجِعِينَ
إِذَا مَالَقِيتَ اللهَ عَنِّيَ رَاضِياً
فَإِنَّ شِفَاءَ النَّفْسِ فِيمَا هُنَالِكَ
رَوى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولَ إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَاخْلُفْ لِي خَيْراً مِنْهَا , إِلاَّ آجَرَهُ اللهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْراً مِنْهَا ” قَالَتْ : فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ : وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ؟ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ عَزَمَ اللهُ عَلَيَّ فَقُلْتُهَا .. فَمَا الخَلَفُ ؟ .. قَالَتْ : فَتَزَوَّجْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( مَا يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذَىً وَلَا غَمٍّ , حَتَّى الشَّوْكَةَ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا خَطَايَاهُ ).
وَجَاءَ فِي السُّلْسُلَةِ الصَّحِيحَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
(إِذَا مَاتَ وَلَدُ الرَّجُلِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِمَلاَئِكَتِهِ : “أَقَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ .. فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ : أَقَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ .. فَيَقُولُ : مَاذَا قَالَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : حَمَدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا : ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً فِي الجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ).
فَيَالَهَا مِنْ بِشَارَةٍ لِأَنَّ اللهَ إِذَا أَمَرَ بِبِنَاءِ بَيْتٍ لِأَحَدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فِي الجَنَّةِ ، فَلَا بُدَّ لِذَلِكَ العَبْدِ مِنْ سُكْنَى ذَلِكَ البَيْتِ
وَفِي البُخَاِري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءً إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلَّا الجَنَّةَ) اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ الصَّابِرِينَ المُحْتَسِبِينَ ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )
مِنْ فَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَحُفُّ المُصِيبَةَ بِالأَجْرِ العَظِيمِ , فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ , مَنْ رَضِيَ بِقَضَاءِ اللهِ جَرَى عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ أَجْرٌ , وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَاءِ اللهِ جَرَى عَلَيْهِ وَخَابَ وَخَسِرَ , فَقَضَاءُ اللهِ نَافِذٌ وَأَمْرُهُ وَاقِعٌ , وَلَكِنَّ رِبْحَ العَبْدِ وَخَسَارَتَهُ بِحَسَبِ رِضَاهُ وَسَخَطَهُ , جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ الرَّاضِينَ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ.
أعجبني
تعليق
مشاركة