رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن القوات البحرية المصرية
بقلم المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن لقُواتُ البَحريَّة المِصريَّة هي أحد الفروع الرئيسية للقوات المسلحة المصرية، وهي المسئولة عن حماية أكثر من 2000 كم من الشريط الساحلي المصري بالبحرين الأبيض والأحمر، وتأمين الحدود البحرية والمجرى الملاحي لقناة السويس وجميع الموانئ المصرية البالغ عددها 21 ميناء، بالإضافة إلى 98 هدفًا بحريًا، بخلاف الأهداف الساحلية على البحر.
تعتبر القوات البحرية أقوى سلاح بحري في الشرق الأوسط وإفريقيا، وتحتل المرتبة السابعة عالميًا من حيث عدد السفن، وتعد من أكبر وأعرق الأسلحة البحرية في العالم.
تفتقر القوات البحرية لذراع الجو الخاص بها وتعتمد على القوات الجوية في عمليات الاستطلاع البحري والحماية ضد الغواصات وتأمين حمايتها الجوية وطرق الإمداد والتموين والنقل الجوي والقيام بمهام الإنقاذ البحري. إلا أنها تمتلك سفن إبرار وقيادة قادرة على نقل الطائرات المروحية والجنود والمعدات إلى مناطق القتال خارج حدود الدولة.
أنشئت القوات البحرية بقرار ملكي تحت اسم السلاح البحري الملكي، وعين محمود حمزة باشا قائدًا للسلاح بالإضافة إلى عمله مديرًا عامًا لإدارة المرافئ والمنائر في 30 يونيو 1946، وشكل ضباط البحرية والبحارة الذين كانوا يعملون في مصلحة خفر السواحل نواة القوات البحرية.
وفي 30 سبتمبر 1959 أطلق عليها اسم القوات البحرية لتمثل أحد الفروع الرئيسية للقوات المسلحة.
يدخل في خدمة القوات جميع الضباط من خريجي الكلية البحرية المصرية، ويقع مقر قيادة القوات بمنطقة رأس التين بالإسكندرية، ويتولى قيادتها حاليًا الفريق / أشرف إبراهيم عطوة. وتحتفل القوات البحرية بعيدها يوم 21 أكتوبر من كل عام، وهو اليوم الذي شهد إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات عام 1967.
تاريخ البحرية المصرية
العصور القديمة
رمسيس الثالث في معركة الدلتا بين البحرية المصرية القديمة وشعوب البحر حوال 1198-1166 ق.م
تشير النصوص التاريخية على جدران المعابد والمقابر الفرعونية إلى الدور الذي لعبه رجال الأسطول المصري القديم في المعارك التي دارت خلال تلك الحقبة التاريخية. وعبرت مراكب وسفن الجيش المصري نهر النيل والبحرين الأبيض والأحمر لعدة أسباب منها إخماد الثورات ضد الدولة والسيطرة على سواحل الإقليم المصري وحماية حدود البلاد البحرية والقضاء على أعدائها، حتى وصل الأسطول المصري إلى باب المندب وسواحل الصومال في البحر الأحمر وسواحل سوريا وفلسطين في البحر المتوسط. وأنشأت مصر الفرعونية ترسانة لتزود الأسطول بالمراكب والسفن الشراعية المصنوعة من خشب الأرز. عقب انتهاء الاحتلال الفارسي لمصر ووفاة الإسكندر الأكبر وقعت مصر تحت سيطرة البطالمة لمدة ثلاثة قرون انتهت بمعركة أكتيوم البحرية، بنى خلالها البطالمة قوة عسكرية بحرية ضاربة احتلوا بها دور قيادي في منطقة البحر المتوسط. وشهدت فترة الاحتلال الروماني لمصر وتحولها إلى ولاية رومانية تراجعاً لدور البحرية المصرية على حساب البحرية الرومانية التي سيطرت على معظم حوض البحر المتوسط. وخلال الفترة التي أعقبت الفتح العربي لمصر برزت البحرية المصرية من جديد بدءاً من عصر الخليفة عثمان بن عفان الذي أنشئ في عهده أول أسطول بحري إسلامي وتولى مسئوليته عبد الله بن أبي السرح والي مصر. وكان أول أعماله البحرية غزو جزيرة قبرص عام 649 بأسطول مصري سوري مشترك، ثم معركة ذات الصواري التي جرت أحداثها عام 654 – 655 وانتصر فيها الأسطول المصري السوري لينهي السيادة البيزنطية على سواحل الدولة الإسلامية. وكان لمصر خلال العصر الإسلامي دور لصناعة السفن منها دار صناعة القلزم (السويس) ودار صناعي بالإضافة إلى مراكز بحرية في رشيد ودمياط وتنيس ودار صناعة بجزيرة الروضة (بابليون). أما في العصر الفاطمي فقد اشترك الأسطول المصري في القضاء على القرامطة في الشام وفي إخماد الثورات ضد الدولة الفاطمية كما خاض عدة معارك ضد البيزنطيين، وبسبب اضمحلال الدولة الفاطمية تقلص دور البحرية المصرية حتى نهاية الفاطميين وظهور صلاح الدين الأيوبي الذي اهتم بالأسطول البحري لدعم سياسته الرامية إلى جمع المنطقة تحت قيادته تمهيداً لقتال الصليبيين، واهتم من بعده السلطان الكامل محمد وولده الصالح أيوب أيضاً بالأسطول البحري لصد الهجمات الصليبية على السواحل المصرية. وحرص سلاطين المماليك بعد ذلك على الاحتفاظ بأسطول بحري قوي بسبب اشتداد غارات القبارصة على سواحل مصر والشام. وبعد أن تمكنت مصر من القضاء على الخطر الصليبي لم تلبث أن اصطدمت بخطر التوسع البرتغالي في المحيط الهندي والبحر الأحمر ثم بالخطر العثماني الذي انتهى باحتلال مصر عام 1517.
العصر الحديث
لم يكن يوجد في مصر أية منشئات بحرية مطلقًا حتى أواخر عام 1809، مما دعا مُحمد علي إلى الشروع في بناء هذا السلاح الهام فقام بإنشاء ترسانة ودار صناعة وورش بساحل بولاق وأرسل بعثات لجلب الأخشاب من أنحاء القطر المصري وبلاد الروم. وفي ترسانة بولاق صنعت السفن ثم نقلت منفصلة على الجمال إلى دار صناعة السفن بالسويس التي أنشئت بعد دار صناعة بولاق وهناك شيدت أربع سفن من نوع الإبريق وإحدى عشر سفينة من نوع السكونة (سفينة بسارية واحدة لها قلوع مربعة ونصف سارية ذات قلوع مخروطية) فكانت تلك هي نواة القوات البحرية المصرية والتي كانت مهمتها في بادئ الأمر تأمين نقل العسكر والمَهمات وحماية السواحل المصرية في البحر الأحمر. ولما فتح مُحمد علي الأقطار السودانية أنشأ دار صناعة الخرطوم ثم قام بإنشاء دار صناعة جديدة بالإسكندرية. بعد حرب الوهابيين عرف مُحمد علي فائدة الأساطيل البحرية في حماية السواحل وحفظ الثغور وكان السلطان محمود أهداه سفينتين حربيتين فعزم على تكوين أسطول بالبحر المتوسط تكون هاتان السفينتان نواة له. ولما لم تكن دور الصناعة المصرية مستعدة لصنع السفن من الطراز الحديث فقد اضطر مُحمد علي أن يتفق مع تجار من الفرنج على ابتياعها له من مصانع أوروبا فأتو له بسفن من نوع الفرقاطة والقرويت والإبريق وانتخب لها قواد بحريين من سفن التجار الأتراك والإسكندريين وأخذ مَلاَّحيها من المتطوعين وأحضر لهم المعلمين من الفرنسيين والطليان فتمكن بهذه السفن من حماية سواحل مصر بالبحر المتوسط وإرهاب القراصنة فضلاً عن مساعدة الدولة العثمانية في حرب اليونان المعروفة بحرب المورة. وعين مُحمد علي على إمارة الأساطيل المصرية صهره محرم بك محافظ الإسكندرية ليكون أول أمير وناظر للبحرية المصرية، فيما عين المهندس الفرنسي مسيو سريزي رئيساً لمهندسي دار الصناعة والفرنسي مسيو بيسون مراقباً على إنشاء السفن التي أوصى عليها في أوروبا مع الحاج أحمد أغا.
في عام 1825 أنشئت أول مدرسة بحرية في مصر واختير تلاميذها أولاً من مماليك مُحمد علي وأبناء خدامه وكان من معلميها القبودان أنطون بنانسي والقبودان كاملو موسكاتي ومحمد بك الترجمان، والذين قاموا بتخريج الكثير من رجال البحرية المصرية، ثم أعيد تأسيس هذه المدرسة في عام 1831 واقتبست نظامها الجديد من النظم المتبعة بالمدارس البحرية بفرنسا.
سلاح البحرية الملكي
الملك فاروق وبجواره محمود حمزة باشا أول قائد لسلاح البحرية الملكي
كان أول ما ترتب على الاحتلال البريطاني لمصر هو تسريح الجيش وإلغاء البحرية وبيع وفك أجزاء معظم سفن الأسطول المصري والإبقاء على عدد محدود جدا من السفن، وتقاسمت بقايا الأسطول كل من مصلحة الليمانات والفنارات ومصلحة خفر السواحل التي كانت تابعة لوزارة المالية في ذلك الوقت والتي تحملت مهمة الحفاظ على البحرية المصرية من الاندثار. عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، وعندما ظهرت الحاجة لوجود قوة بحرية تشرف على نواحي الدفاع عن سواحل البلاد، سعت الحكومة المصرية إلى إنشاء سلاح البحرية من جديد، وبعد طول إصرار من المحتل البريطاني على منع مصر من إعادة تكوين سلاح البحرية، تمكنت الحكومة من إصدار قرار في 30 يونيو 1946 بإنشاء البحرية المصرية تحت اسم «السلاح البحري» وتعيين أمير البحار محمود حمزة باشا قائداً له وألحق بوزارة الدفاع الوطني، وكانت إمكانيات مصلحة خفر السواحل هي اللبنة الأولى في بناء هذا السلاح الذي ضم إليه معظم الضباط والجنود البحريين العاملين بالمصلحة. تكون سلاح البحرية من عدة إدارات هي:
إدارة العمليات البحرية: وتختص بوضع الخطط البحرية وبتحركات السفن.
إدارة إمداد وتموين البحرية: وتختص بتوفير احتياجات السفن بإدارة مخازن البحرية.
الإدارة البحرية: وتختص بشئون الأفراد والضباط.
الإدارة الهندسية: وتختص بالإشراف على أعمال صيانة السفن.
الأقسام الإدارية: وتختص بالنواحي المالية.
مركز التدريب البحري: ويتبعه مدارس فن البحر ومدرسة المدفعية ومدرسة الطوربيد ومكافحة الغواصات ومدرسة الإشارة.
الكلية البحرية: وتختص بتخريج الضباط المدربين ليكونوا دعامة للأسطول البحري المزمع تكوينه.
المستشفى البحري.
اترك تعليقاً