هذا هو الخطأ..

هذا هو الخطأ..

الخطأ هو أمر مخالف لما يجب أن يكون، فلا بأس أن نعرفه بالنقيض، أو بالضد فنقول: الخطأ ضدّ الصواب، بمعنى: أن يفعل الإنسان أو يقول ما لا يصلح له أو يقوله أو يفعله، وقد يكون المعيار في ذلك شرعيًّا، أو اجتماعيًّا، أو مصلحيًّا، أو غير ذلك.
وقد ورد في القرآن الكريم التعبير بالخطأ، لما هو ضد الصواب مثل قول الله سبحانه وتعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا } [الإسراء:31]، وفي قراءة ( خَطَأ ) بفتح الخاء، وهي قراءة ابن عامر وأبي جعفر. فهذا خطأ لأنه جريمة شرعية وفعل شنيع، وضد ما هو صواب، فإن الصواب ليس هو قتل الأولاد ووَأْدهم، وإنما الحفاظ عليهم، وتكريمهم ورعايتهم، وتربيتهم، وحياطتهم.
يبقى أن ثمة أشياء قد تدخل فيما يظن الناس أنه صواب، من مألوفات اجتماعيّة، أو عادات، أو موروثات، وقد يعتبرون مخالفته خطأً، بينما الحقّ أنه هو الخطأ الذي يجب نفيه، مثل العصبيات القبلية، أو عدم توريث المرأة في بعض البيئات، وإكراهها على الزواج ممن لا تريد، أو عضلها، أو فرض أنماط من التعري بحجة مسايرة الناس أو جذب الخطاب، فالإلف المستحوذ على حياة الناس، أو على عقولهم ليس معياراً في الخطأ والصواب.
والخطيئة شيء أشنع من الخطأ، وتطلق على الخطأ الكبير الشنيع من كبائر الذنوب، وعظائم الموبقات، ولذلك يقول إخوة يوسف: { يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُبنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } [يوسف:97]، ولم يقولوا مخطئين، لأنهم كانوا تعمدوا هذا الفعل، وأدركوا أن فِعلتهم فِعلة عظيمة، فاجتمع جانبا التغليظ: القصد، والشدة.
ومما لاشك فيه أن الخطأ جزء من الطبيعة البشرية وقد خلق الإنسان خلقاً لا يتمالك كما في صحيح مسلم. والإنسان بشر وليس ملكاً، حتى الأنبياء في دائرة البشرية { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } [الأنعام:9]، ولذا فالأخطاء قد تكون نعمة من الله، وقد يجني المرء بسببها من الفوائد ما لا يحتسب، فهي نعمة إذا قادتنا إلى الصّواب، وإذا أحسنا التعامل معها.
حتى خطأ المعصية يكون نعمة إذا حمل الإنسان على التوبة والإنابة والانكسار، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: « عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ » رواه مسلم.
فهذه إحدى منافع الخطأ التي تؤكد أنه قد يكون نعمة من الله -عز وجل- ثم إن الخطأ يحفز الإنسان لفعل الخير والتصويب والاستغفار، كما وقع لعمر -رضي الله عنه- عقب كلمته يوم الحديبية، قال: فعملت لذلك أعمالاً.
@الجميع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *