مسارات متقاطعة.. حوارات بين الصحافة والسياسة” للكاتبة الصحفية زينب عبدالرزاق

كتبت:وفاءالبسيوني

مسارات متقاطعة حوارات بين الصحافة والسياسة” للكاتبة الصحفية زينب عبدالرزاق أحد الإصدارات المهمة في معرض القاهرة الدولي للكتاب المنعقد حاليا.. الكتاب صادر عن مؤسسة “أروقة” للدراسات والترجمة والنشر،

وتقول الكاتبة الكبيرة القديرة سناء البيسي في كلمة لها في مقدمة الكتاب: يسعدني اليوم تقديم أحدث كتب زينب عبدالرزاق “مسارات متقاطعة” الذي جمعت فيه نخبة من حواراتها مع بعض الشخصيات المصرية ذات الثقل التاريخي والثقافي والعسكري والسياسي والاجتماعي والصحفي في الفترة ما بين 1994 و2012

والتي تم نشرها علي صفحات نصف الدنيا.. زينب من يومها ولديها الموهبة المتأججة المتميزة في بلاط صاحبة الجلالة، ويتمثل عطاؤها المرموق بالذات في عالم الحوار

تضيف الكاتبة الكبيرة سناء البيسي عن زينب عبدالرزاق: ومن يومها، وكما أتابع بشغف مسيرتها، هدفها الجلوس إلي القمم في جميع المجالات لتخرج للصفحات بلقاءات نادرة ترفع التوزيع وقيمة الإصدار.. زينب بتوليفتها الخاصة الشاملة الاطلاع والدماثة وحسن الاستماع والصبر علي المراوغة ودراسة الشخصية والتوقيت المثالي لتسديد السؤال المنبثق عنه السؤال الذي لم يسأل من قبل لتلقى إجابات لم تعرف من قبل يمنحها لها محدثها عن طيب خاطر، واثقًا من الإطار اللائق الآمن الذي ستحيط به زينب كل ما جاء علي لسانه من آراء واعترافات.. وعلى الدوام تخرج زينب بعد كل حوار بوشائج صداقة ممتدة مع محدثها لتظل من بعدها موضع ثقته ومكمن مستجداته وقناته الخاصة فائقة الإجادة في نقل صورته الحقيقية بلا زيف أو ادعاء حتى إنها من خلال حصيلتها السهبة معه تخرج بكتاب عنه يلقى انتشارا واسعا مثل كتابها عن فاتن حمامة، ولطفي الخولي، وزاهي حواس.. وإحسان عبد القدوس.. في حوارات المسارات المتقاطعة ما بين الصحافة والسياسة توقفت.

وعند سؤالها لمصطفى أمين حول علاقة الملك فاروق بأصحاب القلم، فأجابها بأنه كان يحترمهم ويخاف من نقدهم، ولا يستمر سجن صاحب قلم أكثر من ستة شهور مثل عباس محمود العقاد!!

وتسأله زينب في حوارها الثاني بعد سجنه الطويل عن أسوأ يوم في حياته، فيجيبها مصطفى بك بأنه يوم أن دخل عّلي ضابط السجن وقال لي إن الرئيس قرر حذف اسمك واسم علي أمين من الأخبار وأخبار اليوم وآخر ساعة، وسألني الضابط بشماتة: ما رأيك؟! قلت: الهرم الأكبر لم يكتب عليه اسم خوفو!!

في لقائها بخالد محيي الدين أحد الضباط الأحرار تطلب منه معرفة ما إذا كان هيكل يحتكر الأخبار وحده عن جميع الجرائد، وأنه الوحيد الذي حاز ثقة عبد الناصر، فيجيبها بأنه كان يقدم له الآراء التي تأتي الأيام لتؤكد صحتها وكأنه يقرأ الغيب، ومن هنا أحبه عبدالناصر ومنحه ثقته.. وتسأل زينب حسين الشافعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق وأحد قادة ثورة يوليو،

عن أهم عيوب الإخوان، فيجيبها بأنهم تصوروا أنهم يصنعون أساسًا جديدًا للإسلام، وأنهم مبعوثو العناية الإلهية، فإذا قالوا هذا مسلم وهذا غير مسلم يكون ذلك حكمًا لا رجعة فيه، وهذا خطأ رهيب..

وتجلس زينب إلي رشاد مهنا، الأب الروحي لثورة يوليو وعضو مجلس الوصاية على عرش الملك أحمد فؤاد الثاني لتتعرف منه على ظروف سجنه في عهد فاروق فيذكر لها بأن التهمة التي وجهت إليه كانت تهريب السلاح والعمل ضد الملك، حيث ظل سجينا لفترة أقل من الشهر كان فيها حاصلا على جميع امتيازاته، حيث الزنزانة نظيفة بداخلها شباك وسرير والمعاملة كريمة، وإذا ما رغب في دخول الحمام ينقر على الباب فيفتح له على الفور لتؤدى له التحية العسكرية ذهابا وعودة.

في عالم الصحافة تتوجه زينب للصحفي الكبير سلامة أحمد سلامة نائب رئيس تحرير الأهرام لتمطره بالأسئلة السياسية والاجتماعية لأتوقف عند سؤالها عن تجربة زواجه من سيدة أجنبية – ألمانية – فيجيبها بأن الزواج من الأجنبية يدخل الرجل في عالم آخر مختلف في القيم والعادات وأسلوب التفكير، وهنا يأتي دور الحب للاستمرار، وكلما زاد الإنسان معرفة وثقافة كان للحب عنده ظلال ودرجات مختلفة لا تقف عند حد الماديات والمسائل السطحية! و.. في حوارها مع رجل الجيش والثقافة والفن الدكتور ثروت عكاشة، يعترف بمكانة إيطاليا الراسخة بالحب والإعجاب والحنين الدائم لديه، حيث طاف بأنحائها مرات ومرات سعيا وراء كنوزها التاريخية الثرية، وكان من حسن حظه أن قضى فيها عامين كاملين كسفير لمصر للتعرف على فنونها وآدابها الرفيعة لينقل للقارئ العربي أعمال الشاعر أوفيد؛ ومنها كتاباه “مسخ الكائنات” و”فن الهوى”.

وفي جعبتها سددت زينب أسئلة عديدة لرئيس جهاز المخابرات العامة ووزير الحربية السابق أمين هويدي الذي حرص بعد تقاعده على كتابة المقال ليعطي نصيحته للكاتب عندما يكتب عن أحداث وطنه يجب عليه أن يكون على دراية تامة بما حدث، وإذا ما أراد انتقاد ما حدث عليه أن يضع نفسه في المناخ والبيئة التي فرضت القرار المتعلق بالحدث وزمنه، وهذا ما كان يردده في محاضراته بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

وعندما تسأل زينب الأستاذ محمد حسنين هيكل عن موقفه من الجوائز عامة أجابها بأن الأمة العربية قد أسرفت في معايير الاستحقاق حولها حتى ضاعت منها خصائص معادن النفوس… وتلتقي صاحبة الحوارات بفؤاد سراج الدين الرجل الثاني في وزارات حزب الوفد على مدى فترة رئاسة مصطفى النحاس للحزب، فيذكر في إجابته لها حول حريق القاهرة بأنه التقى يومها بالملك فاروق ليجده لا علم ولا معلومات لديه عما يجري!

في لقائها بالمستشار عوض المر صاحب التاريخ المشرف في القضاء المصري تسأله زينب عن مدى رضائه عن قوانين الأحوال الشخصية، فتأتي إجابته رافضة للسؤال من البداية، وإن استطرد قائلا بأنه غير راض عن أي قانون لم يأخذ حقه في المناقشة خاصة القوانين التي تمس قطاعا عريضا من الناس… وعبر حواراتها مع فاروق حسني، وزير الثقافة القدير قبل 25 يناير 2011 تسأله عن حبه لأصوات المقرئين خاصة الشيخ محمد رفعت، فيجيبها بأنه العاشق لصوته منذ الطفولة حتى إنه قد حفظ أجزاء كبيرة من القرآن الكريم من خلال تلاوته؛ حيث يساعد ترتيله بنبرته الخاشعة المتلقي علي تذوق جلال القرآن ومن ثم حفظ آياته البينات.

وفي تاريخها الصحفي سيظل يذكر لزينب عبد الرزاق أنها تصدت لأكثر إصدارات الأهرام تقشفا – مجلة الديوان – التي رأست تحريرها لتجدها مفتقرة للطباعة اللامعة والألوان الّبراقة والميزانيات المفتوحة والأقلام المعروفة والدعاية الطنانة والرعاة الأثرياء …إلخ ، وجميعها وضعتها زينب خلف ظهرها لتنطلق بديوانها عابرة جميع ـ المفتقدات – التي تثري وتدفع غيرها – علي مدى ثلاث سنوات ونصف لتصنع بكفاءتها الشخصية وقدراتها الذاتية مجلة من نوع خاص أسكنتها الصدارة بشهادة الجميع وأولهم شهادة التوزيع، وكان كل عدد من ديوانها بمثابة مرجع شامل معني بالثقافة والفن والسياسة والتأريخ والتاريخ والذي لا بد وأن يفهرس ضمن مراجع المتقدمين لنيل الشهادات الكبرى، حيث يبرز جهد التأصيل والمتابعة والكشف الجديد في أعداد تسيدت فيها ثورة 1919 وثورة يوليو وفلسطين والقدس وطلعت حرب والأكراد والملك فؤاد والسادات وتوفيق الحكيم والعقاد وجلال الدين الرومي وأحمد رامي وصلاح چاهين وقطن النيل والشطرنج وثورة الشباب والصين..

وتنهي الأستاذة سناء البيسي كلماتها قائلة زينب.. تجربتي مع القلم أن لا شيء يدوم سوى الكتاب.. هنيئا لك كلماتك بين ضفتي كتابك المشوق الجديد..

تقول زينب عبد الرزاق مؤلفة الكتاب: اضطررت كثيرا للإجابة عن سؤال: لماذا لا تجمعين في كتاب كل أو بعض الحوارات التي أجريتها مع الشخصيات المهمة في التاريخ المصري، وخاصة الحوارات ذات الأثر الممتد، وحتى الأجيال الجديدة التي لم تعاصر أ ًّيا منهم؟ وكنت دائمًا أجيب بأنه قد يحين الوقت لذلك، أما وقد رأيت أن الوقت قد حان، لكنني لم أكن أعتقد أبدًا أن الإعداد للكتاب سوف يكون شاقًا إلي هذا الحد. كان من المهم انتقاء شخصيات وحوارات بعينها، من بين عشرات الحوارات، التي نشرتها مجلة نصف الدنيا، في عهدها الذهبي الوحيد والفريد للأستاذة الكبيرة سناء البيسي وجريدة الأهرام، وكان من المهم أن تكون القضايا المطروحة ذات فاعلية حتى لحظة طباعة الكتاب وما بعد ذلك، وكان من المهم استبعاد الأسئلة والإجابات التي لا تنطبق عليها هذه المواصفات، وكان من المهم أيضًا أن يضيف الكتاب للقارئ في ظل طوفان الكتب الذي تغرق به الأسواق من جهة، وفي ظل التراجع الحاصل للكتاب أصلا من جهة أخرى. اخترت -إذن- شخصيات سياسية وفكرية وثقافية، عاصرْت عن قرب الحياة المصرية بكل ملابساتها منذ ما قبل ثورة 1952،

أي في ظل النظام الملكي المثير للجدل، ثم النظام الثوري في فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وما واكب ذلك من ازدهار ثم انكسار، ثم الرئيس الراحل أنور السادات، وما رافق ذلك أيضًا من نصر، وانفتاح اقتصادي، وسلام مشوب بالحذر، ثم الفترة الممتدة للرئيس الراحل حسني مبارك، بما لها وما عليها، علي كل المستويات السياسية والثقافية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *