رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن علاقة التلوث بالأمراض
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن علاقة التلوث بالأمراض
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لا شك فيه أن الخدمات الصحية تمثل حجر الزاوية في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن التنمية ترتبط بشكل أو بآخر بزيادة الأعباء على البيئة بمكوناتها المختلفة، ويجب أن يتزامن الإسراع في التنمية مع دعم خدمات صحة البيئة تحقيقاً للهدف العام لمنظمة الصحة العالمية نحو تحقيق صحة أفضل للجميع.
والتعريف البسيط لمفهوم التلوث الذي يرد إلى ذهن أي فرد منا هو “كون الشيء غير نظيف” والذي ينجم عنه بعد ذلك أضرار ومشاكل صحية للإنسان ومختلف الكائنات الحية. والتعريف العلمي لمفهوم التلوث هو إحداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته اليومية مما يؤدي إلى ظهور بعض الموارد التي لا تتلائم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي ويؤدي إلى اختلاله، والإنسان هو الذي يتحكم بشكل أساسي في جعل هذه الملوثات إما مورداً نافعاً وتحويلها إلى موارد ضارة. ولنضرب مثلاً لذلك: الفضلات البيولوجية للحيوانات يمكن استخدامها كمخصبات للتربة الزراعية، أما إذا تم التخلص منها في مصارف ستؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة.
ما هي أسباب تلوث البيئة؟
بالتأكيد الإنسان هو السبب الرئيسي في إحداث التلوث بمختلف أنواعه، فهو الذي يخترع ويصنع ويستخدم وهو المكون الأساسي للمكان.
أنواع التلوث:
تلوث الهواء: ويقصد به وجود المواد الضارة بالهواء مما يلحق الضرر بصحة الإنسان في المقام الأول ومن ثم البيئة التي يعيش فيها.
التلوث بالنفايات:
وتشتمل على التلوث بالقمامة والنفايات الإشعاعية.
التلوث البصري:
وهو تشويه لأي منظر تقع عليه عين الإنسان فيحس بعد ارتياح نفسي. ويمكننا وصفه أيضاً بأنه نوعاً من أنواع انعدام التذوق الفني، أو اختفاء الصورة الجمالية لكل شيء يحيط بنا، من أبنية وطرقات أو أرصفة…الخ.
التلوث السمعي:
يرتبط التلوث السمعي أو الضوضاء ارتباطاً وثيقاً بالمناطق الحضرية، خاصة الصناعية منها.
تلوث التربة:
إن التربة التي تعد مصدراً للخير والثمار، من أكثر العناصر التي يسيء الإنسان استخدامها في هذه البيئة.
تلوث المياه:
(وهو ما سنتحدث عنه بشيء من التفصيل في مقالنا هذا)
يشتمل تلوث المياه على تلوث المياه العذبة، وتلوث البيئة البحرية.
أولاً: تلوث المياه العذبة وأثره على صحة الإنسان:
ما هي العناصر التي تسبب تلوث المياه العذبة؟
يمكن حصر العوامل التي تتسبب في تلوث المياه في الآتي:
• عدم تنظيف خزانات المياه بصفة دورية.
• قصور خدمات الصرف الصحي والتخلص من مخلفاته.
• التخلص من مخلفات الصناعة بدون معالجتها، وإن عولجت يتم ذلك بشكل جزئي.
• تسرب بعض المعادن إلى المياه الجوفية كالحديد والمنجنيز وكذلك المبيدات الحشرية المستخدمة في القضاء على الآفات الزراعية.
آثار تلوث المياه العذبة على صحة الإنسان:
أبسط شيء أنه يدمر صحة الإنسان على الفول من خلال إصابته بالأمراض المعوية ومنها:
الكوليرا، التيفود، الدوسنتاريا بكافة أنواعها، الالتهاب الكبدي الوبائي، الملاريا، البلهارسيا، أمراض الكبد، حالات تسمم. كما يطال تأثيره مختلف الكائنات الحية التي تعيش في المياه.
ثانياً تلوث البيئة البحرية وآثاره السلبية:
مصادر التلوث:
إما بسبب النفط الناتج عن حوادث السفن أو ناقلات النفط، أو نتيجة للصرف الصحي والصناعي.
الآثار المترتبة على التلوث البحري:
1- تسبب أمراضاً عديدة للإنسان مثل: الالتهاب الكبدي الوبائي، الكوليرا، الإصابة بالنزيلات المعوية، التهابات الجلد.
2- تلحق الضرر بالكائنات الحية الأخرى (الإضرار بالثروة السمكية، وهجرة الطيور، الإضرار الشعب المرجانية).
إنني في هذا المقال لا أحاول أن أزرع الخوف في قلوب الناس بل التعريف بالأمراض المنتشرة في بلادنا ومحافظتنا حضرموت، وقد لوحظ انتشار حالتين مرضيتين أكثر من غيرهما، وهما: احتشاء العضلة القلبية (الجلطة القلبية)، والتهاب الكبد بمختلف أنواعه.
ولعل إصحاح المياه من أهم مكونات صحة البيئة لارتباطها المباشر واللصيق بصحة الإنسان وقدرته على العطاء.
وتشمل أعمال صحة البيئة العديد من الأنشطة مثل الرقابة على الإصحاح البيئي من مياه شرب وتصريف صحي للمخلفات الصلبة والسائلة والرقابة على المرافق المختلفة والرصد المستمر لمكونات البيئة ومؤشرات تلوثها.
إن أثر التلوث على صحة الإنسان يتمثل، كما ذكرنا، بنقل العديد من الأمراض، وسنتحدث بشيء من التفصيل عن كيفية انتقالها:
البلهارسيا: هي أحد الأمراض المتوطنة في اليمن، وتنتقل العدوى إلى الإنسان من خلال تلامسه مع المياه، الملوثة التي تحتوي على الطور المعدي (السركاريا) عند ري الأراضي الزراعية أو الاستحمام في الترع، وقد انخفضت معدلات الإصابة بالبلهارسيا خلال الأعوام المنصرمة، لكن سجلت في الآونة الأخيرة حالات متزايدة مصابة بهذا المرض. كذلك زاد معدل انتشار البلهارسيا المعوية، بسبب تلوث المجاري المائية بالمخلفات الآدمية المحتوية على بويضات البلهارسيا المعوية في البراز الآدمي.
الالتهاب الكبدي الوبائي: التيفود والباراتيفود: لوحظ في الأشهر الأخيرة ازدياد ملحوظ في معدلات الإصابة بالتهاب الكبد، بينما كان قد سجل انخفاضاً تدريجياً، ولكن بطيئاً، في السنوات الماضية، (وحتماً السبب في ذلك يعود إلى تلوث الصرف الصحي عقب الأمطار التي شهدتها المحافظة). كذلك معدلات الإصابة بمرض التيفود والباراتيفود بعد انخفاضها المستمر شهدت في الفترة الأخيرة قفزات مخيفة، وهذه الزيادة في معدلات الإصابة بالتيفود والباراتيفود، تعني تواجد مسبب المرض “السالمونيلا” في البيئة المحيطة بالإنسان.
إن التأثير السلبي للتلوث البيئي لا يقتصر على الإنسان، فأثر التلوث على الحيوانات والنباتات واضح وجلي، فعند ري الخضروات التي تؤكل نيئة بالمياه الملوثة يؤدي إلى تلوثها بمسببات الأمراض وبويضات الطفيليات كالاسكارس وحويصلات الأمبيا. ومن المعلوم أن الدوسنتاريا الأميبية تنتشر بين معظم اليمنيين. كما أن رعي المواشي خاصة المدرة للألبان، في مزارع يتم ريها بمياه ملوثة أو بسائل المجاري يؤدي إلى تلوث الحيوان وانتقال العدوى منه عبر الألبان إلى الإنسان.
لذلك لا بد من معايير يستوجب الالتزام بها عند التعامل مع المياه وخاصة مياه الشرب، لحماية الإنسان من الأمراض وتنقيتها من المواد التي قد تؤدي إلى أمراض مزمنة أو سرطانية على المديين القريب والبعيد، وسنتحدث في الجزء الثاني من هذا الموضوع بإذن الله حول علامات تلوث مياه الشرب وخطوات التأكد من سلامتها.