رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه الإقتصاد الإسلامي
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه الإقتصاد الإسلامي
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الفخري للمركز الدولي الفرنسي للعلماء والمخترعين
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
نائب رئيس المجلس العربى الافريقى الاسيوى
مما لا شك فيه أنه مما يحسب لأدبيات تجربة المصرفية الإسلامية والاقتصاد الإسلامي تركيزها ودعوتها إلى قاعدة الإسلام الثابتة بحرمة الربا وعدم جواز الإقراض بفائدة، فالله عز وجل يقول {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (البقرة: 275) فالإسلام يعترف بذلك الدور لرأس المال، ولكنه يجعله مشاركا ومخاطرا حقيقيا، فيجعل عائده في النشاط الاقتصادي الربح أو الخسارة وليس سعر الفائدة الثابت والمضمون، والقائم على عقد الإقراض والاتجار في الديون، وقديما روج المرابون وسدنة الرأسمالية لقاعدة «لا اقتصاد بغير بنوك، ولابنوك بغير ربا»، ولكن واقع المصرفية الإسلامية هدم عليهم المعبد، ونجح في التعامل خارج قاعدة الربا وآلية سعر الفائدة، فخرجت وسائل الاستثمار وآليات العمل المصرفي الإسلامي إلى أرض الواقع لتخرج بالأدوات الإسلامية من واقع التنظير إلى عالم الواقع والممارسة، وهو ما دعا الكتاب والمفكرين الغربيين للأخذ بها، فالبنوك الإسلامية تعتمد في نظامها المالي على ما يسمى بالخمسة ميم، والتي يجب أن تتوفر في تعاملاتها (مباحة، مملوكة، معينة، موجودة، مقدورة التسليم)، كما أن أي تدفق مالي من قبل البنوك الإسلامية لابد وأن يقابله تدفق سلعي، وهذا الاجراء يحجم من التضخم.
تضاعف التيار النقدي أكثر من مرة، في حين أن التيار الحقيقي من سلع وخدمات ينمو بمعدلات بطيئة، في الوقت الذي كان ينمو فيه الناتج المحلي العالمي بمعدلات لا تتجاوز 5% في أحسن الأحول خلال السنوات العشر الماضية، كانت أسواق المال تتضاعف قيمتها السوقية سنويا، كما أن المضاربات التي شهدتها أسواق العقارات كانت كبيرة تراوحت بين 200% في بعض البلدان الغربية ووصلت إلى نحو 700% في بعض البلدان النامية، وهو نفس الشئ في أسواق السلع الزراعية والغذائية، فعانى العالم من ارتفاع معدلات التخضم، وكانت أزمة الغذاء العالمية شاهدا على افلاس حضاري حقيقي.
والإسلام يضع الضوابط على التدفقات النقدية بما يجعلها معبرة عن واقع إنتاجي حقيقي، ويوجد من الرقابة الذاتية من خلال منظومته الأخلاقية أو من خلال النظام الرقابي العام، ما يحقق واقع سعر معبر عن الحقيقة، ويخول لولي الأمر سلطة التدخل في السوق للتوازن بين المصالح العامة والمصلحة الخاصة.
جني وتعظيم الأرباح
الفطرة الإنسانية تسلم بأن يجد الإنسان ثمرة لعمله، ولكن اطلاق العنان لتحقيق هذه الثمرة دون ضوابط، وتنظيم مجالات السعي والرزق جعلت هدف الرأسمالية الربح أولا، دونما اعتبار لأمور كثيرة على رأسها إهدار كرامة الإنسان نفسه، ولم تعد المقاصد العامة لحياة الإنسان هدفا للاقتصاد، ومن هنا أصبح الإنسان في النظام الرأسمالي عبدا للمال، وليس سيدا له، كما دعا إلى ذلك الإسلام، فنظم مجالات الربح الحلال، وحصر ما هو محرم وجعله في أضيق نطاق، توسعة على البشر، وربطهم برسالتهم الاستخلافية عن الله عز وجل، وكلفهم بعمارة هذا الكون.
أزمة المشتقات
ضاقت البورصات في الاقتصاد الرأسمالي بما هو متاح لديها من أدوات (أسهم، سندات… ) فذهبت لاشتقاق أدوات أخرى لإنعاش حركة الأسواق، مثل التوريق، والبيع بالهامش، والبيع على المكشوف، وكلها صور من صور بيع الدين، بالإضافة إلى سعر الفائدة، والقاعدة الإسلامية التي تمنع هذه البيوع هي نهي النبي (صلى الله عليه وسلم) عن بيع «الكالئ بالكالئ» (البيهقي) أي بيع الدين بالدين، وهذا البيع هو عماد عملية الرهن العقاري، التي كانت سببا رئيسيا في انهيار المؤسسات المالية الغربية من بنوك وبورصات وشركات تأمين، كما أن الإسلام ينهى عن بيوع بورصات السلع التي تتم دونما عمليات استلام حقيقية بين البائعين والمشترين، وكذلك النهي عن بيع الثمار قبل نضجها.
الضوابط الشرعية لعمل البورصات
نظرا للدور الذي لعبته البورصات في الأزمة المالية عالميا، نجد أنه من المناسب أن نشير إلى ما تضمنه النظام الإسلامي من ضوابط شرعية لعمل البورصات، وأبرزها ما يلي:
1 ـ حرية المنافسة، ويقصد بحرية المنافسة في سوق الأوراق المالية تحديد أسعار الأوراق المتداولة بها، وفق التقاء آليات العرض والطلب، بعيدا عن الاحتكار أو التسعير الإداري، وقد حرص الإسلام على عدم التدخل في تسعير المنتجات أو الخدمات بالأسواق في الوضع الطبيعي، أما إن كان السعر نتيجة احتكار فإن لولي الأمر أن يتدخل ويفرض ثمن المثل.
2 ـ الإفصاح، نظرا لطبيعة عمل الشركات المطروح أسهمها في البورصة، فقد حرص الإسلام على توافر الإفصاح في التعاملات، ودل على ذلك شواهد كثيرة منها، ما رواه حكيم بن حزام عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ¬أو قال حتى يتفرقا¬ فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» (البخاري).
3 ـ تحريم المقامرة: هناك بعض التعاملات تتم داخل البورصة تقع في نطاق المقامرة، مثل ترويج الشائعات أو البيوع بالمقابلات، كما أن هناك بيوعا تتم تحت مسمى الخيارات أو المستقبليات وهي في حقيقتها بيوع صورية من أجل الحصول على ربح بدون وقوع عمليات البيع.
4 ـ تحريم الربا: وحرمة الربا ثابتة بالكتاب والسنة، وتظهر معاملات الربا في سوق الأوراق المالية بأشكال عدة منها: السندات بكافة صورها والتي تعد دينا في الذمة مقابل فائدة محددة، والصورة الأخرى وكذلك البيع على المكشوف والبيع بالهامش.
5 ـ تحريم النجش: والنجش هو الاتفاق بين البائع ومشتر صوري لا يقوم بالشراء حقيقة ولكنه يرفع السعر لكي يغري غيره ليشتري عند هذا السعر المرتفع، ويتجلى النجش في سوق الأوراق المالية من خلال الشائعات حول أسعار أسهم بارتفاع أو انخفاض.
6 ـ تحريم الاحتكار، ويظهر السلوك الاحتكاري في البورصة بما يسمى عمليات الإحراج، والتي يسعى من خلالها المضاربون لجمع وحبس الصكوك ذات النوع الواحد في يد واحدة، ثم التحكم في السوق.
7 ـ تحريم الغرر، يطلق الغرر على البيوع التي تحتوي على جهالة وخداع، والتي لا يوثق بتسليمها وتؤدي للغبن، وتعرف سوق الأوراق المالية صورا عدة تندرج تحت باب الغرر منها بيع الاختيارات والمستقبليات والبيع على المكشوف.
وخلاصة ماذكرناه اّنفا أن النظام الاقتصادي الإسلامي يعتمد بشكل أساسي على منظومة أخلاقية متكاملة تعتمد على الصدق والامانة والشفافية والبينة والتعاون والتيسير، وهو ما افتقده النظام المالي العالمي في أدائه في قضية الائتمان، من حيث اعتبار الربا من خلال سعر الفائدة واستغلال المقترضين، وعدم اعتبار حالتهم المادية والاجتماعية، فرأينا من استفادوا من الرهن العقاري صودرت منازلهم، وقلت قيمتها في الأسواق، نظرا لحالة الركود هناك، فأين يسكن ويستقر ويقيم الفقراء؟! وإذا كان الغربيون تذكروا عظمة وصلاحية الإسلام ونظامه الاقتصادي لحل مشكلاتهم المعضلة، فإن ذلك يحتم على المسلمين ـ وبخاصة المؤسسات المالية والاقتصادية والمراكز الأكاديمية ـ حسن عرض بضاعتهم، وابتكار الأدوات المالية التي تستوعب هذا الحجم الهائل للنظام المالي العالمي والذي يقدر حجمه بنحو 10 تريليونات دولار، ولا بد من ذكر أن ما تعرض له الاقتصاد الإسلامي من حالة انكماش في بعض الفترات كان لأسباب خارجية وداخلية، وليس لعيب في سلامة المنهج، أو قد يرجع ذلك لحداثة تطبيق المصرفية الإسلامية التي لم يزد عمرها عن ثلاثة عقود.