الأديب الكاتب، والباحث الصحفي، والمفكر العربي والاسلامي الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل رئيس المركز القومي لعلماء فلسطين، والأستاذ الجامعي الأمين العام لاتحاد المثقفين والأدباء والكتاب والعرب فرع فلسطين dr.jamalnahel@gmail.com
مدير مكتب دولة فلسطين والمستشار الاعلامى
كلمح البصر تمضي، وتمر، وتجري بنا أيام شهر رمضان الفضيل، وها نحن نعيشُ في أواخر أيام شهر الصيام، شهرُ رمضان الذي أُنزل فيه القرآن، هُديً للناس وبيناتٍ من الهُدي والفرقان، فلا أّوُحّشْ اللهُ منك يا رمضان،
يا شهر الرحمة، والخير، والغفران، وهكذا الدُنيا ينقضي فيها كل شيء، وتنقضي مواسم الخيرُ، كما ينتهي الشرُ،
فلا شيء في هذهِ الدُنيا يدوم أبداً؛ جاء رمضان هذا العام حزيناً، وقد اغُلقت المساجد، فلا مُصلي راكع، ولا ساجد بالمساجد! ولا تراويح، بسبب جائحة فاريروس كورونا!؛ وداعًا يا شهر الخيرات والانتصارات والبركات والكرامات،
والقيام والصيام، وداعًا يا شهر القرآن، وداعًا يا شهر زيارة الأرحام، يا شهر الصدقات،
يا شهرًا كان فيه نزمول القرآن الكريم، وكان فيه الانتصار في يوم السابع عشر من شهر رمضان انتصار المسلمين مؤيدين بمدد من الملائكة في معركة بدر الكبرى، وفي العشرين من رمضان كان الفتح العظيم، يوم فتح مكة، وفي ذلك يقول الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه:
“دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وحول البيت ثلاثُمائة وستون صنما، فجعل يطعنها ويقول: ( جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا )”؛
وفي هذا الشهر فُتحت فيه أبواب الجنان، وأغلقت فيهِ أبواب النيران، وصفُدت فيه مردةّ الشياطين؛ لا أوحش الله منك يا شهر الرحمة والعطف على الأيتام والفقراء والمساكين والمحتاجين، يا شهراً فيهِ كل يومٍ عُتقاء من الله عز وجل من النيران،
شهرُ السلام من الله السلام، فيهِ ليلةٍ القدر فيها سلامٌ من الله لعباده الموحدين حتي مطلع الفجر، والتي هي خيرٌ من ألف شهر، أي أكثر من 83 سنة، تتنزل فيها الملائكة
بأعداد تفوق التصور والخيال؛ حيث تملأ ملائكة الرحمان ما بين السماء والأرض، لو لامس نور هذه الملائكة أحدًا من عبادهِ لن يشقي أبدًا، وتتجلي في ليلة القدر أنوار، وبركات من السماء إلى الأرض،
حتي إن كان لآخر يوم من رمضان كان لله عتقاء من النار بأعداد كبيرة لا يعلم مداها وعددها إلا الله عز وجل؛
إنها نفحات هذا الشهر العظيم وهو كضيفٍ كريم عزيز ما أن حطّ رحاله، وإذ بهِ كالبرق الخاطف، وكلمح البصر يرحل ويمضي من بين أيدينا؛ وفي هذا الشهر الفضيل تشمل رحمة الله عز وجل عبادهِ الصائمون وتتجلي بركات رب العالمين على الموحدين المؤمنين
؛ وبسرعة تمضي، وتنقضي الأيام وخاصةً في شهر الصيام، وكأن قطار العمر يمضي بنا ليتوقف يومًا ما في محطتهِ الأخيرة؛ محطة الرحيل من دار الدنيا الفانية إلى دار الأخرة الباقية، فاليوم عملٌ ولا حساب وغدًا حسابٌ ولا عمل؛
فهنيئًا لم صامن وقام هذا الشهر إيمانًا واحتسابًا، فمن فعل ذلك غُفر له بإذن الله تعالي ما تقدم من ذنبهِ؛ إن قلوبنا حزينة على قُرب فراقك يا شهر رمضان، شهر الاحسان والايمان، فلا أُوحش الله منك يا رمضان، ولسان حالنا في الليالي الأخيرة تقول ما قاله سيدنا محمد صل الله عليه وسلم في الحديث الشريف:”
عِشّ ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقهُ”،
تقبل الله منا ومنكم الصيام، والطاعات وسلامٌ لشهرِ كريم، لو تعلمون ما في رمضان لتمنيتم السنه كلها رمضان. . ا