الأديب الكاتب، والباحث الصحفي، والمفكر العربي والإسلامي الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل رئيس المركز القومي لعلماء فلسطين، والأستاذ الجامعي غير المتفرغ الأمين العام لاتحاد المثقفين والأدباء والكتاب والعرب فرع فلسطين عضو مؤسس في الاتحاد الدولي للأدباء والكتاب و للمثقفين العرب رئيس الهيئة الفلسطينية للاجئين، وعضو الاتحاد الدولي للصحفيين dr.jamalnahel@gmail.com
إنها الحقيقة التي لا مَفّرْ، ولا مَهّربْ منها شِئِّنَا أم أَبَّيَنَا، فلا خُلود، ولا بقاء في دُنيا الَفنَاءْ، ولا مكوث للأبد لأي أحد في هذا العالم، مها طال فيهِ العُمر ، ومهما يّكُنْ، أو عَلا شأنهُ، كائنًا من كان، وفي أي زمانٍ، ومكانْ،
وكل ما يدور حُولنا اليوم يؤكد أننا راحلون، بل أزف موُعد الرحيل، واقتربت الساعةُ، وانشق القمر؛ وهذا حدث قبل أكثر من 1400 عاماً؛ ورغم ذلك فلا يعلم أحد من العالمين ذلك الوقت لنهاية الدنُيا بالتحديد إلا الله عز، وجل؛
ولكن لدينا الكثير من الإرهاصات، والأدلة الشرعية الجازمة، والحازمة، والأكيدة التي لا ريب فيها، وتؤكد جميعها أن القيامة قد اقتربت قال تعالي: ﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ﴾،
ويخبر الله سبحانهُ وتعالى عن اقتراب الساعة ودنوها معبراً بصيغة الماضي الدال على التحقيق والوقوع لا محالة”.
{أَتَىٰ أَمْرُ اللَّـهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} وقال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وكيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن،
واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ؟!». فكأن ذلك ثقل على أصحاب النبي صل الله عليه وسلم فقال لهم: “قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل،
على الله توكلنا”؛ قال النبي صل الله عليه وسلم: «يذهب الصالحون الأول فالأول ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر لا يباليهم الله بالة»، ويقول صل الله عليه وسلم:” لا تقوم الساعة إلا علي شرار الناس”؛
وعلامات الساعة الصغرى أغلبها قد ظهر، ووقع، وقسم منها لم يقع بعد؛ ومن ثم تأتي العلامات الكبرى تباعاً إن ظهرت علامة تبعها العلامات الأخرى وكما تنفرط المِسبحة تتساقط حباتها متتابعة فوراً؛ ومن العلامات التي وقعت بعثة النبي صل الله عليه وسلم القائل:” بُعث أنا، والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطي”،
ومن العلامات الصغرى التي وقعت هي: انشقاق القمر، ونار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصُري، وتوُقف الخراج والجزية، ومن الأدلة على اقتراب الساعة أن يرى الهلال عند بدو ظهوره كبيراً حتى يقال ساعة خروجه إنه لليلتين أو ثلاثة،
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مِن اقْتِرابِ السَّاعَةِ انتِفَاخُ الأهِلَّةِ» وهذا فعلاً قد تحقق،
ومن رأي هلال ذي الحجة قبل عدة أيام يظن أنه أبن يومين، أو ثلاث، وليس يوم!؛ ومن العلامات الصغرى التي وقعت الفتوحات،
والحروب، وقتال الترك، والتتار، وإسناد الأمر إلى غيَر أهله، وفسَاد المسلمين، وولادَة الأمّة ربتها، وَتطاول الحفَاة العراة رعَاة الشاة في البنيان، وتداعي الأمم عَلى الأمَّة الإسلاميَّة، والخسف، والقذف، وَالمسخ الذي يعَاقب اللَّه به أقواماً من هَذه الأمّة، واستفاضة المَال، وتسليم الخاصَّة،
وتَّفَشُوا التجَارة، وقطع الأرحَام، واختلال المقاييس، وأن يحكم “الرويبضة”، الرجل التافه الجَاهل يتكلم في أمر عامة الناس؛ وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ»، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ:
«الرَّجُلُ التَّافِهُ يتكلم فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ، وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أشراط الساعة أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد؛؛
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «سيكون في آخر الزمان خسف، وقذف ومسخ إذا ظهرت المعازف والقينات، واستحلت الخمر؛ ومن علامات الساعة عودَة جزيرة العَرب جنَّات وَأنهاراً، فعن أنس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «مِنَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ أَنْ يُرَى الْهِلاَلُ قَبَلاً فَيُقَالُ: لِلَيْلَتَيْنِ، وَأَنْ تُتخذَ المَسَاجِدُ طُرُقاً» تكليم السّبَاع والجمَاد الإنسَ: روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري، قال:”عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ فَأَخَذَهَا فَطَلَبَهُ الرَّاعِي فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، قَالَ:
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قَتَلْتُ وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ، فَيَقُولُ فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي،
وَيَجِيءُ السَّارِقُ، فَيَقُولُ فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا»، ومحاصَرة المسلمين إلى المدينَة: فَمِن أشراط الساعة أن يهزم المسلمون، وينحسر ظلهم، ويحيط بهم أعداؤهم، ويحاصروهم في المدينة المنورة. جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
«يُوشِكُ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُحَاصَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبْعَدَ مَسَالِحِهِمْ سَلَاحِ» إحراز “الجهجَاه” الملك: الجهجاه رجل من قحطان سيصير إليه الملك، وهو شديد القوة والبطش، ففي الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي صل الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ»،
جمع حلس، وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، شبهت به الفتنة لملازمتها للناس حين تنزل بهم كما يلازم الحلس ظهر البعير، وقد قال الخطابي: يحتمل أن تكون هذه الفتنة شبهت بالأحلاس لسواد لونها وظلمتها.
والحَرَب بفتح الراء: ذهاب المال والأهل، يقال: حَرِب الرجل فهو حريب فلان إذا سلب ماله وأهله. والسراء النعمة التي تسر الناس من وفرة المال والعافية، وأضيفت الفتنة إليها لأن النعمة سببها، إذ إن الإنسان يرتكب الآثام والمعاصي بسبب ما يتوفر له من الخير. وقوله: “كورك على ضلع” هذا مثل للأمر الذي لا يستقيم ولا يثبت،
لأن الورك لا يتركب على الضلع ولا يستقيم معه. والدهيماء: الداهية التي تدهم الناس بشرها؛ وأما عن علامات الساعة الكُبرى التي لم تظهر بعد فَهي خروُج المَهدي: ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الله تبارك وتعالى يبعث في آخر الزمان خليفة يكون حكماً عدلاً، يلي أمر هذه الأمة من آل بيت الرسول صل الله عليه وسلم من سلالة فاطمة، يوافق اسمه اسم الرسول صل الله عليه وسلم،
واسم أبيه اسم أبي الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد وصفته الأحاديث بأنه أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض عدلاً، بعد أن ملئت جوراً وظلماً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي ) «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلاً مِنِّى – أَوْ: مِنْ أَهْلِ بَيْتِى – يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِى وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِى يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا». وأما عن أشراط القيامة الكبرى:
فهي التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بن أسيد، وهي عشر علامات كما يلي: “الدجال، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوفات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب،
والدخان، وطلوع الشمس من مغربها، والدابة، والنار التي تسوق الناس إلى محشرهم”، وهذه العلامات يكون خروجها متتابعًا، فإذا ظهرت أولى هذه العلامات فإن الأخرى على إثرها؛ وقد روى مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ: مَا تَذَاكَرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ:
وليس هناك نص صحيح صريح في ترتيب هذه العلامات؛؛ وفي النهاية ومما لا شك أنَّ الدنيا فانية، وإلى زوال، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن حين حدوثها لا يعلمه أحد إلَّا الله جل جلالهُ؛ وأن الله استأثر بها في علم الغيب:عندهُ، قال تعالي:” يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً “؛ وليبقي الجميع مِنا مستعدٌ لها، وللمُغادرة،
وللخير سائر، ومسافر، ومُهاجر، وللقرآن غير هَاجّرْ، وكالَعِطر مَاطر؛ ” ومن مات قامت قيامتهُ”؛ ولنترك أِثرٌ جميل قبل الرحيل ..