م.إيهاب محمود: “العلاقات المصرية محور استقرار إقليمي وبوصلة للتحرك العاقل في زمن الاضطراب”
م.إيهاب محمود: “العلاقات المصرية محور استقرار إقليمي وبوصلة للتحرك العاقل في زمن الاضطراب”
كتب : حسام النوام
في لحظة تتسم بالتغير السريع في موازين القوى العالمية، ووسط تحديات غير مسبوقة تهدد استقرار الإقليم وتفرض على الدول إعادة صياغة أولوياتها الاستراتيجية، خرج المهندس إيهاب محمود، أحد أبرز الوجوه الوطنية الصاعدة في الساحة السياسية المصرية، بتصريحات عميقة تتناول رؤية مصر للعلاقات الخارجية، مؤكدًا أن مصر لا يمكن أن تكون إلا دولة فاعلة ومؤثرة، حينما تلتزم بثوابتها وتتحرك بعقل الدولة ذات التاريخ والثقل الجغرافي والديموغرافي والحضاري.
وفي حديث موسّع له عن “السياسة المصرية بين الثوابت والتحولات”، أشار المهندس إيهاب إلى أن العلاقات المصرية – سواء في بعدها العربي أو الإفريقي أو الدولي – ليست مسألة دبلوماسية فحسب، بل جزء جوهري من معادلة الأمن القومي ومفاتيح التنمية المستدامة.
أولًا: الدائرة العربية – مصر قلب العروبة النابض
قال إيهاب محمود إن مصر لا تزال تتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية عن قضايا العالم العربي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، معتبرًا أن القيادة المصرية الحالية تمارس سياسة تتسم بالحكمة والتوازن تجاه الصراعات الإقليمية، ولكنها تحتاج إلى دعم شعبي وبرلماني لتعزيز هذا الدور.
وأضاف: “لا يمكن لمصر أن تكون قوية من الداخل، إن كانت محاطة بدول تنهار، أو شعوب تتناحر. إن أمن مصر يبدأ من غزة، ويُختبر في الخرطوم، ويتجسد في دعم الدولة الوطنية في سوريا والعراق واليمن.” كما دعا إلى ضرورة استعادة مفهوم “القيادة بالمشاركة”، من خلال إنشاء تكتلات عربية جديدة أكثر واقعية، تتجاوز الجمود التقليدي الذي أصاب مؤسسات العمل العربي المشترك.
ثانيًا: إفريقيا – العمق الاستراتيجي الذي لا غنى عنه
أبرز إيهاب محمود أن العلاقات المصرية الإفريقية شهدت تطورًا ملحوظًا خلال العقد الماضي، إلا أن المرحلة القادمة تتطلب تحولًا من العلاقات الرمزية إلى شراكات استراتيجية حقيقية.
وقال: “مصر كانت وما زالت دولة إفريقية الهوية، وهذا الانتماء يجب أن يُترجم إلى استثمارات، وتعاون زراعي، وطبي، وتعليمي، لا أن يظل محصورًا في المؤتمرات والخطابات.” وأضاف أن أزمة سد النهضة كشفت أهمية تعزيز النفوذ المصري في عمق القارة، لا فقط عبر وزارة الخارجية، بل من خلال القطاع الخاص، والمجتمع المدني، والتعليم الفني والتكنولوجي.
وأكد أن مصر تحتاج إلى سياسة إفريقية متعددة المسارات، تنطلق من فهم عميق للتحولات الجارية في القارة، وتوازن بين المبادئ والمصالح، وتحرص على تكوين تحالفات داخل المنظومة الإفريقية وليس من خارجها.
ثالثًا: على المسرح الدولي – استقلالية القرار وذكاء التحالفات
وفي الشأن الدولي، شدد إيهاب محمود على أن مصر بحاجة إلى إعادة تعريف دورها العالمي، بحيث تتحول من دولة تُستقبل المبادرات، إلى دولة تُشارك في صياغة القرارات الدولية.
وأشار إلى أن السياسة الخارجية المصرية يجب أن تقوم على ثلاثة مبادئ:
1. استقلالية القرار الوطني،
2. تنويع الشراكات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية،
3. الدفاع عن قضايا الجنوب العالمي، باعتبار مصر جسرًا بين الشمال والجنوب.
وأضاف: “نحن لا نحتاج إلى الاصطفاف الأعمى مع الغرب أو الشرق، بل إلى توازن واقعي بين علاقاتنا مع واشنطن وموسكو وبكين وبروكسل، دون أن نفرّط في ثوابتنا أو نخضع لابتزاز المساعدات أو ضغوط المؤسسات الدولية.”
البرلمان والدبلوماسية الشعبية: أدوار تكاملية
وحول دور البرلمان في دعم السياسة الخارجية، قال المهندس إيهاب: “لن نكون مجرد نواب محليين. نحن بحاجة إلى برلمان يمتلك رؤية دبلوماسية، يساند الدولة في معاركها الخارجية، ويقوم بدور فعال في ما يُعرف بالدبلوماسية الشعبية، وهي القوة الناعمة التي تمثل وجدان المصريين في الخارج.”
وأضاف أن تطوير لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، ومنحها سلطات أوسع في الحوار مع البرلمانات العالمية، هو أمر بالغ الأهمية، مطالبًا بـ”برلمان يتحدث باسم الوطن، لا باسم المصالح الضيقة أو التوجهات الفردية.”
في الختام: مصر أولًا… لكن ليس وحدها
أنهى المهندس إيهاب محمود حديثه بالتأكيد على أن “الانكفاء على الداخل ليس حلاً، والانفتاح بلا حسابات مآله التبعية. مصر اليوم أمام فرصة تاريخية لإعادة تشكيل محيطها الجغرافي والسياسي، ويجب أن تُمنح كافة أدوات القوة الناعمة والصلبة، كي تظل كما كانت دائمًا… قلب الشرق وعقله.”